يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 07-27-2013, 12:36 AM   رقم المشاركة : 1
الضابط المنتحر


 

.

*****

الجمعة 18 رمضان 1434هـ

الضابط المنتحر


عبدالرحمن أبورياح

لم أتصور لحظة من اللحظات، أن أكتب هذا المقال بهذه الصورة وبهذا الأسلوب، بعد أن كنت أنوي كتابته بطريقة أخرى، أتناول فيها "حسن الظن" بالناس بعد لقائي به قبل عدة أشهر. أما وقد " سبق السيف العذل " وانتقل الذي كنت أرغب التحدث عنه إلى رحمة الله ، وكثر الحديث عنه لدى عدد من الناس " بسوء الظن " مع الأسف الشديد. لذا أقول مستعينا بالله متوكلا عليه؛ أن هذا الشخص كنت أعرفه منذ عدة سنوات عندما كان يأتي إلى مكتبي بهدوء، بهدف زيارتي والتحدث معي. فقد كان – يرحمه الله – يشعر براحة واطمئنان وهو يتجاذب معي أطراف الحديث عن أمور شتى. كنا نتحدث سويا في الثقافة والأدب وفي الدين والمعاملة وحسن الخلق ، في التربية التي كانت تأخذ جل حديثنا. لقد كان – يرحمه الله – يرى في هذا العبد الفقير إلى الله ما لا أراه في نفسي ، فأنا أعرف نفسي جيدا. وما أن يغادر مكتبي حتى يلح علي أن أزوره في منزله لألتقي بأبنائه وأتعرف عليهم. كنت أوعده خيرا .. وأنا صادق. ولكن لم يتسن لي ذلك نظرا لكثرة مشاغل الحياة.

برغم أن الحبيب الفاضل العقيد عبدالرحمن العلياني – غفر الله له - كانت تربطني به علاقة متينة نشأت في مكتب جريدة المدينة. إلا أنني لقيته يوما ما يحقق في قضية قتل – أجارنا الله وإياكم -، ونظرا لرغبتنا كإعلاميين الخروج من هذه القضية بمادة دسمة ترضي نهم القارئ وتميز الصحيفة عن غيرها، ومع الأسف ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) .. فقد استبشرت خيرا لرؤيتي له. وقلت في نفسي؛ لقد جاءك ما تتمنى وسيعطيك العقيد عبدالرحمن التفاصيل الكاملة. ولكنني فوجئت به يقول: عذرا أخي عبدالرحمن فأنا لا أرغب منك الاقتراب من موقع الجريمة، ويمكنك التواصل مع الناطق الاعلامي. أصدقكم القول أنه رغم عباراته تلك التي أزعجتني بحكم العلاقة الشخصية التي بيننا، إلا أنني تقبلتها منه وقدرت موقفه، فهو كان يحقق في قضية مأساوية – ليس هذا مكان الحديث عنها - .

بعد فترة زارني في مكتبي ليبلغني أن ابنه تم قبوله من ضمن الطلاب الموهوبين الذين ترشحوا لزيارة ماليزيا. راغبا مني مقابلة ابنه لأعطيه بعض الجرعات التي يستفيد منها في رحلة " ثمينة " كهذه. كنت أعرف حرص الرجل – يرحمه الله – على أن يكون أبنائه من المتميزين، وهم كذلك – ولله الحمد- .

في يوم من الأيام دخلت المسجد القريب من منزله لتأدية صلاة المغرب. فما إن رأيته حتى " هشيت وبشيت " في وجهه. فلم يعرني اهتماما ولم يرد علي التحية. لا أخفيكم أنني حينها "أسأت الظن" في الرجل. ولكنني بدأت أسترجع علاقتي معه لأتذكر هل بدر مني شيء يضايقه حتى يقابلني هذه المقابلة الفجة. تركته في حاله وانصرفت للصلاة.

وفي المرة القادمة وجدته يقف في أقصى اليمين في الصف، فقلت في نفسي " والله لأصلي بجانبه وبعد الصلاة أسلم عليه وأستكشف ما بداخله، لعل هناك من وشى بيني وبينه".

كان الرجل حينها يلبس "الفروة" في جو لطيف!! وبعد الصلاة ، ألقيت عليه التحية. فبادلني بمثلها، ولكنه كان يحاول أن يداري وجهه عني. قلت له؛ سلامات أخي عبدالرحمن .. عسى ما شر؟ أجابني بكلمات كلها حزن وأسى قائلا: والله يا أبا محمد لا أدري ماذا أصابني. ثم استطرد قائلا : أنا منذ عدة أشهر وأنا أعاني حالة اكتئاب شديدة. لا أريد مقابلة أحد ولا التحدث إلى أحد، ولا أستطيع النوم، ولقد راجعت العديد من المستشفيات وقرأ علي العديد من المشايخ واستخدمت الكثير من الأدوية. ولكن بدون فائدة . لا أعلم - والله - من أين أتى لي ذلك؟ وماذا أعمل؟

ثم تنهد تنهيدة طويلة والحزن يكسو وجهه وقال: أطلب منك يا أخي أن تدعو لي. فأنا في أمس الحاجة إلى الدعاء. عندها بدأت في تهدئة روعه وتذكيره بالله، وأنه رجل "جلد" يستطيع أن يصبر على مثل هذه ألأمراض ويترك أمره إلى الله عز وجل فهو كفيل أن يرفع ضره. عندها ودعته وأنا حزين جدا من الحالة التي وصل إليها. سائلا الله له الشفاء العاجل.

قبل عدة أيام تفاجأت بالخبر كالصاعقة أنه وُجد في منزله وقد فارق الحياة حيث اشارت التحقيقات المبدئية انه هو الذي أقدم على الانتحار.

وأخيرا أيها الأحبة. لقد كان العقيد عبدالرحمن رجلا هادئا رزينا يحب الخير للناس. حريصا على تربيته لأبنائه تربية حسنة. رجلا يحمل أدبا جما. ولكن في الآونة الأخيرة اشتد عليه المرض – يرحمه الله – حتى حدث ما حدث. فعلينا أن نحسن الظن بالناس وأن ندعو الله له أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته وأن يجعل ما أصابه كفارة له. فلا نعلم كيف تكون نهاياتنا. نسأل الله حسن الخاتمة.

(منقول من صحيفة الباحة اليوم)
*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:02 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir