يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 06-23-2008, 06:38 PM   رقم المشاركة : 1
{}{ فن مخاطبة السفيه }{}


 

( بسم الله الرحمن الرحيم )
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..



في البدء : من هو السفيه ؟!
(سفه) السين والفاء والهاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على خفّة وسخافة ..


من الخطأ الشائع أن يلتزم أصحاب العقول والمروءات أدب الخلاف وطيب الألفاظ مع السفيه ، فهذا يحمله على التمادي في سفهه ..
والنزول إلى مستواه قد لا يغيّر أيضاً من سفاهته وحماقته شيئاً ، بل قد يذبذب مكانتهم فيؤذيهم سفيهٌ من السفهاء لا يزن في ميزان الرجال جناح بعوضة ..



والسؤال : كيف نتعامل مع السفيه ؟
يقول أحد الحكماء لا يخرجن أحد من داره إلا و قد أخذ في حجره قيراطين من جهل ، حتى يردّ السفيه عن سفهه والجاهل عن جهله ..
معنى الكلام أن السفيه يفهم لغة واحدة فقط ، هي لغة السفه ..


يقول عمرو بن كلثوم :
ألا لا يجهلن أحد علينا** فنجهل فوق جهل الجاهلينا


والصواب : تلافيه وتركه وشأنه ، فلا يُخاطب إلا إذا استلزم الأمر ..

يخاطبني السفيه بكل قبح ** فأكره أن أكـون له مجيبا

يزيد ســـــفاهة فأزيد حلما ** كعود زاده الإحراق طيبا

وقيل : " لا تناقش الأحمق حتى لا يخطئ الناس في التفريق بينكما "


ولقد ضرب القرآن الكريم أروع الأمثلة في مخاطبة السفهاء ، نرى أهل الكتاب عابوا على المسلمين تحويل قبلتهم من بيت المقدس إلى البيت الحرام ..
فجاء الرد من الله سبحانه : {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا}البقرة142 ..
ابتدأ الله سبحانه مخاطبتهم بالسفهاء هذا قبل أي شيء ، ثم نرى أنه سبحانه لم يشرع لهم في تبيين أسباب هذا التحويل ، بل اكتفى بقوله جلّ شأنه : { قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }البقرة142 ، أي لم يزد على أنه بين واسع ملكه و عظيم ملكوته وأنّ الهداية بيده وحده يعطيها لمن يشاء ، وهذا هو القدر الذي يجب أن يخاطب به السفيه ..


يقول الإمام الشافعي رحمه الله : " من منح الجهال علماً أضاعه " ، وهؤلاء هم اليهود يصفون الله في البخل فيرد الله عليهم افتراءهم بقوله سبحانه : { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ }المائدة64 ، رد قوي ولعن صريح ..

المشركون يناقشون قضية تحريم الربا { قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا }البقرة275
وفي هذا اعتراض منهم على الشرع ، مع علمهم بتفريق الله بين الربا والبيع ، و ما كان الله ليحرم الربا لو أنه مثل البيع على حد زعمهم ..

الله سبحانه يردّ عليهم بقوله : { وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا }البقرة275 ، ونلاحظ اكتفاءه جلّ في علاه بأن قال لهم أنني أحللت البيع و حرمت الربا ، ولو شاء لبين الحكمة من هذا التحريم وليس ذلك عليه بعزيز فهو العليم الحكيم صاحب الحجّة التي لا تدحض و الحقيقة التي لا ترد ..

قال نصراني لأحد الصحابة بعد هزيمة أحد : أنبيٌّ و يهزم ؟!
فرد عليه الصحابي : أنبيٌّ و يصلب ؟! يعني سيدنا عيسى عليه السلام ، مع أن هذا الصحابي أعلم الناس بعيسى و أدرى بحقيقة رفعه إلى السماء و أنه لم يصلب و لم يقتل بل شبه لهم ، و لكن جاء رده من باب الإسكات و الإلقام ، حيث أنه عرف أن هذا النصراني جاء متشمّتاً ولم يأتِ طالباً للحقّ ..

سأل رجل أحد العلماء في مسألة الاستواء على العرش قائلاً :
الرحمن على العرش استوى ، كيف استوى ؟! فرد عليه العالم : الاستواء معلوم والكيف مجهول ومن عاد فسأل قطعنا رأسه ، هذا العالم عرف أن الرجل الذي أمامه من عامة الناس ، فحتى يقطع عليه الشكوك و الظنون و مداخل الشيطان زجره بأن قال له و من عاد فسأل قطعنا رأسه ، ولو أنه رآه من الخاصة أو من طلا ب العلم لخاض معه في قضية الأسماء والصفات والتي تعدّ من القضايا الحساسة في باب التوحيد ، و لكن التزم معه الحكمة ..
فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول : " حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله " .

فواجباً على المؤمن قبل أن يدخل في أي نقاش أن يحدد الأبعاد الفكرية للشخص الذي أمامه ، ويمتحن عقله و منطقه فإن رآه ممن يستحق حواره بذل معه كل الأسباب التي تؤدي إلى إقناعه وإعادته إلى واحات الحق ..
أما إن كان من الجهال أو السفهاء فالحمق كل الحمق بعرض العلم عليه ، لأن العلم أغلى ما يملك الإنسان و آخر ما يجب أن يُهان ، يقول الإمام الشافعي :
أأنثر درا بين سارحة البهم ** أو أنظم منثورا لراعية الغنم ؟
لعمري لئن ضُيعت في شر بلدة ** فلست مُضيعا فيها غرر الكلم


حتى النحويون كانوا يتجنبون النحو عند العامة ، يقول أحد كبار مشايخهم لأصحابه : إياكم والنحو بين العامة فإنه كاللحن بين الخاصة ..


- مـــــنقول بتصرّف -

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:06 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir