يحكى أن عثرباً نبت في (زبير) إحدى الركايب الجميلة...وكان لعثرب جيران لطفاء يتسامر معهم في أمسيات وعصاري ايام الربيع المنعشة... فيسيّر عليه جاره (الإنقاص) للتسامر سوية مع جارتهما (الخلفه) التي تحل في إحدى القصاب المجاورة... وتأتي صارةً في حوكتها طبخة بن في كل مرّه... ويستأنسون بسماع الموسيقى الشعبية التي تذيعها محطة القرية لفرقة (العِداد) الموسيقية...فتنطلق الحنجرة الذهبية لمطربتهم المفضلة (الدرّاج) ويشنفون الآذان بصوت العازف (الرِشا) على ربابته (المحّاله) ويلحق زميله (مقاط) على إيقاعه... وتقف (السهمان) تعرض و(القلنسوة) تسايف وتصفق في أوج الطرب... ويخرج (الغرب) ببطء من أثر حمل (الثقََل) الذي قد أندمل في جلده مع مر السنين..يرتقي بصوته الشجي ليغيض ذلك الدلو الذي أعجف جلده على (الرُعال) من ندرة استخدامه في ظل بركة الغرب المكتنز الذي يملأ القف من (زمامه) الرحب لمن أراد السقيا...
ويحدي المايسترو (بحدوّته) و(تشل) معه (العرقة) الحدوة على ظهري الثورين ويتمايلا على أنغامها بسناميهما التي إحتزمت بـ(الأقتاب) غير آبهين بـ(الطيغة) التي ملأت (المجرّه)... ساحبةً الغرب من (المقرب) الى (المحول)... بدون امتعاض.. لما في (المذود) المجاور من مكافأة مجزية للمعاونه في تلك (الصده).
لم يكن هنالك ما يكدر صفو شخموت ال عثرب وصاحبه (إنقاص) وتلك العجوز (خلفة) أي مكدر...اللهم خدش من (لومة)... أصاب صاحبها المسن ضعف النظر... أو ندبة من مسحاة طائشة من مزارع أنشغل عن التركيز عليها برؤية صبيته التي جلبت (الفال)....
وحتى في موسم (الخُرفه) يختفي كل الجيران فها هو العم شعير... والعم حنطه قد صرموهما وسيقا الى (المسطح) ليسلخا في موسم نضجهما في (الجرين) وتديسهما (الخورمة) بلا رحمه وتتناثر أشلائهما بين أيدي النساء في (المذرّى) ويدفن ما تبقى منهما في مقبرة (السفل) المظلمه ومثلهما العم كعشان أبو خريف ...
فأنّى لـ(إنقاص) أن يتذمر عندما يجود بثمرته مرة رأس العام ...ويبقى حياً يرزق ...والعمه خلفه التي يتجدد عمرها مع كل صرمة تنالها......