في بداية حياتي الوظيفية في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات الهجرية
كنت محصلاً لأجور البرقيات وكما أشرت في مواضيع سابقة أن البرقيات كانت احدث وسائل الاتصالات في تلك الفترة بعد أن أصبحت الآن من التراث تحفظ هي وأدواتها وأجهزتها في المتاحف ...
أقول في بداية حياتي الوظيفية مرت عليه بعض المواقف الظريفة ..كنت أتمتع بشعبية كبيرة من دون بعض زملائي [النكدين] عند مراسلي البنوك والشركات ووكالات الطيران والبواخر وذلك لأنني نظمت العمل وجعلته بالدور لتحقيق العدالة بين الجميع وكنت أطلب منهم أن يتركوا برقيات شركاتهم ويعودون فيما بعد وبذلك أستطيع عمل برقياتهم في وقت الفراغ وأيضا أستطيع أمشي أصحاب البرقيات القليلة أو البرقية الواحدة بدلاً من أن ينتظروا دورهم بعد عمل برقيات الشركات والبنوك الكثيرة وبذلك كسبت رضا الجميع..
ومن بين أولئك المراسلين مراسل شركة العرّي للسياحة وأسمه [عزي] وهو يمني الجنسية نحيل الجسم قصير القامة وشكله يشبه إلى حد كبير شكل [العرّي] حتى أن شنبه به شعرات خفيفة وطويلة بأطرافه ، يحاول برمها إلى الأعلى حتى يكمل الشبه بينه وبين العرّي . ولكن الله عوضه عن الشكل بخفة الروح ... قلت له ذات ليلة أتى فيها ببرقيات قرب منتصف الليل وكان الشباك فاضي من المراجعين .. ياعزي : ليه ماتشيل النقطة التي فوق اسمك وتهديها لعمك ويبقى اسمك أسم على مسمى .. قال : ياعمي علي .. أقسم بالله .. لقلت لعمي العرّي أعطني أسمك وخذ أسمي .. مارضي .. وإش عاد تشتى أسوي ؟!! وضحكنا على هذا التناقض في المسميات
الطرفة الثانية :
كان الصديق ورفيق الصبا والشباب الدكتور سعيد أبوعالي عندما يأتي من الديرة لتأدية اختبار المرحلة المتوسطة منازل بمدينة جدة كنا بعد انتهاء الاختبارات نذهب لأرقى كازينو في جدة وأسمه كازينو الشاطئ مكان مركز الفيصلية الآن وهناك نبث همومنا على بعض كنوع من التنفيس ..
وذات مرة شكوت عليه عتبي على بعض الأصدقاء الذين كانوا يعملون معنا في الهاتف وانتقلوا إلى سنترال الأمانة العامة لرياسة مجلس الوزراء بجدة والذين في مناسبات الأعياد كانوا يرسلون برقيات تهاني للوزراء والأمراء بتلك المناسبات وكانوا يكتبونها على مطبوعات الأمانة ويرسلونها مع أحد مراسليهم لي لأقوم بإرسالها وينسون إعطائي ما دفعته عنهم في برقياتهم والتي كانت تكلفني أكثر من ثلث راتبي في الشهر في ذلك الوقت
ومرت الشهور والسنون وعاد الصديق العزيز من أمريكا حاملاً شهادة الدكتوراه بعد كفاح يقتدى به وتم تعيينه بكلية التربية بمكة المكرمة فرع جامعة الملك عبد العزيز في ذلك الوقت مدرساً بها قبل أن يتم اختياره مديراً عاماً للتعليم بالمنطقة الشرقية وكان غالباً ما يقضي عندنا في جدة عطلة نهاية الأسبوع في جدة وفي يوم كنا عند أبو طارق مسفر عبد الواحد للقهوة وعلمنا أن أحد أقارب أو قريبات الأستاذ سعد المليص لا أذكر بالضبط ألان نوع القرابة توفى أو توفيت ورغب الدكتور أن يرسل برقية تعزية للأستاذ سعد المليص وكلفني سعادته بإرسال تلك البرقية رغم أن ماعاد لي صلة بالبرقيات فعندما كنت محصل كنت في المنبع وألان صرت في المصب ما علينا الأستاذ كلفني ولازم أقوم باللازم
قلت له عندك صياغة معينة ؟ قال : صوغها بمعرفتك وفعلاً قمت بإرسال البرقية بعد أن أمليتها بالتلفون على أحد الزملاء وأضفت أسمي تحت أسمه [ قلت في نفسي مادام سوره من دفع قيمة البرقية خلني أحط أسمي مع أسمه وعلمنا واحد ] دفعت قيمة البرقية للزميل الذي أمليتها عليه وأرسل لي الإيصال بالقيمة وفي اليوم الثاني كانوا نفس المجموعة الين كانوا عند أبو طارق في اليوم الأول صاروا عندي في البيت للقهوة واغتنمتها فرصة وكان إيصال البرقية في جيبي طلعته من الجيب وناولته إياه وضلت يدي معلقة في الهواء بضعة ثوان وبكل برودة أعصاب وبدون أن يتكلم رفع يديه الاثنتين اليسار على شكل يد ممسكة بكأس واليمين كممسك بكيس الشاي أبو حبل وهو يشير برفعه وإرخائه فيما يعني به كأس وعرفت ما يقصد به صاحبي من تلك الحركة وبدون أن أتكلّم أعدت الإيصال إلى جيبي ورأساً على المطبخ وفتحت الثلاًجة وأخذت منها ماء بارد ووضعته في كأس وذهبت إلى المجلس حيث يجلس الأصدقاء وجلست { ركبه ونصف } في وسط المجلس وبكل هدوء بدأت أنقع الإيصال في الكأس حتى صار لونه بلون النيلة وشربت الكأس كله [ والجميع في دهشة ] وخبطت على صدري وتجشأت وحمدت الله وقلت وأنا أشير بسبابة يدي اليسرى إلى الصديق الذي أشار علي بنقعه وشربه قلت وبنبرة حادة تذكر يا أخ سعيد تلك القصة التي كنت أشكوا بعض الأصدقاء الذين كانوا ......؟
أشار برأسه بنعم ... قلت لو كنت أخذت إيصال من تلك الإيصالات ونقعته في كأس ماء كما فعلت الآن كان استفدت من ذلك الدرس ولما شربت هذا الكأس أمامكم .. درس متأخر .. وعلى رأي ملاسي الله يرحمه .. لكن هذا جزا من عاد يتجمل ... ظلت هذه الطرفة مدة من الزمن نتداولها في مجالسنا الخاصة ...
متع الله الصديق العزيز سعيد أبو عالي ومن كان معنا في تلك الجلسة بالصحة ورحم من غادر إلى الرفيق الأعلى بواسع رحمته
شكراً لكم وإلى اللقاء في طرائف أخرى إذا راقت لكم هذه .
علي بن حسن