يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
المشاركة السابقة   المشاركة التالية
قديم 05-12-2009, 05:01 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
محمد عجير is on a distinguished road

بخيتٌ بخيت الحظ ( 4 )


 



لم تستطع شريفة فعل شيء لوالدتها سوى الصراخ الذي أوقف هجوم خالها الشرس على أمها بعد أن علا صوتها مخافة أن يشعر ناصر بالأمر .
لملمت حليمة جراحها واستسلمت للأمر الواقع وتم الزواج في نفس القرية بعد ليلتين فقط من حادثة الضرب تلك وحُمِلت هي وابنتها أمام عيني بخيت الدامعتين على مشدود ناصر متجهين إلى مقر الإقامة الجديد القديم .

كانت شريفة أسعد أفراد العائلة الثلاثة بهذا الزواج ظنا منها أنها بذهابها مع والدتها ستودع رعي الماشية للأبد وعلى الرغم من سعادتها تلك لم تستطع طوال الطريق تجاهل منظر والدتها وهي تتلقى الضرب من خالها دون أن تطلق صرخة استغاثة واحدة ، فحاولت أن تبعد عن أمها شبح تلك الذكرى المؤلمة وبدأت تسائلها عن مدلولات بعض ما كان يردده الناس في ( الجُرُن ) أثناء الدياس وفي الوادي أثناء الصرام مثل :

مع الحواشي ومع الأطرافي*** حتى يعاد البُرَّ برٌّ(ن) صافي

* * * * * * *

الليل هيِّا والنهار هيّا * * * يا راقداً في فيحة الثريا
منين لك لا جا الربيع شيّا
* * * * * * *

يالله اليوم يـــــــــاربي * * * يالذي ما انحن إلا به
يـــــا الذي ينبت الحبِّ * * * يابساً يوم نذرى بـــه


ولا يمّه من اللاش * * ولا ألآمه ولا أبغيه
ولا لي حاجة فيه
يموت الجفر في إيده
ولا يحجا يذكيه
ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ ــ


وما إلى ذلك ، ووالدتها لا تدخر وسعا في محاولة شرح تلك المفردات لها ظنا منها بأن ابنتها حريصة بالفعل على فهم مدلولاتها .

لاحظ ناصر أثناء المسير عدم رغبة حليمة في الركوب على الدابّة وتفضيلها السير على قدميها فسألها عن سر ذلك فلم تعطه إجابة مقنعة فما زال بها حتى ذكرت له معاناتها من قروح في جسدها تزداد في إيذائها كلما لامس جسمها (حلس ) الحمارة ، تقبل ناصر ذلك منها ولم يناقشها عن أسباب تلك القروح وعندما وصل الركب إلى محطته الأخيرة أستقبل من فاطمة أحسن استقبال على عكس ما كان منتظرا فاستشعرت حليمة من ذلك الاستقبال مكراً لم تبح بمكنونه لأحد وبقيت على حذر من ( جارتها ) فاطمة .

اختلى ناصر بعروسه فأذهله ما رأى على جسمها من آثار السياط وعندها لم تجد حليمة بداً من الاعتراف له بما كتمته عنه طوال الطريق فتذكر وقتئذ كلام عريفة القرية عن عوض وما كان يرمي إليه .

أمضى بخيت أيامه الأولى بعد فراق والدته وأخته بصعوبة بالغة ، فإلى جانب مهنة أخته شريفة التى أوكلت إليه مهام القيام بها بعد عودته من المدرسة تكالبت عليه ظروف الفقر والغربة وفقد الحنان ومع مرور الايام تعود على تلك الصعاب حيث أدرك أن واقعه المرَّلم يكن ليغيره دمعه الذي لا يكاد يرقأ وهو يشاهد أقرانه ومن بينهم أبناء خاله يتوجهون عصر كل يوم إلي مكان مزاولة لعب كرة القدم بينما يذهب هو خلف غنمه إلى المرعى .

مرّعوض متبختراعلى ظهر دابته عصر أحد الأيام وهو عائداً من السوق ببخيت في المرعى وفي ذهنه ( سادي ) اللحم الذي اشتراه من الجزار ، وبعد أن تفقّد ( الجلب ) أوصى بخيتاً بأن يحضر له بصلا أخضر من المزرعة عندما يهم بالعودة إلى المنزل ليتناوله مع طعام العشاء .

انشغل بخيت بإحدى غنمه التي وضعت مولودها قبل مغرب ذلك اليوم وعاد إلى المنزل حاملا الجدي ولم يذكر البصل إلا عندما طلبه خاله من زوجته وهم متحلقين حول المائدة .

ارتعدت فرائص بخيت خوفا من عقاب خاله المنتظر وظل يحملق في وجهه متوقعا قيامه بطلب العرقة من عليِّ ليوسعه ضربا كما جرت به العادة إلا أن خاله بدلا من ضربه أمره بأن يخرج من فوره إلى الوادي ًلجلب البصل .
غادر بخيت البيت في ظلام حالك لا يكاد يشاهد معه أطراف أصابع يديه وبعد أن مشى قليلا باتجاه الوادي قفزت إلى ذهنه صورة الجدّة مصلحة التى لم يمض على دفنها في المقبرة الواقعة علي الطريق إلى الوادي سوى بضعة أيام فتهيأ له شبحها وكأنها تمشي أمامه متعثرة في كفنها فخارت قواه وتملّكه الخوف ولم تعد رجلاه قادرتان على حمله فجلس في الطريق على بعد أمتار من ( مصراع ) خاله ينتحب .


معاني الكلمات:

الحواشي: جمع حاشية وهي اطراف الديّسة ، والديّسة هي عملية درس المنتوج الزراعي بواسطة ثورين يجران خلفهما قطعة من الصخر تسمى الخورم لدهس السنابل حتى تخرج الحبوب منها ثم يتم فرز الحبوب عن اعواد او سيقان السنابل في عملية أخرى تسمى ( الذراة ) وذلك بتعريضها لتيار هوائي من قبل شخصين يقومان برفعها بواسطة الايدي واسقاطها على الارض فتبقى الحبوب عند أرجل الشخصين الذين يقومان بعملية الذراه بينما تأخذ الريح التبن أو ( العلف ) وتلقيه بعيدا عن الحبوب .
البُرّ : حب الحنطة .
يامّه ؛ يا أمّي
اللاش : كلمة تطلق على الرجل الذى يفتقر للخصال الحميدة ( الكرم ، الشجاعة ، الشيمة ....الخ ) .
الآمه : احبّه .
الجفر : صغير الماعز .
يحجا : يجرؤ .
حلس : شئ يوضع على ظهر الحمار أو الحمارة مصنوع من الصوف الخشن يُمَكِّن الراكب من الاستواء على ظهر الدابه وهو يؤدي نفس الدور الذي يؤديه الرَّحْل الذي يوضع على ظهر الجمل.
جارتها : الجارة بلهجة اهل الديرة هي الطبينة .
السادي : كمية من اللحم تقدر بكيلوجرام تقريبا .
الجلب : الغنم التي يكون عددها مرتفعا .
المصراع : باب الحوش الخارجي .

 

 

   

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:02 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir