[read]اختلف النّحويون في رَسْمِ ( إِذَنْ )
 بالنُّونِ أو بالتَّنوينِ.[/read]
إليك الآراء الآتية: 
الرأي الأول : وهو كتابتها بالألف ، 
ومن حججهم : 
1 . أنّها تشبهُ النونَ الخفيفةَ والتنوينَ ، في نحو : ﴿ لَنَسْفَعاً بِالنّاصِية ﴾ . 
2 . أنّها تُشْبِهُ نونَ ( لَدُن ) التي تُبْدَلُ أَلِفاً . 
3 . أنّ الوقفَ عليها يكونُ بالألفِ . 
4 . أنَّ رَسْمَ المصاحِفِ على كَتْبِها بالألف .
5 . أنَّ ( إذا ) ليست حرفًا ناصبًا للمضارع ، بل هي ( إذا ) الشرطية الظرفية ، نوّنت عوضًا عن جملتها المضافة إليها المحذوفة . 
قال به ابنُ قتيبة ، وابن مالك في التسهيل ، وابن هشام.
ونُسِبَ هذا الرأيُ إلى المازنيّ ، كما نَقَلَهُ عنه أبو حيان في شرح التسهيل ، ونَقَلَهُ عنه أيضاً المالقيُّ. وفي نِسبته إليه اضطرابٌ سيأتي بيانُه. 
قال الرُّمانيُّ: وهو الاختيارُ عند البصريين . 
الرأي الثاني : وهو كتابتها بالنون ،
ومن حججهم : 
1 . أنّ النونَ فيها أصليّةٌ كنونِ ( عَنْ ) و ( مَنْ ) و ( أَنْ ) . 
2 . أنّها في الأصلِ مركّبةٌ من ( إِذْ ) و ( أَنْ ) ، ونُونُ ( أَنْ ) لا تُبْدَلُ . وهو قولٌ عن الخليلِ. 
3 . أنّها حرفٌ ، والحروفُ لا يدخلها التنوينُ ،وهذه حُجَّةٌ قويَّة ؛ لأنّها حرفُ جوابٍ وجزاءٍ . 
قال به المبرّدُ ، ونُسِبَ إليهِ أنّه قالَ : ( أَشتهي أنْ أكوي يَدَ مَنْ يكتب ( إِذَنْ ) بالألف ) . 
وقال به أيضاً ابنُ درستويه ، والزَّنجانيّ - كما نَقَلَ عنه الجاربرديُّ ، والسُّيوطيُّ  - ، وابنُ عُصفور . 
ونُسبَ هذا الرأي أيضاً إلى المازنيِّ كما نَقَلَهُ عنه الرَّضي ، والمراديّ  ، وابنُ هشام . 
قال المرادي : وفي نِسبةِ هذا الرَّأي للمازنيّ نظرٌ ؛ لأنّه إذا كان يرى الوقفَ عليها بالنُّونِ كما نُقِلَ عنه فلا ينبغي أنْ يكتبها بالألفِ . 
قال الرُّمانيّ : وهو الاختيار عند الكوفيين .
الرأي الثالث : 
أنّها إذا أُلغيت عن العملِ كُتِبَت بالألفِ ؛ لضعفِها .
 وإذا أُعملت ونَصَبتِ الفِعْلَ بعدَها كُتبت بالنونِ ؛ لقُوَّتِها . 
وهو رأيُ الفرّاء. 
الرأي الرابع :  
أنّها إنْ وُصلت في الكلامِ كُتِبَتْ بالنُّونِ ، عَمِلَت أم لم تَعْمَل ، كسائِرِ الحروف ، وإذا وُقِفَ عليها كُتِبَتْ بالألِفِ ؛ لأنّها إذ ذاك مُشَبَّهَةٌ بالأسماءِ المنقوصة في عَدَدِ حروفِها ، وأنّ النُّونَ فيها كالتنوينِ ، وأنّها لا تَعْمَلُ في الوقفِ مُطْلَقاً . 
وهو رأيُ المالقيّ واختيارُه  .
والمتأمّل في عبارة الزّنجاني  يجد أنّه لم يُخَطِّئْ كتابَتَها بالألف ، بل أجازَ الوجهين ، وألزم من يريدُ كتابتها بالألف أنْ يُنوِّنَ بالشَّكْلِ .
وقد وجدتُ الزّنجانيّ كَتَبَها بِخَطِّ يَدِهِ في ( الكافي ) غيرَ مَرَّةٍ بالألف ( إذاً ) ، ووَضَعَ لها تنويناً ، عِلْماً بأنّه قال : (( لكن الأَوْلى أن تُكْتَبَ بالنون ...))، فوافَقَ الكوفيين في رأيِهِ، ووافَقَ البصريين في استخدامِهِ ، ولعلَّ سبب ذلك أنّه أراد مُجاراةَ كُتَّابِ عَصْرِهِ آنذاك، إذ لاحظْتُ أنّه - في مسائل فصل الهجاء - يلتزمُ الكتابةَ الشّائعةَ المشهورةَ. والله أعلم. 
 
* * *
خلاصةُ القول :
 أرى أن تكتب بالنون ( إذن ) ؛ لأنها حرفٌ، والحروف لا تنوّن، ولأنّ الوقف عليها بالألف يؤدي إلى اللبس بـ( إذا ) الشرطية ، ومحاولة في توحيد الرسم الكتابي في ظلّ كثرة الإشكالات الكتابية التي أفسدت الإملاء العربي وزادته تعقيدًا وتشتيتًا . كما أننّا نأخذ تهديد المبرّد على محمل الجدّ !! 
أمّا كتابة القرآن فالذي عليه الإجماع أنها كتابة خاصّة وليست حجّة للاستشهاد بها في الرسم الإملائي ، ولها أغراضها وحِكَمها التي يعرفها أهل العلم بالقراءات القرآنية ، وليس هذا مجال بسطه ، والله أعلم 
منقول