الطيبون في الأرض ومحمد سعيد شويل ( أنموذجا )
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب بعض الإخوة عرضا عن محمد شويل وذكروا شيئا من محاسنه فلهم الشكر .
وبما أني عشت معه فترة من الزمن وخبرته عن قرب وليس من رأى كمن سمع أحببت أن أفرد له صفحة خآصة ذاكرا أيضا بعضا من مزاياه ونزرا من مناقبه التي يعرفها القاصي قبل الداني زاعما أنها تثري وتضيف طرحا جديدا .
في بضع سنين خلت وبالتحديد في السبعينات الهجرية اجتاح الوطن عآمة ومنطقة الباحه خآصة جحافل من الأمراض الفتاكة كالدفتريا بين الأطفال والحمى الشوكية وغيرها ولكن كان أخطرها جميعا وخآصة على الشباب مرض ( التدرن الرئوي ) حيث لا تطعيم ولا غذاء صحي وعرف بين الناس ( بمرض السل ) واعتقد أن سبب تسميته بهذا الاسم هو أن المصاب به تنسل منه الصحة بالتدريج حتى يصير هيكلا عظميا ويصبح الموت منه قاب قوسين أو أدنى وكان محدثكم أحد ضحاياه .
أشاروا على والدي ( يرحمه الله ) بالسفربي إلى الطايف وهناك استقبلنا طيب الذكر ( محمد سعيد شويل ) حفظه الله
بقصر الضيافة مؤقتا حيث يعمل ثم نقلنا بعدها إلى بيته بحي الشهداء ومن ثم أخذني محمد أبو الريش أجزل الله أجره إلى مستشفى السداد ،
ودعني الوالد بعبارة ( أودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه ) مخفيا عني دمعتين ذرفتا من عينيه وعاد إلى الباحه .
مكثت بالمستشفى ستة أشهر تقريبا ، تعرفت في المستشفى على كثيرين من أبناء الوادي منهم من قضى نحبه مثل علي الكردي من الغمده وأحمد بن مبارك من المردد وغيرهم ومنهم من منٍٍِ الله عليه بالشفاء .
خرجت من المستشفى ومكثت أيضا ستة أشهر أخرى تحت الملاحظة والمراجعة سكنت بمنزل محمد شويل أيضا والذي آثر أن يبقيه مفتوحا لصاحب الحاجة من الجماعة بالرغم من حاجته الشديدة إلى الإيجار ,
قاسمته لقمة العيش رغم قلة ما بيده ،
محمد شويل عالي النفس لم يطق العيش في ظل مدير الضيافة المتعجرف سليط اللسان آنذاك فغادر وفتح له غرزة دكان بحراج الطايف يبيع فيه حنابل فقط لعدم قدرته على الاتجار بالزل كبقية جيرانه كنت أشفق عليه وعلى نفسي من العدم
كان هو يتولى الصرف عليَ .
جلس على هذه الحال سنة تقريبا ، طًًلب منه أن يذهب إلى الرياض لاستلام قصر الضيافة هناك ويبتعد عن هذا المديرالسيء ( من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه )
لم أنقطع عنه فهو بمثابة الأخ والصديق الذي تضعه على يمينك وقت الحاجة ، إذا سافرت إلى الرياض لأداء الامتحان منتسبا بجامعة الرياض حيث لم يفتح باب الانتساب في جدة آنذاك أذهب إليه وأحيانا أهرب منه لكثرة ما يغمرني به من الحفاوة البالغة وإذا ما أحس بذلك أوعز إلى أحد موظفيه بإعطائي غرفة بقصر الضيافة .
محمد شويل لا يحب البهرج في العزايم ولكن وجهه للضيف خصيب وكما نقول ( لو لم يجد في بيته غير ثوبه لفرشه )
هذه سمة فيه لكل من يؤم الرياض ويقصده .
عندما علم بأني أعمر بيتا في جدة أرسل لي مبلغا من المال علما بأني لم أطلبه لكنه كان سباقا إلى المكارم ، أعدت له المبلغ عندما علمت بأنه اشترى منزلا لكني ما زلت أعض أصبع الندم حيث لم أستطع أن أزيد عليه لأني كنت في مرحلة تسديد الديون .
أبو سعيد عفيف النفس عند المغانم
يقول لي أحد موظفيه ، أحيانا يخبرونا بتجهيز غداء لخمسين ضيفا فلا يأتي إلا عشرون ، فتبقى صحون كاملة لم تمتد إليها يد فنتوزعها ونرسل لبيت محمد شويل صحنا منها فيأبى أن ينال منها شيئا .
كم هو الوطن يا ترى بحاجة إلى مثل هذا الإنسان . كل واحد يتمنى أن يرد له شيئا من جما يله ولكن هيهات هيهات إنه لايقبل الهبات ولا العزايم ، يرفد الناس في زواجاتهم ويعطيهم عند الحاجة وفي زواج أبنائه لم يقبل رفدا ولا عزيمة
جواد كرمه سبوق فلا تحاول اللحاق به فإنك لن تدرك إلا غباره وختام تلك المناقب الكريمة والسجايا الحميدةفهو ورع متديَن سره في فعل الخير خير من علانيته ولا عجب في ذلك فهو سليل عائلة كريمة ويتحدر من أب كان لا يكاد يفارق المسجد كحمامة الحرم إنه المرحوم ( سعيد عبد الله شويل ) رحمه الله رحمة واسعة ، وإذا طاب الأصل زكا الفرع .
ولولا خوف الإطالة أكثر لكتبت عنه الكثير ، أسأل الله أن يجزيه خير الجزاء عما قدم ولمثل هذا فليعمل العاملون والله لا يضيع أجر من أحسن عملا ، إنه منجم من العطاء الجزل وأرجو من كل من يعز عليه هذا الرجل ويعرف شيئا عن سيرته العطرة ومناقبه الحميدة أن يوافينا بما يعرف أو يسمع بارك الله فيكم وشكرا لكم .
عبد الرزاق بن صالح