.
*****
مقابلة خاصة مع “الاوان”: الدكتور سعيد أبو عالي
– افترشنا الأرض أيام الدراسة وسافرنا على صهوات السيارات (اللوري)
– درسْتُ ودرَّست في جامعة أم القرى
– شعرنا بالطمأنينة يوم أصبحت بلادنا عضواً في (مجموعة الدول العشرين)
– قادتنا نظروا إلى التعليم نظرةً موضوعية صائبة على أن (التعليم) هو المحرك الأساسي لتنمية الإنسان والأرض
– النهضة الصناعية في المنطقة أثَّرت في سلوك الأهالي في احترام الوقت، ومرونة في التعامل، وقدرة على طرح الرأي واستقبال الرأي الآخر .
– صدر لي إلى الآن ثمانية كتب في التربية والتاريخ والثقافة العامة وأنا لا أربح من مؤلفاتي
– إيران لا تراعي مبادئ حق الجوار ولا مبادئ الجوار والأخوة الإسلامية
– كنت أول من عقد مؤتمرا صحفيا في منطقة الباحة وكان ذلك مع أمير منطقة بلجرشي (الباحة حاليا) الشيخ سعود بن عبدالرحمن السديري
– كانت الدمام مدينة وادعة، ينام أهلها غالباً مع العاشرة مساءًا
أجرى الحوار – عبدالقادر الغامدي (الاوان) : رغم تقاعد الدكتور سعيد أبو عالي من الحياة العملية من عدة سنين، إلاّ أن الوصول إليه كان صعب جدا نظرا لمشاغله في التأليف وحضور الندوات الثقافية والأدبية وحضور المناسبات الإجتماعية. وبعد المحاولات والإلحاح وكثرة الإتصالات، استطاعت “الاوان” إجراء هذه المقابلة الخاصة معه لمعرفة بعضا من جوانب حياته الشخصية وبعض الأحداث الطريفة والتي يذكرها لأول مرة في وسيلة إعلامية… فإلى الحوار:
.
ممكن تعطي القرَّاء نبذة عن حياتك؟
حياتي مثل حياة أي مواطن في سنِّي .. أجمل ما فيها أنها بدأت بالأمل يرافقه العمل . دراستنا كانت لها وعود بتحسين ظروف معيشة الدارس وأسرته . وطننا نرقب فيه كل مبادرات التجار الناجحين، والمزارعين الفالحين، والصناعيين المخلصين . افترشنا الأرض أيام الدراسة، واستبشرنا يوم استقبلت المدارس مقاعد دراسية، ووسائل إيضاح تساعد على فهم الدروس .
سافرنا على صهوات السيارات (اللوري) الحمالي وحمدنا الله يوم جاءت السيارات الصغيرة والحافلات الوثيرة تجوب أرجاء الوطن .
شجعنا النهضة الكروية في بلادنا وابتهجنا يوم بدأت فرقنا الرياضية تنافس عربياً وإقليماً .
فرحنا بالشباب الذين سبقونا ودرسوا المرحلة الجامعية بالخارج .. وزهونا يوم فتحت جامعة الملك سعود بالرياض .. أول جامعة سعودية .
نافسنا بعضنا أيام الدراسة الجامعية وتأهَّل بعضنا لبعثات دراسية خارج المملكة .
عدنا بعد مرحلة الدراسات العليا، وبدأنا مع زملائنا نساهم في بناء وتطوير الوطن . فرحنا يوم قامت المشافي الوطنية وفي طليعتها مستشفى الملك التخصصي بالرياض . شعرنا بالطمأنينة يوم تعدَّدت الجامعات وفي طليعتها جامعة أم القرى التي درسْتُ فيها ودرَّست .
زهونا كثيراً يوم تولى السعوديون إدراة أرامكو السعودية، وإدارة المصانع الحديثة في مدينة الجبيل وينبع . شعرنا بالطمأنينة يوم أصبحت بلادنا عضواً في (مجموعة الدول العشرين) الإقتصادية والصناعية .
استمتعنا بالطرق الحديثة، بل ودعونا للقادة الذين اهتموا ببناء البلاد، ورفاه المواطن، وحسن الجوار مع الأشقاء، وجميل التعامل مع أشقائنا العرب وإخواننا المسلمين وكافة شعوب الأرض من أجل سعادة الانسان .
ويرى زملائي وأترابي -حالياً -أنَّ بلادنا وضعت قدميها على طريق التقدم العلمي ..
.
بصفتك رجل مهتم بالتعليم، حدثنا عن “مبادرة الملك عبدالله (يرحمه الله) لتطوير التعليم” والتي رصد لها مبلغ ثمانين مليار ريال، هل فعلت المبادرة فعلا وماهي نتائجها المرتقبة؟
قادتنا منذ أيام الملك القائد والزعيم والمؤسس عبد العزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله رحمة الأبرار – وحتى هذه اللحظة نظروا إلى التعليم نظرةً موضوعية صائبة على أن (التعليم) هو المحرك الأساسي لتنمية الإنسان والأرض ..
والملك عبدالله بن عبد العزيز -رحمه الله -سار على نفس الطريق فأطلق مبادرته الكريمة لتطوير التعليم .. والوزير الأسبق للتعليم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز وضع لهذه المبادرة أطراً وبرامج متعددة للبدء في تحقيق أهدفها .. وكونه صاحب رؤية في أي مكان يتولى فيه المسؤولية فقد اختاره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله -ليكون مستشاراً له وأميراً لمنطقة مكة المكرمة ..
وأخال المشروع (متوقفاً) ينتظر إطلاقه من جديد .. ونحن نترقب هذه اللحظة .. لحظة إطلاق المشروع ولعلَّها تكون قريباً .
.
كنت مديرا للتعليم في منطقة تحوي أكبر الشركات النفطية والصناعية في العالم، هل كان لهذه الميزة تطور أو لمسة إيجابية في النهضة بالتعليم في المنطقة؟
للمنطقة الشرقية ميزاتٌ قد لا تتوفر في غيرها من المناطق . فيها مدن حديثة، تشهد على نهضة المملكة، وقرى تنطق بالتاريخ، وواحات زراعية تساهم في تكريس الأمن الغذائي، ومراعي تحتضن الإبل والمواشي، وصحارى صالحة للصيد . والناس في المنطقة يباهون بقيامهم بواجباتهم الوطنية، وتجاوبهم مع مقتضيات تطوير الحياة بالمملكة عموماً وفي منطقتهم خاصة ..
أضف إلى ذلك أنَّ سكان المنطقة يتشكلون من البدو، والقرويين وأهالي المدن . والمنطقة واسعة الأرجاء فهي تجاور مملكة البحرين ودولة قطر ودولة الكويت، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية العراق ، ومملكة الأردن .. ولا أتردد فأقول وجمهورية إيران الإسلامية التي تشاركنا مياه الخليج . وأهل المنطقة بطبيعتهم يحبون وطنهم، ويعشقون السفر.
بالمنطقة نهضة صناعية تتمثَّل في التنقيب عن النفط واستخراجه وقيام مدينة الجبيل الصناعية .. وهذه المؤسسات أثَّرت في سلوك الأهالي: احترام للوقت، ومرونة في التعامل، وقدرة على طرح الرأي واستقبال الرأي الآخر .
هذه المزايا ساعدتنا في إدارة التعليم .. فكانت المنطقة تحتل المراكز المتقدمة بين خريجي المرحلة الثانوية بالمملكة، وتنافس في مجالات التربية الرياضية، والتربية الفنية والتربية المسرحية . وأنشأت وزارة المعارف (التعليم) عدداً من ( المكتبات العامة) في الدمام والخبر والقطيف والهفوف وغيرها . أقامت الوزارة متحف الأحساء وهو آية في المعمار وما يحتويه من مقتنيات تراثية وتاريخية .. ولعلَّ مجمع الملاعب المدرسية بالهفوف شاهد على تشجيع المعطيات الرياضية بين الطلاب، ناهيك عن المراكز الكشفية بالدمام والهفوف .
لقد كان زملائي وأنا معهم يشعرون بخطر المسؤولية ولكنَّا جميعا تلذذنا بمواصلة العمل حتى خارج وقت الدوام من دون مقابل مادي في معظم الأحيان .
ساعدنا في هذا توفيق من الله سبحانه، ثم وعي المواطنين وأولياء الأمور، وتعاون زملائنا في جامعات المنطقة وكلياتها، وتعليم البنات، ورعاية الشباب، وأجهزة الأمن العام وإدارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، والبلديات في جميع المدن والمحافظات. وتأييد الوزارة لنا في جميع الأحوال والمناسبات .
أنشانا بالتدريج إدارة مستقلة للتعليم في منطقة الحدود الشمالية وذلك لبعدها عن الدمام، وأعطينا للمسؤولين فيها صلاحيات ساعدتهم على إدراة العمل هناك .. واليوم والحمد لله لدى الوطن (إدارة عامة للتعليم) في مدينة عرعر الناهضة .
تعاونا مع شركة أرامكو في إنشاء مدراس جديدة في الدمام والظهران والخبر والقطيف وسيهات وراس تنورة والهفوف والمبرز وأطلقنا عليها (مدارس الجيل الجديد)؛ وتفاهمنا مع أرامكو على إنشاء مدارس ثانوية لأول مرة في الدمام والظهران والخبر والهفوف . تعاونتْ معنا أرامكو فاستجابت لاقتراحنا بإنشاء (مكتبة مدرسية سيَّارة) تتجول بين المدارس وتعير (من الإعارة) الكتب والمراجع للطلاب والمدرسين .. وكان لهذه الخطوة تقدير كبير من الأهالي والطلاب .
تعاونا مع وزارة الدفاع من خلال المدارس التي أنشاتها وزارة الدفاع في القواعد الجوية والبحرية والبرية .
ولعلِّي لا أنسى الإشادة بزملائي الذين تقاسمت العمل معهم في المدارس وإدارات التعليم، وهم وأنا لا ننسى تعاون أولياء الأمور معنا، وكذلك الدعم والتأييد القوي من أهالي المنطقة.
.
يقال أن الفضل في تغيير مسمى (تفتيش) إلى مسمى (توجيه) في وزاة التعليم يعود لك، حدثنا عن ذلك، وماهي دلالات تغيير المسمى؟
عندما توليت مسؤولية التعليم بالمنطقة الشرقية أحسستُ أنَّ المدرسين (المعلمين) ومديري المدارس لا تقوم بينهم وبين زملائهم المفتشين الإداريين علاقة مودة، والثقة معدومة بينهم. ناقشت الأمر مع زملائي وبادرت بعدها بتغيير المسمى إلى (التوجيه الإداري) وسمينا المفتش الإداري (موجهاً إدارياً) .. واستمرت هذه البادرة إلى أن اعتمدت الوزارة على مسمى جديد هو (المتابعة) وهذا مصطلح جافّ (من الجفاف) وجاف (من الجفاء) ولا أراه إلا يشير إلى (العصا لمن أخطأ) وليس بهكذا تبنى الأوطان .
وفيما يخص التوجيه الإداري قمنا أثناء المحاضرات والإجتماعات والدورات التدريبية بترويج الفكرة وأن مدير المدرسة (هو مدير تعليم بمدرسته) وأن عليه حلّ المشكلات الإدارية بالتوعية والتسامح مع الحزم فيما يخص حقوق المدرسين والطلاب وممتلكات الوزارة .
وانخفضت المشكلات الإدارية في عام 1399هـ عن السنة التي سبقتها من 417 قضية عرضت على الإدراة إلى 117 قضية فقط. والفضل في هذا لله سبحانه ثم لزملائي مديري المدارس ووكلائهم .
.
كيف ترى أداء المدارس الأهلية، هل مخرجاتها العلمية توازي ما تاخذه من أموال قد تكون مبالغا فيها في أحيان كثيرة؟
المدارس الأهلية رديف عملي لمدارس الحكومة .. (والتعليم) نشاط إنساني يتطلب موارد مالية كبيرة لمن أراد أن ينجح مشروع مدرسته، ومساعدة الوزارة لهذه المدارس قليلة، وأنا (شخصياً) لا أتفق مع مقولة أنَّ المدارس الأهلية تتقاضى رسوماً مادية عالية إزاء ما هو متوقع منها.
ولذلك فإنني أتوجه للوزارة بمساعدة هذه المدارس وأولياء أمور الطلاب بتحمل أجزاء من الرسوم المالية (أسوة بما يفعله التعليم العالي مع الكليات والجامعات الأهلية) لقاء إلزام كل مدرسة بمعايير معينة ومستويات محددة لنوعية المباني والتقنيات التربوية، ونوعية المدرسين والمدرسات، ومستويات التحصيل العلمي لدى الطلاب .
.
حدثنا عن مؤلفاتك، وهل لاقت رواجا تسويقيا، وهل هناك مزيد من المؤلفات في المستقبل؟
أصدرت بعد التقاعد وحتى الآن ثمانية كتب في التربية والتاريخ والثقافة العامة .. وقد طبعت اثنين منهما للمرة الثانية .. والمؤلف غالباً لا يربح مادياً (إن لم يخسر) من كتبه .. ولكن المهم والمطلوب ممَّن يستطيع أن يكتب ألاَّ يتوقف عن ذلك وفاء للوطن والمواطنين، ومشاركةً في التنمية العلمية .
ماهو رايك في الشغب السياسي التي تمارسه إيران ضد المملكة هذه الأيام وتدخلها في شؤون المملكة الداخلية وكان آخرها إعدام الـ 47 إراهابي؟
بلادنا والحمد لله تطبق القرآن والسنة .. وجميع القضايا في المحاكم تخضع لهذا المبدأ الشريف بما في ذلك قصايا الإرهاب لما يمثله من قتل للأبرياء، وترويع للآمنين، وتخريب للممتلكات العامة والخاصة .
أما إيران فهي تنظر إلى ما يجري في بلادنا من منظور سياسي لا يخدم الإنسان .. ولا يصون مبادئ الجوار ولا يحقق الأخوة الإسلامية . ولكن قيادتنا والحمد لله تتعامل مع مقتضيات الأمن والتنمية في الداخل، ومع الجوار والأخوة سواء في الدين أو الإنسانية بما يحفظ كرامة بلادنا وشعبنا، ويحقِّق الرفاه للإنسان .
.
وأنا أتجاذب معك أطراف الحديث في مجلس الشيخ سعيد غدران، أبحت لي بأنك أول من عقد مؤتمرا صحفيا مع أمير منطقة الباحة، هل لك أن تذكر لنا تفاصيل ذلك المؤتمر؟
في سنة 1376هـ على ما أذكر كان عمري ستة عشر عاماً، وزارنا في مدرسة بني ظبيان الإبتدائية معالي أمير منطقة بلجرشي (الباحة حاليا) الشيخ سعود بن عبدالرحمن السديري وسمعنا أنه مثقف ويحب العلم وطلبة العلم فنظَّمنا له حفل استقبال ومن ضمن فقراته (لقاء صحفي) مع صحيفة الحائط المدرسية .
كنت أشرف على تحرير الصحيفة، وأدرِّب طلاباً على كتابة المقالات ونشرها، واخترتُ يومها ثلاثة طلاب يتناوبون على إلقاء الأسئلة على الأمير الضيف .. وأُعجب معاليه بالفكرة وكان يملي إجاباته على الطلاب بهدوء وأناة .. وأعتقد أنَّ هذا اللقاء الصحفي هو أول مؤتمر صحفي يُعقد بمنطقة الباحة (بلجرشي سابقاً) .
.
هل عرض عليك تقلّد مناصب عليا في الدولة بعد تقاعدك؟
لا، لم يعرض عليَّ أي منصب أعلى بعد التقاعد.
.
كان قدومك للدمام لتسنم إدارة التعليم عام 1397هـ، كيف ترى الدمام اليوم مقارنة بأول يوم وطئت في قدماك هذه المدينة؟
كانت الدمام مدينة وادعة، ينام أهلها غالباً مع العاشرة مساءً، وما كانت هذه العمارات والأسواق والطرق المزدحمة بالسيارات .. وما كانت هذه النزل (الفنادق) والمطاعم المختلفة .. وما كانت جامعة الدمام .. والحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة.
رابط صحيفة (الاوان)
http://alwnonline.com/?p=6389
*****