.
*****
الجمعة 04 جمادى الثاني 1438 هـ
أئمة الحرمين و د. عبدالله آل علاف
بقلم د. سعيد أبو عالي
أهداني الأخ الدكتور عبدالله بن أحمد آل علاف الغامدي كتابين أحدهما بعنوان (أئمة المسجد الحرام) والثاني بعنوان (أئمة المسجد النبوي). والدكتور علاف حظِي برعاية والديه الكريمين ولكنه عززها بمثابرته على طلب العلم. لم يكتفِ بدرجة البكالوريوس من جامعة المؤسِس بل واصل الطلب لدى عدد من المشايخ المعدودين. أنشأ دارا للنشر بالطائف وسماها (دار الطرفين) نسبة إلى القرية التي وُلِد فيها. ألف ونشر ستة وعشرين كتابا.
يتميز الدكتور عبدالله بالتواضع فهو على رغم نشاطاته المتعدِدة في التدريس والتأليف والبحث والتدريب إلا أنه ينأى بنفسه كثيرا عن الإعلام إلا فيما يخدم مشروعه الثقافي.
كتاباه المذكوران أعلاه أحسبهما تحفة علمية تستحق الاقتناء والمحافظة عليها. تتبع فيهما- وفقه الله- تاريخ الإمامة والخطابة بالحرمين الشريفين منذ دخول الملك عبدالعزيز آل سعود إلى مكة المكرمة وحتى العصر الحاضر، وتحديدا من عام 1345 إلى عام 1436.
بذل الدكتور علاف جهدا يُشكر عليه فقد أثبت لكل إمام سيرة ذاتية منسوبة إلى المصادر التاريخية المعتمدة أو إلى إفادات الأقارب أو إلى مقابلته الشخصية للإمام. والكتابان يُعتبران مصدرا من مصادر التطور العلمي في بلادنا.
اعتمد المؤلِف في بحثه على مائة واثنين وعشرين كتابا، وثلاث موسوعات، وستة وعشرين مخطوطا، وثلاثة عشر موقعا إلكترونيا، وثلاث عشرة مجلة وتسع صحف يومية منها صحيفتان عربيتان.
عدد الذين تشرفوا بالإمامة في الحرمين الشريفين أو في أحدهما يربو على مائة وتسعين إماما منهم سبعة وسبعون في المسجد النبوي وكان أول إمام صلى بالناس في الحرم المكي الشريف في عهد الملك عبدالعزيز- رحمه الله رحمة الأبرار- هو الشيخ إبراهيم بن خلف بن إبراهيم بن هدهود بن علي آل عريف وقد جاء والده الشيخ خلف إلى مكة المكرمة من بلدة الهلالية التي «تقع شمال مدينة البكيرية في منطقة القصيم» فدرس القرآن والعلوم الشرعية على يد والده وكذلك على علماء بالحرم الشريف. تولى الخطابة والإمامة بالحرم المكي في عام 1315 بعد وفاة والده- رحمهما الله- وبقي كذلك إلى أن توفي ببدايات العهد السعودي.
أما المسجد النبوي فقد استمر الشيخ يحيى بن محمد سعيد بن يحيى دفتردار في الإمامة والخطابة حتى وفاته عام 1345. درس الشيخ يحيى على علماء المدينة وسافر مع أخيه الأكبر إلى الأستانة (اسطنبول) ودرس بمدارسها الحديثة وتعلم اللُغات التركية والفارسية وشيئا من الفرنسية ونال شهادات عالية من هناك. ثم عاد إلى المدينة وتصدر للتدريس في الروضة الشريفة المباركة وأم وخطب الناس حتى تولى مشيخة الأئمة والخطباء بالمسجد النبوي الشريف. استمر على ذلك في بدايات العهد السعودي إلى أن توفي رحمه الله. وقد صنفهم المؤلف كما يلي:
ثمانية أئمة سماهم أئمة الحرمين وهم الذين صلوا بالناس في الحرم المكِي والحرم النبوي. سبعة وثمانون إماما وخطيبا منهم سبعة وثلاثون بالحرم النبوي. ثلاثة وأربعون إماما منهم اثنا عشر بالحرم النبوي. تسعة وأربعون إماما بالنيابة منهم تسعة بالحرم النبوي ومن ضمنهم الملك سعود بن عبدالعزيز الذي أم الناس في الحرم المكِي ست مرات وفي الحرم النبوي ثلاث مرات وفي يوم عرفات ثلاث مرات. أئمة التراويح سبعة عشر منهم أحد عشر بالمدينة وأئمة آخرون في الشفع والوتر، أو في الوتر أو في التهجُد.
والجدير بالذكر أن الملك عبدالعزيز وحد الصلوات المفروضة في الحرمين خلف إمام واحد، وكذلك صارت صلاة التراويح وصلاة التهجُد. ومن محاسنه - رحمه الله - أنه اختار عددا من المشايخ والقراء من داخل البلاد وخارجها لإمامة المصلين في الحرمين الشريفين. كما أنه سمح لبعضهم بالتدريس في المسجد الحرام وفي المسجد النبوي.
الدكتور علاف يشير إلى نشاط كل إمام في مجالات الدعوة والتدريس والقضاء، وبعضهم ساهم في وضع المناهج الدراسية لبعض المواد في المدارس النظامية التي افتُتِحت في العهد السعودي. والبعض كانوا أعضاء مجلس الشورى. إن الكتابين للباحث الحصيف يمثِلان وثيقة تاريخية لتطوير وتنظيم التدريس بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، وتوسيع وتنظيم التعليم بالمدارس والكليات ناهيك عن تنظيم القضاء.
كلمة شكر أراها مستحقة للباحث المؤلِف الدكتور عبدالله بن أحمد علاف وفقه الله.
*****