عود ثقاب (إدارة الحوار)
سلامة الزيد
(عكاظ)
? تابعت عبر إحدى فضائياتنا السعودية الخاصة برنامجا اسمه «قانون المجتمع» وللإنصاف فإن هذا البرنامج يطرح وبشفافية الكثير من القضايا المغيبة والمسكوت عنها، وهي نقطة إيجابية تحسب لفريق الإعداد في البرنامج، ولكن يبدو أن مقدم البرنامج لا يستطيع الفصل بين آرائه الخاصة في القضايا والناس، وبين دوره كمذيع يفترض أن يكون محايدا وموضوعيا. ففي إحدى الحلقات ـــ وكانت تتحدث عن قضية «المجاهر» التي باتت كالمتنبي شاغلة الدنيا ـــ استشهد أحد الضيوف بالكاتب المعروف عبد الله بن بخيت، فما كان من المذيع إلا أن قال غاضبا: «أنا لا يشرفني أن أتحدث أو أستشهد بمثل هذا الكاتب»!
? مثل هذا الطرح وبهذا الأسلوب يفقد البرنامج الذي أراه متميزا الكثير من مبررات نجاحه عندما يشخص المذيع القضايا فيلقي عليها بظلال انطباعاته الشخصية، وكأنما يود أن يرضي فئة يصنف نفسه منها، وهذا على الصعيد الشخصي حق لا يمكن أن نسلبه إياه فلكل آراؤه وتوجهاته التي يزعم أنها الحق والأحق بأن تتبع، إنما ينبغي أن تبقى آراؤه آراء شخصية فقط ولا يخلطها بطرحه الإعلامي كمذيع.
? عندما أتحدث عن هذا النموذج فإنني أود الولوج إلى النقطة الأهم وهي أن الآخر عندما يتاجر بقضايانا مثل قناة الـ lbc بأسلوبه ووفق أهدافه فإن ذلك يشير إلى أننا تركنا له الميدان عندما غيبنا هذه القضايا بزعم أننا مجتمع لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهذه أضحوكة استمزجناها سنوات طويلة دون أن نلتفت إلى الجمر الذي يتقد تحت الرماد حتى كاد أن يلهب وجوهنا ناهيك عن الجانب التجاري في استقطاب المعلنين والرعاة لتلك البرامج وهم ممن يحملون هوية هذا الوطن، رغم أن من يدير هذه اللعبة الإعلانية في الغالب ليسوا سعوديين، وهنا تنتصب أكثر من علامة استفهام ربما الإجابة عليها تكشف الكثير من خفايا هذه اللعبة الإعلامية، التي نكتفي بالفرجة عليها كالبلهاء الذين لا يدركون طبيعة مايجري حولهم، وهذا بالطبع جاء على حساب وسائل إعلامنا الرسمية التي تشتكي فقرا برامجيا؛ حتى لا تكسر خاطر فلان ولا تجرح علانا ولا تغضب هذا المسؤول أو ذاك ونتج عن هذا بالطبع فقر إعلاني.
? أمام هذا الواقع الذي وجد مثقف وزير بحجم الدكتور عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام نفسه فيه أجدني أتساءل حائرا: هل سيتمكن بحماسه وهمته ورغبته في تغيير هذا الواقع من تجاوز كل الأسباب التي أوجدت هذا الواقع؟
? دعونا نتفاءل فالمؤشرات والأحداث كلها تدفع باتجاه ضرورة خلق إعلام يتجاوز وهم المجتمع المثالي والخصوصية الأفلاطونية.