فهد عامر الأحمدي
لماذا لا يصاب "نقار الخشب" بارتجاج المخ رغم ضربه لجذوع الأشجاربمعدل 12000مرة في اليوم!؟
- وأيهما أكثر جذبا لأنثى البعوض؛ الجبن المعفن أم رائحة قدميك !؟
- وأي نوع من الطعام تفضله خنافس الصحراء؛ فضلات الجمل أم الحصان !؟
.. هذه الأسئلة الغريبة شكلت جزءاً من (أبحاث علمية) فازت مؤخرا بجائزة ساخرة تدعى "آج - نوبل" .. وهي جائزة تمثل الجانب الساخر لجائزة نوبل الأصلية وتمنح سنويا لإنجازات "متعوب عليها" ولكنها غير مفيدة على الإطلاق (علما أنني سبق وكتبت عن الأبحاث التي رشحت لعام 2004)!!
... ومن المعروف أن جائزة نوبل الأصلية تأسست عام 1901في السويد وتمنح في الطب والفيزياء والأدب والاقتصاد والسلام ... أما جائزة آج - نوبل (Ig-Nobel) فلم تتأسس إلا عام 1991بواسطة علماء ملوا صرامة الجائزة الأصلية ويئسوا من السفر للسويد للحصول عليها ..
وهذه الجائزة تعقد سنويا في جامعة هارفارد الأمريكية قبل توزيع الجائزة الأصلية بأيام - للتشويش عليها وسرقة الأضواء منها .. وأذكر أنها منحت عام 2003جائزة "الاقتصاد" لدولة لنخشتاين لقرارها الجريء (تأجير كامل الدولة لمدة سنة لأي شركة قادرة على الدفع) .. كما منحت في نفس العام جائزة "الأحياء" للدكتور سيدبل ملكلر لدراسته مظاهر الشذوذ الجنسي لدى البط .. وفي عام 1997منحت جائزة "الفلك" للعالم الامريكي ريتشارد هوجلاند لرؤيته مبنى بارتفاع عشرة أميال على سطح القمر - وقبل ذلك بعامين فاز بجائزة "الأحياء" ثلاثة علماء من اليابان (لا نحتاج لمعرفهم أسمائهم) لنجاحهم في تدريب حمامة على التفريق بين لوحات "بيكاسو" و"مونت"!! !
... أما آخر الجوائز المعلنة (لعام 2006) فتضمنت فوز الدكتور إيفان شوب عن دراسته الخاصة ب"أسباب عدم إصابة نقارالخشب بارتجاج المخ رغم نقره لجذوع الأشجارالصلبة بسرعة 120مرة في الدقيقة"!
@ أما جائزة "السلام" ففاز بها مهندس يدعى هوارد ستابلفورد لاختراعه جهازاً ينذر المراكز التجارية بدخول أي مراهق يقل عمره عن ثمانية عشر عاما (... ولسبب ما؛ تبدو الفكرة مألوفة لدينا ...) !
@ أما جائزة "الطب" ففاز بها فرانسيك فيزماير من جامعة جاكسون فيلد لمحاولته استخدام إشعاعات الهاتف الجوال للتخلص من (الفهيقة)!!
@ وفاز بجائزة "الفيزياء" فريق إيطالي درس ظاهرة تشققات الطرق الإسفلتية بوضع عيدان سباغيتي صلبة داخل الشقوق الحديثة (ثم تسجيل إلى كم قطعة انكسرت)!!
@ أما جائزة "الطبيعة" ففاز بها طلبة من جامعة الكويت عن بحثهم حول أفضل أربعة أطعمة تفضلها الخنافس الصحراوية .. فضلات الجمال، أم الأحصنة، أم الكلاب، أم الثعالب!!
@ أما جائزة "الرياضيات" ففاز بها عالمان من استراليا لحلهما مشكلة تتعلق ب "كم صورة يجب أن تلتقط بالكاميرا لتحصل على لقطة واحدة لا يغمض فيها أحد عينيه ضمن مجموعة من عشرة أشخاص"!!
@ وعلى أمل تخفيف معدلات الاصابة بالملاريا أثبت علماء كنديون أن أنثى البعوض تنجذب الى رائحة القدمين النتنة بنفس مستوى انجذابها الى جبنه الشدر العفنة!!
@ وأخيرا؛ فاز بجائزة "الأدب" الناقد دانيال بونهايمر لتحذيره من ظاهرة نفور القراء من استعمال الكلمات والعناوين الطويلة - رغم أن دراسته ظهرت تحت عنوان:
Consequences of erudite vernacular of necessity: Problems with using long words needlessly
... وبيني وبينكم؛ إن مجرد وجود جائزة كهذا ينبهنا (نحن) الى قضيتين مهمتين:
- القضية الأولى: ان المهم ليس إجراء الدراسات (والرسائل) بحد ذاتها؛ بل توجهها منذ البداية نحو هدف إيجابي وغرض مفيد ... وياليت نتذكر دائما أهمية الاستعاذة من "علم لا ينفع" ! - أما الثانية فهي التذكير بأن كثرة وزخم الدراسات "في الخارج" يتيح اختيار مثل هذه الدراسات الفريدة في جوهرها (.. وهو ما يعني بالمقابل صعوبة ظهور جائزة كهذه في مجتمعنا المحلي بسبب الفقر الفاضح فيما نبدعه أصلا) !