عرض مشاركة واحدة
قديم 06-21-2010, 08:38 PM   رقم المشاركة : 2

 

ولذلك لما ظهر الغناء في مصر، من نحو أربعين سنة، وأحتج بعضهم ببعض الألفاظ التي جاءت عن بعض السلف, من ذكر الغناء, والمراد به الألحان والحداء وأمثاله المجردة، واستدلوا بتلك النقول , قال الغماري- وهو من علماء المغرب-: ( حتى إبليس داخل في إجماع العقلاء على حرمة ذلك ) .
أي: أن ما فعله أُولئك بعيد عما نُقِل عن الصحابة والتابعين من ذلك اللفظ، ولذلك وقع اللبس عند كثير ممن غلب عليه هواه، وعند قِلّة ممن ينتسب إلى العلم.
وقد جعل ابن قدامة رحمه الله من خلط بين هذه المفاهيم ليس أهلاً للفتيا.
ومن نظر إلى الأدلة من الكتاب والسنة وجد أن الله سبحانه وتعالى قد نص في غير ما آية على حرمة الغناء واللهو، وقد جاءت في ذلك آيات كثيرة ، وذلك صيانةً للقلب، وحمايةً له من مداخل الشيطان.
وقد حرّمة الله على عباده بمكة وهذا يدل على عِظَم خطر الغناء، وأثره على العباد.
وقد أنزل الله تحريمه في سورة النجم وفي سورة لقمان وهما سورتان مكيتان.
يقول الله في كتابة العظيم: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ))
(لقمان:6) .
وهذا في سورة لقمان وهي سورة مكية.
من نظر إلى تأويل السلف من الصحابة وغيرهم؛ وجد أن ثمّة اتفاقاً على أن الغناء داخل في جملة المعاني التي تأتي على هذا الآية,واتفقت تفاسير الصحابة على هذا.
يقول الحاكم في " مستدركه ": في أوائل كتابه التفسير: ( وتفسير الصحابي الذي شهد الوحي هو عند الشيخين– يعني البخاري ومسلم – كالحديث المسند ) .
وقال في موضع آخر: ( إنه في حكم المرفوع ) .
وقد روى ابن جرير الطبري والبيهقي في " سننه " وغيرهم من حديث سعيد بن جبير عن أبي الصهباء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال في تأويل هذه الآية : ( واللهِ الذي لا إله إلا هو إن لهو الحديث لهو الغناء ) ثم ذكرها ثلاثاً .
وابن مسعود وهو من أعلم الصحابة بالتفسير، إن لم يكن أعلمهم على الإطلاق.
وروى البخاري ومسلم من حديث ‏الأعمش ‏عن ‏مسلم ‏عن‏ ‏مسروق ‏‏عن ‏ ‏عبد الله‏ ‏قال: ‏((والذي لا إله غيره‏ ‏ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت, وما من آية إلا أنا أعلم فيما أنزلت, ولو أعلم أحداً هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه ))‏.
بل قال مجاهد بن جبر، إمام المفسرين من التابعين, ومن قد عرض القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة، كما روى الترمذي بسند صحيح عن ‏سفيان بن عيينة ‏عن ‏الأعمش‏ ‏قال: قال‏ ‏مجاهد:‏ ‏لو كنت قرأت قراءة ‏ابن مسعود ‏لم أحتج إلى أن أسأل ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏عن كثير من القرآن مما سألت.
كيف وقد أقسم- مع ذلك- ابن مسعود على هذا التفسير، وهو يتلو : ((وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ )) ( الزمر:60).
وجاء ذلك عن عبد الله بن عباس، كما رواه البخاري في " الأدب المفرد " وابن جرير الطبري, وكذلك ابن أبي شيبة وغيرهم, من حديث عطاء عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال : (( نزلت في الغناء وأشباهه)).
وروي تأويل ذلك عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه حيث رواه ابن جرير الطبري من حديث قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن جابر بن عبد الله أنه قال: (( هو الغناء )) .
وكذلك رواه ابن جرير الطبري من حديث ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بن جبر أنه قال: (( هو الغناء )) .
وروي تفسير ذلك بـ ( أنه الغناء ) عن جماعة من السلف من المفسرين وغيرهم.
فقد روي تفسير ذلك عن مكحول وعكرمة وعطاء الخراساني وقتادة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وعمر بن شعيب وعلي بن بذيمة وعن غيرهم، كلّهم قالوا ( أنه الغناء ) .
وقال الله سبحانه وتعالى في سورة النجم : (( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ وأنتم سامدون)) (النجم:59-60).
السمود هو: اللهو بالغناء، كما جاء تفسيره عن عبد الله بن عباس كما رواه ابن جرير الطبري من حديث عكرمة عن عبد الله بن عباس قال: (( السمود هو : الغناء )) .
وجاء تفسيره أيضاً عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس كما رواه ابن جرير الطبري من حديث سفيان بن عيينة عن بن أبي نجيح عن عكرمة أنه قال: ( السمود هو: الغناء في لغة حِمْيَر) أي : لغة أهل اليمن .
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم مخاطباً إبليس اللعين : ((وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ)) (الإسراء:64).
قد جاء عن غير واحد من المفسرين من السلف أن المراد بصوت إبليس هو الغناء.
فقد روى ابن جرير الطبري وابن أبي حاتم وابن المنذر كلّهم في " التفسير " من حديث ليث بن أبي سليم عن مجاهد بن جبر أنه قال: إن صوت إبليس (( هو الغناء )) .
وقد يشكل على البعض الاستدلال بهذا الأثر وفي إسناده ( ليث بن أبي سليم ) ؟
فيقال أن ( ليث بن أبي سليم ) وإن كان ضعيفاً بالاتفاق إلا أن روايته عن مجاهد بن جبر في التفسير خاصة صحيحه، وذلك أن ليث بن أبي سليم ضعيفٌ من قِبَل حفظه, ولكنّه يحدّث عن مجاهد بن جبر من كتاب, كما نص على ذلك ابن حبان في "الثقات" وفي "مشاهير علماء الأمصار" قال: (ما سمع التفسير عن مجاهد أحد غير القاسم بن أبي بزة, نظر الحكم بن عتيبة وليث بن أبي سليم وابن أبي نجيح وابن جريج وابن عيينة في كتاب القاسم ونسخوه, ثم دلسوه عن مجاهد.
إذاً فقد ائتمن من جهة روايته من حفظه، فإنه يروي من كتاب .
ومن ضعّف هذا الأثر فقد وَهِمَ وغَلِط، وليس له معرفة بمناهج الأئمة النّقاد .
وقال الله سبحانه وتعالى: ((وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً)) (الفرقان:72).
قال بعض المفسرين أن المراد بالزور هنا: هو الغناء.
فقد روي ذلك عن مجاهد بن جبر – إمام أهل التفسير من التابعين – كما رواه ابن جرير الطبري من حديث محمد بن مروان عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد بن جبر أنه قال : الزور هو الغناء .
وفي محمد بن مروان كلام معروف، ففي حديثه نظر .
وفي هذا التأويل نظر أيضاً.
ومن نظر إلى توافق المفسرين من الصحابة والتابعين على ذمّ الغناء الفاحش واللغو ؛ وجَدَ أن ذلك من صرائح السنة وظواهر الأدلة .
ومن نظر إلى بعض المحرمات التي قد أطبق العلماء على تحريمها، ووجد قِلّةً في النصوص الواردة في السنة وجد أن قلّة النصوص إنما كانت لأجل أن ذلك كان من المسلّمات.
وحينما دخلت العجمة وأبعد الناس عن مصطلحات السلف استشكل كثير من الناس ما ورد عن السلف من هذا التفسير، وما جاء عن بعضهم من ذكر الغناء، والمراد بذلك الشعر والحداء، وجعلوا ذلك من المتضادات, وهذا لا شك أنه من البُعْدِ عن لغة العرب وعدم الفهم .
وقد جاء في النهي عن الغناء والمعازف أحاديث كثيرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نذكر ما صحّ منها.
منها ما رواه الإمام البخاري في " الصحيح " فقال : قال هشام بن عمّار: حدثنا صدقة بن خالد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثنا عطية بن قيس، عن عبد الرحمن بن غَنْمٍ ، قال: حدثني أبو مالك أو أبو عامر، ووالله ما كذبني أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (( لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ)) .
والمراد بالمعازف: آلات اللهو والطرب.
يقول ابن قدامة وغيره: آلة اللهو كالطنبور والمزمار والشبابة آلة للمعصية بالإجماع.
وقد أعلّ ابن حزم الأندلسي, وكذلك ابن طاهر ابن القيسراني هذا الحديث وحكما عليه بالضعف، وذلك أنه في حكم المعلّق في " صحيح الإمام البخاري " .
فيقال: أن هذا فيه نظر, ولا يجري على قاعدة ابن حزم بنفسه، وذلك أن ابن حزم قد صرّح في غير ماموضع من كتبه – منها في كتاب " الإحكام " – أن الراوي إذا حّدث عن راوٍ عدلٍ مثله- وكان قد سمعه_ بأي صيغة كانت سواء بالتحديث, أو بإنباء, أو قوله ( عن فلان ) أو قوله ( قال فلان ), أن ذلك محمول على السماع ، وهذا منها .
إضافةً إلى ذلك أن هشام بن عمّار من شيوخ الإمام البخاري المعروفين، وقوله: ( قال ) لا يُردُّ إلا إن كان البخاري من أهل التدليس، وليس كذلك.
وعلى القول بأنه معلّق وأن البخاري لم يسمعه منه، فقد جاء موصولاً عن هشام بن عمّار من طُرقٍ عدّه، رواها نحو عشرة من الرواة عن هشام بن عمّار موصولةً.
فقد رواه أبو ذرّ – راوِيَةُ " صحيح البخاري " – فقال : حدثنا العباس بن فضل، قال : حدثنا الحسين بن إدريس، قال: حدثنا هشام بن عمّار، وساقه بتمامه .
وكذلك رواه الحسن بن سفيان - ومن طريقه: أبو بكر الإسماعيلي في" مستخرجه " - عن هشام بن عمار به .
وكذلك قد رواه الطبراني في " معجمه " من حديث جعفر بن محمد الفريابي ، وموسى بن سهل الجوني عن هشام بن عمّار عن صدقه بن خالد به .
وكذلك قد رواه أبو نعيم في " مستخرجه " من حديث أبي بكر الباغندي وعبدان بن محمد المروزي عن هشام بن عمّار به .
وكذلك قد رواه ابن حبان في " الصحيح " من حديث الحسين بن عبد الله القطان عن هشام بن عمّار به .
وكذلك قد رواه الطبراني في " مسند الشاميين " من حديث محمد بن يزيد بن عبد الصمد عن هشام بن عمار به .
وكلّها أسانيد صحيحة عن هشام بن عمار، وهذا الحديث صحيح بلا ريب.
وأما من أعلّه بـ صدقة بن خالد فيجاب عنه بأنه قد تابعه ( بشر بن بكر ) عند أبي داود في " سننه " عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عطية بن قيس عن عبد الرحمن بن غَنْمٍ عن أبي مالك أو أبي عامر .
وقد رواه البيهقي والإسماعيلي في " الصحيح " من حديث بشر بن بكر بتمامه, كما رواه الإمام البخاري .
وإن كان أبو داود قد رواه في " سننه " مختصراً ، إلا أنه بتمامه, وتمام سياقه قد جاء عند البيهقي، وعند أبي بكر الإسماعيلي بذكر( المعازف) .
وقد أعلّه ابن حزم أيضاً بالاضطراب في إسناده، وذلك أن الراوي قال : حدثني أبو مالك أو أبو عامر الأشعري .
قال: ولم يضبط اسمه، مما يدل على أنه مجهول، فهو مردود.
ومنهج ابن حزم الأندلسي أنه لا يقبل المجاهيل ممن لم يسمَّ من الصحابة ، وهذا قول مردود، ولا حجّة به، ولا أعلم أحداً من المعتبرين من الأئمة النّقاد من ردَّ مجاهيل الصحابة، بل هم مقبولون قاطبة .
ومازال العلماء قاطبة يحتجّون بمجاهيل الصحابة ، كيف وقد سُمّو وعُرِفُوا ؛ فأبو مالك الأشعري : صحابي مشهور .
والصواب أن الإسناد إليه، وأن الوهم من عطية بن قيس، ولذلك أخرج الحديث الإمام أحمد في " مسنده " وابن أبي شيبة في " مصنفه "، والبخاري في " التاريخ الكبير " من حديث مالك بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غَنْمٍ عن أبي مالك الأشعري عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال : (( ليشربنّ أُناس من أُمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، تغدو عليهم القيان وتروح عليهم المعازف)) .
وجزم بذلك الإمام البخاري- رحمه الله- كما في " التاريخ " وقال: ( إنما يُعْرف عن أبي مالك الأشعري) أي: من غير شك وهو الصواب.
وعلى كلٍّ فردُّ ابن حزم الأندلسي لهذا الحديث بجهالة الصحابي وعدم الجزم به ليس في محله.
وابن حزم الأندلسي رغم جلالته وفضله وعلمه وحفظه وسعةِ إدراكه؛ إلا أنّه كثير الوهم والغلط في الرواة، ولذلك رد بعض الأحاديث الصحيحة، وحكم بالوضع على بعض الأحاديث في الصحيحين، وله رسالة ذكر فيها حديثين، وجعلهما موضوعَين، وحكم عليهما بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وهما في الصحيحين .
وقد نص الأئمة على وهم ابن حزم وغلطه في هذا الباب, كما نص عليه ابن عبد الهادي في كتابة " طبقات علماء الحديث " .
وكذلك قد نص عليه الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابة " التهذيب " وكذلك في " اللسان " وكذلك في " الفتح ".
ولما ترجم الحافظ ابن حجر للإمام الترمذي في كتابه " تهذيب التهذيب " قال: ( قال ابن حزم: محمد بن عيسى بن سَورَة الترمذي مجهول).
قال ابن حجر: ( وأما ابن حزم فقد نادى على نفسه بعدم الاطلاع ) .
وقد يقول قائل أنه لم يعرفه ولم يطّلع على شيء من كتبه، ولا على سعة حفظه، فإن ابن حزم قد حكم بالجهالة على أُناسٍ من الأئمة معروفين، كأبي القاسم البغوي ، وإسماعيل بن محمد الصفار، وابي العباس الأصم وغيرهم .
ومن قاعدة ابن حزم الأندلسي- رحمه الله-: أن من لم يعرفه بداهة يحكم عليه بالجهالة، وقد حكم على رواةٍ كُثُرٍ، وقد تتبّعها بعض الأئمة في مصنّف, وهو الحافظ قطب الدين الحلبي ثم المصري من ( المحلى )، ولا أعلم أهو مطبوع أم لا ؟
ومن نظر في كتاب " المحلّى " ونظر إلى من حكم عليه بالجهالة من الرواة المعروفين عرف ذلك، بل حتى من الصحابة، فقد حكم على يعلى بن مرّه أنه مجهول، وهو صحابي معروف.
ولذلك قال الزيلعي رحمه الله- حينما علّق على أوهام بن حزم في ردّه للأحاديث الصحيحة الصريحة عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وحكمه على أحاديث بأنها معلولة وهي ظاهرة الصحة- قال الزيلعي: ( ولابن حزم من ذلك مواضع كثيرة جداً من الوهم والغلط في أسماء الرواة ) .
يقول ابن القيم في كتابه "الفروسية" : (تصحيحه للأحاديث المعلولة، وإنكاره لتعليلها نظير إنكاره للمعاني والمناسبات، والأقيسة التي يستوي فيها الأصل والفرع من كل وجه، والرجل يصحح ما أجمع أهل الحديث على ضعفه, وهذا بين في كتبه لمن تأمله) .
وقول ابن القيم هذا ظاهر جلي لكل منصف، عرف كتب ابن حزم، وما أعلّ به ابن حزم الأندلسي هذا الحديث فإنه ليس بمعتبر مطلقاً، مع ظهور الأدلة، ووضوح الإسناد، ونقاوته، فهو كالشمس صحةً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
قوله- صلى الله علبه وسلم-: (( يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ)).
قوله: ((يَسْتَحِلُّونَ)): قد حمل الاستحلال بعض العلماء على معانٍ عدّه:
* منهم من حمله على إباحة المحرم صراحةً، أي أنه يكابر في ذلك ويعلم أنه محرم، وينص على أنه حلال مكابرةً للنص.
ومن أحلّ المعازف والغناء المحرم فقد نص بعض الأئمة على تكفيره.
نص بعض أصحاب أبي حنيفة على تكفيره فقالوا: إن سماع الغنى فسوق، والتلذّذ به كفر.
وكذلك القاضي عياض، وكذلك إمام الحنابلة ابن قدامة حكاه عنه ابن الحنبلي، حكم بكفر من أباح الغناء، ومن حكم بكفر مستحل الغناء كذلك البزازي وزين الدين الكرماني من الحنفية.
وقد تعقّب ابن الحنبلي- رحمه الله- كما في " ذيل طبقات الحنابلة " ابن قدامه، وذكر أنه غلوّا.
* وحمل بعضهم الاستحلال في حديث أبي مالك الأشعري- رضي الله عنه- على المبالغة فيه بالسماع حتى يُظن أنه ممن يرى إباحته.
* وحمله بعضهم – وممن نص على هذا شيخ الإسلام ابن تيمية – على أن المراد بالاستحلال: الأخذ بالتأويل وبالشبهات لإباحة الغناء، كمن يقول إن الغناء إنما هو أصوات وألحان, كأصوات الطير وأصوات الريح وأصوات الإنسان، حينما يمشي في الأرض، وكطرق الأبواب والضرب على الحديد، فإنما هي تُجمع ويؤلف بينها لا غير، فهي أصوات من الطبيعة .
أو من يحمل بعض النصوص في الشرع في تحليل المحرم, والترخيص فيه في موضع، على أنها إباحة له وتهوين لأمره، كمن ينظر إلى تحريم الشارع للبس الحرير؛ فيقال: أن الشارع قد رخّص فيه-على قول كثير من الفقهاء-في الجهاد في سبيل الله كما جاء عن ابن سيرين وعطاء، وجاء بالنص الترخيص بالأصبع والأصبعين من الحرير.
وهذه التآويل الثلاثة كلّها موجودة عند الأصناف الثلاثة التي قد ذكرها ابن المبارك في قوله :
وهل أفسد الدين إلا الملوك ** وأحبار سوء ورهبانها
ثم إن قول النبي- صلى الله علبه وسلم-: (( يأتي أقوام يستحلّون الحر والحرير والخمر والمعازف)).
من علامات نبوته- صلى الله علبه وسلم-، وليس بجديد وكل ما حدث فهو من علامات نبوته- صلى الله علبه وسلم- كالذين صنّفوا في إباحة المعازف وغيرها من المحرمات.
وينبغي للإنسان أن يستبشر بهذا القول من جهة,أعني إستحلال المعازف وغيرها؛ لأنه تصديق لخبر أخبر به النبي - صلى الله علبه وسلم-، ولذلك فإن النبي- صلى الله عليه وسلم- حينما قال لعمّار: (( تقتلك الفئة الباغية)).
فَرِحَ من فرِح من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا لذات القتل؛ لأن قتله جريمة، ولكن لصدق إخبار النبي- صلى الله علبه وسلم- ,وبيان الحق وظهوره, وهذا من دلائل صدقه وعلامات نبوته-عليه الصلاة والسلام-.
ومما جاء عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من النص على تحريم الغناء:

 

 
























التوقيع

،



..



   

رد مع اقتباس