وهي لرجل ضحى بماله دون كرامة رفاقه
وقد جرت على عايد التميمي سنة 1288هـ تقريبا ، وصارت له السالفة مع الشيخ حمد بن شتيوي من كبار قبيلة السبعة من عنزة
يقول الراوي :
يعتبر عايد من أفذاذ شخصيات بلاده وهو كثيرا ما يمارس حرفة التجارة ، فيتاجر بالمجوهر رات ـ فيذهب بحراً ليشتريها من ذوي الاختصاص بها ، ويتاجر طورا ً بالابل والغنم فيسافر براً ليبتاعها من البادية
وقد دعته الحاجة هذه المرة ليشتري إبلا من بادية الشمال فيذهب ليتاجر بها في البلاد الاخرى ، فقصد قبيلة السبعة من عنزة ، حيث حل ضيفا على رجل يدعى (( حمد بن شتيوي )) واشترى ماشاء الله أن يشتري من إبل ثم رحل من عند مضيفه قاصداً مصر
كان عايد قد ابتعد عن العرب وقطع مسافة غير قصيرة ، بعد ذلك هب مضيفوه وركبوا خيولهم وساروا خلفه يقتفون أثره ، ولما أدركوه رحب بهم عايد ، وقد أدهشه لحاقهم به . ثم ساد الصمت حتى شربوا القهوة ..
وبعد ذلك أشعروا عايداً أنهم فقدوا خمسامئة ريال كانت مخبأة في صرة لونها كذا وموجودة في مكان كذا ، وواصلوا كلامهم إلى أن قالوا :
وإنه لايخامرنا شك في أمانة شخصكم الكريم وإنما أنت رجل في معيتك عشرات الرجال من الرعاة والمستخدمين فنخشى أنها وقعت بيد فرد من هؤلاء السوقة . لهذا نرجو منك أن تسمح لنا فنفتش جميع قومك
عايد : إطمئنكم أن هذا المبلغ محفوظ لدي بكامله ذلك أن أحد رعاة أبلوي ناولني إياه وهو يزعم أنه وجده بين أمتعتي فأخذته واحتفظت به وقلت في نفسي أمران لا ثالث لهما : إما أن يكون هذا المبلغ لاحد عربكم ، أو أنه أمانة وضعت معي لفرد نسيت أن أسجل إسمه . وقلت إن كان الامر الاول فلا بد من أن يأتي صاحب المال ويسأل عنه . ولكن مضت مدة طويلة ولم يأت من قبلكم أحد . عند ذلك نفضت الصرة واحصيت ما فيها من الدراهم ثم أضفتها إلى ما عندي من الامانات وقد صح عندي الامر الاخر* (يقصد أنها أمانة مرسلة معه لتكون على سبيل المضاربة)
أما الان وقد بان لي خطأ رأيي الاخير فتفضلوا باستلامها..
قام الرجل وسلم المدعين المبلغ كاملا ثم إنصرفوا إلى أهلهم ، كما أن عايداً أدلج قاصدا مصر ليبيع بضاعته فيها ..
أما المدعون فقد إتضح لهم خطأ رأيهم بعد مدة قليلة من الزمن وذلك أنهم وجدوا دراهمهم بصرتها ملقاة في موضعها وعندما وجدوها هناك شعروا بخطئهم مع ضيفهم . كما أدركوا أن الرجل سلم هذا المبلغ من ماله سترا ً لعرض حاشيته وحفاظاً على كرامتهم أن يفتشوا واحدا ً واحداً . فضحى الكريم بهذا المبلغ صيانة لكرامة الذين معيته
وخير وسيلة ركنوا اليها اولئك الذين ظلموا ضيفهم عن غير قصد هو أن إشتروا بهذا المبلغ إبلا باسم عايد وتولوا رعايتها والعناية بها كما لو كانت أموالهم ، وبعد مضي ثلاثة سنوات قدم إليهم عايد ليشتري منهم إبلا ، هناك قام مضيفه الاسبق حمد بن شتيوي وطرح نفسه بين يدي ضيفه عايد واعتذر عما بدر منه ، ثم أكد له أن المال الذي أخذه منه قد إشترى به إبلا وهذه الابل طرح الله بها البركة حتى ربت وزادت
فقال عايد : أنا لاأستلم الحلال كله بل لي رأس مالي فقط
فرد عليه حمد بن شتيوي : أنها ليست ملكا لنا بل هي ملكك وقد براك الله بها بسبب نيتك الطيبة
وأخير كان الوفاق على أن يثمن هذا الحلال فيطرح منه رأس مال عايد التميمي وما تبقى يقسم بالتساوي بين عايد التميمي وحمد بن شتيوي وتم الحكم بذلك ورضي الطرفان ..
القصه مدونه في كتاب من شيم العرب لفهد المارك