رسـائـل في الرفق
الأولى
إلى دعاة الحق والفضيلة والى كل ناصح مرشد مشفق
رفقا بالمنصوحين وقولا لينا ،
فإن في ذلك مدعاة لقبول نصحكم والاهتمام به ...
فهلا تأملتم خطاب الله جل وعلا لكليمه موسى
و أخيه هارون عليهما السلام في قوله تعالى :
" اذهبا إلى فرعون إنه طغى
فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى "
أي اذهبا إلى فرعون الطاغية الذي جاوز الحد في كفره
وطغيانه وظلمه وعدوانه " فقولا له قولا لينا "
أي : سهلا لطيفا برفق ولين وأدب في اللفظ ،
من دون فحش ولا صلف ولا غلظة في المقال
او فظاظة في الأفعال " لعله " بسبب
القول اللين " يتذكر "
ما ينفعه فيأتيه " أو يخشى " ما يضره فيتركه فإن القول اللين داع لذلك
والقول الغليظ منفر عن صاحبه وقد فسر القول اللين
في قوله تعالى :
" فقل له هل لك إلى أن تزكى
وأهديك إلى ربك فتخشى "
فإن في هذا الكلام من لطف القول وسهولته
وعدم بشاعته مالا يخفى على المتأمل فإنه أتى
بـ " هــل " الدالة على العرض
والمشاورة والتي لا يشمئز منها أحد ودعاه إلى التزكي
والتطهر من الأدناس التي أصلها التطهر عن الشرك ,
الذي يقبله عاقل سليم ولم يقل " أزكيـك " بل قـال
" تـزكى " أنت بنفسك ثم دعاه
إلى سبيل ربه الذي رباه و أنعم عليه بالنعم الظاهرة
والباطنة التي ينبغي مقابلتها بشكرها وذكرها فقال :
" و أهديك إلى ربك فتخشى "
(( فإن كان أسلوب الخطاب هذا لذلك الطاغية
فكيف بإخوانكم المسلمين يرحمكم الله ))