يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 09-14-2008, 08:44 PM   رقم المشاركة : 1
Mnn وطني في روايات عروبية بقلم د. علي سعد الموسى


 

.

*****

الأحد 14 رمضان 1429هـ

وطني في روايات عروبية

أعشق قراءة - وطني - في عيون الآخرين وأستمتع بصورة في بطن رواياتهم أو ذكرياتهم حتى ولو كانت صوراً مؤلمة ، واقعية كانت أو مصبوغة بزيف أو نقل أو زيادة . بالنسبة لي يبقى - وطني - قصة حياة أقف عليها بالمقارنة والمحاكاة ، لا بالعاطفة . بالتجربة التي رأيت فيها صورة وطني وأنا أذرع الأرض شرقاً وغرباً وكم تمنيت أن يحصل كل فرد منكم على ذات الفرصة ليعرف بالضبط في أي بلد هو اليوم ، وأية مصادفة هي تلك التي جعلته نسل هذه الصحراء التي غيرت وبنت في 50 عاماً أو حتى في نصفها ما غير المفهوم الاجتماعي والجغرافي لمفردة الصحراء .

نعم ، أعترف أن لدينا عشرات الأخطاء ، ولا أظن أن أحداً سيزايد على أحباري الحارة وكلماتي الصارخة الجارحة في وجه تلك الأخطاء: لكنني أرضع أولادي من حولي روح المقاربة والمقارنة في سؤال بسيط: أين كان جدهم المباشر وأين هم الآن ، وما هو بلدهم كلما اقتربت صور المماثلين في إمكاناتنا ، وكيف تجاوزنا المستحيل حتى بهذه الأخطاء التي تبدو أحياناً مكلفة وقاتلة؟

أكتب الآن ، وقد فرغت للتو من قراءة رواية الوزير الفلسطيني يحيى يخلف (نجران تحت الصفر) وقبلها استمتعت برواية الآخر المثير إبراهيم نصر الله (براري الحمى) ولو كنت في مشورة لصاحب القرار لوزعت النسختين على أبواب كل مدرسة لتعلم الأجيال طبيعة البراري وحياة الفقر في القفار وشوارع البؤس التي كانوا عليها قبل ربع قرن أو تزيد قليلاً .

المواطنة تزدهر بالتجربة والمقاربة . لو كنت صاحب مشورة لصاحب قرار لوجهت الدعوة مع بالغ الشكر لهذين الكاتبين بالتحديد من أجل العودة إلى ذات المسرح القديم إلى ما كان بالأمس براري الحمَّى ، وما كان نجران تحت الصفر ، كي يكتشفوا بأنفسهم قدرة الإنسان على تغيير المكان . هؤلاء كتبوا التجربة التي عاشوها عن صدق ، وهؤلاء سجلوا ذات الوقائع التي كانت بالواقع ولهؤلاء سنثبت أننا لا نمتعض ولا ننكر سطراً واحداً ولا شخصاً واحداً من ثنايا روايات الفقر والكوليرا والحمى .

أكتب اليوم وأنا أكاد أقبّل - بتشديد الباء - كل ورقة من تلك الروايات الصفراء ، لأنني لا أقبّل فيها فكرة العمل الإبداعي الذي كانوا عليه ، بل أقبل قدرة الإنسان المدهشة على العمل والبناء والتنمية . قصة إبراهيم نصر الله ويحيى يخلف تستحق أن تكون ترمومتراً لمسيرة شعب . مثلهما ، جاء إلينا آلاف المعلمين الذين بدؤوا معنا حروف الطفولة الأولى حين كان المعلم الوافد آنذاك رائداً في مجتمع مغلق وللتو يخرج من صفار البيضة .

كان المعلم الوافد من الشام من يمسك الطبشور على سبورة الخشب ومن يفقه وحده أصناف الطبخ وأنواع الطعام الذي لم نكن نتقن أو حتى نشم . كان الوحيد الذي يقتني الدراجة النارية وكان وحده الذي يشتري الصابون وكان فيما كان يظن أنه رمز الحداثة الوحيد في مجتمع موغل في القروسطية . بمثل هذه الأنماط من التفكير ، كتب هؤلاء مذاكراتهم في وصف المجتمع الذي كانوا به .

سأوجه لهم الدعوة فخوراً للعودة لما شاؤوا للأماكن القديمة . مئة عام من المسيرة الوطنية لم يجنح فيها بلدي لخطاب الحرب وأدلجة القومية وتبديد الثروة على حساب الإنسان والمكان ، وليحيى يخلف أن يعرف اليوم من هو الذي انتصر في المعركة التي كانت فيها - نجران تحت الصفر - .

أهو الخطاب الجماهيري الثوري الذي قصف نجران بالطائرات ، أم هو الخطاب المدني الذي ترك في ثلاثين عاماً فقط كل تلك النقلة الهائلة التي أحالت ركام - الموفجة - في نجران إلى الفيصلية . سأحاور إبراهيم نصر الله عن النفط والعقل ، وسآخذه إلى نماذج إيران والعراق وليبيا وفنزويلا: كل هؤلاء عاشوا مثلنا على مائدة - البترودولار- ولكن دعك حتى من مقاربة حداثة الرياض ببغداد وطهران وطرابلس وكراكاس ، بل سأكتفي بالقنفذة مع نينوى وبنجران مع سرت . سآخذهم إلى كل تلك الشخوص القديمة في ردهات رواياتهم لأبرهن لهم أن من كان لا يفك الحرف قبل 40 عاماً خلت يتربعون اليوم ثالث أكبر جالية في جامعات الغرب بعد الهند والصين ، حتى ولو كنا في جوارهم أقل من سكان مدينة هندو صينية .

سأقول لهم: نعم ما زال بيننا عشرات الأخطاء ومثلها من التجاوزات ، ولكن أعطوني في مساحة عالمنا العروبي المخيف تجربة تصل لنصف دولتنا ومسيرة مجتمعنا .

شكراً لكما على كل حرف تعلمناه منكما ومن الآلاف من أمثالكما ذات زمن لم يكن ببعيد مثلما هو شكري الجزيل لكما على الوثيقة التاريخية في عمل روائي كنا فيه - تحت الصفر - ولكن: من هو الذي بيننا في هذا العالم العروبي الذي مازال يرزح تحت صفر مكعب؟!

د . علي سعد الموسى
أكاديمي وكاتب سعودي


*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:14 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir