الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
إنها نعمة عظيمة أن أمد الله تعالى في عمرك فبلّغك هذا الشهر المبارك ، ففيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتضاعف الأجور ، قال تعالى (( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون )) ، قال المعلى بن الفضل : كان السلف يدعون الله ستة أشهر ان يبلغهمرمضان ، وقال يحيى بن كثير : كان من دعائهم اللهم سلمني إلىرمضان ، وسلم ليرمضان ، وتسلّمه مني متقبلا .
ولكن ليس كل من أدرك هذا الشهر عرف قدره واغتنم أيامه ولياليه ، فمن الناس من ينشغل فيه بتلاوة القرآن وقيام الليل وذكر الله تعالى ، وآخرون يقضون أوقاتهم بمشاهدة الأفلام والمسلسلات ولعب الورق والقيل والقال ، فاحرص أخي في الله على إغتنام هذه الأوقات الغالية واحذر من تضييعها بلا فائدة فإن اليوم معدود عليك وإذا غابت شمسه فإنه لايعود وكما قال الشاعر :
والوقت أنفس ماعنيت بحفظه ..... وأراه أسهل ماعليك يضيع
فما يدريكم لعل هذا الشهر هو آخر شهر من أشهر الصيام يمر عليك فكم من اناس عاشوا بيننا فيرمضان الماضي وهم الآن يرقدون بين الأموات .
كم كنت تعرف ممن صام في سلف ..... من بين أهل وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم ...... حيا فما أقرب القاصي من الداني
فلابد ان تعلم ان الموت يأتيك بلا استئذان فكم من اناس أدركهم الموت ولهم حاجات لم تقضى والكيس من كان يعيش يومه وهو يظنه آخر أيام حياته قال ابن عمر : إذا أصبحت فلاتنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح .
أؤمل ان أخلّد والمنايا ..... تدور علي من كل النواحي
وما أدري وإن أمسيت يوما ..... لعلي لا أعيش إلى الصباح
قال بعض السلف : كم من مستقبل يوما لايستكمله ومن مؤمل غدا لا يدركه إنكم لو رأيتم الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره .
إن الله تعالى قد قدّرلكل إنسان عمراً يعيش فيه على وجه هذه الأرض وهذا العمر هو فترة الإختبار الذي خلقنا الله تعالى من أجله ، قال سبحانه (( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا )) وهذا الفترة هي أيام وليالي وهي بمحصلها عمر الإنسان ، قال الحسن البصري : ياابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك .
دقات قلب المرء قائلة له ....... إن الحياة دقائق وثواني
ونهاية هذا العمر ليست معلومة للإنسان ، قال تعالى (( وماتدري نفس بأي أرض تموت )) فمايدريك أن هذه الأيام والليالي في هذاا لشهر المبارك قد لاتحظى بها مرة أخرى وأن الأجل قد ينتهي بك قبلرمضان القادم ، فاحرص كل الحرص على هذه الايام والليالي واغتنمها في طاعة الله ، قال ابن عمر : ماندمت على شيء ندمي على يوم غربت فيه شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي .
وأخيرا ليكن نبينا صلى الله عليه وسلم هو أسوتك في هذا الشهر المبارك فعن ابن عباس قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود الناس وكان أجود ما يكون فيرمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة منرمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة ) رواه البخاري وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله ) رواه البخاري .
منقول..