أحبتي أعضاء الساحات
سمعتم عن الحيوان المفترس، ولكنني سوف أخبركم اليوم عن الإنسان المفترس،
وهو الإنسان العدواني الذي لا يعيش إلا على الكراهية والخلاف والشقاق،
ولا يهدأ حتى تكون له كل يوم ضحيَّة، فهو إما يعادي زوجته أو ابنه أو صديقه أو جاره،
فتجد المشكلات تحل وترتحل معه، وهو دائماً يشكو من ظلم الناس له وتآمرهم عليه
وعدم معرفتهم بمكانته، وفي الحقيقة أنه هو الظالم،
* وهذا الإنسان المفترس يختلق كل يوم أزمة.. فهو يشاكس مدير المدرسة بسبب أنه ظلم ابنه..
ويخاصم القاضي؛ لأنه جار عليه في الحكم، ويعادي الشيخ؛ لأنه أخطأ في فهم سؤاله،
ويكره الطبيب؛ لأنه خدعه في الدواء، وناقم على إمام المسجد؛ لأنه يتعمَّد إطالة الصلاة،
وهذا [ الإنسان المفترس ] يتحاشاه الناس ويدارونه كما يداري أهل المجنون مجنونهم،
ومع ذلك لا يسلمون من بطشه وغضبه وسبِّه وشتمه، وهو دائماً متهيئ للمنازلة،
ففي سيارته هراوة لوقت اللزوم، وفي بيته مسدس للطوارئ،
وهو يحفظ أخطاء الناس ويتصيَّد مثالبهم ويكشف معايبهم لوقت الحاجة..
حتى إذا اختلف معهم فإذا هو قد أعدَّ للأمر عدَّته وجهَّز لهم ملف العيوب؛ ليوقعهم في شرِّ أعمالهم،
وهو يلعن الظلام، ويشتم الغبار، ويغتاب الرطوبة، وهو لكثرة غضبه وحقده وحسده..
مصاب بالضغط والسكري والربو وحـمَّى الوادي المتصدع وجنون البقر، في جيبه..
بخّاخ ودواء ومسكِّنات ومهدئات وفيتامينات،
وقد ذكر صاحب كتاب (المستطرف) ..
أنَّ رجلا عصبي المزاج غليظ الطبع سيئ الخُلُق أتى إلى الخيّاط بقماش في يده..
وقال له: فصِّل هذا القماش أربعة ثياب ولا تلعب في التفصيل وأحذِّرك من التأخير في الموعد،
وبعدين لا تضيّع مقاسات الثياب، وانتبه لا تماطل في الموعد، حسبي الله عليك وأعوذ بالله منك
والشرهة ليست عليك، الشرهة على الذي جاء يفصِّل عندك، أقول اترك القماش الله ينتقم منك،
ثم أخذ قماشه وأدبر يسب ويشتم.. وهذه [ طبيعة الإنسان المفترس ] ،
وهذه النوعية لا تعيش إلا على الأزمات ولا ترتاح إلا مع الخلاف،
مثل الذباب لا يقع إلى على الجرح..
أيها [ الانسان ] : إرفع راية السلام وتذكر إن دينك الإسلام جعل تحية اللقاء: السلام عليكم..
وفي الحديث: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»،
هيا أيها الإنسان نتحوَّل إلى إخوة أصفياء، وإلى أصدقاء أوفياء وقد قلت في قصيدة (أنشودة الطفولة):
* فيا أيها الإنسان هـاك صداقـةً - أبرَ مـن الأم الرءوم ِوأحدبا
* تعال نوفِّي الوصلَ عهداً مباركاً - وخذني أخاً إذ كـان آدمُ لي أبا
* إذا كنت قـابيلَ العداوة والرّدى - فإني أنا هابيل رأياً ومذهبا
* * * * * *
مما قرأت وراق لانسان ..فنقلته .. [ بتصرف ] ..
للشيخ الانسان ... د . عائض بن عبد الله القرني
وتقبلوا خالص تحياتي أخوكم ....[ انسان ]
ودمتم سالمين .....