هل الانتفاضات العربية "بنت ساعتها" ؟
من السذاجة الاعتقاد ان الحركات الشبابية في تونس ومصر واليمن وليبيا، والتي عرّجت على الخليج في البحرين حيث يكثر الوجود الشيعي ثم عادت واستدارت الى ايران لتتحرك مجددا على ايقاع طبول التغيير.. نعم من السذاجة ان نعتقد ان هذه الانتفاضات هي بنت ساعتها او هي منعزلة عن اي يد خفية وراءها، بدليل بعض المؤشرات الاعلامية والتصريحات الغربية المتماشية مع "القمصان الجدد" "تي شيرت" الملونة بقوى التعدد! عندما سألتني الآنسة كارولين كلاس يوم رحيل مبارك ظهرا، خلال مقابلة في "anb" عما اذا كانت انتفاضة مصر عفوية اجبتها بما سبق واوردته لاسباب مختلفة بين بلد وآخر، وان كان العنوان الرئيسي الفساد وسلطة السلالات الجديدة التي شلّشت في الحكم.
وعندما وصل الحديث الى التداعيات والتأثيرات في لبنان وسوريا تذكرت امرا اطلعت فيه على تقرير سري يعود الى سنة 1988. ففي تلك السنة دعت الخارجية الاميركية جميع سفرائها في دول المنطقة الى اجتماع في "كليفلاند" لتدارس موضوع ملح هو "خلافة" الرئيس الراحل حافظ الاسد الذي كان يعاني حينها داء ابيضاض الدم "اللوكيميا" واجمع الحاضرون في ذلك الحين على خيار رئيس الاركان السابق حكمت الشهابي قبل ان تعتل صحته ويصبح خاضعا لغسل الكلى كل اسبوع.
لماذا حكمت الشهابي يومذاك؟
لانه الاقوى في الجيش، ولانه يمثل الاسلام المعتدل وبامكانه اجتذاب رجال المال والاعمال السوريين في تركيا والاردن وبعض السياسيين المنكفئين الى هذين البلدين!
كان هذا السبب "الوجيه" لتأمين انتقال "هادئ"، للسلطة في الحكم.
واذا كانت هذه استراتيجية اميركا في تلك المرحلة، فهل تصبح كذلك اليوم مع كثرة الحديث عن فتح قنوات مع الاخوان المسلمين في مصر والذين بدوا غير طامعين وطامحين الى تسلم السلطة، بل الى المشاركة في الحياة الديموقراطية على الاقل كما يصرح زعماؤهم! فهل اقلع "الاخوان" عن سلوك طريق العنف لتغيير السلطة المستبدة، خصوصا وانهم كانوا وراء اغتيال الرئيس انور السادات في العرض العسكري عام 1981 ووسط "خرق" خطير في الجيش المصري؟! ام انهم توصلوا الى "اقتناع" بأن العنف يقود الى العنف وان التجربة الديموقراطية في تركيا استقرت على "مهادنة" لسلطة الجيش "العلماني" الذي كان وراء مجيء الرؤساء والسياسات الاستراتيجية؟!
فحتى نفهم ما ستؤول اليه هذه الانتفاضات في المنطقة لا بد من "التمعن والتبصر" في مآل هذه الديموقراطية التي تحملها عناوين هذه الانتفاضات وهل تشمل جميع الحكام الذين حكموا بالاجهزة السرية؟!
سيمون عواد