الموضوع: بأقلامهم
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2013, 10:20 AM   رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية العضو

مزاجي:










عبدالله أبوعالي غير متواجد حالياً

آخـر مواضيعي


ذكر

التوقيت

إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
عبدالله أبوعالي is on a distinguished road


 

بين الأصل والشبح


بقلم/ جمانة حداد



هل تطفح الأفكار من رأسكَ لكنكَ لا تجيد صوغها في كلمات؟ هل عشتَ حياةً مثيرة تصلح لأن تكون روايةً ضاربة، لكنكَ تفتقر الى ملكة الكتابة؟ لا تحمل أي همّ، ثمة حل لمشكلتك: إنه "القلم الأجير"، الذي سيتلقف بنات أفكارك ويدللها ويعجنها ويسقيها ويسهر عليها، حتى تولد على الورق كأعجوبة، وتحمل اسمك باعتزاز، وتجعلك كاتباً – أباً بالتبنّي.
على العكس من الغرب، حيث مهنة القلم الذي يؤجّر موهبته منظّمة وممأسسة، لا وجود لهذه المهنة في عالمنا العربي رسمياً، بل تدخل المسألة ومناقشتها في إطار التابو، اذ ارتبط المفهوم حصراً بشائعات وفضائح راجت على مرّ السنين حول كتّاب كُتبت لهم كتبهم (معظم تلك الشكوك حامت حول كاتبات وشاعرات)، لكنها نادراً ما تجاوزت إطار التحامل والشائعة الناتجين في معظم الحالات من آفة "الذكورية" الأدبية، لتصبح واقعة ثابتة ومبرهنة. "الأشباح" موجودة طبعاً في بلداننا، لكنها إما أشباح طوعية ومتطوّعة، غير مدفوعة بحافز المكسب المادي بل بالرغبة في تقديم المساعدة لأسباب متنوّعة أو طمعا في مصالح من نوع آخر، وإما هي تجني رزقها من كتابة الأطروحات الجامعية والمحاضرات والخطب، وأيضاً وخصوصاً من كتابة المقالات الصحافية.
سمعنا الكثير عن "فريق أجراء" ألكسندر دوما، وعن ان بيار كورناي كان يكتب لموليير. كذلك شكسبير اتُهم باللجوء الى خدمات كتّاب مرتزقة، وقيل إن كوليت بدأت تجني عيشها، قبل أن تصبح كاتبة مشهورة، بتأجير قلمها. ثمة أيضاً من الكتّاب من كان "ظل" نفسه، في حالات جميلة وفريدة من نوعها من خلق الانعكاسات أو من التكاثر الأدبي، على غرار بيسّوا الذي كتب لبرناردو سواريس وألفارو دي كامبوس وريكاردو ريّس وآخرين، ورومان غاري الذي كتب لإميل أجار.
يؤكد نابوكوف أن "سرقة نص من كاتب هو أكبر إطراء له"، بينما يقول أنطونيو مونيوث مولينا: "اذا كانت الكتابة تعني أن نروي شيئاً هو التعبير الأكثر صدقاً وأصالةً عنا، فمن العبث أن نستعير لأجل ذلك كلمات آخرين". ترى كيف يمكن كاتباً أن يتجاوز ما تفرضه العلاقة مع النص من أمومية وأنانية وتعلّق وتملّك؟ مهما تكن التسمية المستخدمة لوصف متقمّصي الكتّاب: القلم الأجير، أو الكاتب المرتزق، أو الشبح، أو الظل، أو نائب الكاتب، أو الكاتب المنتدب، أو مومس الكتابة، أو الكاتب "الزنجي"، الخ... لا بد، في حال الموهبة الحقيقية، أن يكسر الظل المرآة ويخرج منها. لا بد أن يرحل الشبح، ويبقى الأصل.

 

 

   

رد مع اقتباس