عرض مشاركة واحدة
قديم 01-02-2012, 07:11 AM   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 11
نزهة المشتاق is on a distinguished road


 

الحلقة العاشــــــــرة (10)




كررت حليمة زياراتها لبيت ابو محمد السّابق ...وفي كل مرة يزداد يأسها من العثور على طفلها المفقود .....وأخيراً تعبت من البحث فتوقفت عن ذلك ...فهي واثقة تمام الثقة أن فيصل حي يرزق ....وكانت أم عبدالله سبباً مساعداً لاقتناع حليمة بالتوقف عن الدوران في دائرة مفرغة .
ولم تعرف حليمة ماذا ستفعل بعد ذلك ....وقررت العودة إلى قريتها ....وأخذت من أم عبدالله بعض المال لركوب سيارة تذهب بها إلى قريتها .....وتوجهت إلى القرية .
ووصلت لبيت عمتها ...التي طردتها شر طردة .....وهي تولول ..فضحتيني بين أهل القرية ....وقد أخبرتهم انك عدت لعصمة زوجك ...فاذهبي إلى حيث أتيت .....وصدمت حليمة بهذا الموقف الغير متوقع من العمة ....ولو أنها أقرت بينها وبين نفسها أن خروجها من بيت عمتها بدون إخبارها كان خطأ فادحا ....لكنها لم تذهب إلاّ لتبحث عن ولدها الذي أخذه أبوه ولم يعد .
ولم تستطع حليمة إقناع العمة ...فعادت من حيث أتت ...لكن إلى أين ياربي ....هل أعود لبيت أم عبدالله ....وقد أثقلت عليها كثيراً ...وليس لي قريب .....ولازوج .
وأقفلت كل الطرقات في وجهها ......لكن الأفضل العودة إلى أم عبدالله .....مؤقتا ......حتى يأتي الله بالفرج .
فيصل من جهته ....إنهمك في دراسته ...وواصل تفوقه ....لم ينس بالطبع أمه حليمة ....ولاأبوه القاسي ...ولا محمد الذي رماه هنا ورحل .
لكن ليس في يده حيلة ...فجعل كل همه أن يتعلم ....وسيعود يوما للبحث عن أمه ....وابيه .
فوجئت ام عبدالله بحليمة تقف ببابها من جديد ...فرحبت بها ..وهي تتساءل عن سبب عودتها السريعة ...فأخبرتها بما حدث من عمتها .....وقالت ....سأبقى عندك يومين او ثلاثة حتى أجد حلا ....فقد أثقلت عليك ببقائي عندك ....وحملتك فوق طاقتك .
أسكتتها أم عبدالله ...وطلبت منها عدم تكرار ذلك ..فهي تعتبرها كأخت لها .....ولاداعي للإعتذار أو التبرير .
أبو محمد من جهته ....حاول جاهداً أن يعرف شيئا عن مصير ابنه .....فلم يجد إلا الجواب السابق الذي قالته زرعه وولدها ...فأستسلم عجزاً ....وطمعا أيضا .
ومرت سنوات .....ولإن الله يمهل ولا يهمل .....فقد تعرض محمد ووالده لحادث مروري شنيع في عقبة ضلع .....مات محمد على إثره بينما أصيب الأب بشلل كامل جعله كالجثة الهامدة ....فلا ينطق ...ولا يسمع ...ولا يتحرك ....فبقي محبوساً في غرفته ...تقوم زوجته على رعايته حيناً ..وأحيانا تكون الإبنة الصغيرة هي من يفعل ذلك ....ومع الوقت بدأت تتبرم من هذا الوضع ..وشعرت بأن ماحدث لإبنها وزوجها هو نتيجة ما فعلته بفيصل وأمه ....لكن ماذا ينفع الندم الآن ؟
فيصل أنهى دراسته الإبتدائية .....وأنتقل إلى المرحلة المتوسطة ....ومحي من ذاكرته كل شيء إلا أمه حليمة ....ولم تغب عن عينيه قط ....لايزال يذكر صورتها .....ونبرة صوتها ....بل ويتذكر تلك الشامة الصغيرة التي تعلو صدرها ....وربما طبعت تلك الصورة في عقله ..مذ كان يرضع ثديها صغيرا .
ربما يتذكر شيئا قليلا عن أبوه ....ربما يتذكر لحيته الكثة ....وكرشه البارزة ....ويتذكر ليلى التي دافعت عنه عدة مرات ...ولعبت معه عدة مرات .....أما زرعه ومحمد فلم يعودا يقطنان خلايا ذاكرته نهائيا ....وربما هو أراد ذلك .
كانت حليمة تفكر كثيرا في البحث عن مخرج لوضعها هذا فماذنب أم عبدالله لتتحملها في بيتها بلا فائدة ....وفتحت الموضوع لأم عبدالله طالبة منها أن تساعدها في البحث عن عمل لها في أحد البيوت كخادمة ....أو طباخة أو أي شيء آخر ....على الأقل لتوفر قيمة طعامها وشرابها بدلا من البقاء عالة على إمرأة مثلها تعيش على مايدفعه أخ زوجها الميت كمصروف شهري .
خرجتا ذات يوم إلى السوق ..مصطحبين عبدالله ...لشراء بعض اللوازم ...ومرتا على أحد أصحاب المحلات في السوق ...لشراء بعض الكحل والبخور ....وشاهدت حليمة رجلا كبير السن يبدو عليه الطيبة يجلس في متجر صغير بجوار المحل الذي دخلتاه ....فلم تتردد في مفاتحته طالبة العثور على عمل ....إبتسم الرجل ...وقال ...لن تجدي أحدا يوظفك خادمة ....فليس هذا معتاداً لدينا ....ولايحدث ذلك إلا في بيوت الأغنياء ولسنا منهم يا ابنتي .
وقبل أن تجتازا باب المحل ....دعاها الرجل للعودة مقترحا عليها عملا قد ينفعها وينفعه ...وإن كان متعبا بعض الشيء ...ففرحت ووافقت قبل أن تعرف ماهو العمل المطلوب .
سأعطيك بعض البخور والعطور وقطع القماش والكحل ...وعليك أن تدوري على النساء في بيوتهن ...وبيعهن ما يطلبنه ...وسأتقاسم معك الربح .......ووافقت فوراً ....ثم قالت لكن ياعمي ...ليس معي ما أعطيك الآن ...فقال ..لا أريد منك شيئا الآن .....توكلي على الله ...وهذه بضاعتك .....وبعد أن أخبرها بثمن كل شيء ...حملت أغراضها في حزمة كبيرة ....وودعته على أن تعود إليه عند إنتهاء البضاعة ليعطيها بضاعة أخرى .
وانطلقت حليمة من صباح اليوم الثاني ...طارقة على كل باب رأته ....وبدأت الأمور تسير في صالحها ....فقد وجدت قبولا من النسوة على بضاعتها ....رغم أن هناك الكثير من العمال اليمنيين ..يفعلون مثلها ...فيحملون بضائعهم على رؤوسهم ويتجولوا في الحواري وهم ينادون بصوت عال .....فرقنا ...فرقنا ....لكن كونها إمرأة جعلها أكثر إقترابا من النساء وبضاعتها أكثر قبولا .
ولم يمض ثلاثة أو أربعة أيام حتى عادت لصاحب المحل ....حاملة غلة البيع ....وسلمتها للتاجر ....فأخذ نصيبه منها ....وسلمها الباقي مع بضاعة جديدة .....وعادت لبيت صديقتها بعد شراء بعض اللحم والفاكهة ولوازم أخرى احتفالا بهذا النجاح ...وفرحت أم عبدالله حين رأت السعادة تغمر وجه صديقتها الحميمة .
وأغتنمت حليمة كل فرصة تجدها حين تمر قريبا من بيت أبو محمد القديم ..للسؤال عنه ......وذات يوم كانت تجلس مع سيدة من أهل الحي الذي يقع فيه بيت أبو محمد ......فسألت المرأة عنهم للمرة الألف ...فأخبرتها أن زوجها سمع من بعض الأشخاص بحكاية الحادث الذي وقع من مصادر مختلفة ......لكنهم لايعلمون ماذا حدث له على وجه التأكيد .....فبعضهم قال أنه قد مات ....والآخر يؤكد أن الذي مات هو الإبن ....وأن الأب لايعي من أمره شيئا ......وأيضا لم يكن يعرف أحدٌ أين يقيم الآن .....فصمتت حليمة وقد أيقنت أن ذلك نهاية الطريق لمعرفة مكان ابنها ... !!
الله يحبكــــ(ن)ـــم

 

 

   

رد مع اقتباس