كتاب المغنّي (*)
شعر/ علي الدميني
أغني ، وإما تساءل عني المغنيّ
لماذا أغنيّ؟
أغني ...
لأني 
أرى شبهي في الغناء 
وأغنيتي في كتاب المغنيّ
قفا نحمد الله ، أن الفتى لم يزل غارقاً في طفولتهِ
مثل "نخل الحسا" وعيون "العيون ".
يقلّب بين اليدين مداخل جنات عدْنٍ، وأنهارَ نارٍ 
تضئ المدينة ، من شارع المتنبي ببغداد َ
حتى ابتسام ِ الخليج، لحي ّ "الدواسرِ " في شارع الحبِ، 
حين
تسلّل في غصّة الليل 
من وجعٍ نحو آخرَ،
من راية ٍ
لم تعد شجرا،ً يانعاً بالعصافيرِ ،
أو لامعاً كالأساطيرِ،
حتى دنى
و تدلّى 
على سعف النخل ِ 
فاتحةً من رفيف اليمام ِ 
و " وسمية ً " من لموع السحاب ْ.
قفا ، نحمد الله ،
أن الفتى عاد من سفرٍ ، وأناب ْ
إلينا 
فآنس ناراً بأطراف رمل الجزيرة ِ
مترعة ً بالحنين و حمى السراب 
وأسرج أشواقها في " أغاني الكتاب ْ ".
تساءلت في أول الليلِ
كيف أقلّب جمري على قلقي
وأجادل – مستوحشا- متن هذا الكتاب؟
ومن سيرافقني للوقوف على صحوهِ 
إن بدا،
وعلى ظلـّهِ
إن غدا
نورساً في الضباب؟
ومن ذا سيكتب عنـّي 
جنون التأمل في نحوهِ
و تراتيلهِ، 
يوم تدلف روحي إلى عتبات الخطاب؟
ومن سوف يرفع عنّي الملامةَ َ ،
إما رأيت الخُطى،
والخطأ ْ ، 
لامعين
كوجه الصواب؟
وفي آخر الليل 
ألفيت قلبي يفتش في لغتي عن ملامحهِ
فأرى الميم حاء ْ
وأُوغل في سفري نحوه ُ 
فأرى الميم دال ْ.
هو الحدُّ والمدّ
والشك في المبتدأ،
واليقينُ الذي لا يقال ْ.
شبيهٌ به النهرُ،
ضحكته ُ "زرقةٌ طفلة ٌ "،
و تباريحهُ 
غابةُ من سؤال ْ.
يشفّ
فتشرب "فيروزُ" من كأسهِ،
ويقسو
فتبدو مفاتيحهُ 
كمصافحة الطقس
( للإحتمال ).
** ** **
أغني ، وإما تساءل عني المغنيّ
لماذا أغنيّ؟
أغني ...
لأني 
أرى شبهي في الغناء 
وأغنيتي في كتاب المغنيّ
** ** **
فيا صاحبي:
كم ركضتُ ، و أرّقتني :
إذا قلتُ " إن الطريق جنوبٌ"،
تقود الخطى باتجاه الشَمال
و إن قلت ُ إن الصباح َ "يمينٌ"
تشيرُ 
"بأن الصباح شمال" !
أغيبُ فتُجهِدُ نجواك في أثري
و إن عدتُ أغرقتني 
في عصيّ المنال ْ.
أيا ظمأ ً ضارباً في جذوع الهواء ْ
ويا حـُلُماً نازفاً بالمياه ْ
أعنّي
لأختارَ ما أشتهي من " كتاب المغنـّي" 
أهشُّ به ِ في الصباح ِ
على شغف ٍ نابض ٍ في الفلاة ِ،
وأُشرِعهُ في المساء ْ:
لرائحة البنّ وهي تطلّ من النافذة
تعتّقـُها باشتعال الكلام 
و نشرب صهباءها من يديك ْ.
سلاماً .. سلاماً :
على مطرٍ نابتٍ في العروق ِ
وغيمٍ يسيل
على بسمة المائدة ْ.
على أفقٍ راعش ٍ، 
تتخلّق منـــــــك َ فواتحه ُ
ومواجعه ُ 
وصفاتُ ُ النشيد ْ.
على لغةٍ تترقرق كالماء ِ، 
تُشرَبُ والماء ِ، 
تنحت ُ أعرافها في مسيل الزمان ْ 
ترفرف كالطير ِ
إما تخفّت بحنائها 
في حرير المجازْ
و ترقص في البهو 
إمّا تجلّت
كفاتنةٍ 
من صبايا الحجاز.
سلاماً على ما تبيحُ الكتابة ُ من صمتها،
وما يوقد ُ الشمسَ
إما شددنا الرحال إليك ْ.
"وقوفاً بها "، صاحبي،
و سلام ٌ عليها
سلام ٌ عليك ْ.
الظهران 10/ فبراير /2009م 
كانت مهداة 
إلى الأستاذ محمد العلي