اقوال واشعار مختاره واختيارات للشيخ الدكتور عايض القرني
ابن عباس يتصدق بعينه
يقول فضيلته 0 وهذا ابن عباس ترجمان القرآن وبحر الأمة وحبرها، يبكي من خشية الله حتى تذهب عيناه فيعزيه أحد الشامتين فينشد ابن عباس:
إن يأخذ الله من عيني نورهــما
ففي فؤادي وقلبي منهما نور
قلبي ذكي وعقلي غير ذي عوج
وفي فمي صارم كالسيف مشهور
وفي الحديث القدسي (( من ابتليته بحبيبتيه (أي بعينيه) فصبر ، عوضته منهما الجنة))... وهذا سعيد بن المسيب إمام التابعين أبكاه الحب الصادق حتى ذهبت عينه لمرضاة ربه، وكذلك يزيد بن هارون المحدث المشهور فإنه عمي من كثرة البكاء، فقيل له : أين العينان الجميلتان ؟ قال أذهبها ـ والله ـ بكاء الأسحار
أما أحد الشعراء فقد بكي علي محبوبته حتى ذهبت منه عيناه فقال:
أعيناي كفــا عن فوادي فإنه
من الظلم سعي اثنين في قتل واحد
لقد عميت عيناي من كثرة البكا
لفــرقـة حب أو لتذكـار فاقد
ويشاركه المتنبي هذا البكاء فيقول:
قد كنت أشفق من دمعي علي بصري
فـاليوم كل عـزيز بعدكم هـانا
فابن عباس ذهب بصره لمرضاة الله فثوابه الجنة ، وهؤلاء ذهبت أبصارهم لفلانة فثوابهم الإفلاس والندم والحسرة.
يا لهف نفسي علي ملل
وخرج شاعر من المدينة وراء قافلة وهو يبكي فسئل عن ذلك؟ قال معهم جارية أخذت قلبي وذهبت فكان كلما نزلوا منزلاً سأل عنها، فإذا ارتحلوا ارتحل معهم وأخذ ينشد:
وقالوا صحيرات اليمام وقدموا
ركائبهم من آخر الليل في الثقل
وردن علي ماء العشيرة والهوى
علي ملل يا لهف نفسي علي ملل
لكن جعفر الطيار ابن عم المختار، يخرج مسرعاً إلي مؤتة لترفع روحه هناك: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) ، فيتقدم ويقاتل ليضحي بنفسه فداء لدينه ويلقي المنية باسما وهو ينشد:
يا حبذا الجنة واقــترابهـــا
طيـــبة وبارد شـــرابها
والروم روم قد دنا عذابها
كافرة بعيدة أنسابهــــا
علي إن لاقيتها ضرابها
فتقطع يداه وتطير روحه إلي الجنة ويبدله الله بجناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء )وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).