عرض مشاركة واحدة
قديم 12-29-2010, 08:32 AM   رقم المشاركة : 1
Berightback عقوبة العُجب والاغترار به


 

عقوبة العُجب والاغترار به

قال صهيب بن سنان الرومي رضي الله تعالى عنه :
كان المسلمون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتابعون نبيهم صلى الله عليه وسلم في حركاته وسكناته 0 وأقواله وأفعاله 0 وعلاقته بالصغير والكبير فهو صلى الله عليه وسلم أسوتهم وقدوتهم لا يتركونه في لحظة من لحظات خروجه من بيته إلى أن يعود إليه 0 بل كانوا يسألون نساءه 0 أمهات المؤمنين رضي الله عنهنّ 0 عن حياته صلى الله عليه وسلم في أبياته وبين زوجاته كي يكون المشكاة التي يرون بنورها 0 ويتصرفون على هداها 0
رآه أصحابه يوم حنين بعد صلاة الفجر يحرك شفتيه بشيء لا يسمعونه 0
فقالوا : يا رسول الله رأيناك تحرك شفتيك بشيء لا نفهمه 0
قال صلى الله عليه وسلم : ألم نكن في معركتنا مع القوم اثني عشر ألف مقاتل ؟
قالوا بلى 0 يا رسول الله 0
قال : أتدرون لم انكفأتم أول المعركة 0 وتركتموني مع ثلة من إخوانكم المؤمنين الذين ثبتوا معي في وجه قبائل هوازن وثقيف وسعد بن بكر وغيرهم ؟
سكت القوم فلم ينبسوا ببنت شفة لأنهم كانوا يعرفون السبب 0 فقد رأوا جموعهم 0 جموع المسلمين 0 كثيرة وأسلحتهم وافرة 0 ورأوا أنفسهم ينتقلون من نصر إلى آخر بفضل الله وحوله 0 وكان آخر انتصارات المسلمين ذلك الفتح المبين ( فتح مكة ) فلما التقوا في حنين بهوازن وأحلافها أعجبت المسلمين كثرتـُهم 0 واغتروا بقوتهم 0 وأنساهم الشيطان أن النصر من عند الله 0 فقالوا : لن نُغلب اليوم عن قلة !
فأراد سبحانه وتعالى أن يعيدهم إلى جادّة الصواب 0 إلى التوكل على الله والاعتماد عليه 0 فوكلهم إلى أنفسهم أول الأمر 0 فضعفوا وهربوا 0 فنادى النبي صلى الله عليه وسلم :
أنا النبي لاكذِبْ 0 أنا ابن عبد المطلبْ
وأمر عمه العباس أن ينادي المسلمين بصوته الجهوري يحثهم على العودة إلى القتال 0 وان يتحلقوا حول بطل الأبطال وسيد الشجعان نبيهم محمد عليه الصلاة والسلام 0 فناداهم وبدأ الذهول ينقشع عنهم 0 وآبوا إلى الحبيب المصطفى يقاتلون معه 0 ويدفعون عنه 0 ويستغفرون الله تعالى أن يقيلهم من زلتهم هذه 0 وان يعفو عنهم وينصرهم 0 فقد تعلموا الدرس وأيقنوا أن نصر الله باللجوء إليه 0
( واللياذ به سبحانه ) فحول النصر إليهم والهزيمة إلى عدوّهم 0 وأنزل الله تعالى في سورة التوبة يقرر هذا الأمر ويصور هذه الحادثة لتكون العبرة َ على مر الدهر
( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة )
فالنصر من الله وحده 0 وبيده سبحانه فقط 0
( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتُكم ) ومن أعجب بكثرته وقوته رفع الله تعالى يده عنه لأنه تعلق بغير حبل الله تعالى فوكله إلى نفسه 0
1 - فلم تغن عنكم شيئاً 0
2- وضاقت عليكم الأرض بما رحُبتْ 0
3 - ( ثم وليتم مدبرين )
وهكذا ضاعوا بداية الأمر لخطئهم الكبير هذا 0 فلما أحسوا بهذا الزلل وذلوا لله تعالى 0 والتفوا حول نبيهم الكريم صلى الله عليه وسلم وعلموا أن النصر بإذن الله وتوفيقه 0 وعلموا أن الله ينصر المؤمنين القلائل على الكفار الكثيرين بتأييد منه سبحانه
( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) أعاد إليهم الثبات ووهبهم القوة 0 وأيدهم بالملائكة 0 فاستراحت نفوسهم وتعلقت بالله سبحانه فكانت الدائرة لهم على عدو الله وعدوهم :
1ـ ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين 0
2 - وأنزل جنوداً لم تروها
3 - وعذّب الذين كفروا ( وذلك جزاء الكافرين )
ثم قالوا : الحمد لله على فضله وكرمه 0 يا رسول الله 0 ولكن ما علاقة هذا بما حركت به شفتيك وكأنك تحدث نفسك 0
قال : إن نبياً ممن كان قبلكم نظر إلى قومه فأعجبه كثرتهم وقوتهم 0 فقال : من يفي لهؤلاء ؟ ومن يقوم لهم ؟ وظن أن الكثرة والقوة وحدهما كفيلتان بأن تصلا إلى النصر والغَلَبة فقال : لن يروم أحداً هؤلاء بشيء 0 ولا يقف أمامهم أحد 0
وهذا عجب بالنفس يبعد عن الحقيقة التي يريد المولى سبحانه أن يعلـّمناها 0 فنتمسك بها 0 وكان لا بد من رده وقومه إلى جادة الصواب وإلى الدين القويم 0 وقد يكون الرد صعباً 0 بعقوبة 0 وقد يكون سهلاً – بعفو 0 وكل ذلك بمشيئة الله تعالى 0
ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم بدعائه المشهور ( اللهم ردّنا إلى دينك ردّاً جميلاً ) فقد كان الرد لهذا النبي الكريم الذي يحدثنا النبي صلى الله عليه وسلم 0 ولقومه قاسياً وعقوبة شديدة 0
قال الصحابة : يا رسول الله ؛ فما هي العقوبة ؟
قال صلى الله عليه وسلم : خيـّر الله تعالى ذلك النبي وأصحابه بأمر من ثلاثة أمور :
1- أن يسلط عليهم عدواً شديداً يحتل بلادهم ويستبيحها 0 فيأسرهم ويستذلهم
2- أو أن يعاقبهم بالجوع الشديد 0
3- وإما أن يرسل عليهم الموت فيقبض منهم الكثير 0
فزع النبي الكريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وأصحابه إلى الصلاة والدعاء والاستغفار 0 فصلوا ما شاءوا 0 فمن حزبه أمر فليلجأ إلى الله تعالى يستخيره ويستلهمه 0 وسألوا الله السداد في الاختيار .
ثم قالوا : لا نصبر على الأولى والثانية فما أحد يرضى أن يستذله عدو غاشم 0 ولا نصبر على الجوع 0 فهو موت بطيء قاتل 0
ولكن نختار الموت 0 فمصير العباد كلهم إلى الموت 0 اللهم هوّن علينا الموت 0 وارحمنا إذا ما صرنا إليك 0
قال النبي صلى الله عليه وسلم : فمات منهم في يوم 0 أو قال ثلاثة أيام 0 سبعون ألفاً 0
أرأيتم كيف فضل الله تعالى أمة محمد عليه الصلاة والسلام 0 فخفف عنهم 0 ورفع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم 0
قال النبي صلى الله عليه وسلم 0 أما أنا فأقول : ( اللهم بك أقاتل 0 وبك أحاول 0 وبك أصاول 0 ولا قوة إلا بك )
فقال أصحابه من بعده : اللهم بك نقاتل 0 وبك نحاول 0 وبك نصاول 0 ولا قوة إلا بك 0
وذلت ألسنتهم بها

حديث صحيح الإسناد

 

 

   

رد مع اقتباس