حمدان بن جاهمة ومحمد بن شويل

( حمدان ومحمد أو محمد و حمدان )

بأيهما بدأت فلا أحابي * * * فإنهما اقاما في فؤادي

تخرجت من ثانوية السروات بالظفير عام 1393هـ وسافرت إلى الرياض وأنا في الثامنة عشرة من عمري للالتحاق بكلية قوى الأمن الداخلي تاركا أهلي وخلاني ومراتع الصبا وذكريات طفولة عزيزة على نفسي وإن كانت قاسية قسوة الحياة التي عايشتها.

كان في وداعي في سوق الباحة أبواي رحمهما الله ( علي دغسان وعبد الله عجير ) اللذان أخذا يوصياني بما يوصي به الآباء أبنائهم عند السفر فحبست أدمعي خوفا من اللوم حتى فارقتهما ثم أعطيت العنان لدمعي كي ير النور .

ودعته وبودي لو يودعني *** صفو الحياة وأني لا أودعه
وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى *** وأدمعي مستهلات وأدمعه

عندما وصلت إلى الرياض وجدت أمامي أبوين عوضني الله بهما عن عجير ودغسان، إنهما ( حمدان بن جاهمة ومحمد بن سعيد بن شويل ) اللذان لم يكونا أبواي فقط بل كانا أبوين لكل طالب وطئت قدماه الرياض من أبناء وادي العلي .

مجلدات لو تم تأليفها في طيبة هذين الرجلين وأخلاقهما وكرمهما ومواقفهما مع أبناء الوادي لضاقت بها مكتبات المثقفين وطلاب العلم والباحثين في دور المعرفة، وقد ورد ذكرهما العطر في مجلس أنس في مدينة جدة مساء يوم الاثنين الموافق 27 /7 / 1430هـ فألحَّ علي جلسائي وكانوا ممن أعتز برفقتهم وعلى رأسهم الريس علي بن حسن وشقيقي علي وأخي جبل الشعبة وإبنيَّ أبو ضياء وأبو ناهل على تدوين ما وجدته من هذين الرجلين من كرم وإيثار للضيف على نفسيهما وأهليهما فقلت أنَّي لمثلي أن يتصدى لمثل هذا ؟! فهما أجلُّ وأكبر من كل كلماتي وما حوته معارفي وما تعلمته من قواميس اللغة وتجارب الحياة،

لكن بما أن معروفهما لاينسى وفضلهما لايترك من غير ذكر فقد قلت فيهما ماقلت أدناه والعذر أتقدم به سلفا لأستاذيَّ في هذا الفن ( رفيق الدرب وسعيد بن راشد ) ولأخوي أحمد بن قسقس وأحمد بن فيصل ولأبنائي ( أبوضياء وفايز بن مسفر وأنس العبادي ) فمحاولتي هذه مجرد خربشة طالب على سبورة أساتذته في اللغة وقرض الشعر الفصيح فليعذروني على تجاوزي حدودي وليغفروا لي تطاولي على مفردات اللغة التي نالت مني ما ناله رماد اشتدت به الريح في يوم عاصف :

فأقول :ـ

من لي بمثل محمد وقرينه* * * * ذاك الذي أسموه بالحمــــــــدان
اسمان مشتقان من بعضيهما * * * لهما من اسم نبينا عنــــــــوان
في عاصمتنا في الرياض عرفتهم * * * طابت بهم نجد وكل مكان
ما إن ترد ذكراهمو في مجلس* * * حتى تفوح روائح الريحــــان
مثليهما للضيف ما جادت به * * * أمكنة كلا ولا أزمــــــــــــــان
نفسي تنازعني لأي منهما * * * أحبو إذا لم تسعف القدمـــــــــان
فأنا وإن قصّرت في حقيهما * * * ليس القصور هنا من النــكران
بل إن تقصيري لعجز في الوفا * * * فكيف لي رد الوفا ضعفان
كلتا يداك شويل يمنى خلتها * * * *لافرق بينهما هما صنـــوان
إن مت ياحمدان أخرّت الذي * * * *أبقى على ذكراك في غليــان
لكما بظهر الغيب أدعو ما ارتوى * * شجر بعذب الماء أو اغصان
لاينتهي ذكر الفتى بوفاتـــــه * * فلطالما يبقى شذى العرفـــــــــان

رحم الله والدي العزيز حمدان بن جاهمة وأمد الله في عمر والدي محمد بن شويل وأصلح الله لهما ذريتهما وجزاهما عني وعن أهل وادي العلي خير الجزاء ورفع ذكرهما في الدارين الأولى والآخرة إنه سميع مجيب .

ملاحظة ـ حاولت اضع هذا الموضوع في ساحة السير والأعلام ففوجئت بأنه محظور علي دخول هذه الصفحة ! ولعل الإدارة ترى بقائي رهن الإقامة الجبرية في صفحة الموروث الشعبي وشعر الجنوب وليس لي إلا أن احترم رأيها فأنا متعود على الطاعة العمياء منذ التحاقي بالعسكرية .