عرض مشاركة واحدة
قديم 09-22-2012, 07:57 PM   رقم المشاركة : 1
السلام عليك يا نبي الله


 

السلام عليك يا نبي الله
مشاركة في ندوة السلام والإسلام
تنظيم
منتدى حوار الحضارات بالقطيف
مساء يوم الخميس 4/11/1433هـ
بقلم: د. سعيد بن عطية أبو عالي


الحمد لله الكريم المنان. الحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. الحمد لله على الإسلام. الحمد لله على القرآن والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة ودعا إلى الله على بصيرة وجاهد في الله حق جهاده. وبعد فأشهدك يا الله أنني أحبُّك وأحبُّ رسولك. وأشهدك يا الله أنني أتحدث إلى قوم يحبونك ويحبون رسولك ولا أزكي نفسي ولا أحداً عليك سبحانك أنت عالم الغيب والشهادة، وعالم ما في الصدور.

الإخوة والأخوات: لقد جاءنا رسولنا قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام مصدقاً لما قبله من الأديان والأنبياء الرسل. ويكرم الإنسان ويدعوه إلى تقوى الله وعبادته وحده. فكان الإسلام (حدث التاريخ) وكان النبي العربي الرسول (رجل التاريخ). وبهذا كانت الأمة الإسلامية (أمة التاريخ). واختار الله العرب محضناً للرسالة ولغتهم وعاءً لها.

ولسمو الرسالة وعظمة الرسول واصطفاء المسلمين لحملها فإن الكافرين والحاقدين والحاسدين لا يكفُّون عن الاستهزاء بالدين وتشويه صورة المسلمين منذ بزوغ الرسالة وحتى يوم الدين. ولكن المستهزئين لا يبلغون مقاصدهم فالقرآن محفوظ من الله }إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ{ (سورة الحجر، آية 9). والرسول محفوظ معصوم من الله فقد خاطبه سبحانه قائلاً: }وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ{ (سورة الطور، آية 48) ويعلق السيد قطب رحمه الله على هذا فيقول: "يا له من تعبير! ويا له من تصوير! ويا له من تقدير! وهو تعبير فيه إعزاز خاص، وأنس خاص. وهو يلقي ظلاً فريداً أرقَّ وأشفَّ من كل ظل"..

وهكذا تبقى الرسالة والرسول دائماً وأبداً بعلم الله ومرآه وحفظه وصونه. وما حصل من بعض الأوباش في السنوات الأخيرة لا يعدو كونه هراءً وسخافةً وتعبيراً عن حقد دفين يرتدُّ عليهم وبالاً وازدراءً. إنني على ثقة من عزة الإسلام وثبات المسلمين ولولا رغبتي الجامحة لإثبات محبتي لنبينا الرسول الخاتم الأمين لما تعرضت لهؤلاء الأوباش. إنهم وما يكتبون أو يرسمون أو يصورون لا يعنون لي شيئاً من مقاصدهم الهاوية الخاوية الغاوية التي لم ولا ولن تتحقق بإذن الله.

السادة والسيدات الحضور: إن أنوار الرسالة، وجلال الرسول أزكت وأذكت أفهام كثير من الناس. فقالت أمنا خديجة بنت خويلد رضي الله عنها للرسول صلى الله عليه وسلم: "كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب (تعطي) المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" (محمد رضا: محمد رسول الله، صفحة 59-60).

أما الخزاعية أم معبد رضي الله عنها فوصفت الرسول قائلةً: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، حسن الخلق، مليح الوجه.... إذا صمت فعليه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء... أبهى الناس من بعيد، وأحسنه من قريب" (ابن كثير: البداية والنهاية، الجزء الرابع، ص 477 – 478).

أما أبو الحسام حسان بن ثابت رضي الله عنه فكأنه معنا الليلة إذ يقول:
هجوت محمداً فأجبتُ عنه وعند الله في ذاك الجزاءُ
أتهجوه ولست له بكفءٍ فشركما لخيركما الفداءُ
هجوت مباركاً براً حنيفاً أمين الله شيمته الوفاءُ
فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه و ينصره سواءُ؟
فإنَّ أبي و والده وعرضي لعرض محمدٍ منكم وقاءُ
وبردة البوصيري تقول:
نَبِيُّنَـا الآمِرُ النَّــاهِي فلا أَحَــدٌ أبَـرُّ في قَــولِ (لا) منـه ولا (نَعَـمِ)
هُو الحبيبُ الــذي تُرجَى شـفاعَتُهُ لكُــلِّ هَوْلٍ مِن الأهـوالِ مُقتَحَمِ
***
فَهْوَ الـــذي تَمَّ معنــاهُ وصورَتُهُ ثم اصطفـاهُ حبيباً بارِيءُ النَّسَــمِ
مُنَـزَّهٌ عـن شـريكٍ في محاسِــنِهِ فجَـوهَرُ الحُسـنِ فيه غيرُ منقَسِـمِ

أما (شاعر الإسلام) أحمد شوقي فيقول:
يا جَاهِلينَ عَلَى الهَادِي ودعوتِهِ هَلْ تَجْهَلُونَ مَكانَ الصَّادِقِ العَلَمِ
جاءَ النّبيُّونَ بالآياتِ فانْصَرَمَتْ وجِئْتَنا بحَكِيمٍ غَيْرِ مُنْصَرِمِ
آياتُه كُلَّمَا طالَ الَمدَى جُدُدٌ يَزِينُهُنَّ جَلاَلُ العِتْقِ والقِدَمِ
يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ
وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ
***
وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ
***
رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ
فَالطُف لأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفًا وَلا تُسِمِ
يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ

والمحامي الهندي الشهير محمد إقبال أبدع مزمجراً:
من قام يهتف باسم ذاتك قبلنا من كان يدعو الواحد القهارا؟
هل أعلن التوحيد داعٍ قبلنا وهدى القلوب أليك والأنظارا؟
***
أنا أعجميُّ (القول) لكن (همتي) صنع الحجاز وكرمها الفينان
إن كان لي نغم الهنود ولحنهم لكنَّ هذا الصوت من عدنان
أما صديقي اليمني السيد محمد أحمد الشامي فيخاطب الحبيب قائلاً:
يا منقذ الإنسان من آلامه بالخير والحق الذي يهواه
***
أوذيت لما قمت تدعو صابراً لله محتسباً تريد رضاه
***
فصبرت لم تعبأ بنفثة مجرم وحديث جلف جهله مولاه
وثبتَّ كالطود الأشم وهكذا الرجل العظيم ثباته سيماه

زميلي مصطفى بن حسن بن مصطفى أبو الرز أديب من أدباء فلسطين الحبيبة. ترعرع في رحاب القدس وتنسم هواها، ويعيش الآن رشده وشيخوخته في واحة القطيف معلماً ومدرساً وموجهاً وقد ساعدته الواحة – كما هو ظني – في صقل موهبته الشعرية ولعلَّها تبرز في خطابه للنبي صلى الله عيه وسلم.
ما ضرَّك أن يبغضك الحاقد أو يقذفك الجاهل بالبهتان؟
ما ضرَّ حبيبَ الله
سفيهٌ أحمق في الدنمارك
أو النرويج
أو الإفرنس
أو الألمان؟!
ما ضرك لو أن شياطين الإنس جميعأً
سبُّوك؟
فكم أوذيت؟
وكم هُجرْت؟
وكم عُذبت؟
وكم عانيت من الحرمان؟
لكنك ما باليت حماقة إنسان أوجان..
ما همَّك غيرُ رضا الرحمن!!!

أما واحةُ الحبِّ، واحة القطيف الغناء، فقد صاغ مشاعر أهلها ابنها البار المبدع (أبو علي) صديقي محمد بن سعيد بن الشيخ علي الخنيزي فقال:
شمس الحقيقة في العوالم أشرقت فأزالت الظلما عن الأكوان
***
هي دعوة قدسية تمتدُّ من عالي المحيط الأقداس الرباني
قرآنك الآيُ العظيمُ معاجزاً ورسالةً عُلْويةً البرهان
***
إكليل هام العرب تاج لغاتها في ذروة الإعجاز والإتقان

ثم يخاطب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأرقِّ التسليم فيقول:
أخلاقك الفضلى أرقٌ من الصَّبا ومن ابتسام الزهر في الأفنان
هي كالنسائم في الصباح عليلةٌ تحنو على الأزهار والأغصان
تحنو على البؤساء في أطمارها وتسيل عطفاً من فؤاد حاني
هي للنبوة آيةٌ عُلويةٌ تغني عن البرهان والتبيان

السادة والسيدات: أعطوني من وقتكم وجميل إصغائكم ما أذكركم به مما قال بعض الفلاسفة:

· دافيد دي سانتيلانا فرنسي يقول:
"كان محمد رسول الله إلى الشعوب الأخرى، كما كان رسول الله إلى العرب"
· إيتي دينيه (ناصر الدين) باحث فرنسي درس الإسلام وأسلم يقول:
"إن نبي الإسلام هو الوحيد بين أصحاب الديانات الذي لم يعتمد في اتمام رسالته على المعجزات. وليست عمدته الكبرى إلا بلاغة التنزيل الحكيم".
· فيليب حتى مؤرخ أمريكي من أصل لبناني يقول:
"إذا نحن نظرنا إلى محمد.. يبدو لنا بكل وضوح واحداً من أقدر الرجال في جميع أحقاب التاريخ. لقد نشر ديناً هو الإسلام، وأسس دولة هي الخلافة، ووضع أساس حضارة هي الحضارة العربية الإسلامية، وأقام أمة هي الأمة العربية. (إنه) لا يزال إلى اليوم قوة حية فعالة في حياة الملايين من البشر".
· فيلسوفنا عباس محمود العقاد قال:
"التاريخ كله بعد محمد متصل به مرهون بعمله".
· فيلسوف بريطانيا أرنولد توينبي قال:
"لم يكتف الإسلام بنقل (العرب) من أمة جهالة إلى أمة متحضرة، بل تدفق الإسلام (بهم).. من حدود شبه الجزيرة العربية"

دروس مستفادة
إننا ونحن نسلِّم على النبي في هذه الليلة نستخلص دروساً كثيرة منها:
1. الإسلام ونبي الإسلام في حفظ الله ورعايته.
2. الإسلام كرم بني آدم
3. المسلمون يحبون النبي محمداً ويفتدونه بالروح ويؤمنون بجميع الأنبياء والرسل.
4. الحضارة العربية الإسلامية هي حضارة خالدة لصلاح الإنسان..
5. العالم الغربي (عالم غير المسلمين) يتعالى على الناس ويرون أنهم بلغوا أوج الحضارة حسب نظرية (نهاية التاريخ) وهذا دليل علي الأنانية وقصر النظر (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً).
6. اليوم العالم في حروب.. وأمراض معدية تهدد الإنسان.
7. العدوان على الرسالة والرسول "جهد العاجز" كما قال الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه

والدرس الأغر
هو ضرورة تمسك المسلمين بدينهم، ومسارعتهم لتحقيق العدل والسلام والمساواة بين البشر كل البشر. بهذا نحقق الوعد الإلهي (كنتم خير امة أخرجت للناس).

عودة إلى حسان الرسول

وفي الختام اسمعوا معي حسان بن ثابت وهو يرثى الرسول وكأنه يتحدث باسمي وباسمائكم:
بطيبة رسم للرسول ومعهد منير وقد تعفو الرسوم وتهمد
***
فبوركْتَ يا قبر الرسول وبوركَتْ بلادٌ ثوى فيها الرشيد المسنَّد
***
إمامٌ لهم يهديهمُ الحق جاهدا معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا
***
فأصبح محمودًا إلى الله راجعا يُبكِّيه جفن المرسلات ويحمد
***
وما فقد الماضون مثل محمد ولا مثله حتى القيامة يُفقد
***
وليس هوائي نازعا عن ثنائه لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جوارَه وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد

المراجع
· ابن كثير: البداية والنهاية، الجزء الرابع، ص 447-448، دار هجر، القاهرة، مصر، 1417هـ - 1997م.
· أبو عالي، سعيد بن عطية: قالوا عن الرسالة والرسول، مطابع هلا، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1429هـ - 2008م.
· محمد رضا: محمد رسول الله، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1395هـ - 1975م.

 

 
























التوقيع



سبحانك اللهم وبحمدك عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .

   

رد مع اقتباس