الموضوع: بأقلامهم
عرض مشاركة واحدة
قديم 04-20-2013, 07:59 PM   رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
عبدالله أبوعالي is on a distinguished road


 

عندما كانت القهوة «نبيذ» المتصوّفين والثوريين


(عن «بي بي سي»
كتب / جون ماكهوغو)

أنجب العالم العربي الكثير من المفكرين والكثير من الإبداعات، من بينها تقليد وجبة الثلاثة أطباق (الحساء ثم اللحم ثم الفواكه وصلت إلى إسبانيا من العراق) والكحول (وصلت عبر جابر بن حيان من الكوفة في العراق وكان اسمها الكحول).. والقهوة. وما زالت القهوة الأفضل تُعرف بـ«العربية»، وإن كانت سلكت طريقاً طويلاً بدأ من المسلمين المتصوّفين القدماء وصولاً إلى شوارع العالم الحديثة اليوم.
بمجرد التفكير بالقهوة، قد يحضر إلى الذهن ربما قهوة «الإسبرسو» الإيطالية، أو القهوة بالحليب الفرنسية، أو القهوة الأميركية «اللاتي» مع القرفة. فاليوم تنبت سلسلة مقاهي «ستارباكس» و«كافيه نيرو» و«كوستا» في كل مكان، وفي كل مطار دولي.
وبينما تنتج القهوة في المناطق ذات المناخ الحار مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا وفيتنام وإندونيسيا، قد يخطر في الذهن أنها تصنع في العالم الحديث مثل التبغ والشوكولاتة. ولكن في النهاية، لقد حظي الثلاثة بالشعبية في أوروبا في الوقت ذاته تقريباً، أي في القرنين السادس عشر والسابع عشر. وفي الحقيقة، لقد أتت القهوة من المناطق المرتفعة من الناحية الجنوبية للبحر الأحمر، أي اليمن وأثيوبيا.
وبرغم أن أول مشروب من نبتة القهوة البريّة شربه راعٍ من أثيوبيا، إلا أن زراعة القهوة بدأت في اليمن، واليمنيين كانوا من أعطى الاسم العربي لـ«القهوة»، وهو الاسم الذي تشتق منه كلمة «Coffee».
كانت القهوة تعني في الأصل النبيذ، والصوفيون في اليمن استخدموها كوسيلة للتركيز، وحتى للنشوة الروحية عندما كانوا ينشدون اسم الله.
وفي العام 1414، عُرفت القهوة في مكة وفي مطلع الـ1500 انتشرت في مصر من الميناء اليمني «الموخا». كانت حينها لا تزال مرتبطة بالصوفيين، في وقت نمت مجموعة من المقاهي في القاهرة حول جامعة الأزهر. ومن بعدها افتتحت في سوريا، في حلب تحديداً، ثم في اسطنبول في العام 1554.
في البداية، منعت القهوة في مكة واسطنبول والقاهرة من منطلق ديني، وقد اندلع الجدل حول تأثير القهوة وما إذا كان شبيهاً بتأثير الكحول، وقد أفتى البعض بأن تمرير وعاء القهوة على الجالسين يُشبه ما كان يحصل مع زجاجة النبيذ المحرّم في الإسلام.
ومع الوقت تحوّلت المقاهي إلى مراكز للتجمّع والنقاش وإلقاء الشعر، بالإضافة إلى لعب الشطرنج. وقد تحولت بذلك إلى فسحة للحياة الفكرية، وبدأت تنافس المساجد بكونها مكاناً للتجمع.
انتقلت القهوة إلى أوروبا خلال طريقين من السلطنة العثمانية، عبر ميناء «الموخا» في تعز (وهو الاسم الذي أخذت منه قهوة الموكا). وقد كانت كل من الشركات الإنكليزية والهولندية أكبر المشترين من هذا الميناء في القرن السابع عشر، وكانوا يستقدمون الحمولات عبر رأس الرجاء الصالح أو يتم تصديرها إلى الهند وغيرها.
كما وصلت القهوة إلى أوروبا عبر التجارة من خلال البحر الأبيض المتوسط وقد حملتها الجيوش التركية عند عبورها نهر الدانوب. وكما في الشرق الأوسط، تحولت المقاهي إلى مكان للتجمع والقراءة ومشاركة الآراء واللعب. كما تحولت المقاهي في وقت من الأوقات إلى أماكن تجمع «ثورية». وقد استنكر شارل الثاني وجودها في العام 1675، معتبراً إياها كـ«أماكن لتجمع الساخطين، حيث يعملون على نشر تقارير فضائحية عن الملك ووزرائه».
في البداية، نظر الأوروبيون بريبة إلى القهوة لكونها مشروباً إسلامياً، ولكن حوالي العام 1600 انتقل خبر أن البابا كليمنت الثامن استمتع بفنجان من القهوة، وكان برأيه بأنه سيكون من الخطأ السماح للمسلمين بالسيطرة عليها، ولا بدّ للغرب أن يعتمدها. وقد شهدت القهوة النمساوية انتعاشة كبرى عندما سقط الحصار التركي عن فيينا في العام 1683، وتمكن الأوروبيون من الحصول على كميات كبيرة من القهوة تركها الجنود المنكسرون.
ويبدو أن مسمى «القهوة التركية» هو مسمّى مغلوط، فقد كانت تركيا واحدة من البلدان التي كانت تشرب القهوة، ففي اليونان تسمّى القهوة اليونانية، وكذلك في لبنان والأردن وسوريا وفلسطين لم يهتموا كثيراً للاسم. ولكن هناك أنواع أخرى من القهوة التقليدية في العالم العربي، ومنها القهوة الآتية من الخليج العربي والتي تخلط مع الهال وبهارات أخرى. وتحمل القهوة الكثير من المعاني لناحية وقت تقديمها والطريقة التي تقدم فيها للضيف.
وللأسف، فإن إنتاج القهوة قد تراجع في اليمن، كما في العالم العربي، حيث أن أياً من الدول العربية يعدّ اليوم من بين أبرز المنتجين أو المصدّرين لها.

 

 

   

رد مع اقتباس