عرض مشاركة واحدة
قديم 05-24-2014, 01:07 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
رفيق الدرب is on a distinguished road

والدي كما عرفته


 

بسم الله الرحمن الرحيم
الاسم : صالح بن محمد بن حمدان الفقيه المقحوي
الولادة : 1320 هجرية
بناء على إلحاح بعض الإخوة والأصدقاء أن أكتب شيئا عن والدي فها أنا ألبي رغبتهم راجيا أن يكون في هذه الإضمامة المختصرة جدا ما يرضي بعض تطلعاتهم .
--- لُقِّب والدي بالفقيه لتشرُّفه بإمامة مسجد العباله محتسباً حتى وفاته في 29 شعبان عام 1380 هجرية ، وللعلم فإن مسجدنا يصلي فيه يوم الجمعة أربع قرى هي : قرية العباله والحلة والمناشلة والمردد .
لُقِّب بالمقحوي بلقب صاحب لأهله ببلاد زهران
--- مهنة الوالد : نجار ففي ذلك الزمان لكل واحد مهنة يعتاش من ورائها ، منهم النجار والبناء والمليّس بالطين ومنهم الصانع [ صانع الحديد والذهب والفضة ] ومنهم التاجر وكل هؤلاء يجيدون مهنة الزراعة .
--- والدي هادئ الطبع ونادرا ما يغضب ، لم نسمع منه كلمة نابية أبدا فإذا لم يعجبه شيء يردد [ المشكى على الله ] وهذه الصفة التي يتحلى بها أقصد صفة الهدوء نشرت ظِلالها على جو المنزل .
--- كان رحمه الله يتصدى لدفع الظلم وخآصة إذا ما استهدف أحد ضعفاء القرية وقد تحمل في سبيل ذلك أذىً كثيرا ، وكان المثبطون أوالمشفقون يأتون إليه قائلين [ يا فقيه معاونة الضعيف تعيبة ، وليش تشتل وحدك شحط بجيلة أخضر ] ؟ وما إلى ذلك من الكلام الذي لا يخفى عليكم ، وكان يجيبهم بقوله : ( لعن الله قوما يضيع الحق بينهم ) .
--- يوم الجمعة هو اليوم الذي من المفترض أن يرتاح فيه الوالد من العمل ومع ذلك فكثير من الجماعة يأتون بأدواتهم الزراعية لإصلاحها مثل : اللومة والسحب { المحراث } والمقصب والمسحاه وغيرها وغيرها ، كنت أراها وكلما دخل أحدهم بأدواته قال ضعها في السِّرى ويقضي جزءاً كبيرا من يوم الجمعة في سبيل إصلاحها ، وكثيرا ما كانت الوالدة من شفقتها عليه تقول : ما عندك إلا يوم الجمعة ترتاح فيه لماذا ما تعتذر منهم ؟ فكان يجيبها قائلا : ( خيار الناس أنفعهم للناس )
--- يرتاد مسجدنا كثير من الغرباء وكل واحد من الجماعة يأخذ واحدا منهم ولكن لسبب أو لآخر يكون النصيب الأوفر للوالد ، والعشاء على قدر أهل البيت ، فإذا كانوا أكثر من واحد يتلطف الوالد ويقول للوالدة : { سوي لهم عشا } وإذا كان واحد قال : { أعطيه عشايه }
--- كان رحمه الله كثيرا ما يصلح بين المتخاصمين ولا يأخذ مقابل ذلك شيئا وقد رأيت عجوزا تحضر شنطة فيها مبلغ من المال وقالت : { أنت تعبت معنا يا فقيه والله يجزاك خير خذ هذي الدراهم إن كانت كثيرة فتستاهل وان كانت قليلة فاعذرنا على قلها } رأيت هذا بأم عيني ، فيردها ويقول : لا آ خذا أجرا إلا من الله
وقد حكى لي الدكتور صالح بن أحمد عبادة وقال : كان والدك ومعه غيره في جلسة صلح وبعد أن أخذ كل واحد نصيبه تأخر والدك حتى لا يحرج الآخرين ورد المبلغ ورفض أن يأخذ شيئا .
--- كان الوالد لا يرد طالب حاجة إذا كان موجدا ، كنت أراه يخرج كيس الريالات من الفضة ويعدها عشرة عشرة ويعطي المحتاج على قدر حاجته وما شهدت عليه بأن أحتاط لنفسه بشاهد أو كتب ورقة بذلك .
ومع هذا فقد افتقر الوالد في آخر أيامه لعجزه عن العمل حيث لم يجد ما يعطيه لي كمصروف عندما توظفت وقد جاء الدكتور سعيد آبو عالي بمئة ريال وقال خذ هذه من فاعل خير يقول ربما تحتاجها لتعطيها لولدك ، والدي ليس له راتب كان إماما محتسبا وليس هناك من ضمان وقد عانينا من ضيق ذات اليد كثيرا
--- كان بيتنا هو الوحيد في القرية وربما في الوادي الذي يربي النحل وعند جني العسل يطلب والدي من عمي حمدان - رحمه الله - حيث هو الوحيد الذي يجني العسل ولا يضره لسع النحل يطلب منه أن يملأ قدحا ويخلطه بمسحوق الفلفل ويدسه في صندوقه قائلا : هذا نرفعه صدقة للمريض أو النفاس من أهل القرية نعطي منه ملء الفنجان .
--- والدي - رحمه الله - يتناول أكله ببطء وكثيرا ما يقوم وهو جائع ولا يجلس بعد أن يفرغ الجميع من تناول الطعام .
يحكي لنا العم فيصل بن فرحه - رحمه الله - أن الوالد كان يعمل النجارة لبيتهم مع مجموعة من البنائين والمحضرين الحصى وإذا وضع الأكل فسرعان ما ينتهي ويقوم الوالد وهو جائع
قال العم فيصل فأمرت أهلي أن يصنعوا قرصا وبلاله سمن واشرت إليه بالمجيء فقال ما هذا ؟!! وأمرته بالجلوس وقلت أنت يا فقيه تأكل على مهلك والشغال ياكلون الأكل وانت ما شطرت بطنك ، هيا كل ، قال لا تفعل لقد أكلت الذي قسم الله لي [ وأكل الرفيق عن الرفيق مخانة ] ورفض أن يأكل مرة أخرى .
هذه نبذة مختصرة جدا عن الولد - غفرالله له - كتبتها على عجل حسب توارد الخواطر في ذهني راجيا من يعرف عنه شيئا أن يشرفنا بكتابته ومن لايعرفه أن يدعو له بالرحمة فقد كان أيها الإخوة نعم الإنسان الذي تتوافر فيه كثير من صفات الإنسان سامحوني على الإطالة فما كتبت عنه إلا النزر اليسير .


إبنه: عبد الرزاق بن صالح الفقيه

 

 

   

رد مع اقتباس