يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 04-22-2012, 06:23 PM   رقم المشاركة : 1
" عبـد الرحمـــن "


 

* "عبد الرحمن"

عندما مات " صخر " شقيق الشاعرة العربية المعروفة الخنساء تماضر بنت عمرو السلمية، أرثته بشعر يقال أن العرب لم ترث أحدا بمثله. وكاد قلبها يتفطر حزنا على فراقه. وقد خطبها دريد بن الصمة لنفسه وكان من الفرسان العرب المشهورين فرفضته لأنها ترغب ألا تنأى عن قبيلتها. فتزوجت رجلا من قبيلتها. وكان شقيقها صخرا رجلا كريما .. شهما نبيلا ومن فرسان العرب المشهورين.

كان يشاركها وزوجها ماله، فيغدق عليهما. فلما توفي حزنت عليه حزنا شديدا، وارثته بأبيات قالت في بعضها:

قذىً بعينيكِ أم بالعين عُوّار .... أم ذرَفت إذ خلت من أهلها الدار

كأن عيني لِذِكراهُ إِذا خَطَرَت .... فَيضٌ يَسيلُ عَلى الخَدَّينِ مِدرارُ

تَبكي لِصَخرٍ هِيَ العَبرى وَقَد وَلَهَت .... وَدونَهُ مِن جَديدِ التُربِ أَستارُ

تَبكي خُناسٌ فَما تَنفَكُّ ما عَمَرَت .... لَها عَلَيهِ رَنينٌ وَهيَ مِفتارُ

تَبكي خُناسٌ عَلى صَخرٍ وَحُقَّ لَها .... إِذ رابَها الدهرُ إِنَّ الدهرَ ضَرّارُ

إلى آخر القصيدة التي تعتبر من أجمل القصائد العربية في الرثاء.



تذكرت هذه القصيدة وأن أتلقى رسالة نصية طويلة بين ثناياها الحزن والألم ، تناقلتها خدمة " الوتس أب " قيل أنها شقيقته التي سطرتها، تدعو فيها لشقيقها " عبد الرحمن بن احمد الضويلع الغامدي" وهو "ابن الخالة " ومن بلدة عراء في بني ظبيان، الذي فُجع لموته الكثير ممن عرفه.. فُجع لموته ممن عرف أنه وحيد والدته من الأبناء ... فُجع لموته من يعرفه معرفة عن قرب، ومن عمل معه في مجال عمله بالخطوط السعودية أو جالسه.

عندما رأيت وجهه " الحسن " وهو مسجى على النعش قبل أن نصلي عليه – صلاة الجنازة - لم أتذكر سوى ابتسامته الجميلة.. وصوت ضحكته الرائعة.

رأيته يرقد في سلام وحوله من يتفطر قلبه حزنا على فراقه.

الجميع فقد " عبد الرحمن " في لحظة لم يتوقعوها .. ولكنه الموت الذي لا يرحم صغيرا ولا كبيرا:

الموتُ بابٌ وكل الناس داخله .... يا ليت شعرِي بعد الباب مالدارُ

توفي "عبد الرحمن " وكأنه يحس أنه سيغادر الدنيا .. سيغادر حبيبته التي تخاف عليه من حر الصيف وبرد الشتاء.. تخاف عليه من نسمة تؤذيه ومن شوكة يطأها. فبعد أن اشتد به المرض وأدخل المستشفى في مدينة الرياض وهي المدينة التي ولد وترعرع ومات فيها، أشار الأطباء عليه أن يجروا له عملية جراحية في بطنه لاستئصال بعض أمعائه. فرفض ذلك رفضا قاطعا. وكان منبع خوفه ليس من العملية ولكنه كان يخشى أن تعرف حبيبته ذلك فتنهار، وهو لا يتحمل أن يراها حزينة عليه. كان معه ابن خاله "خالد" الذي رأى الحزن في عينيه فسأله عن سبب الحزن - مواسيا - إياه بأنه سيكون بخير وعافية. فقال لخالد: "أنا أخاف على والدتي" لأنه يعرف عشق والدته له. وكأنه يريد أن يقول له لا أريدها أن تعلم عن حالتي. وما هي إلا لحظات حتى فارق الدنيا وزخرفها... انتقل إلى جوار ربه .. إلى من رحمته وسعت كل شيء .. إلى من خزائنه لا تنفذ .. إلى من يرحم الثكالى والمكلومين ... إلى المولى جل في علاه.

عندما واسيت والدته داعيا لها بالصبر والاحتساب، كانت دموعها تنهمر بغزارة بدون صوت ولا نحيب. فالحمد لله الذي ربط على قلبها عند "الصدمة الأولى" ولعلها بإذن الله أن تكون من أهل الخير... وهي كذلك.

لقد كان الفراق صعبا يا "أم عبد الرحمن" والمصاب جلل. ولكن الحمد لله على قضاءه وقدره .. ورحمك الله يا عبد الرحمن رحمة الأبرار وجعل قبرك روضة من رياض الجنة وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنان، وجعل روحك في عليين.

نسأل الله أن يجبر مصابنا وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

   

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:22 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir