يحتاج الوالدان إلى قدر كبير من الوعي واليقظة،
والحذر من التهاون بعقول الصغار أو تصور أنهم لا يعقلون كثيرا مما يدور حولهم..!
أخبرني أحد المتخصصين أن الطفل يعي جيدا ما يدور ويقال حوله
وإن صغر سنه حتى لو بدا للوالدين أنه منشغل باللعب حولهما
فيما يكونان يتجاذبان أطراف الحديث!
وحدثني صديق لي -مؤكدا هذه الحقيقة- عن شغف ولده الصغير الشديد
بمتابعة حديث والده مع أمه، ومداخلاته المتكررة أثناء حديث لا شأن له به البتة..
وكأنه طرف فيه!
الأمر الخطير حقا هو وقوع أحد الوالدين
في أخطاء يصعب تداركها أو جبرها في حق هذه النفوس البريئة الغضة؛
ومن أشد ذلك وطأة: الكذب!
يقول أحد الكتاب - مصورا مدى الجناية على براءة الأطفال بارتكاب الكذب أمامهم -:
"ومرة واحدة من القدوة السيئة تكفي،
مرة واحدة يجد أمه تكذب على أبيه، وأباه يكذب على أمه،
أو أحدهما يكذب على الجيران..
مرة واحدة تكفي في تدمّر قيمة الصدق في نفسه،
ولو أخذا كل يوم وساعة يرددان على سمعه النصائح والمواعظ والتوصيات بالصدق.. "!!
ومن طريف ما يروى في ذلك:
قصة الطفل الذي أمره أبوه أن يقول لطارقٍ طرق الباب: أبي ليس هنا.
فما كان من الصغير البريء إلا أن قال للطارق:أبي يقول لك هو ليس هنا!!
ومن المزالق الوعرة التي قد لا يتنبه لها بعض الأفاضل والفاضلات:
استعمال المعاريض (التورية) أمام الصغار،
وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، مستندين إلى ما جاء في الحديث
"إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب"
(أخرجه البيهقي وابن السني، والبخاري في الأدب المفرد)؛
فيتصورون أن الترخيص فيها يرفع كل حرج عنهم!
والحق أن المسلم الصدوق لا يجعل من هذه الرخصة دأباً له ولا عادة،
والإسراف في المعاريض ليس ديدن الفضلاء.
والأهم هنا أن الطفل لا يعقل ما يعقله الكبار،
والأقوال التي يسمعها لها عنده وجهان فحسب.. صدق أو كذب!
ولن يبلغ فهمه استعمال هذه الرخصة
إلا بعدما يشب على الفضيلة وترسخ الأخلاق في نفسه،
ويتفقه في دينه بما يحجزه عن الغش والخداع.
والنار من مستصغر الشرر؛
فحريٌّ بمن يتهاون في هذه الأمور
ولا يتحفظ منها أمام الصغار أن يجني ثماراً مرة
من الكذب والنفاق والانحراف في سلوك أطفاله..
ولات ساعة مندم!!
...........