الــبـــدع : حــوقـــان
ياراعي الدخان هب لي بكت بكـت
خبّر مصانعهم تجيب البكـت لنـا
واللي يكيل الحب ماهو مردّم كيلـه
جالس يكلم نـاس صمـا بكاميـه
الـــرد : بـــن طـويــر
يقول ابن منصور عيني بكت بكت
على فراق اللي عيونه بكـت لنـا
يبكي لنا المحبوب وعيوننا تبكي له
ابكي مية بكيه وخلي بكـى ميـه
احمد بن محمد بن زربان المالكي الملقب بحوقان شاعر عرضه كبير ومخضرم من اقوي شعراء المنطقة الجنوبية من مواليد المحامده التابعة لبني علي ببني مالك عام 1340 هـ قيل أن سبب تلقيبه بهذا اللقب أنه كان يحوق الشعراء من العرضة أوالملعبة وأنا لا أشك في ذلك . شاعرية منقطعة النظير بساطة في الطرح عمق في المعاني قوة في البدع والتأسيس وقوة في الرد . توفي رحمه الله عام 1423 هـ.
في هذه الرباعية يشترك مع ابن طوير عيظة في إبداع تحفة معمارية فنية جنوبية غير عادية .
كان البدع والتأسيس من المهندس المتقن احمد بن زربان الذي صاغ العبارات ببساطة وسلاسة جللها الغموض العجيب في المعنى . لك الله يا حوقان في هذا الكيف العارض والطلب بكت بكت وليس سيجاره فقط بل بكت بل نريد الدعم من أهل الصناعة ذاتهم ، واللي يكيل الحب ماهو مردم كيله جالس يكلم ناس صما بكاميه.
لقد صمم ابن زربان القصيدة أشبه ماتكون بعمارة متقنه وضع أسسها بدقة متناهية وجمل واجهاتها في أدوارها الأربعة بزخرفة ميزت كل دور لونها بثلاثة حروف رئيسية الباء والكاف والتاء . هذا البناء المتقن وهذه الزخرفة تلزم من يرد بالتقيد بها وبألوانها وبنفس الخطوط والأبعاد .فلو أغفلنا المعاني العميقة في النص لن نغفل الفخ الذي نصبه لمن يرد فمن يتقيد بنمط البناء بالدقة المطلوبة يتوجب عليه البكاء وهذا ما فعله ابن طوير في الرد البديع .
رفيق الدرب والصديق الحميم عيظة بن طوير كان مهندس الرد وهو غني عن التعريف دكتور وأكاديمي في العرضة الجنوبية وفنونها وهو هنا يجد الطرح كأفضل ما يكون ولا يملك إلا أن يستجيب للمعطيات المتاحة وفعلا باشر الرد بكل اقتدار واحتراف واستخدم نفس الألوان والزخرفة التي استخدمها ابن زربان وخرج لنا أيضا ببناء بديع متقن في النص ، لقد فجر الدكاترة عيظة بن طوير شلالات الدموع وبكى واستبكى ولولا لطف الله أن كانت القصيدة قصيرة لكنا بكينا الدم بعد نفاذ الدموع مع ابن طوير ولقتلنا الحزن والكمد . رباعية رائعة أيضا من ابن طوير اشتكى فيها من الهجر والبين وحالته مع المحبوبة.
لله دركما يا ( يا مالكي ) زمام القصيدة الجنوبية ابن زربان وابن طوير .