يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > ساحة الثقافة الإسلامية > الساحة الإسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-21-2010, 10:53 AM   رقم المشاركة : 1
الرجل المجهول


 






خلق الله الخلق لعبادته والعمل لمرضاته

ورتب على أعمال العباد الثواب العظيم والأجر العميم في الآخرة

قال تعالى

( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً

وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
).

فالعبد يقدم على العمل الصالح في الأصل ابتغاء ثواب الله ومرضاته

وما أعده من النعيم في الآخرة.

ومع ذلك فإن المدح والثناء محبب للنفس

ولذلك كان مقام الإخلاص وتجريد العمل من الرياء

وحظوظ النفس ومتاع الدنيا من أشق الأعمال على العامل

ويحتاج إلى بذل جهد واستفراغ وسع.

وقد ذم الشرع الرياء وحذر منه وبين مغبته ونتيجته السيئة

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(من سمع سمع الله به ومن رائى رائى الله به)

رواه مسلم.

أما إذا أخلص العبد عمله ولم يرد الدنيا بعمله ثم أثنى عليه الناس بغير تطلع منه وتشوف

فهذا لا يؤثر في عمله ولا يضره وهو أمر حسن


كما بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حين سئل عن أبي ذرّ رضي الله عنه:

قيل يا رسول الله أرأيتَ الرجلَ يعمل العمل من الخير ويحْمَدُه الناس عليه؟

فقال : (تلك عاجل بشرى المؤمن) رواه مسلم.

وفي رواية ابن ماجه (الرجل يعمل العمل لله فيحبه الناس عليه).

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 10-21-2010, 10:54 AM   رقم المشاركة : 2

 


والرجل المجهول هو الذي أخفى عمله عن الناس وأحب خمول الذكر

ولم يتعرض لباب الشهرة ومدح الناس

بل عمل في أي حقل من حقول الدين العلم أو الدعوة أو الجهاد

أو الحسبة أو العمل التطوعي أو غير ذلك وكان قصده وجل همه من عمله

تحقيق رضا الله والدار الآخرة وإعلاء كلمة الله ونشر دينه

ولم يلتفت قلبه أبدا إلى معرفة الناس به والثناء عليه

وإشهار أمره بل كانت صلته خالصة بالله ،

جعل الله نصب عينيه في كلامه وسكوته وقيامه وقعوده ينأى بنفسه

عن مجامع الناس وجوائزهم لا يبتغي في عمله أجرا منهم ولا شكورا

ولسان حاله يقول عملت هذا العمل لله فلا أرضى بمن دونه من المخلوقين

فلما كان عملي رباني فجزائي رباني.

وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الصنف فقال

( طوبى لعبدٍ آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه،

إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة،

إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع
) رواه البخاري.

قال ابن حجر: "فيه ترك حب الرئاسة والشهرة وفضل الخمول والتواضع".

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي) رواه مسلم.

وجاء في حديث معاذ (إن خير عباد الله الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يفطن لهم

يخرجون من كل غبراء مظلمة
) رواه ابن ماجه.

وروي في الأثر : ( إن أهل الجنة كل أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له،

الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم،

وإذا خطبوا النساء لم ينكحوا، وإذا قالوا لم ينصت لهم.

حوائج أحدهم تتخلخل في صدره،

لو قسم نوره يوم القيامة على الناس لوسعهم
).

وكان ابن مسعود يوصي أصحابه فيقول:

" كونوا ينابيع العلم مصابيح الهدى أحلاس البيوت سرج الليل جدد القلوب خلقان الثياب .

تعرفون في أهل السماء، وتخفون في أهل الأرض
".

و ‏قال رجل لبشر الحافي رحمه الله‏:‏ أوصني، فقال‏:‏

"أخمل ذكرك، وطيب مطعمك‏ ".

‏وقال الزهري رحمه الله‏:‏

"ما رأينا الزهد في شيء أقل منه في الرياسة،

نرى الرجل يزهد في المطعم والمشرب والمال فإذا نوزع الرياسة حامى عليها وعادى‏
".

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 10-21-2010, 10:55 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 


والرجل المجهول له أمارات فمن وجدها في نفسه فهو منهم فهنيئا له:

1- أن يستوي في نفسه مدح الناس وذمهم له.

2- أن يقدم مصلحة المسلمين ومنفعتهم على مصلحته الخاصة.

3- أ، يكون الأصل في عمله إخفاء العمل والإسرار به.

4- أن يجتهد ويخلص في كل عمل أوكل له لا يشترط ما يوافق هواه.

5- أن يفر من الرئاسة والولاية والجاه فراره من الأسد.

6- أن يمقت نفسه في الله ولا يرى لها فضل أبدا.

7- أن يكون مسكينا متواضعا لا يحفل بصحبة الأغنياء.

8- أن يصون قلبه من الفتن ويكون مراعيا للسلامة.

وهذا المقام العظيم شديد على النفس لا يقوى عليه إلا من أخلص الله قلبه

ونور بصيرته واصطفاه لعمله واستعمله في طاعته ،

ولا يزال في هذه الأمة بحمد الله وجود هذا الضرب من الرجال

من يعمل لهذا الدين بصمت لا يطلع عليه إلا الله.

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 10-21-2010, 10:56 AM   رقم المشاركة : 4

 


والرجل المجهول له عمل عظيم في الأمة يعدل كثيرا

من أعمال المجاهرين ،

بل كثير من دعوات التجديد و الدول الإسلامية والإصلاحات العامة

والأحداث الكبرى قامت على أكتاف رجال مجهولين طوى التاريخ ذكرهم

ولم يحفل بهم أحد لحكمة أرادها الله ،

وكثير من رجالات الإسلام وقادته وعلمائه صنعهم بإذن الله أناس مجهولون.

وقد ضرب السلف الصالح نماذج رائعة لهذا النوع من الرجال :

قاتل رجل في أحد الغزوات في عهد عمر فأبلى بلاء حسنا

وقتل فسأل عنه عمر فلم يعرفه فقال عمر:

" ما يضره ألا يعرفه عمر ويعرفه رب عمر".

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 10-21-2010, 10:56 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز بن شويل
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 19
عبدالعزيز بن شويل is on a distinguished road


 


ومع هذا كله فالرجل المجهول يتحرى الحكمة وتحقيق المصلحة

ودرء المفسدة ويتلمس حاجة الأمة

فمتى ما احتاج الأمر لتصدر الناس وخلا الميدان من كفء يقوم به

وليس ثمة إلا هو استعان بالله وخرج للناس وجاهر بعمله

وتحرى الإخلاص والصدق مع الله

كما فعل عمر ابن عبد العزيز حين أرغم على الخلافة

والإمام أحمد حين احتاج الناس لفقهه وحديثه وفتاواه ،

وهو مع هذا كله يراعي سلامة قلبه وصحة إخلاصه

فمتى ما خشي على نفسه الفتنة والشهرة ترك هذا العمل

لأن صلاح نفسه مقدم على صلاح غيره.

والمهم أن هذا من مسائل الإجتهاد يتحرى فيه المؤمن الأصلح لنفسه وأمته ويوازن بين ذلك ،

ولذلك اختلفت مواقف السلف وتباينت في إيثار الإختفاء عن الناس والبروز لهم.

فينبغي للمؤمن أن يكون فقيها في الأحوال وصيانة القلوب.

خرج ابن مسعود من منزله فتبعه جماعة فالتفت إليهم وقال‏:‏ علام تتبعونى‏؟‏

فوالله لو علمتم ما أغلق عليه بابي ما اتبعني منكم رجلان‏.


‏وفى لفظ قال‏:‏ ارجعوا، فإنه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع‏.‏

وكان أبو العالية رحمه الله إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام‏.‏

وكان خالد بن معدان رحمه الله إذا عظمت حلقته قام وانصرف كراهة الشهرة.

وخرج أحد أئمة الحديث إلى بلد فلما بلغه في الطريق اجتماع الناس له

وكثرة عددهم حول دابته إلى جهة أخرى ولم يذهب إليهم.

ولا شك أن الأمة بحاجة إلى من يبرز لها ويقوم بأعمالها من وعظ واحتساب وتعليم وغيره ،

فالأمة بحاجة إلى الرجل المجهول والرجل المشهور مع ندرة الأول وصعوبته

وكثرة الثاني وخطورته وفي كل خير.


فهنيئا لمن كان مجهولا عند الخلق معروفا عند الله ،

من لا يأبه به الناس ولا يقيمون له وزنا وقدره عظيم عند الله ،

من أوصد في وجهه أبواب الدنيا وأبواب الله مشرعة في وجهه ،

من كان متواضعا في الناس شريفا عند الله.




خالد بن سعود البليهد

عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة




تحياتي
...........

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 10-21-2010, 11:22 AM   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 20
إبن القرية is on a distinguished road


 

نسأل الله تعالى .. أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل

ويهبنا التواضع .. ويحمينا من الرياء

عبد العزيز بن شويل

جزاك الله خيراً .. ونفع بك

طرح متميز .. حفظك الله

دمت بخير

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:07 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir