يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحة الثقافة الإسلامية > الساحة الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-22-2011, 08:36 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو مميز
 
الصورة الرمزية ابوحاتم
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوحاتم is on a distinguished road


 

والنوع الثالث من الظلم: مظالمُ تقع بين الخلق في حقوقٍ لبعضهم على بعض تعدَّوا فيها، وأخذها بعضُهم من بعض، ووقعوا في ظلم بعضهم لبعض، فهذه المظالمُ لا يغفرها الله - عز وجل - إلا بأداء حقوق الخلق إليهم، فيُؤدِّي الظالمُ حقَّ المظلوم في الدنيا، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لتُؤدُّنَّ الحقوق قبل أن يأتي يومٌ لا درهمَ فيه ولا دينار، إنما هي الحسناتُ والسيئات، يُعطَى المظلومُ من حسنات الظالم، فإن لم يكن للظالم حسنات أُخِذ من سيئات المظلوم ووُضِعت على المظلوم ثم طُرِح في النار».
والمظالمُ بين العباد تكون في الدماء، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزالُ المرءُ في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا».
وقد قرنَ الله قتلَ النفس بالشرك بالله - تبارك وتعالى - لعظيم جُرم سفك الدماء، فقال - تبارك وتعالى -: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ [الفرقان: 68]، وفي الحديث: «لَزوالُ الدنيا بأسرِها أعظمُ عند الله من قتل رجلٍ مُؤمنٍ»، وفي الحديث أيضًا في "الصحيح" عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أول ما يقضي الله - تبارك وتعالى - يوم القيامة في الدماء»؛ لأن الدماء أمرُها عظيم، قال الله - تبارك وتعالى -: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء: 93].
ألا ما أعظم جُرم من قتل النفوس وسفك الدماء، فإن الله - تبارك وتعالى - هو الذي يتولَّى عقوبَتَه، وهو الذي يأخذه ويُعاقِبُه في الدنيا والآخرة، قال الله - تبارك وتعالى -: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ [إبراهيم: 42]، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله ليُملِي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلِته».
وتكون المظالمُ بين الناس في المال، وتكون باقتطاع الأرض والعقارات، وفي حديث سعيد بن زيد - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اقتطَعَ شبرًا من الأرض طوَّقه الله إياه من سبع أرضين»؛ رواه مسلم.
وتكونُ المظالمُ بين الأرحام بتضييع حقوق الرحِم، وتكون المظالم بين الوالدَيْن والأولاد بتضييع حقوقهما وإهمال تربيتهما، وتعريضهما للانحراف وسوء الأخلاق، وتكون المظالمُ بين الزوجين لترك حقوقهما من أحدهما للآخر، وتكون المظالمُ بين المُستأجرين والعُمَّال بسلب حقوقهم وتضييعها أو تأخيرها، أو اقتطاع شيءٍ منها، أو التحايُل على إسقاطها؛ فكلُّ ذلك ظلمٌ يُنذِرُ بعقوباتٍ مُدمِّرة لصاحب الظلم، نسأل الله - تبارك وتعالى - العافية، أو أن يُكلِّفهم بما لا يطيقون، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أعطوا الأجيرَ حقَّه قبل أن يجِفَّ عرقُه».
وقد تكون المظالمُ بالتعدِّي على حقوقٍ معنوية للناس، أو بغيبة، أو وشايةٍ بين اثنين، أو وشايةٍ بين قبيلتين، أو بين أناسٍ وأناس.
فاحذروا - عباد الله - الظلمَ؛ فإن الله - تبارك وتعالى - لا تخفى عليه خافية، وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ [البقرة: 144].
والظلمُ مُحرَّمٌ ولو وقع على كافر؛ فإن الله - تبارك وتعالى - لا يرضى أن يقع الظلمُ على أحدٍ ولو كان كافرًا أو فاسقًا، قال الله - تبارك وتعالى -: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ [إبراهيم: 42 - 46].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 05-22-2011, 08:40 PM   رقم المشاركة : 2

 

الخطبة الثانية
الحمد لله مُعِزِّ من أطاعه واتقاه، ومُذِلِّ من خالف أمره وعصاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله اجتباه ربُّه واصطفاه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فاتقوا الله حق تقواه، وراقِبوه واخشَوه مراقبةَ من يعلمُ أن الله مُطَّلعٌ على سرِّه ونجواه.
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر: 18].
وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا الظلمَ؛ فإن الظلمَ ظلماتٌ يوم القيامة».
أيها الناس:
لا يتعرَّض أحدكم لغضب الله وعذابه؛ فإنه ما وقع غضبُ الله على أحدٍ إلا هلَك، قال تعالى: وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى [طه: 81]، ومن أخذه الله بعذابه وظلمه فقد خسر خُسرانًا مبينًا، قال الله تعالى: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان: 19].
عباد الله:
إن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، فقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا»، فصلُّوا وسلِّموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد، كما بارَكت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، اللهم وارضَ عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين والكفر والكافرين يا رب العالمين، اللهم دمِّر أعداءك أعداء الدين يا رب العالمين إنك أنت القوي العزيز.
اللهم انصر دينك، وكتابك، وسنة نبيك، يا رب العالمين.
اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين، وأصلِح ذات بينهم، واهدِهم سُبل السلام، وأخرِجهم من الظلمات إلى النور يا رب العالمين، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا متين.
اللهم تُب علينا وعلى المسلمين، اللهم فقِّهنا والمسلمين في الدين يا أرحم الراحمين.
اللهم أذِلَّ البدع يا رب العالمين، اللهم أذِلَّ البدع التي هدَمَت الدين، اللهم أذِلَّ البدع التي هدَمَت الدين، اللهم أذِلَّ البدع إلى يوم الدين يا رب العالمين، اللهم لا تُقِم للبدع قائمةً أبدًا يا رب العالمين، إنك أنت القوي العزيز.
اللهم لا تُسلِّط على المسلمين الأشرار الفُجَّار، اللهم يا رب العالمين لا تُسلِّط على المسلمين من لا يخافُك ولا يرحمهم يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير.
اللهم فرِّج كُربات المسلمين، الله ارفع الشدائد عن المسلمين يا رب العالمين، اللهم اجمعهم على الحق إنك على كل شيء قدير، ألِّف بين قلوبهم وأصلِح ذات بينهم يا رب العالمين.
اللهم اجعل بلادنا آمنةً مطمئنةً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم ولاة أمورنا يا رب العالمين.
اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عمله في رِضاك يا رب العالمين، اللهم أعِنْه على كل ما فيه خيرٌ وصلاحٌ وعِزٌّ للإسلام والمسلمين يا رب العالمين، اللهم أصلِح بِطانتَه، اللهم أعِنْه على أمور الدنيا والدين يا رب العالمين، اللهم وفِّق نائبَيْه لما تحب وترضى، اللهم وفِّقهما لهُداك، واجعل عملهما في رِضاك يا رب العالمين، وانصر بهم الدين، إنك على كل شيء قدير يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم أغِثنا يا رب العالمين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا يا أرحم الراحمين.
عباد الله:
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل: 90، 91].
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

__________________

((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [التوبة - 128]

 

 

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:42 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir