يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحات الموروث والشعر والأدب > ساحة الموروث وشعر المنطقة الجنوبية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-29-2010, 05:58 PM   رقم المشاركة : 1
ملحمة غامد الهيلا للشاعر الكبير مسفر الصفا / ودراسة نقدية للدكتور محمد بن سعد الغامدي


 


الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله اما بعد::

•فان شُعراء المَبنَى مُجِيدي الوزن والقافية مُتَّخِذِي الشعر مقصوداً وغاية هم كثير, ولذلك يأتي كثيرٌ من شِعْرهم فارغاً أو شِبْهِه, لأنهم يُطَوِّعُون المعنى للمبنى لا العكس, خاصةً إذا طال عليهم الطريق أو ضاق, كما لو (شاب المقراع) أو كان موضوع القصيدة ضيقاً أصلاً أو كانت بضاعة أحدهم قليلة أو نحو ذلك, ولهذا فقد تجد قصيدة أحدهم محتوية على معانٍ لم يكن يقصد منها قبل إنشائه للقصيدة إلا معْنَى بيتٍ أو بيتين, وأما المعاني الباقية فتجده التقطها مما وجده على طَرِيقِهِ وهو يسير, مما جاء على لسانه ! وهم لم يتشاعروا إلا لِيَبْرُزوا, ظناً منهم أن المكانة والقدر يكونان في الشِّعر, وما علموا أنَّ كون الإنسان شاعر لا يرفعه ولا يخفضه, وأن صفة الشِّعر لوحدها ليست محلاً للمدح ولا للذم, وأنَّ الشِّعْر هو كلام عادي حسنه حسن وقبيحه قبيح, بل قد تكون هذه الصفة سبب انحطاطه لو احتوى شعره على ما لا يليق, وإنما يرفع قدره ويعلي مكانته ما يُقال في الشِّعر من المعاني الصالحة وما يَتَضَمَّنه من الفوائد, ولكن شعراء المعنى - إضافةً إلى حبكهم للمبنى - هم قليل, الذين لا يعدو الشعر عندهم كونه وسيلةً لما يريدون التعبير عنه من المعاني حتى يكون لها وَقْعُها وتأثيرها ولهذا تأتي أشعارهم ملئة وثقيلة, فالشعر عندهم كالماعون للعسل أو اللبن المُرَاد إيصاله للناس, فالغاية هي ما في الوعاء وهو العسل وأما الوعاء فلا يعدو كونه وسيلة, والمقصود بالمعنى الموصوف به القسم الثاني من الشعراء هو المعنى الراقي كإِيراد الحِكَمِ, والأمثال الجميلة, والدعوة إلى الفضائل, والتنفير من الرذائل, وذِكْر العِبَر, مع الجزالة, والانتقاء, وصِحة الدليل, وحُسْن التعليل, وغيرها, ومع اتصافهم بالصدق, والأدب, والتواضع, والكلام عن علم, وحساب العواقب, ونحو ذلك, ولا يَطْرقون غير المواضيع الحسَنة .. وشاعرنا في هذه القصيدة قد جمع كثيراً من هذه الصفات الحميدة, فَصَحَّ لسانه ولا فَضّ الله فاه.

• موضوع هذه القصيدة - وهو الدفاع عن القبيلة وبيان مفاخرها - من أخطر المواضيع التي يتطرق إليها الناس, خاصةً الشعراء, وذلك لِحَسَاسِيَّتِه وكثرة مَزَلَّات الأقْدام فيه, وذلك لِمَا قد يحصل فيه من التعارض مع الرابطة الدينية والأُخُوَّة الإسلامية كما هو الحال - على سبيل المثال - في الحركة القومية, ولِمَا قد يسببه من إثارة الفتن والعَداوات والنَّعَرات كما هو الحال في العصبية القبلية, ولا تكاد تجد مَن طَرَقَ هذا الموضوع من الشعراء قديما وحديثاً إلا وقد وَقَعَ في شيء من تلك المحاذير, لكنَّ هذا الشاعر الموفق باذن الله - فيما ظَهَرَ لي - كان حاذقاً ومتنبهاً أثناء خَوْضِه غِمار هذه اللُّجَّة . وبما أن الكلام في هذه القصيدة جادٌّ ويتناول مواضيعاً اجتماعية بالغة الأهمية فلا بأس أنْ بسطتُ الكلام قليلاً في بيان ما قدَّمتُ من الخطورة ومَزَلات الأقْدَام, فأما القومية العربية فلن أتعرض لها لبعدها عنَّا ولأن المسلم لا يقع فيها ورغبةً في عدم الإطالة, وأما العصبية القبلية فأقول : كان بالناس في الجاهلية قبل أن ينقذهم الله بالإسلام من الشقاء والضلال والظلم والهضم ما لا يعلم حَدَّه إلا الله, ومن ذلك ما كان يحصل بينهم من كثرة التقاتل والتغالب خاصة على مستوى القبائل في الجزيرة العربية, وفي كثير من الأحيان كانت تحصل بينهم الحروب بسبب أمور تافهة لا تساوي شيئاً مما ينتج عن تلك الحروب من إراقة الدماء, واستباحة الأعراض والديار, ونَهْب الأموال وفقدان الأمن .. وكان السبب الرئيس لتلك المآسي هو التعصب للقبيلة والحمية الجاهلية والمجاراة العمياء لهم في حال الصواب أو الخطأ كما قال شاعرهم أخو هوازن :
وهل أنا إلا من غزيَّة إن غوت *** غويت وإن ترشد غزيَّة أرشد .
ومن مظاهر العصبية: "الحَمِيَّة الجاهلية", وهي الأَنَفَة والغَيْرة والغضب لعادات القبيلة وأعرافها, وهي من خلق أهل الجاهلية. ومن مظاهرها أيضاً "النعرة"، وهي الصياح ومناداة القوم بشعارهم طلبًا للغوث والاستعانة، أو لإهاجتهم في الحرب. ولَمَّا كان العرب أصحاب حِس مرهف، وعاطفة ذات حساسية شديدة؛ فقد لعبت النعرات فيهم دورًا خطيرًا في إثارة الفتن بينهم، وكانت سببًا لحدوث حوادث مؤسفة في العرب وخاصة عند القبائل . وتلزم العصبية وإجابة الصارخ بالعصبية جميع أبناء القبيلة، وليس لأحدهم أن يسأل عن السبب، ولا أن يعتذر عن تلبية النداء، وإنما عليه أن يعمل بقول شاعرهم ( قريط بن أنيف ) : قومٌ إذا الشرُّ أبدى ناجذيه لهم *** طاروا إليه زُرافاتٍ ووِحْدانا , لا يسألون أخاهم حين يندبهم *** في النائبات على ما قال برهانا . فالواحد منهم يهبُّ إذا سمع نداء العصبية, حاملًا ما لديه من سلاح لينصر أخاه، لا يسأله: لِمَ ؟ فليس من العصبية والأخوة القبلية أن يسأل أحدهم صاحبه، بل عليه تلبية ندائه وتقديم العون له، معتديًا كان أو معتدًى عليه . نَشَبَتْ الحربُ بين قبيلة عبس وقبيلة ذُبيان بسبب أن سبقت واحدة من خيل إحدى القبيلتين الأخرى, داحس لرجل من عبس سبقت الغبراء لرجل من ذبيان, ودامت الحرب بينهم أربعين سنة حتى كاد يفني بعضهم بعضاً, يا للعَجَب !! وكذلك حرب الوقيط بين بني تميم وبكر بن وائل, وحرب شويحط وكانت بين اليمن ومضر في الجاهلية والحروب التي كانت بين بكر وتغلب ومنها يوم عنيزة ويوم واردات ويوم الحنو ويوم القصيبات وقضة وتحلاق اللمم, وغيرها, وما وقع بين القحطانيين والعدنانيين من أيام كثيرة، منها يوم طخفة والسلان وخزاز وحجر وخيف الريح والكلاب الثاني, وما وقع بين القحطانيين من أيام شهيرة منها ما وقع بين الأوس والخزرج مثل بُعاث والسرارة وفارع والبقيع, وما وقع بين العدنانيين فيما بينهم وأشهرها أيام البسوس ... إلى غير ذلك , وبقوا كذلك بينهم من العداوات والأحقاد والثأر الشيء الكثير حتى جاءهم الإسلام فألف بين قلوبهم وجعلهم إخواناً مُتحابين فلله الحمد والمِنَّة, فهل يريد من يُثِيْر العصبيات والنَّعَرات القبلية في الأشعار وغيرها من خلال هذه القنوات الفضائية والمواقع والمنتديات والمهرجانات أن يَرُدُّونا إلى تلك الجاهلية الجهلاء !؟ قَتْلٌ وسَلْبٌ ونَهْبٌ لا عِوَضَ له ولا رِبْح فيه, إذْ لا شيء منها في سبيل الله .. بعد أمْنِ الإسلام وإِخائه !؟ في حين أن دول الكفر في أنحاء العالم تتربص بنا الدوائر!؟ . وههنا نختصر بذكر بعض ما وَرَدَ فيها مِن نصوص الشرع إذ هي الحجة وعليها التعويل, فمِن ذلك ما أخْرَجَهُ أبو داوُد عنْ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : « لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ ، وَليْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ» وَرُوِيَ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْعَصَبِيَّةُ ؟ قَالَ : « أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ » . وقال صلى الله عليه وسلم : « مَنْ دعَا بدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّم » فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ ؟ قَالَ: « وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ والْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ» رواه أحمد والطيالسي والترمذي وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا تَعَزَّى عِنْدَ أبي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ افْتَخَرَ بِأَبِيهِ فَأَعَضَّهُ بِأَبِيهِ وَلَمْ يُكَنِّهِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ أَمَا إِنِّي قَدْ أَرَى الَّذِي فِي أَنْفُسِكُمْ إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ إِلَّا ذَلِكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيْهِ وَلَا تَكْنُوا » أخرجه أحمد وصححه الألباني من أحاديث مشكاة المصابيح . ومعنى التَّعَزِّي : الانْتِمَاء والانْتِسَاب إلى القوم, والعَزَاء والعِزْوَةُ : اسمٌ لدَعْوى المُسْتَغيث, وهو أن يقول : يا لَفُلان ونحوه . وقوله: « فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا » . أي قولوا له اعضَضْ بأير أبيك أي بِذَكَرِه, وصَرِّحُوا بلفظ الذكر ولا تَكنوا كناية, فالهَنُ والهَنُّ بالتَّخفيف والتشديد : كناية عن الشيء لا تريد أن تذكره باسْمِه, وقد استعمل هنا كناية عن الذَّكَر ( عُضْو الرَّجُل ) , وأمُره عليه الصلاة والسلام بذلك فيه أبلغ ذم وتنفير وزجْر عن التداعي بدعوى الجاهلية والتعزي بعزائها, وما ذلك إلا لخطورتها وما تفضي إليه من الفساد . وعن جابر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار فقال الأنصاري يالَلأنصار وقال المهاجري يالَلمهاجرين, فسمع بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما بال دعوى الجاهلية؟» : قالوا: يا رسول الله رجل من المهاجرين كسع رجلاً من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعوها فإِنها منتنة» وفي رواية: «دعوها فإنها خبيثة». رواهما البخاري . وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( إنا قومٌ أكرمنا الله بالإسلام ،فمن يلتمس العزَّ في غير الإسلام يذله الله) . والاتكال على مجرد الانتساب في الحقيقة أنه لا يُغني الإنسان شيئاً في الدنيا ولا في الآخرة, بل الأمر كما قيل: كن ابن من شئت واكتسب أدباً يغنيك محموده عن النسب, وقوله: إن الفتى من يقول هأناذا ** ليس الفتى من قال كان أبي, وكذلك قوله: لعمرك ما الإنسان إلا ابن سعيه ** فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب , فقد رفع الإسلام سلمان فارس ** وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب . لكنْ مع ما مضى كُلّه فإن مُجَرَّد الإنتساب إلى القبائل ليس من العصبية إذ لا يعني ذلك أن الإسلام يرفض الانتماء إلى بلد معين أو أسرة معينة أو قبيلة أو عشيرة من باب التعريف والتمييز، لا من باب الفخر والتعالي . وكذلك ليس الاهتمام بشؤون القبيلة وإسداء الخير لهم وحُبَّهم وتشجيعهم على فِعْل الخِصال الحميدة كما فَعَل شاعرنا مسفر في هذه القصيدة ليس ذلك من العصبية القبلية الممقوتة, حيث روى البخاري في الأدب المفرد وابن ماجه عن بنت واثلة بن الأسقع أنها سمعتْ أباها رضي الله عنه يقول سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أَمِن العصبية أن يحب الرجلُ قومَه؟ قال: « لا، ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم» . وختاماً لهذه المسألة؛ لو نظرنا لمسوغات وجود العصبية والأعراف القبلية في الجاهلية نَجِدْ أنها قد نشأت بسبب انعدم وجود دين أو قانون يكون التحاكم إليه وعدم وجود هيئات حاكمة قوية تقوم بتطبيقه فنشأت العصبية والأعراف القبلية للحدَّ من انفلات المجرمين وتقليل الفوضى مع أن العصبية في بعض الأحيان كانت تُسَبب ما هو أشد ضرراً كما مضى من إيراد بعض الأمثلة ككثرة التقاتل بين القبائل, ولكن إذا نظرنا لمسوغات وجود العصبية والأعراف القبلية بعد الإسلام فإننا نجد عجباً إذ لا شيء من تلك المسوغات التي كانت في الجاهلية موجود, فهذا هو الدين قد مَنَّ الله به علينا فيه من الأحكام والنظام ما أذهل علماء القانون في العالَم وهذه هي الدول والحكومات تتتابع منذ مجيء الإسلام إلى يومنا هذا خاصة الحكومة السعودية التي عُرفت بالقوة والصلاح ! فلماذا هذه العصبية والقوانين القبلية !؟

امتازت هذه الملحمة عن غيرها - إضافة إلى ما ذُكر - بأن قائلها لم ينشئها ابتداءً وتهجُّماً وتطاولاً وتفاخراً كما يفعل البعض, وإنما هي بمثابة الدفاع عن النفس لدحض الزيف, ورفع الظلم, حيث اقتضاها الموقف الذي ذكره الشاعر, وهنا تتقبلها النفوس وتصغي لها الآذان أكثر من غيرها وإن كان فيها نوعاً من الفَخْر, وقد استثنى الله عزَّ وجل من الشعراء الغاوين فقال: « إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ » آية (227) سورة الشعراء.

• البدء والانتهاء بِذِكر الله كثيرا والثناء عليه بما هو أهله, وكذلك ذِكْر مصير العباد بإسهاب وذِكْر بعض مواقف القيامة في مطلع القصيدة وما ينتظرهم من أهوال الآخرة يدلان على وَفْرَة حَضّ الشاعر من الإيمان وعلى عدم غفلته, نحسبه كذلك.

ترابط أجزاء القصيدة ووحدة موضوعها مع كونها طويلة, يدلان على غزر شاعرية صاحبها, وعلى صدورها عن مشاعر صادقة وهدف حقيقي.

يُلاحَظ أنَّ الشاعر في هذه القصيدة لم يُشِر إلى نَفْسه وقُدُراته الشِّعرية, مع طول قصيدته وأهمية موضوعها, وما ذلك إلا مِن الأَنَفَةِ وكرامة النفس, في حين أنك ترى عكس ذلك من بعض الشعراء إذْ لو لم تكن قصيدة أحدهم غير بيتين لوجَدْتَ أنَّ أحدهما في مدح نفسه وتوصيف قدراته الشعرية وحُكْمه لِنَفْسِه بالصواب ونحو ذلك مما تَنْفُر منه الطِّباع السَّلِيمة, وهذا داخل في عموم النهي عن تزكية النفس كما في قوله تعالى: « فلا تزكوا أنفسكم » الآية. (32) سورة النجم.

إنزال الناس منازلهم وعدم بخسهم حقهم - ولو كان وقْتَ إِساءة فَهْم أو حصول خطأ منهم - سجية أهل العدل والوفاء, كما فَعَلَ الشاعر هنا, خاصة مع كثرة أخطاء الشعراء في الشعر الارتجالي الوقتي السريع كما هو الحال في المحاورة والعرضة ونحوها.

• ذِكْر الشاعر لمحاسن الناس والإعراض عن معايبهم ولو صَدَرَ من بعضهم شيء من الإساءة يدلان بوضوح على رجاحة عقله وبعد نظره وطيب معدنه وأنه معتبراً للرابطة الدينية نابذاً للعصبية القبلية.

• قيام الشاعر بالتِماس العذر للمخطئ وتذكيره به, وعدم قطع طريق الرجعة عليه اسلوب راقٍ, يفعله الحكماء من الناس.

• التفريق بين الأخيار وكذلك المعروفين بعدم الزلل ومَن هم عكس ذلك في التغاضي عن الخطأ والتجاوز عن الزلل هو فعلٌ من أفعال الأوفياء وأصحاب الفطرة السليمة, كما فَعَلَه شاعرنا مُحسناً للظَّن مع الشاعر الآخر, وقد جاء الشرع به كما في قوله صلى الله عليه وسلم : « أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم » وفي لفظ « زلاتهم » ومن ذوي الهيئات الذين لا يُعرفون بالشر, لا كما يفعله بعض المنكوسين الذين يعكسون الأمر ثم يقولون ( غلطة الشاطر بعشر ) !

طلبُ الشاعر للنِّـزال, وبروزه في ساحة المعركة الأدبية فيه دلالة واضحة على تمكُّن الشاعر وثقته بنفسه وبقبيلته, وحِيْنَها تَجَلَّت فروسية شاعر الملحمة واتَّضَحَتْ أثناء جَوَلانِهِ وَصَوَلانِه وكَرِّهِ وفَرِّهِ الأدبيان, وذلك من خلال تسلسل أفكاره وابتعاده عن التعابير غير اللائقة, ومن خلال تَفَنُّنِهِ في استعمال آلة النِّزَال الأدبي, المتمثل في اللجوء إلى المنطق وسرد الدليل التاريخي المُلجِم وغير ذلك مما سيأتي الكلام عن بعضه في النقاط المستقلة التالية, وبهذا استطاع الشاعر بكل جدارة توضيح ما أراده من المعاني بألفاظ دالةٍ وجزلة أوصلته إلى هدفه من غير حياد عنه.

التلميح والكناية والإشارة الخفية لبعض المعاني مما لا يَحْسُن أدباً التعبير عنها بشكل صريح والتي يرى الشاعر نفسه مضطراً أحياناً لذكرها هو اسلوبٌ أدبيّ راقٍ , لا كما يفعله بعض الشعراء من الكلام الفاحش أو التعْيـِير الواضح الجارح المفهوم لكل أحد والذي لا يفعله إلا الجهلاء والسفهاء من الناس
.


.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 05-29-2010, 06:03 PM   رقم المشاركة : 2

 

الاقتصاد في الفخر وانتقاء المفاخر الحقيقية في نظر الإسلام يدلان على انتباه الشاعر لمحاذير التفاخر, فمما يَتَشَرَّف المسلم بِذِكْرِه الوفَادَة على الرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان به ومصاحبته والجهاد معه ومع الصحابة وأن من الأجداد المُحَدِّثين والفقهاء .. وهنا نقول إن ذلك لهو الشرف كل الشرف, والمجد التليد كل المجد, وبهذا الاقتصاد والانتقاء يُرجَى أن يخرج موضوع القصيدة عن العصبية القبلية, وعن مشابهة أفعال الجاهلية, فضلاً عن تذكيره بوحدة أصل الناس واشتراك الجميع في الشرف, وتصريحه بالأخوة الإسلامية, وكذلك عدم طعنه في القبائل الأخرى وغير ذلك مما وُفِّق له الشاعر . وأما بعض الشعراء الآخرين ومنهم غير شعراء فإن مُؤاخذتهم صريحة في الوقوع في تلك المحاذير, وهنا لا بد من وقفة ولو قليلة مع هذه المسألة وذلك لخطورتها وأهميتها في تماسك المجتمع فأقول : التفاخر صفة ذميمة, وهو ثمرة الكِبر وقرينه, قال تعالى: « إن الله لا يحب كل مختال فخور » وَإِنَّمَا نهى عن التَّفَاخُرِ لِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ من إيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَالتَّنَافُرِ وَالتَّحَاقُدِ , وأشهر أنواع الفَخْر هو ما يكون بالنَّسَب وهو مُحَرَّم شرعاً، وهو من خصال الجاهلية المذمومة، وهو نَزْعَة دفينة في النفس لا تكاد تنفك عن صاحب نَسَب وإن كان صالحاً وعاقلا إلا أنه قد لا يظهر منه ذلك عند اعتدال حاله ولكن حال الغضب ونحوه كما روي عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال : « قاولتُ رجلاً عند النبي صلى الله عليه وسلم فقلتُ له يا ابن السوداء » فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « يا أبا ذر طَفّ الصَّاع طَفّ الصَّاع ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل » أخرجه ابن المبارك, ولأحمد من حديثه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : «اُنْظُرْ فَإِنِّكَ لَسْت بِخَيْرٍ مِنْ أَحْمَرَ وَلا أَسْوَدَ إلا أَنْ تَفْضُلَهُ بِتَقْوَى » فقال أبو ذر رضي الله عنه : « فاضطجعت وقلت للرجل قم فطأ على خدي » . وقوله: « طَفّ الصَّاع » الطَفّ هو أن يقرب الإناء من الامتلاء من غير أن يمتلئ, ومنه التطفيفُ في الكيل أي نقصانه, فالتَّطْفِيفُ ضِدُّ التَّوْفِيَةِ, ومعناه كُلُّكُم في الانْتِسابِ إِلى أَبٍ واحدٍ بمَنْزِلَةٍ واحدةٍ في النَّقْصِ والتَّقاصُرِ عنْ غايَةِ التَّمامِ وشَبَّهَهُمْ في نُقْصانِهم بالكَيْلِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَمْلأَ المِكْيالَ, وفي حديث آخر عند أحمد «طَفُّ الصَّاعِ لَمْ تَمْلَئُوهُ» . وأخرج مسلم في هذا « أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن الفخر في الاحساب والطعن في الانساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة ». والنفس لا تقبل الفخر والتعالي عليها من أحد من جنسها وذلك لتساوي الناس في الجزء الأهم والأكبر وهو الأصل والمادة ثم إن ما تميز به الفخور لا يعدو كونه هِبة من الله لا من خَلْقه وإيجاده هو, فضلاً عن كون المتفاخَر به لا استمرار له وسرعان ما ينقطع إما بزواله أو بموت الفخور . ولما كان الناس في الجاهلية - ولا زال غير المسلمين منهم - لا يعرفون ميزاناً حقيقياً للتفاضل فكانوا يَرَون التفاضل بالأنساب والأحساب أو الألوان واللغات والثقافات أو العدد والقوة مما لا يصح التفاضل بناءً عليه .. فقد جاء الإسلام وقضى على تلك الاعتبارات ونبذها بنصوص قطعية صريحة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من ذلك قول الله تعالى: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ » وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ , وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ , أَلا لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ , وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ , وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ , وَلا لأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إلا بِالتَّقْوَى» رواه أحمد والبيهقي وصححه الألباني . وَأخرَج مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال : " « إنَّ اللَّهَ أوحى إلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا؛ حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ على أَحَدٍ وَلاَ يَبْغِي أَحَدٌ على أَحَدٍ » ". وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا « إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَمَرَ اللَّهُ مُنَادِيًا يُنَادِي أَلا إنِّي جَعَلْت نَسَبًا وَجَعَلْتُمْ نَسَبًا, فَجَعَلْت أَكْرَمَكُمْ أَتْقَاكُمْ , فَأَبَيْتُمْ إلا أَنْ تَقُولُوا فُلانُ بْنُ فُلانٍ خَيْرٌ مِنْ فُلانِ بْنِ فُلانٍ , فَالْيَوْمَ أَرْفَعُ نَسَبِي وَأَضَعُ نَسَبَكُمْ , أَيْنَ الْمُتَّقُونَ » . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ « مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» . وأخرج البخاري عَنْ أَبيِ هُرَيْرَةَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ ؟ قَالَ : أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاهُمْ ، قَالُوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ ، قَالَ : فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ ابْنُ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ ، قَالَوا : لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ ، قَالَ : فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي ؟ قَالُوا: نَعَمْ ، قَالَ: فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقِهُوا» متفق عليه, وقال صلى الله عليه وسلم : « إن أوليائي منكم المتقون من كانوا وحيث كانوا » . ذلك كله هو قاعدة الإسلام ومبدأه في التفاضل والمساواة التي هي أهم قضايا العصر على مستوى العالم, فقد بَيَّنَ الإسلام أصل الخليقة وردَّ الناس إليها، ووَضَّحَ أساس التفاضل المحمود الذي يحقق للبشرية السعادة والرقي المنشود, وطَرَحَ ما سواه, فمن يقول للأمم مِن حولَنا التي تُجَهِّلُنا وتدَّعِي الحفاظ على حقوق الإنسان وتحقيق العدل والمساواة أنَّ هذه هي تعاليم الإسلام وهديه ومباديه !؟ وأنه لم يعتبر عند التفاضلِ جنسيةً ولا مكانةً ولا بداوة أو ريفية أو مدنية ولا نسب ولا جنس ولا لون ولا جاه ولا سلطان غير التقوى التي يمكن لأي إنسان مهما كان أن يُحَصِّلَها, ثم أن مناط التفاضل هذا الذي سيسعى أهل الهمم لتحقيقه سيكون وسيلة نمو ورقي ولا يخل بمبدأ المساواة في ذاته ولا يكون ذريعة للظلم والتفرقة بين الناس لأن حصول كل ما هو خير متوقف عليه ولأنه لن يستطيع أحد أن يتفاخر به لخفاءه - أي الميزان وهو التقوى - بين الناس ولتعارض التفاخر به مع التقوى ذاتها لأن أهم شروطها الإخلاص .. يا للعدل الباهِر المحقق للحياة الكريمة !! . ونظراً لما يسببه التفاخر بالأنْساب والأعراق من أضرار ووبالٍ على المجتمعات البشرية فقد بلغ نَبْذِ الإسلام له إلى أنْ أنْزَلَهُ إلى درجةٍ بالغةٍ في الانحطاط حيث روى أبو داود والترمذي والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فَحَمُ جَهَنَّمَ أو لَيَكُونَنَّ أَهْوَنَ على اللَّهِ من الجُعْلِ الذي يُدَهْدِه الخَراءِ بأنْفِه، إنَّ اللَّهِ أذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ ، إنما هو مُؤْمِنٌ تَقِىٌّ وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ ، النَّاسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ خلق مِنْ التُرَاب » أخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن, ولفظ أبي داود: « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآبَاءِ, مُؤْمِنٌ تَقِىٌّ وَفَاجِرٌ شَقِىٌّ, وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ, لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ فَخْرهُمْ بِرِجَالٍ أَوْ لَيَكُونَنَّ أَهْوَنَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ عِدَّتِهِمْ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِى تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتَنَ » كما أخرجه أحمد والبيهقي, وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية والألباني . وقد جاء عن أهل العلم في شرح هذا الحديث في قوله: «كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب» أي لا يليق بمن أصله التراب الافتخار والتكبر والتجبر . وقوله: «لينتهين» اللام في جواب القسم أي والله لينتهين « أقوام يفتخرون بآبائهم أو ليكونن » عطف على لينتهين والضمير الفاعل العائد إلى أقوام هو واو الجمع المحذوف من ليكونن يعني والله إن أحد الأمرين واقع لا محالة إما الانتهاء أو كونهم « أهون على الله من الجعلان » . وقوله: «الْجِعْلاَنِ» وجاء في اللفظ الآخر الجُعْلِ : هو حشرة سوداء من نوع الخنافس ويقال لها أبو جعران, وَمِنْ شَأْنِهِ جَمْعُ النَّجَاسَةِ وَادِّخَارُهَا وَمِنْ عَجِيبِ أَمْرِهِ أَنَّهُ يَمُوتُ مِنْ رِيحِ الْوَرْدِ وَرِيحِ الطِّيبِ , فَإِذَا أُعِيدَ إلَى الرَّوْثِ عَاشَ . وقوله: « العُبِّيَّة »: قال أهل اللغة: هي الكبر والفخر والنخوة . وقوله: « يُدَهْدِه » : أي يدحرج . وقوله: « النَّتَنَ » وفي اللفظ الآخر «الخراء » : هو الغائط . وقوله: «مؤمن تقي وفاجر شقي» قال الخطابي : معناه أن الناس رجلان مؤمن تقي فهو الخيِّر الفاضل وإن لم يكن حسيبا في قومه ، وفاجر شقي فهو الدني وإن كان في أهله شريفا رفيعا , وقيل معناه : أن المفتخر المتكبر إما مؤمن تقي فإذن لا ينبغي له أن يتكبر على أحد ، أو فاجر شقي فهو ذليل عند الله ، والذليل لا يستحق التكبر ، فالتكبر منفي بكل حال
ألقاب القبائل : ( الهيلا , ظهور السواني , متيهة البكار معسفة المهار, ذباحة الحايل لطّامة العايل , طيبين المبادي كعام المعادي, أهل المحاجي والعلم المفاجي , كبار الصحون وساع الطعون... إلى غير ذلك من الألقاب الكثيرة ) : لوحِظ في الآونة الأخيرة من أناس كثيرين في قنوات متخصصة ومنتديات - خاصة القبلية - ولقاءات تلفزيونية وغيرها كَثْرَةُ الأخذ والعطاء في هذه الألقاب والعزاوي والتنازع عليها بين مُدَّعي ونافٍ لها عن غيرهم خاصة في الشِّعر, مما يتطلب الوقوف معها لمعرفة حقيقتها وأبعادها وما لها وما عليها, فأقول: عرفنا في الفقرة السابقة أن الشرع جاء بتحريم التفاخر بالأنساب بأدلة قطعية الثبوت والدلالة, فإذا عَرَفَ المسلم ما جاء به الإسلام من مَنْع الافتخار بالأنساب وذَمِّه مع أن الأنساب ثابتة ومتباينه؛ فإن منع الافتخار باللألقاب العارضة يكون من باب أولى , هذا لو كانت هذه الألقاب ثابتة ولا اشتراك فيها, فما بالك بأن هذه الألقاب غير ثابتة لأحد بعينه ثبات النسب واختصاص صاحبه به وأنها مُشترَك فيها من حيث اعتبار معناها ؟ وبيان هذا الكلام بدليله فيما يلي : هذه الألقاب عبارة عن الفاظ مُجَرَّدة, واللقب لا يعدو كونه لفظ وصْفِي واسم ليس له قيمة مالية كالأسماء التجارية, ولا اعتبار شرعي في إثبات النَّسب كالأسماء الشخصية, ولا شَبَه لها بالاسماء إلا من حيث قبول إطلاقها على أكثر من شخص, وليس اللقب جوهراً قائم بذاته يُحاز فيُسرق بالنقل كما قال بعضهم ! وليس هو عَرَضَاً قائماً بغيره ملازماً له لا ينفك حتى يثبت به الوصف والدلالة على مُعيَّن, وليس هو فعلاً يُسْند ويُنْسَب لفاعلٍ لا يمكن تعدده بعد صدوره منه, مما يقتضي ويلزم منه عدم صحة احتكاره أو التفرد بدعواه لشخص أو لقبيلة معينة كما وصل الأمر ببعضهم إلى أن قال فيه أنه ذخيرة أجداده ونحو ذلك, هذا دليل, ودليل آخر أن هذه الألقاب لولا ملاحظة ما تدل عليه من مدح لما أُطلق على القبيلة, إذ هذا شأن الألقاب كما عَرَّفها علماء اللغة, وليس للتعريف والدلالة على الذات كما هو شأن الأسماء التي قد لا تُعَلَّل, وإذا كان الأمر كذلك فإن المعاني الجميلة بل وحتى العبارات الجميلة التي تستخدم للتعبير عن تلك المعاني ليست حَكْراً على أحد ولا يستطيع عقلاً أن يختص بها أحد دون غيره فيمنعه من تحصيلها كالكرم والشجاعة وصورهما التفصيلية ونحو ذلك, وبناءً عليه فالصحيح أن يُقال هذه الألقاب تنطبق على كل قبيلة حققتْ تلك المعاني التي تدل عليها تلك الألقاب ولا بأس أن يطلق اللقب على قبيلتين أو أكثر . إذا تقرر ما مضى من تحقيق معنى اللقب وأنه لا يعدو كونه لفظ مجرد وتَسْمِيَةٍ بمعنىً فيه مدح يمكن إطلاقه على أكثر من قبيلة في وقت واحد أو أوقات متعددة إذا تقرر ذلك فإن التنازع على هذه الألقاب المجردة لا يسوغ للعقلاء فعله لِظهور خَطإِه, ولا ينبغي للحكماء التعرض له لما يُفضِي إليه من الفساد ولكون الخَطْب فيه يسير . ثُمَّ إنَّ اهتمام الناس بالإلقاب وعَدّ الأحساب ونحو ذلك من حطيم الكلام الخالي من الأفعال وحتى بكثير الأشعار والإنشغال بها عن أسباب الفلاح ومقومات الحضارة يدل على فراغ فكري وخطأ في المفاهيم, فهولاء الأمم من حولنا في أقطار الأرض في جميع القارات لا شيء من ذلك عندهم بل قد لا يعرف بعضهم أباه ومع هذا فقد وصلوا إلى ما وصلوا إليه من الحضارات والتنظيمات والاختراعات والصناعات والتفوق المادي علينا ونحن في ذلك متخلفين عنهم ومستهلكين لما ينتجون وعيال عليهم, مما يجعل القلب يتفطر حسرة وندامة, مع أن أصول أسباب التفوق في جميع المجالات أوفر لدينا منهم !!! وما ذلك إلا بسبب ما ذُكر من اهتمامنا بما لا ينفع وأحياناً بما قد يضر, وليتنا عندما انشغلنا بها كنا مأمورين بذلك شرعا لنقول هذا إلتزام بديننا أو ليته على الأقل من المباحات ولكنه مما نهى عنه الشرع !! وللأسف فإنَّ ما مَضَى يؤكد ما قيل من كثرة أقوال العرب وقلة أفعالها وصبرها خاصة في الحروب - التي صموا آذان بعضهم بأنهم أهلها - مقارنة بغيرهم, فقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه أن المستورد القرشي كان عند عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال : ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « تقوم الساعة والروم أكثر الناس » . فقال له عمرو : ( أبصر ما تقول ) . قال : أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قال : ( لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالا أربعا : إنهم لأحلم الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرة ، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف ، وخامسة حسنة جميلة ، وأمنعهم من ظلم الملوك ) . ولِئَلاَّ يتأثَّر المسلم العربي بِمَا قد وَرِثَه من أخلاق سَيئة من أجداده الأعراب قبل الإسلام - إذ العرق دساس - فيستمر على نهجهم متناسياً آداب الإسلام وأخلاقه, أو خالطاً بينهما ظاناً أن هذه الأخلاق الحسنة السائدة الآن في المجتمع العربي المسلم يظنها مما وَرَّثَهُ العرب كما سَمِعْناه من بعض العوام في قصايدهم وحكاياتهم .. حِنَّا العرب .. وحِنَّا البدو .. لذلك كُلّه سأورِد بعض ما ذَكَرَه بعض علماء السِّيَر والاجتماع في أخلاق العرب وصفاتهم قبل الإسلام أو ما زال فيهم منها, حيث قالوا في الأعراب الذين هم مادة العرب: أنهم تَمَيَّزوا بالمكابرة, والتباهي, والزهو, والشموخ, والعنجهية, فلا يعترف أحدهم بالحقَّ ولو عَرَفه ما دام مخالف لهواه, بارعين في التَّهَكَّم والاستهزاء حتى مِن ما هم دونه, وعُرفوا بالفضاضة, والغِلْظة, والقَسوة, والأنانية, والجَفاء, فإذا تَكلَّموا رَفَعوا أصواتهم، وإنْ استنكروا شيئاً قطَّبوا حواجبهم عُبُوساً, وحدَّوا أنظارهم, ونفخوا مناخرهم, وأمالوا أعناقهم وازْوَرُّوا, كما عُرِفوا بكثرة الشَّر مع الحمق, والغدر, كما عُرف الأعراب بأخذ الثأر وعدم ترْك الانتقام غالباً, ولا مجال عندهم للسماحة والعفو, وقد قال الله عزَّ وجل فيهم « الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ » و « قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا » ومما قِيل أنَّ الأعراب أهل مِنَّة وأذَى, إذا فعلوا معروفًا ولو قليلاً بقوا يتحدثون عنه, وأما حقيقة ما اشتهروا به من الكرم إنما يفعلونه للمباهاة والسُمْعة والذِّكْر، وقد صَرَّحوا بذلك في أشعارهم, قال حاتم الطائي: أماوي إن المالَ مالٌ بذلتُه *** فأوَّله شُكرٌ وآخره ذِكْرُ, وقد أخرج الإمام أحمد وأبو يَعْلَى أنَّ عديّ بن حاتم قال: ( يا رسول الله إنَّ أبي كان يكرم الضيف، ويحمل الكلَّ، ويُعين على نوائب الدهر، فهل ينفعه ذلك عند الله ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: « إن أباك طَلَبَ شيئاً فَأصَابَه » وفي رواية للطبراني : « إنَّ أباك كان يُحبُّ أن يُذكر » . وقد قال الله عزَّ وجلَّ في مثل تلك الأعمال: « وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً » إذ الإيمان بالله والإخلاص له أساس الأمر . وقد عُرِف الأعرابي بالجهل المُطْبَق, ولذلك كَثُرَ نَعْتُه بقولهم: الإعرابي الذي يبول على عَقِبَيْه, وهو صارم عبوس، وضحكه قليل وغالباً غير صادق، ويكره الدعابة, والأعرابي يكره الإنقياد لأحد وإن كان أميراً,كما يكره النظام والترتيب إذْ لم يألف عليها, وقد تَرَكَ جميعُ شُعوب الأرض حضاراتٍ وآثاراً إلا الأعراب, إلى غير ذلك مما هو كثير, وإنما اضطررتُ لإيراد بعضه لعلاقته القوية بخلق التفاخر ونحوه عند قبائلنا العربية ليكون الواحد مِنا على بينة من أمره لِيَعْرِف أنَّ الفَضْلَ فيما لَدَيْنا من خيرات وأخلاق حَسَنَه يَعُودُ للإسلام وليس للعروبة ولِنَعْرف حقيقةَ إِعْزاز الإسلام لنا وثمرة تهذيبه لأخلاقنا, وكيف أنقذنا الله به, لِنأتَمِر بِأمْرِه ونَنْتهِي عن نَهْيِه . ونعود للكلام عن الألقاب فأقول أكثر تلك العزاوي والألقاب - التي لا زالت إلى اليوم - للقبائل مما فيه معنى الشجاعة والقوة, إنما نشأ في كثير من الأحوال عن حروب وغزو بين القبائل نفسها داخل الجزيرة بعد الإسلام - مع الأسف والحسرة خاصة ما بين القرن السادس إلى الثالث عشر الهجري وهنا نقول عن ما يذكره كثير من الشعراء من الافتخار بغزو قبيلته القبائل المجاورة في سالف الزمان أن ذلك هو عين العار وليس افتخار, إذ كيف يكون فخراً للمسلم غزو أخاه المسلم وقتله وسلبه ! - فضلاً عن أن بعض هذه الألقاب نُسِجَتْ أواخر القرن الحادي عشر واوائل القرن الثاني عشر وقد سجعها شخص واحد فارغ عَلِم أم لم يعلم ما سيكون لها من الآثار .. المهم أنه لا ينبغي التعويل عليها ولا الوقوف عندها وكثرة تردادها, إلا أنْ جاء الحرب مع اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار فهناك يُقال تعالوا يا أهل تلك العزاوي وتلك الألقاب قولوها وحققوا معناها, وأما تصميخ آذان بعضكم البعض بها على وجه التعالي - معاشر المؤمنين الإِخوة - فغير وجيه ولا يجوز لأن بعضكم أولياء بعض, وقد انقذكم الله من براثين الجاهلية فلا تنكصون على أعقابكم, وما تلك الألقاب التي تُصَدَّر بها بعض المنتديات والمُكَاتَبات والأشعار إلا من ذلك النوع من التفاخر الممقوت ومن العصبية والحمية الجاهلية . ومن الأدلة كذلك على ما تمَّ تحقيقه أنَّ كثيراً من هذه الألقاب يُطلق الواحد منها على أكثر من قبيلة , كلقب ( ظهور السواني ) يقول بعض البقوم أنه لنا وكذلك يقول بعض السبعان ومثل ذلك يقول بعض الهوامل من مطير ومن عبده من شمر وغيرهم, وهناك من يعرف الحق وهم كثير فيقول أن اللقب يطلق على أكثر من قبيلة , وكذلك لقب (متيهين البكار معسفين المهار) يقول بعض البقوم أنه لنا وكذلك يقول بعض السبعان ومثل ذلك يقول بعض بني هاجر وغيرهم من القبايل , ولعلي أكتفي بهذا لئلا أطيل وإلا فأكثر ألقاب القبائل من هذا النوع ويكفي إيراد الأمثلة على تنازعها ليثبت ما تم تحقيقه من الكلام فيها مما سبق . وهنا وقفة مع شاعرنا في هذه القصيدة عندما تعرض للقب الهيلا نجده لم يَنْفِهِ عن الآخرين ولم يصف بالعدوان من تلقب به ولم يتعرض لأحد بسوء, وإنما قال ما اعتقده فيه مِن أنه أول ما أُطلق على قبيلته, مع أن موضوع قصيدته في هذا الشأن ! وما ذلك بعد توفيق الله له إلا لبعد نظره وقوة فهمه, في حين أننا نسمع للأسف عكس ذلك من البعض الآخر . وختاماً لأصل الموضوع فمَن نظر إلى الناس بقلبٍ مليء بالاحتقار والتعالي عليهم، ولو عاملهم معاملة حسنة في الظاهر؛ فإن الله لا يزكيه، ولا يعطيه السؤدد، ولا يبارك له فيما أعطاه في الناس، ومن صحب الناس سليم القلب نقي السريرة ولو كان من أوضع الناس منزلة فإن الله يورثه من المحبة والتقدير ما لم يخطر له على بال؛ ولذلك تجد بعض الناس لا يُعرف بيته، ولا تُعرف قبيلته، ولا جماعته، ولا يُعرف نسبه، وليس له ألقاب, ولكن ما إن يدخل على إخوانه وأصحابه وزملائه وعلى الناس؛ إلا وجدت المحبة والتقدير والأنس به والرضا عليه، شيءٌ لا يملكه وإنما هو من الله عز وجل وقس على الشخص القبيلة , وتجد الآخر الذي يتعالى على الناس ويفتخر عليهم مع أنه معروف البيت ومعروف المكانة؛ ومع ذلك نسأل الله السلامة والعافية تمله النفوس وتكرهه القلوب، ولا يرتاح أحدٌ لمجالسته، وإن جامله في الظاهر، فإنه لا يرتاح له في الباطن . فالإنسان العاقل ينبغي أن يعلم أنه لن يخفي سريرة إلا ويظهرها الله، فمن أخفى احتقار الناس رماه الله بالاحتقار في قلوب الناس، فكما أنه يحتقر أناساً في الغيبة، وإن جامله الناس في الظاهر، ولكنهم يحتقرونه في كل الظروف، وليجرب ذلك الإنسان وسيجد؛ لأن الله عدل ولا تخفى عليه خافية، ويجزي الإنسان بما في قلبه، فمن أسر سريرة الخير زكى الله له العلانية، ومن أسر سريرة الشر ابتلاه الله في علانيته .

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 05-29-2010, 06:04 PM   رقم المشاركة : 3

 

وطنية الشاعر التي ذَكَرَها بإسهاب في مكانها المناسب وبسطه الكلام فيها يدلان على اهتمامه بمعالي الأمور وعلى وفائه وصدق انتمائه وسلامة فِكْره.

• صفاتٌ حميدة للقبيلة ومعانٍ كثيرة لا يسع المقام استقصاءها عَبَّر عنها الشاعر بألفاظ جزلة وواضحة كاشتهار القبيلة بحماية الدخيل - النوع المحمود منها - واحترام حق الجار وإكرام الضيف وامتيازهم بالترحيب به قبل أن يُسَلِّم, وبالشجاعة عند اللقاء مع عدم الابتداء بالاعتداء, وغير ذلك من الصفات الحميدة الأخرى, كما بَيَّنَ الشاعر سلامة تاريخ القبيلة من ابتداء البغي كالسطو والنهب خاصةً على الجيران والضِّعاف, ونحوها من صفات الجاهلين . وذِكْر الخصال الحميدة في الأشعار وإن كان سرداً تاريخياً إلا أنه يحقق الدعوة إليها وتذكير الكبار بها وتربية النشء عليها.

• ليس المقصود من هذه المشاركة البسيطة استقصاء الكلام عن القصيدة أو تحليلها أدبياً على طريقة النقد المنهجي حيث اقتصرت على الكلام عن أهم المعاني والمبادئ ولم أتعرض للصور والأخيلة والتراكيب ونحوها, ومع هذا فإن هذه التعليقات انطباعات شخصية تعكس رأي كاتبها, لا تخلو من الخطأ والتقصير, دعاني إليها إعجابي بالقصيدة وجِدَّيَتها وخطورة موضوعها وحسن اسلوبها وقيمتها الأدبية في نظري, بعد أن عُرِضَتْ من قِبَل صاحبها في المنتدى فرَغِبتُ في التفاعل والمشاركة, ذلك كله ما دفعني للتعليق ومِن ثَمَّ الإشادة بالقصيدة والثناء عليها, ثم على قائلها تبعاً إذ لا أعرف شخصه, ولا يعني هذا أنني لم أرَ فيها إلا ما هو صواب, لكن إعطاء الحكم للأغلب واعتبار الأكثر مبدأ عادل وهو الميزان القسط, وشكراً لمن كان صوابه أكثر من خَطَئِه, إذ الكمال المطلق منتفٍ في حق جميع الخلق حتى الأنبياء وإنما هو من صفات الله عزَّ وجلَّ.

• أصل مشاركتي هذه كان مروراً سريعاً كغيرها من المشاركات ولم أكن أرغب في الإكثار ولا الوقوف مع كثيرٍ مما تطرقتْ له القصيدة لولا ما حصل من المشْرِف من إفراد المشاركة وتثبيتها وعَنوَنَتَها بما ألفت النظر إليها وجعلها تبدو وكأنها دراسة عميقة للقصيدة مع أنها دون ذلك, مما جعلني أخشى أن يأخذ محسنٌ للظن بعضَ كلامي مما هو خطأ على أنه صواب, لذلك وغيره أعدت النظر في بعض ما كتبت, واضطررت إلى تفصيل بعض المسائل رجاءً أن لا أقترف على نفسي سوءً أو أجره إلى أحد, مع ملاحظة أنني مُتسِع الصدر لأي تعقيبٍ على ما كتبته, بل أطلب ممن يرى خطأً أن يبين ذلك بصراحة, إذ الحق أحق أنْ يُتَّبَع , ويكون بفعله هذا قد أحسن إليَّ ونَصَحَ إخوانه المسلمين . اللهم إنا نعوذ بك من هيجان الحرص وسطوة الغضب، وغلبه الحسد وقلة الصبر، وضعف القناعة، وشكاسة الخُلُق، وإلحاح الشهوة، وملَكة الحَمِيَّة ، ومتابعة الهوى، ومخالفة الهدى، واستحواذ الغفلة، وتعاطي الكلفة، وإيثار الباطل على الحق، والاصرار على المأثم، ومباهاة المستكثرين، والازراء على المقلين، وأن نعضد ظالما، أو نخذل ملهوفا، أو نروم ما ليس لنا بحق، أو نقول بغير علم, ونعوذ بك أن ننطوي على غش لاحد، ونعوذ بك من سوء السريرة واحتقار الصغيرة، وأن يستحوذ علينا الشيطان، أو يشتد علينا الزمان، أو يتهضمنا السلطان، ونعوذ بك من حب الاسراف وفقدان الكفاف، ومن شماتة الأعداء، وجَهْد البلاء، ومن عيشة في شدة، أو موت على غير عدة, ونعوذ اللهم بك من الحسرة العظمى، والمصيبة الكبرى، ومن سوء المآب وحرمان الثواب، ومن حلول العقاب, اللهم أعذنا من كلّ ما استعذنا بك منه, برحمتك يا أرحم الراحمين، إنك على كل شيء قدير .

كَتبه الدكتور / محمد بن سعد الغامدي

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 06-23-2010, 10:49 AM   رقم المشاركة : 4

 

.

*****

ملحمة غامد الهيلا للشاعر مسفر الصفا

بديت باسـم الخالـق الرحمانـي = منـزل الاعــراف والعمـرانـي
الـواحـد الـلـي لا إلاه غـيـره = دايـم وغيـره كـل شـي فانـي
عالم بما تخفي هجوس الهاجـس = ومقدر مـا كـان لـو مـا كانـي
يجـازي المذنـب بقـدر ذنـوبـه = والتايـب إجـازيـه بالغفـرانـي
الواحد اللي رحمتـه قـد وسعـت = ما قد خلق من الانس ومن الجاني
اطلبه يلطف بـي ويرحـم حالـي = لا منهـا لفـت بـي الاكفـانـي
واسألـه يغفـر زلتـي وذنوبـي = في موقف بـه لادامـي عريانـي
اليا نفـخ فالصـور اخـر نفخـه = ونصب السراط وقـرّب الميزانـي
يوم اجتماع الخلق يـوم المحشـر = يـوم يشيّـب هولـه الغـرانـي
اليا نزع مـن كـل مالـك ملكـه = وبقـي الامـر للواحـد الديـانـي
وصـاروا فريقيـن بليـا ثـالـث = خـلـود بجـنـات او نيـرانـي
ياربي انـا اطلبـك تعفـو عنـي = واسالـك الغفـران والرضـوانـي
اغفـر لـي وللمسلميـن اخوانـي = وإلطف بنا يـا مكـوّّن الاكوانـي
وخلاف هـذا للهجـوس مسبـب = كلمـه وهـزّة شعـري وّجدانـي
محـاوره سمعتـهـا واتعـجـب = من بو جميل ومعه شاعـر ثانـي
بدبهـا ابــو جمـيـل مغـنـي = على البحـر والـوزن والالحانـي
يقول فيهـا انـت جـار الغامـدي = والغامـدي ياصاحبـي قومـانـي
لكن لابـس ثـوب ماهـو ثوبـه = وان كان ما تفهم فانـا الفهمانـي
لحـق قبيلـه كاملـه باكملـهـا = تقول فـي عقلـه خلـل وجنانـي
حقيقه ان هـذا الكـلام اغضبنـي = وبقيـت مـن دوافعـه زعـلانـي
كلمـه بليـا داعــي يدعيـهـا = فاظـة بـلا معنـى ولا عنوانـي
ثارة بي الغيـره علـى شاعرهـا = لانهـا مـا جـت مـع البيبانـي
ولو ان فالميقاف شاعـر غامـدي = ان كان عن بـدع المثـل كفانـي
ولوانها من شاعـر مـا يحسـب = والله ما احرّك بالقصيـد السانـي
ولا التفت صوبه ولا اسمع علمـه = واحـط كلماتـه تحـت حذيانـي
لكنهـا مـن شاعـر لـه وزنـه = ابـو جميـل معـرب الجـدانـي
مـن شاعـر مواقفـه معـروفـه = تطـرب لسمـع اشعـاره الاذانـي
شاعر وشيخ وفالمواقـف فـارس = وشـرواه مـا ينصـاع للدادانـي
شاعر ما يبـدي بالكـلام الـذارف = مثل ابن عون ومحسـن الهزانـي
وابـن ربيعـه والقثامـي مخلـد = وبندر ابـن سـرور و الوقدانـي
وكم غيرهم من الرجال اهل الشيـم = شعار وزحـول وطـوال ايمانـي
ما لحقـوا الغيـاب فـي منطقهـم = وقصيدهـم مـن غالـي الاثمانـي
فان كانهـا كبـوة جـواد وعـدة = مسمـوح فيهـا يارفيـع الشانـي
ما نواخـذ العقـال بـاول غلطـه = نـزل عنهـا ونرفـع النيشـانـي
وان كانها على الهـدف مقصـوده = فقدامـك الميـدانـي يحميـدانـي
با اعلمك مـن هـم قبايـل غامـد = في ما مضى او حاضـر الازمانـي
غامد قبل الاسلام اصـل ومنسـب = اخبارهم سـارت بهـا الركبانـي
غامد هل الهيـلا وسـاس الهيـلا = اسـم بـداه الحـاكـم اليمـانـي
اطلقـه يـوم الوقفـه المشهـوره = ومثبتـه فالمعـجـم الصنعـانـي
الجـد الاول بالنـسـب مـوثـق = عمر ابـن عبـدالله ابـن كهلانـي
مكتوب ومـدون بكتـب السيـره = ثابت الـى يعـرب ابـن قحطانـي
وبـلاد غامـد بالحـدود مثبـتـه = حقيقـة مـا جـا لهـا نكـرانـي
من الشمال ارض البقـوم تحدنـا = مع ارض بالحارث ومـع زهرانـي
ويحدنا من الشرق سبيع مع اكلـب = وصوب الجنوب خثعم لنا جيرانـي
وزهران صوب الغرب حـد ثابـت = حـدود مرسومـه وعلـم بـانـي
هذي حـدود الارض يـا جاهلهـا = واما الفعـول يجـي لهـا تبيانـي
حنـا لنـا وقفاتنـا المشـهـوده = نقـود الجمـوع ونمـن الحدانـي
ونكـرّم اللـي للمكـارم نــاوي = ونحشّّـم الجيـران والظيفـانـي
من ضافنا بالجـود نكـرم شاربـه = يلقى الكرم والطيـب والسفطانـي
نبـداه بالترحيـب قبـل يسـلـم = طبيـعـة للغـامـدي عنـوانـي
وعاداتنـا بيـن المـلا محمـوده = وانجـازي الاحسـان بالاحسانـي
واليا شكا الضيـم ونصانـا زابـن = يبشـر بقيـف يحتمـون العانـي
مبدا الدخل والملزمـه مـن غامـد = بالعـزم والاصـرار والقرعـانـي
دخيلنـا نمنـه بيـن اخصـامـه = ونـظلله فـي ظلنـا مـا يهانـي
واللـي تعـدى فالمواقـف حــدّه = ناسمه بالميسـم علـى الحجانـي
جـزا لـه وردع بعـد لامثـالـه = لأخطـا الدليـل وكشّـر النيبانـي
وان ثارة الهيجا ودعـى داعيهـا = وتنكبوا البنـدق علـى الامتانـي
حنا هل الوقفـات واهـل الشيمـه = وقت اللـزوم ونطحـة العدوانـي
لطامـة العايـل كعـام المعتـدي = ليا قرّب المقبـس مـن الصوانـي
وجيراننـا منـا مـا لقيـوا زلّـه = نـدرا بهـم مـن ايـة الابدانـي
ولا جهلنـا يـوم كــل جـاهـل = ولا نقبـل العـالات والحقـرانـي
ويـوم الله ارسـل للعبـاد محمـد = وانزل عليـه الوحـي والفرقانـي
جا وفد غامـد فالسنـه العاشـره = بالحـد والتحديـد فـي رمضانـي
الى رسـول الله وهـو فـي مكـه = يرفـع لـواء الاسـلام والإمانـي
وصرنا ظمن جيشه وظمن اصحابه = نروي الحديـث ونتلـوا القرانـي
ونجاهد اهـل الشـرك ونحاربهـم = ونحطّـم الاصـنـام والاوثـانـي
وبعده مع ابو بكر بحـرب الـرده = سـارة جحافلنـا الـى نجـرانـي
نجاهـد المرتـد عـن ديــن الله = ونحارب اهل الكفـر و الطغيانـي
وفالقادسيه قيـف غامـد حاضـر = ويحمل لوانا الاعـرج الضبيانـي
ومنا الامام بشير شيـخ البصـره = شهيدنـا فـي ملتقـى اصفهانـي
وجندب ابن كعب الفقيـه الفـارس = اللـي بسيفـه جنـدل الكهـانـي
وابن اخـوه اللـي تغمّـد سيفـه = وفك اسر عمه واهلـك السجانـي
ومنا الحكم وصخر وروح ومـدرك = وجندب ابـن عبـدالله وسفيانـي
صحابـة منّـا يجمّـل صيتـهـم = وبذكرهم جـزل القصيـد اغرانـي
وحنـا ليامنـه دعانـا المـوقـف = نرسي كما يرسي جبـل عيسانـي
عشنا كرام نفـوس مـن ماضينـا = ولا سلبنـا رعـيـة الرعيـانـي
شهامـة عـن غيرنـا تميـزنـا = يشهد بها القاصـي لنـا والدانـي
ولا نعتدي فالمعتـدي مـا يربـح = في اغلب امـوره هـو الخسرانـي
لكـن ليـا منّـه غزانـا غـازي = نكسر شموخه كسـرت العيدانـي
وحنا لحكم التـرك مـا استسلمنـا = ويثبت كلامـي موقعـة رغدانـي
يوم التقيناهـم بخشـوم البنـدق = وراحت جنايزهـم كمـا الكثبانـي
جا كسرهـم علـى يديـن الغمّـد = وعادوا على العقـاب بالخسرانـي
هـذي حقايـق بالدليـل مثبـتـه = في كتـب ابـن نعيـم والدارانـي
والواقـدي وابـن سعـد دونـهـا = وابن الجلال خصص لهـا ديوانـي
ومحمـد الجاسـر اشـار اليـهـا = ومـا ذكـر فالمجتازمـا يخفانـي
وان كان عندك شـك فيمـا قلتـه = سال الجعيـدي واسـأل الشيبانـي
ربعك ويعطونك خبـر لـو موجـز = عن ما حصل في سالف العيمانـي
وسال العوارف من كبـار عتيبـه = وتلقى الكلام اللي علـى برهانـي
عتيبه اللـي طيبهـم نشهـد بـه = ونعـم بكـم يـا لابـة العتبانـي
قبيـلـة تاريخـهـا ينصـفـهـا = غنيـة عـن مدحـي وقيفـانـي
لكـن واجبهـم علـيّ امدحـهـم = مدح يليق بهـم علـى الاوزانـي
بـدت بحلـف بيـن روق وبرقـا = بقيـادة ابـن حميـد والربيعانـي
وعلّت على روس القمـم رايتهـا = زحـول قـوم وفاللقـا فرسانـي
راياتهـا بالعـز دايــم عالـيـه = وترسي في الموقف كما الضلعانـي
وحنا وعتيبه مـا تزعـزع صفنـا = ولا نستمع فـي هرجـة الفتانـي
اصل العروبـه والشـرف يجمعنـا = وصرنا في الشرع الحنيف اخواني
واليـوم حنـا يالزلامـي وانـتـم = في ظـل هيبـة قايـد الاوطانـي
في حكم ابو متعب عسى الله يحفظه = ويحفظ لنا نايـف مـع سلطانـي
ملوكنا اللـي نلتجـي فـي ظلهـم = من دوننـا مـا صكّـوا البيبانـي
في ظلهم نعيـش بافضـل نعمـه = فـي نعمـة الامـن مـع الإمانـي
فـي ظلهـم كـل القبايـل هيـلا = من طارفة عرعـر الـى جيزانـي
ومن حد الاردن في شمال المملكـه = الى حدهـا مـع سلطنـة عمانـي
نجدد لهم في كـل وقـت البيعـه = مشايـخ وشيـب مـع شبـانـي
ونعلن لهم منـا الـولا والطاعـه = ونقـر لهـم بالشكـر والعرفانـي
والله ينصرهـم وينصـر دينـهـم = علـى جميـع الخلـق والاديانـي
والله يرحـم مـن جمـع وحدتنـا = اللـي بسيفـه جنـدل الشجعانـي
عبدالعزيـز اللـي رفـع رايتـنـا = وتشهد بطيـب افعولـه العربانـي
شيّـد لنـا مجـد عظيـم بـاهـر = مفاخره بنيـت علـى السيسانـي
كم من زحول وقفـوا فـي دربـه = علـى جثثهـم حامـة الغربانـي
غدّا الكواسـر فالضحـى قادتهـم = واتباعهـم عشاهـم السرحـانـي
بالعزم والتصميم مـا جـا مثلـه = ليـث فعولـه تذهـل الاذهـانـي
ضحى بروحه دون حكـم اجـداده = واستل بسيفه راس ابن عجلانـي
ورفع علمها فوق قصـر المصمـك = اشعـاره النخلـه مـع السيفانـي
ندعـوا لـه الله يرحمـه ويثيبـه = وعسى له بجنـة عـدن مسكانـي
وتـم الكـلام النسجـت احروفـه = بالمسـك واليشمـوم والريحانـي
مبرهـن مدلـولـه و مفهـومـه = ومزخرفـه باللـول والمرجـانـي
واللي يخالف علمـي ومضمونـه = ويجـي بعلـم ثابـت الاركـانـي
علم على قـول وفعـل ومبرهـن = ما هو بقـول افـلان والا افلانـي
انـا معـه والشـك عنـا زايــل = وعذري عن التقصير والنقصانـي
والله رفـع عـن عبـده الملامـه = فالسهـو مـع الشـك والنسيانـي
وعلم بلا برهان مـا احسـب لـه = ولا يـحـرّك كـفـة الميـزانـي
ورفعت نيشـان القصيـد وقـدره = ولا ني بداني به مع اللـي دانـي
يشوقني بدع المثـل واطـرب لـه = وانقى من اجزال الهجوس اسماني
وانا مع ربعـي واعـرف حقوقـي = ولا حـدن عـن ماقفـي عدانـي
وافخـر بخدمـة قادتـي وبـلادي = لو ما اكل إلا مـن لحـم ذرعانـي
ماني كما اللـي فالغنـى يشريهـا = ويبيعهـا لا مـن غـدا جيعانـي
اضحي بمملك مـن اجـل ابـلادي = واقولهـا فـي سـر وإلا علانـي
وابا انهـي الكلمـه كمـا مبداهـا = باسـم الإه الخالـق الرحمـانـي
وصلى الله البـاري صـلاة دائمـه = على النبـي فالبـدع والختمانـي
عـدد ايــات الله ومخلوقـاتـه = وعدد ما ناض البـرق بلامزانـي

شكراً للأخ الكريم/ سعد الهميلي

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 06-23-2010, 11:02 AM   رقم المشاركة : 5

 

.

*****

قصيدة للشاعر/ عمير بن حزام الغامدي مجاراة لقصيدة ملحمة غامد الهيلا للشاعر مسفر الصفا

باسم الله الهادي رفيع الشانـي = جل جلاله مخـزي الشيطانـي
يارب تسمع لي وتغفـر ذنبـي = وثبت على القول السليم الساني
نسألك ياربي رضـاك وعفـوك = لا بلغـت الاغـلال للاذقـانـي
اكتب لنا فـوزا بجنّـة طوبـى = وانهارها والـروح والريحانـي
يارب تكفينـا شـرور انفسنـا = ثم اكفنـا مـن فتنـة الفتانـي
والشعر جاء دوره وجاء مقدوره = وخيّل سحابه وامطر الودانـي
واجب لنا رد الثناء لاهل الثناء = قرار ثابت مـا يبـي نكرانـي
ولا دعانـي للقصيـد ونظمـه = الا الكلام اللي سمعت وجانـي
سمعت ليّـه ملحمـه شعريـه = وتحركت معها جميع اشجانـي
وسألت ابي علم الثقات وقولهم = لان الكلام اللي حصل يعنانـي
قالو بطلها شاعر مـن غامـد = واسم البطل مسفر ولد جمعاني
مئـه وثلاثيـن عـدد ابياتهـا = بالعـدّ والترتيـب والا تقانـي
معلقات الشعر سبـع حسابهـا = والثامنه مـا نظمـه سفرانـي
فيهـا بنيـات الفكـر وظفهـا = ولا شفت فيها شطر بيت دانـي
ما قدّم الا دسمـة مـن دسمـه = كل المعانـي طيبـه وسمانـي
اراهـن النقـاد تلقـى ثـغـره = على قصيـده قالهـا صفيانـي
اللي خدم ربعـه بقـول طيـب = مدان لـه بالشكـر والعرفانـي
من حقي التوضيح عن شاعرها = بالاصـل والجـدان والعدانـي
الاصل من غامد وجـده حلّـي = والاسم والشهره من الصفياني
الله يبيض وجه مـن ذا قولـه = وتنشر له البيضا على الشفياني
ما دام هذا شاعر مـن ربعـي = فالرمح رمحي والسنان إسناني
لي الشرف يوم افتخر في مثله = والراس تحمي دونه الامتانـي
من لابة تحمى الدخيل وتمنـه = في سابق الازمـان والعيمانـي
تشهد بماقفهـم رسومـا بينـه = وعادات ما غابت عن الاذهاني
ابو مدرج فـي ثـوار مسمـى = وجدعان وايضا هضبة العكفاني
رسوم لها تاريخ وإلها سيـره = ثبات ما يبغـي لهـا جحدانـي
وتراك شاعر قيف غامـد لاول = اقولهـا وكـل ابلـج وفانـي
والعفو يا شاعر قبيلـة غامـد = اقبل معاذيري علـى نقصانـي
وباسم الله اختمها كما مبداهـا = وصلوا على سيّد ولد عدنانـي

نكرر الشكر للأخ الكريم/ سعد الهميلي

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:50 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir