يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحة الثقافة الإسلامية > الساحة الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-21-2009, 11:48 AM   رقم المشاركة : 1
تفسير آية من كتاب الله


 

.

*****

بسم الله الرحمن الرحيم

في هذا الموضوع سنقوم بإدراج آيات من كتاب الله ونختار تفسيرها من أحد التفاسير المشهورة التالية ( إبن كثير , الطبري , الجلالين , القرطبي )

والموضوع مشاع للجميع ولكل من اراد أن يشارك فيه
وندعو الله عز وجل أن يوفقنا وينفع بما نقدم ويجعله في ميزان حسناتنا

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 08-21-2009, 11:59 AM   رقم المشاركة : 2

 

.

*****


(البقرة)

تلك الأيام "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن" من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر منه "هدى" حال هاديا من الضلالة "للناس وبينات" آيات واضحات "من الهدى" بما يهدي إلى الحق من الأحكام "والفرقان" ومن الفرقان مما يفرق بين الحق والباطل "فمن شهد" حضر "منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر" تقدم مثله وكرر لئلا يتوهم نسخه بتعميم من شهد "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" ولذا أباح لكم الفطر في المرض والسفر لكون ذلك في معنى العلة أيضا للأمر بالصوم عطف عليه "ولتكملوا" بالتخفيف والتشديد "العدة" أي عدة صوم رمضان "ولتكبروا الله" عند إكمالها "على ما هداكم" أرشدكم لمعالم دينه "ولعلكم تشكرون" الله على ذلك

(تفسير الجلالين)
*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 08-21-2009, 01:40 PM   رقم المشاركة : 3

 







يخبر تعالى بما منَّ به على عباده, بأنه فرض عليهم الصيام,

كما فرضه على الأمم السابقة,

لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان.

وفيه تنشيط لهذه الأمة, بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال,

والمسارعة إلى صالح الخصال, وأنه ليس من الأمور الثقيلة, التي اختصيتم بها.



ثم ذكر تعالى حكمته في مشروعية الصيام فقال:

( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )

فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى, لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه.

فمما اشتمل عليه من التقوى:

أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها,

التي تميل إليها نفسه, متقربا بذلك إلى الله, راجيا بتركها, ثوابه، فهذا من التقوى.

ومنها: أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى, فيترك ما تهوى نفسه,

مع قدرته عليه, لعلمه باطلاع الله عليه، ومنها:

أن الصيام يضيق مجاري الشيطان, فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم,

فبالصيام, يضعف نفوذه, وتقل منه المعاصي، ومنها:

أن الصائم في الغالب, تكثر طاعته, والطاعات من خصال التقوى،

ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع, أوجب له ذلك,

مواساة الفقراء المعدمين, وهذا من خصال التقوى.






عبدالرحيم بن قسقس

طرح مميز نفع الله به

اللهم استعملنا لطاعتك ،

ووفقنا لنكون من الطائعين الفائزين ،

ومن عتقائك يارب العالمين.



تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 08-21-2009, 03:16 PM   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
مشرف
 
الصورة الرمزية مشرف الإسلامية
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
مشرف الإسلامية is on a distinguished road


 



 

 
























التوقيع



   

رد مع اقتباس
قديم 08-21-2009, 04:55 PM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية احمد العبائر
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 23
احمد العبائر is on a distinguished road

أبو توفيق


 

أخي الغالي أبو توفيق
جزاك الله خير الجزاء على هذا الموضوع
المهم غاية الأهمية لفهم كلام الله عز وجل على الوجه المطلوب
من كل مسلم معرفته
دمت أخي في حفظ الله

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 08-22-2009, 11:45 AM   رقم المشاركة : 6

 

.

*****

(سورة الرحمن)
من الآية (1)إلى (6)

الرَّحْمَنُ

سورة الرحمن : قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد عن عاصم عن زر أن رجلا قال كيف تعرف هذا الحرف من ماء غير آسن أو ياسن ؟ فقال : أوكل القرآن قد قرأت قال إني لأقرأ المفصل في ركعة واحدة فقال أهذا كهذ الشعر لا أبا لك ؟ قد علمت قرائن النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يقرن قرينتين قرينتين من أول المفصل وكان أول مفصل ابن مسعود " الرحمن " وقال أبو عيسى الترمذي : حدثنا عبد الرحمن بن واقد وأبو مسلم السعدي حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن محمد بن المنكدر عن جابر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال " لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم كنت كلما أتيت على قوله " فبأي آلاء ربكما تكذبان " قالوا لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد " ثم قال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد ثم حكى عن الإمام أحمد أنه كان لا يعرفه ينكر رواية أهل الشام عن زهير بن محمد هذا ورواه الحافظ أبو بكر البزار عن عمرو بن مالك عن الوليد بن مسلم وعن عبد الله بن أحمد بن شبوية عن هشام بن عمارة كلاهما عن الوليد بن مسلم به ثم قال لا نعرفه يروى إلا من هذا الوجه وقال أبو جعفر بن جرير حدثنا محمد بن عباد بن موسى وعمرو بن مالك البصري قالا حدثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الرحمن أو قرئت عنده فقال " مالي أسمع الجن أحسن جوابا لربها منكم ؟ " قالوا وما ذاك يا رسول الله ؟ قال" ما أتيت على قول الله تعالى " فبأي آلاء ربكما تكذبان ؟ " إلا قالت الجن لا بشيء من نعم ربنا نكذب " ورواه الحافظ البزار عن عمرو بن مالك به ثم قال لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد . يخبر تعالى عن فضله ورحمته بخلقه أنه أنزل على عباده القرآن ويسر حفظه وفهمه على من رحمه فقال تعالى " الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان " قال الحسن يعني النطق وقال الضحاك وقتادة وغيرهما يعني الخير والشر وقول الحسن ههنا أحسن وأقوى لأن السياق في تعليمه تعالى القرآن وهو أداء تلاوته وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللسان والشفتين على اختلاف مخارجها وأنواعها .


عَلَّمَ الْقُرْآنَ

يخبر تعالى عن فضله ورحمته بخلقه أنه أنزل على عباده القرآن ويسر حفظه وفهمه على من رحمه فقال تعالى " الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان " قال الحسن يعني النطق وقال الضحاك وقتادة وغيرهما يعني الخير والشر وقول الحسن ههنا أحسن وأقوى لأن السياق في تعليمه تعالى القرآن وهو أداء تلاوته وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللسان والشفتين على اختلاف مخارجها وأنواعها .



خَلَقَ الإِنْسَانَ

يخبر تعالى عن فضله ورحمته بخلقه أنه أنزل على عباده القرآن ويسر حفظه وفهمه على من رحمه فقال تعالى " الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان " قال الحسن يعني النطق وقال الضحاك وقتادة وغيرهما يعني الخير والشر وقول الحسن ههنا أحسن وأقوى لأن السياق في تعليمه تعالى القرآن وهو أداء تلاوته وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللسان والشفتين على اختلاف مخارجها وأنواعها .

عَلَّمَهُ الْبَيَانَ

يخبر تعالى عن فضله ورحمته بخلقه أنه أنزل على عباده القرآن ويسر حفظه وفهمه على من رحمه فقال تعالى " الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان " قال الحسن يعني النطق وقال الضحاك وقتادة وغيرهما يعني الخير والشر وقول الحسن ههنا أحسن وأقوى لأن السياق في تعليمه تعالى القرآن وهو أداء تلاوته وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللسان والشفتين على اختلاف مخارجها وأنواعها .


الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ

وقوله تعالى " الشمس والقمر بحسبان " أي يجريان متعاقبين بحساب مقنن لا يختلف ولا يضطرب " لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون " وقال تعالى " فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم " وعن عكرمة أنه قال لو جعل الله نور جميع أبصار الإنس والجن والدواب والطير في عيني عبد ثم كشف حجابا واحدا من سبعين حجابا دون الشمس لما استطاع أن ينظر إليها ونور الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي ونور الكرسي جزء من سبعين جزءا من نور العرش ونور العرش جزء من سبعين جزءا من نور الستر فانظر ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه وقت النظر إلى وجه ربه الكريم عيانا ؟ رواه ابن أبي حاتم .


وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ

قال ابن جرير اختلف المفسرون في معنى قوله والنجم بعد إجماعهم على أن الشجر ما قام على ساق فروي عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال النجم ما انبسط على وجه الأرض يعني من النبات وكذا قال سعيد بن جبير والسدي وسفيان الثوري وقد اختاره ابن جرير رحمه الله تعالى وقال مجاهد النجم الذي في السماء وكذا قال الحسن وقتادة وهذا القول هو الأظهر والله أعلم لقوله تعالى " ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس " .

(تفسير ابن كثير)
*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 08-23-2009, 05:46 PM   رقم المشاركة : 7

 

.

*****

سورة البقرة
الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147)

ثبت تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وأخبرهم بأن ما جاء به الرسول هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك فقال الحق من ربك فلا تكونن من الممترين .

وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148)

قال العوفي عن ابن عباس " ولكل وجهة هو موليها " يعني بذلك أهل الأديان يقول لكل قبيلة قبلة يرضونها ووجهة الله حيث توجه المؤمنون وقال أبو العالية : لليهودي وجهة هو موليها وللنصراني وجهة هو موليها وهداكم أنتم أيتها الأمة إلى القبلة التي هي القبلة. وروي عن مجاهد وعطاء والضحاك والربيع بن أنس والسدي نحو هذا وقال مجاهد في الرواية الأخرى والحسن : لكن أمر كل قوم أن يصلوا إلى الكعبة وقرأ ابن عباس وأبو جعفر الباقر وابن عامر " ولكل وجهة هو مولاها " وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى" لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا " وقال هاهنا " أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير " أي هو قادر على جمعكم من الأرض وإن تفرقت أجسادكم وأبدانكم .

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)

هذا أمر ثالث من الله تعالى باستقبال المسجد الحرام من جميع أقطار الأرض وقد اختلفوا في حكمة هذا التكرار ثلاث مرات فقيل تأكيد لأنه أول ناسخ وقع في الإسلام على ما نص عليه ابن عباس وغيره وقيل بل هو منزل على أحوال فالأمر الأول لمن هو مشاهد الكعبة والثاني لمن هو في مكة غائبا عنها والثالث لمن هو في بقية البلدان هكذا وجهه فخر الدين الرازي وقال القرطبي الأول لمن هو بمكة والثاني لمن هو في بقية الأمصار والثالث لمن خرج في الأسفار ورجح هذا الجواب القرطبي وقيل إنما ذكر ذلك لتعلقه بما قبله أو بعده من السياق : فقال أولا " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها " إلى قوله " وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون " فذكر في هذا المقام إجابته إلى طلبته وأمره بالقبلة التي كان يود التوجه إليها ويرضاها .

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150)

قال في الأمر الثاني " ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون " فذكر أنه الحق من الله وارتقاءه المقام الأول حيث كان موافقا لرضا الرسول صلى الله عليه وسلم فبين أنه الحق أيضا من الله يحبه ويرتضيه وذكر في الأمر الثالث حكمة قطع حجة المخالف من اليهود الذين كانوا يتحججون باستقبال الرسول إلى قبلتهم وقد كانوا يعلمون بما في كتبهم أنه سيصرف إلى قبلة إبراهيم عليه السلام إلى الكعبة وكذلك مشركو العرب انقطعت حجتهم لما صرف الرسول صلى الله عليه وسلم عن قبلة إبراهيم التي هي أشرف وقد كانوا يعظمون الكعبة وأعجبهم استقبال الرسول إليها وقيل غير ذلك من الأجوبة عن حكمة التكرار وقد بسطها الرازي وغيره والله أعلم : وقوله " لئلا يكون للناس عليكم حجة " أي أهل الكتاب فإنهم يعلمون من صفة هذه الأمة التوجه إلى الكعبة فإذا فقدوا ذلك من صفتها ربما احتجوا بها على المسلمين ولئلا يحتجوا بموافقة المسلمين إياهم في التوجه إلى بيت المقدس وهذا أظهر قال أبو العالية " لئلا يكون للناس عليكم حجة " يعني به أهل الكتاب حين قالوا صرف محمد إلى الكعبة : وقالوا اشتاق الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه وكان حجتهم على النبي صلى الله عليه وسلم انصرافه إلى البيت الحرام أن قالوا سيرجع إلى ديننا كما رجع إلى قبلتنا قال ابن أبي حاتم وروى عن مجاهد وعطاء والضحاك والربيع بن أنس وقتادة والسدي نحو هذا وقال هؤلاء في قوله " إلا الذين ظلموا منهم " يعني مشركي قريش ووجه بعضهم حجة الظلمة وهي داحضة أن قالوا إن هذا الرجل يزعم أنه على دين إبراهيم فإن كان توجهه إلى بيت المقدس على ملة إبراهيم فلم رجع عنه والجواب أن الله تعالى اختار له التوجه إلى البيت المقدس أولا لما له تعالى في ذلك من الحكمة فأطاع ربه تعالى في ذلك ثم صرفه إلى قبلة إبراهيم وهي الكعبة فامتثل أمر الله في ذلك أيضا فهو صلوات الله وسلامه عليه مطيع لله في جميع أحواله لا يخرج عن أمر الله طرفة عين وأمته تبع له وقوله " فلا تخشوهم واخشوني" أي لا تخشوا شبه الظلمة المتعنتين وأفردوا الخشية لي فإنه تعالى هو أهل أن يخشى منه : وقوله " ولأتم نعمتي عليكم " عطف على لئلا يكون للناس عليكم حجة أي لأتم نعمتي عليكم فيما شرعت لكم من استقبال الكعبة لتكمل لكم الشريعة من جميع وجوهها " ولعلكم تهتدون " أي إلى ما ضلت عنه الأمم هديناكم إليه وخصصناكم به ولهذا كانت هذه الأمة أشرف الأمم وأفضلها.


(تفسير ابن كثير)
*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 08-24-2009, 06:45 PM   رقم المشاركة : 8

 

.

*****

(سورة مريم)


كهيعص

سورة مريم مكية إلا آيتي ( 58 ) و ( 71 ) فمدنيتان وآياتها 98 نزلت بعد فاطر ولما كانت وقعة بدر , وقتل الله فيها صناديد الكفار , قال كفار قريش : إن ثأركم بأرض الحبشة , فأهدوا إلى النجاشي , وابعثوا إليه رجلين من ذوي رأيكم لعله يعطيكم من عنده من قريش , فتقتلونهم بمن قتل منكم ببدر ; فبعث كفار قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة , فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعثهما , فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري , وكتب معه إلى النجاشي , فقدم على النجاشي , فقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين , وأرسل إلى الرهبان والقسيسين فجمعهم , ثم أمر جعفر أن يقرأ عليهم القرآن , فقرأ سورة مريم " كهيعص " وقاموا تفيض أعينهم من الدمع , فهم الذين أنزل الله تعالى فيهم " ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون " [ المائدة : 82 ] . وقرأ إلى قوله : " الشاهدين " . ذكره أبو داود . وفي السيرة ; فقال النجاشي : هل معك مما جاء به عن الله شيء ؟ قال جعفر : نعم ; فقال له النجاشي : اقرأه علي . قال : فقرأ " كهيعص " فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته , وبكت أساقفتهم حتى أخضلوا لحاهم حين سمعوا ما يتلى عليهم ; فقال النجاشي : هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة , انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكما أبدا ; وذكر تمام الخبر .

قوله تعالى : " كهيعص تقدم الكلام في أوائل السور . وقال ابن عباس في " كهيعص " : إن الكاف من كاف , والهاء من هاد , والياء من حكيم , والعين من عليم , والصاد من صادق , ذكره ابن عزيز القشيري عن ابن عباس ; معناه كاف لخلقه , هاد لعباده , يده فوق أيديهم , عالم بهم , صادق في وعده ; ذكره الثعلبي عن الكلبي /و السدي ومجاهد والضحاك . وقال الكلبي أيضا : الكاف من كريم وكبير وكاف , والهاء من هاد , والياء من رحيم , والعين من عليم وعظيم , والصاد من صادق ; والمعنى واحد . وعن ابن عباس أيضا : هو اسم من أسماء الله تعالى ; وعن علي رضي الله عنه هو اسم الله عز وجل وكان يقول : يا كهيعص اغفر لي ; ذكره الغزنوي . السدي : هو اسم الله الأعظم الذي سئل به أعطى , وإذا دعي به أجاب . وقتادة : هو اسم من أسماء القرآن ; ذكره عبد الرزاق . عن معمر عنه . وقيل : هو اسم للسورة ; وهو اختيار القشيري في أوائل الحروف ; وعلى هذا قيل : تمام الكلام عند قوله : " كهيعص " كأنه إعلام باسم السورة , كما تقول : كتاب كذا أو باب كذا ثم تشرع في المقصود . وقرأ ابن جعفر هذه الحروف متقطعة , ووصلها الباقون , وأمال أبو عمرو الهاء وفتح الياء , وابن عامر وحمزة بالعكس , وأمالهما جميعا الكسائي وأبو بكر وخلف . وقرأهما بين اللفظين أهل المدينة نافع وغيره . وفتحهما الباقون . وعن خارجة أن الحسن كان يضم كاف , وحكى غيره أنه كان يضم ها , وحكى إسماعيل بن إسحاق أنه كان يضم يا . قال أبو حاتم : ولا يجوز ضم الكاف والهاء والياء ; قال النحاس : قراءة أهل المدينة من أحسن ما في هذا , والإمالة جائزة في ها و يا . وأما قراءة الحسن فأشكلت على جماعة حتى قالوا : لا تجوز ; منهم أبو حاتم . والقول فيها ما بينه هارون القارئ ; قال : كان الحسن يشم الرفع ; فمعنى هذا أنه كان يومئ ; كما حكى سيبويه أن من العرب من يقول : الصلاة والزكاة يومئ إلى الواو , ولهذا كتبها في المصحف بالواو . وأظهر الدال من هجاء " ص " نافع وابن كثير وعاصم ويعقوب , وهو اختيار أبي عبيد ; وأدغمها الباقون .

ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا

" ذكر رحمة ربك " في رفع " ذكر " ثلاثة أقوال ; قال الفراء : هو مرفوع ب " كهيعص " ; قال الزجاج : هذا محال ; لأن " كهيعص " ليس هو مما أنبأنا الله عز وجل به عن زكريا , وقد خبر الله تعالى عنه وعن ما بشر به , وليس " كهيعص " من قصته . وقال الأخفش : التقدير ; فيما يقص عليكم ذكر رحمة ربك . والقول الثالث : أن المعنى هذا الذي يتلوه عليكم ذكر رحمة ربك . وقيل : " ذكر رحمة ربك " رفع بإضمار مبتدإ ; أي هذا ذكر رحمة ربك ; وقرأ الحسن " ذكر رحمة ربك " أي هذا المتلو من القرآن ذكر رحمة ربك . وقرئ " ذكر " على الأمر . " ورحمة " تكتب ويوقف عليها بالهاء , وكذلك كل ما كان مثلها , لا اختلاف فيها بين النحويين واعتلوا في ذلك أن هذه الهاء لتأنيث الأسماء فرقا بينها وبين الأفعال . " عبده " قال الأخفش : هو منصوب ب " رحمة " . " زكريا " بدل منه , كما تقول : هذا ذكر ضرب زيد عمرا ; فعمرا منصوب بالضرب , كما أن " عبده " منصوب بالرحمة . وقيل : هو على التقديم والتأخير ; معناه : ذكر ربك عبده زكريا برحمة ; ف " عبده " منصوب بالذكر ; ذكره الزجاج والفراء . وقرأ بعضهم " عبده زكريا " بالرفع ; وهي قراءة أبي العالية . وقرأ يحيى بن يعمر " ذكر " بالنصب على معنى هذا القرآن ذكر رحمة عبده زكريا . وتقدمت اللغات والقراءة في " زكريا " في " آل عمران " .

إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا

مثل قوله : " ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين " [ الأعراف : 55 ] وقد تقدم . والنداء الدعاء والرغبة ; أي ناجى ربه بذلك في محرابه . دليله قوله : " فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب " [ آل عمران : 39 ] فبين أنه استجاب له في صلاته , كما نادى في الصلاة . واختلف في إخفائه هذا النداء ; فقيل : أخفاه من قومه لئلا يلام على مسألة الولد عند كبر السن ; ولأنه أمر دنيوي , فإن أجيب فيه نال بغيته , وإن لم يجب لم يعرف بذلك أحد . وقيل : مخلصا فيه لم يطلع عليه إلا الله تعالى . وقيل : لما كانت الأعمال الخفية أفضل وأبعد من الرياء أخفاه . وقيل : " خفيا " سرا من قومه في جوف الليل ; والكل محتمل والأول أظهر ; والله أعلم . وقد تقدم أن المستحب من الدعاء الإخفاء في سورة " الأعراف " وهذه الآية نص في ذلك ; لأنه سبحانه أثنى بذلك على زكريا . وروى إسماعيل قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن أسامة بن زيد عن محمد بن عبد الرحمن وهو ابن أبي كبشة عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن خير الذكر الخفي وخير الرزق ما يكفي ) وهذا عام . قال يونس بن عبيد : كان الحسن يرى أن يدعو الإمام في القنوت ويؤمن من خلفه من غير رفع صوت , وتلا يونس " إذ نادى ربه نداء خفيا " . قال ابن العربي : وقد أسر مالك القنوت وجهر به الشافعي , والجهر به أفضل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو به جهرا .

قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي

"قال رب إني وهن " قرئ " وهن " بالحركات الثلاث أي ضعف . يقال : وهن يهن وهنا إذا ضعف فهو واهن . وقال أبو زيد يقال : وهن يهن ووهن يوهن . وإنما ذكر العظم لأنه عمود البدن , وبه قوامه , وهو أصل بنائه , فإذا وهن تداعى وتساقط سائر قوته ; ولأنه أشد ما فيه وأصلبه ; فإذا وهن كان ما وراءه أوهن منه . ووحده لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية , وقصده إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام , وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن , ولو جمع لكان قصد إلى معنى آخر , وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها .

وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا

أدغم السين في الشين أبو عمرو . وهذا من أحسن الاستعارة في كلام العرب . والاشتعال انتشار شعاع النار ; شبه به انتشار الشيب في الرأس ; يقول : شخت وضعفت ; وأضاف الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته وهو الرأس . ولم يضف الرأس اكتفاء بعلم المخاطب أنه رأس زكريا عليه السلام . " وشيبا " في نصبه وجهان : أحدهما : أنه مصدر لأن معنى اشتعل شاب ; وهذا قول الأخفش . وقال الزجاج : وهو منصوب على التمييز . النحاس : قول الأخفش أولى لأنه مشتق من فعل فالمصدر أولى به . والشيب مخالطة الشعر الأبيض الأسود . قال العلماء : يستحب للمرء أن يذكر في دعائه نعم الله تعالى عليه وما يليق بالخضوع ; لأن قوله تعالى : " وهن العظم مني " إظهار للخضوع .

وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا

إظهار لعادات تفضله في إجابته أدعيته ; أي لم أكن بدعائي إياك شقيا ; أي لم تكن تخيب دعائي إذا دعوتك ; أي إنك عودتني الإجابة فيما مضى . يقال : شقي بكذا أي تعب فيه ولم يحصل مقصوده . وعن بعضهم أن محتاجا سأله وقال : أنا الذي أحسنت إليه في وقت كذا ; فقال : مرحبا بمن توسل بنا إلينا ; وقضى حاجته .

وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا

فيه سبع مسائل :

الأولى : قوله تعالى : " وإني خفت الموالي " قرأ عثمان بن عفان ومحمد بن علي وعلي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما ويحيى بن يعمر " خفت " بفتح الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء وسكون الياء من " الموالي " لأنه في موضع رفع " بخفت " ومعناه انقطعت بالموت . وقرأ الباقون " خفت " بكسر الخاء وسكون الفاء وضم التاء ونصب الياء من " الموالي " لأنه في موضع نصب ب " خفت " و " الموالي " هنا الأقارب وبنو العم والعصبة الذين يلونه في النسب . والعرب تسمي بني العم الموالي . قال الشاعر : مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : خاف أن يرثوا ماله وأن ترثه الكلالة فأشفق أن يرثه غير الولد . وقالت طائفة : إنما كان مواليه مهملين للدين فخاف بموته أن يضيع الدين , فطلب وليا يقوم بالدين بعده ; حكى هذا القول الزجاج , وعليه فلم يسل من يرث ماله ; لأن الأنبياء لا تورث . وهذا هو الصحيح من القولين في تأويل الآية , وأنه عليه الصلاة والسلام أراد وراثة العلم والنبوة لا وراثة المال ; لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة ) وفي كتاب أبي داود : ( إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم ) . وسيأتي في هذا مزيد بيان عند قوله : " يرثني " .

الثانية : هذا الحديث يدخل في التفسير المسند ; لقوله تعالى : " وورث سليمان داود " وعبارة عن قول زكريا : " فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب " وتخصيص للعموم في ذلك , وأن سليمان لم يرث من داود مالا خلفه داود بعده ; وإنما ورث منه الحكمة والعلم , وكذلك ورث يحيى من آل يعقوب ; هكذا قال أهل العلم بتأويل القرآن ما عدا الروافض , وإلا ما روي عن الحسن أنه قال : " يرثني " مالا " ويرث من آل يعقوب " النبوة والحكمة ; وكل قول يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم فهو مدفوع مهجور ; قال أبو عمر . قال ابن عطية : والأكثر من المفسرين على أن زكريا إنما أراد وراثة المال ; ويحتمل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنا معشر الأنبياء لا نورث ) ألا يريد به العموم , بل على أنه غالب أمرهم ; فتأمله . والأظهر الأليق بزكريا عليه السلام أن يريد وراثة العلم والدين , فتكون الوراثة مستعارة . ألا ترى أنه لما طلب وليا ولم يخصص ولدا بلغه الله تعالى أمله على أكمل الوجوه . وقال أبو صالح وغيره : قوله " من آل يعقوب " يريد العلم والنبوة .

الثالثة : قوله تعالى : " من ورائي " قرأ ابن كثير بالمد والهمز وفتح الياء . وعنه أنه قرأ أيضا مقصورا مفتوح الياء مثل عصاي . الباقون بالهمز والمد وسكون الياء . والقراء على قراءة " خفت " مثل نمت إلا ما ذكرنا عن عثمان . وهي قراءة شاذة بعيدة جدا ; حتى زعم بعض العلماء أنها لا تجوز . قال كيف يقول : خفت الموالي من بعدي أي من بعد موتي وهو حي ؟ ! . النحاس : والتأويل لها ألا يعني بقوله : " من ورائي " أي من بعد موتي , ولكن من ورائي في ذلك الوقت ; وهذا أيضا بعيد يحتاج إلى دليل أنهم خفوا في ذلك الوقت وقلوا , وقد أخبر الله تعالى بما يدل على الكثرة حين قالوا " أيهم يكفل مريم " . ابن عطية : " من ورائي " من بعدي في الزمن , فهو الوراء على ما تقدم في " الكهف " .

الرابعة : قوله تعالى : " وكانت امرأتي عاقرا " امرأته هي إيشاع بنت فاقوذا بن قبيل , وهي أخت حنة بنت فاقوذا ; قاله الطبري . وحنة هي أم مريم حسب ما تقدم في " آل عمران " بيانه . وقال القتبي : امرأة زكريا هي إيشاع بنت عمران , فعلى هذا القول يكون يحيى ابن خالة عيسى عليهما السلام على الحقيقة . وعلى القول الآخر يكون ابن خالة أمه . وفي حديث الإسراء قال عليه الصلاة والسلام : ( فلقيت ابني الخالة يحيى وعيسى ) شاهدا للقول الأول . والله أعلم . والعاقر التي لا تلد لكبر سنها ; وقد مضى بيانه في " آل عمران " . والعاقر من النساء أيضا التي لا تلد من غير كبر . ومنه قوله تعالى : " ويجعل من يشاء عقيما " [ الشورى : 50 ] . وكذلك العاقر من الرجال ; ومنه قول عامر بن الطفيل : لبئس الفتى إن كنت أعور عاقرا جبانا فما عذري لدى كل محضر

الخامسة : قوله تعالى : " فهب لي من لدنك وليا " سؤال ودعاء . ولم يصرح بولد لما علم من حاله وبعده عنه بسبب المرأة . قال قتادة : جرى له هذا الأمر وهو ابن بضع وسبعين سنة . مقاتل : خمس وتسعين سنة ; وهو أشبه ; فقد كان غلب على ظنه أنه لا يولد له لكبره ; ولذلك قال : " وقد بلغت من الكبر عتيا " . وقالت طائفة : بل طلب الولد , ثم طلب أن تكون الإجابة في أن يعيش حتى يرثه , تحفظا من أن تقع الإجابة في الولد ولكن يخترم , ولا يتحصل منه الغرض .

السادسة . قال العلماء : دعاء زكريا عليه السلام في الولد إنما كان لإظهار دينه , وإحياء نبوته , ومضاعفة لأجره لا للدنيا , وكان ربه قد عوده الإجابة , ولذلك قال : " ولم أكن بدعائك رب شقيا " , أي بدعائي إياك . وهذه وسيلة حسنة ; أن يتشفع إليه بنعمه , يستدر فضله بفضله ; يروى أن حاتم الجود لقيه رجل فسأله ; فقال له حاتم : من أنت ؟ قال : أنا الذي أحسنت إليه عام أول ; فقال : مرحبا بمن تشفع إلينا بنا . فإن قيل كيف أقدم زكريا على مسألة ما يخرق العادة دون إذن ؟ فالجواب أن ذلك جائز في زمان الأنبياء وفي القرآن ما يكشف عن هذا المعنى ; فإنه تعالى قال : " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " [ آل عمران : 37 ] فلما رأى خارق العادة استحكم طمعه في إجابة دعوته ; فقال تعالى : " هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة " [ آل عمران : 38 ] الآية .

السابعة : إن قال قائل : هذه الآية تدل على جواز الدعاء بالولد , والله سبحانه وتعالى قد حذرنا من آفات الأموال والأولاد , ونبه على المفاسد الناشئة من ذلك ; فقال : " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " [ التغابن : 15 ] . وقال : " إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " [ التغابن : 14 ] . فالجواب أن الدعاء بالولد معلوم من الكتاب والسنة حسب ما تقدم في " آل عمران " بيانه . ثم إن زكريا عليه السلام تحرز فقال : ( ذرية طيبة ) وقال : " واجعله رب رضيا " . والولد إذا كان بهذه الصفة نفع أبويه في الدنيا والآخرة , وخرج من حد العداوة والفتنة إلى حد المسرة والنعمة . وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأنس خادمه فقال : ( اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته ) فدعا له بالبركة تحرزا مما يؤدي إليه الإكثار من الهلكة . وهكذا فليتضرع العبد إلى مولاه في هداية ولده , ونجاته في أولاه وأخراه اقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام والفضلاء ; وقد تقدم في " آل عمران " بيانه .


(تفسير القرطبي)

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 08-24-2009, 11:29 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 20
إبن القرية is on a distinguished road


 






سورة البقــرة .. آية ( 219 )

"يسألونك عن الخمر والميسر" القمار وما في حكمهما "قل" لهم "فيهما"

أي في تعاطيهما "إثم كبير" عظيم وفي قراءة بالمثلثة لما يحصل بسببهما

من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش "ومنافع للناس" باللذة والفرح في

الخمر وإصابة المال بلا كد في الميسر "وإثمهما" أي ما ينشأ عنهما من

المفاسد "أكبر" أعظم "من نفعهما" ولما نزلت شربها قوم وامتنع عنها آخرون

إلا أن حرمتها آية المائدة "ويسألونك ماذا ينفقون" أي ما قدره "قل" أنفقوا

"العفو" أي الفاضل عن الحاجة ولا تنفقوا ما تحتاجون إليه وتضيعوا أنفسكم

وفي قراءة بالرفع بتقدير هو "كذلك" أي كما بين لكم ما ذكر "يبين الله لكم

الآيات لعلكم تتفكرون"

والله أعلم

تفسير الجلاليــن



 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 08-26-2009, 12:47 AM   رقم المشاركة : 10

 






قال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن المنذر بن جرير

عن أبيه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار

قال فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف

عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم

لما رأى بهم من الفاقة قال فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن

وأقام الصلاة فصلى ثم خطب فقال

" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة "

إلى آخر الآية وقرأ الآية التي في الحشر

" ولتنظر نفس ما قدمت لغد "

تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره - حتى قال ولو بشق تمرة"

قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت

ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب

حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه كأنه مذهبة

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده

من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة

كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء
"

انفرد بإخراجه مسلم من حديث شعبه بإسناده مثله .

فقوله تعالى" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله "

أمر بتقواه وهو يشمل فعل ما به أمر وترك ما عنه زجر .

وقوله تعالى " ولتنظر نفس ما قدمت لغد "

أي حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا

وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم

وعرضكم على ربكم " واتقوا الله " تأكيد ثان

" إن الله خبير بما تعملون "

أي اعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم لا تخفى عليه منكم خافية

ولا يغيب عنه من أموركم جليل ولا حقير .




تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:38 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir