من هون وهون

---- 24 ---

نص إبداعي للشاعر/ مريد البرغوثي


ســـلة الفواكــه



تعال وانظر:
عُريها، بصمتٍ، يرجف تحت كرباج الرياح
لا الطير يجرؤ ولا النحل على زيارتها
في جبهة حربها الصامتة
هي الآن مشغولة بالحرب وحدها
تحاول أن تسترد أوصافها

يقول غصن ذكي لآخر:
تمهّل.
«ليس هذا وقت الثمر أيها الأرعن»
يطيع الغصن صاحبه طاعة كاملة،
كاملة، كالفراغ.
الأشجار تبدو قرى مقصوفة هجرها سكانها
أخذوا معهم ألوانها ونسيمها وظلالها
وتركوا حولها صعوبات مدوية:

لا أحد يشاركها الأنين تحت لطمات الرعد
وجلسات كهرباء البرق.

تعال وانظر
لأن كثيرين لا ينظرون إلى حقل يكسوه اللاشيء
لأن العظيم لا يفسّر غموضه
لأنها مثلنا تحارب تحالفاً من ثلوج الشمال

ولأن الاحتمالات مفتوحة
تعال الآن، تعال وانظر!

علِّم قلبك كيف يثق بصمتها
صمتها الذي يشبهنا.
تعال وانظر!
الأشجار التي بدت لك، مثلنا، موتى
كانت تحارب طوال الوقت


وفي يوم معلوم، في الموعد الذي لا موعد سواه
ولأنه لا شيء يخجل من أوانه،
يقول غصن لآخر: الآن. الآن أيها الرفاق،
الآن أيتها الأغصان التي صبرت
الآن أيتها الأغصان التي تحمّلت
الآن
لنعلن، معاً، ربيعنا
ــ ــ ــ
مملكة الأوراق
تفتح أبوابها للطير والنحل
ونحن البشر نهيّئ السلال.

وفي يوم معلوم
وبعد تأكدها من حسم الجولة
يفتح عامل المسرح الستار:
سلة الفواكه التي تتوسط المشهد المنزليّ
تتوهّج

كالنصر.