كما تكون لعباد الله .. يكون الله لك..
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد :
في الحديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إنما يرحم الله من عباده الرحماء » [رواه البخاري]
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ من رحم الخلق رحمه الخالق قال صلى الله عليه وسلم « الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء » رواه الترمذي
الجزاء من جنس العمل ، يعامل الله عبده كما يعامل العبد عباده ، فعامل عبد الله بما تحب أن يعاملك الله به { وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم } [التغابن : 14] { وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم } [النور : 22]
احرص على تخفيف الشدائد عن الناس ليخفف الله عنك ، قال صلى الله عليه وسلم « من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة» رواه البخاري ، وقال صلى الله عليه وسلم « من نجى مكروباً فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة » رواه أحمد
أعن الناس على حوائجهم تجد العون من الله ، قال صلى الله عليه وسلم « الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه » وقال صلى الله عليه وسلم « من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته » رواه مسلم
كن للمعسر ميسراً ، ييسر الله عليك قال صلى الله عليه وسلم « من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة» رواه مسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام « كان فيمن كان قبلكم تاجر يداين الناس ، فإن رأى معسراً قال لفتيانه : تجاوزوا عنه ، لعل الله يتجاوز عنا ، فتجاوز الله عنه » رواه البخاري
ارفق بعباد الله تشملك دعوة النبي صلى الله عليه وسلم « اللهم من رفق بأمتي فارفق به ، ومن شق عليهم فشق عليه» رواه أحمد ، وقال صلى الله عليه وسلم « إن الله رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف » رواه مسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام « من يحرم الرفق يحرم الخير » رواه مسلم .
استر على الناس يستر الله عليك قال صلى الله عليه وسلم « من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة » رواه مسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام « من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة » رواه ابن ماجة
أقل عثرة أخيك ، يقل الله عثرتك قال صلى الله عليه وسلم « من أقال مسلماً أقال الله عثرته» رواه أبو داود .
، فكما تكون لعباد الله ، يكون الله لك ، فاختر لنفسك الحالة التي تريد أن يعاملك الله جل وعلا بها ، فعامل عباده بذلك تجد جزاءه .
احذر أن تعذب الناس فيعذبك الله ، قال صلى الله عليه وسلم « إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا » رواه مسلم ، قال عز وجل { وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب } [البقرة:49] { ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } [غافر:46]
إياك والمشقة على عباد الله تصيبك دعوة النبي صلى الله عليه وسلم « اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به » رواه مسلم
لا تؤذ المسلمين بتتبع عوراتهم ، قال صلى الله عليه وسلم « من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله » رواه الترمذي ، « ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته » رواه ابن ماجة
لاتمسك رحمتك عن الناس فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال « من لايرحم الناس لايرحمه الله عز وجل » رواه مسلم ، وقال عليه الصلاة والسلام « لاتنزع الرحمة إلا من شقي» رواه الترمذي
فمهما عاملت العباد بأمر ، وجدته عند رب العباد جزاء وفاقاً .
قال ابن القيم رحمه الله :
إنّ الله كريم يحب الكريم من عباده ، وعالم يحب العلماء ، وقادر يحب الشجعان ، وجميل يحب الجمال ، وهو سبحانه وتعالى رحيم يحب الرحماء ، وإنما يرحم من عباده الرحماء ، وهو ستير يحب من يستر على عباده ، وعفو يحب من يعفو عنهم ، وغفور يحب من يغفر لهم ، ولطيف يحب اللطيف من عباده ، ويبغض الفظ الغليظ القاسي الجعظر ي الجواظ ، ورفيق يحب الرفق ، وحليم يحب الحلم ، وبر يحب البر وأهله ، وعدل يحب العدل ، وقابل المعاذير يحب من يقبل معاذير عباده .
ويجازي عبده بحسب هذه الصفات فيه وجوداً وعدماً ، فمن عفا عفا عنه ، ومن غفر غفر له ، ومن سامح سامحه ، ومن حاقق حاققه ، ومن رفق بعباده رفق به ، ومن رحم خلقه رحمه ، ومن أحسن إليهم أحسن إليه ، ومن جاد عليهم جاد عليه ، ومن نفعهم نفعه ، ومن سترهم ستره ، ومن صفح عنهم صفح عنه ، ومن تتبع عورتهم تتبع عورته ، ومن هتكهم هتكه وفضحه ، ومن منعهم خيره منعه خيره ، ومن شاق الله شاق الله تعالى به ، ومن مكر مكر به ، ومن خادع خادعه .
ومن عامل خلقه بصفة عامله الله تعالى بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة ، فالله تعالى لعبده على حسب مايكون العبد لخلقه .
فكما تدين تدان ، وكن كيف شئت فإن الله تعالى لك كما تكون أنت له ولعباده .
فاحرص وفقك الله على نفع عباد الله ، امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم « من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل » رواه مسلم
وأحسن إليهم ، إن الله يحب المحسنين .
كن هيناً لهم ليناً ، سهلاً فقد قال صلى الله عليه وسلم « حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس » رواه أحمد
اعف عنهم ، واصفح ، وسامح ، واغفر ، عسى الله أن يعفو عنك ، ويغفر لك ، إن الله لايضيع أجر من أحسن عملا .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
....................
عن دار القاسم