الجزء الأول
نشأة مدينة جدة
تعود نشأة مدينة جدة إلى ما يقارب 3000 سنة على أيدي مجموعة من الصيادين كانت تستقر فيها بعد الإنتهاء من رحلات الصيد ، ثم جاءت قبيلة قُضاعة إلى جدة قبل أكثر من 2500 سنة فأقامت فيها
كان التحول التاريخي لمدينة جدة في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان "رضي الله عنه" عام 647 م عندما أمر بتحويلها لميناء لاستقبال حجاج البحر المتجهين لأداء الحج في مكة المكرمة ، ولا تزال جدة إلى اليوم المعبر الرئيسي لحجاج البحر والجو والكثير من حجاج البر
نُطق كلمة جدة
بكسر الجيم : يقال أن جِدة سميت باسم شيخ قبيلة قضاعة وهو جِدة بن جرم بن ريان بن حلوان بن علي بن إسحاق بن قضاعة ، ويعود نسبهم إلى الجد التاسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم
بضم الجيم : يقال أيضاً إن أصل التسمية لهذه المدينة هو جُدة التي تعني بالعربية شاطىء البحر ، وهي التسمية التي يذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان وابن بطوطة في رحلته
بفتح الجيم : هناك رأي يقول أن الإسم هو جَدة (بمعنى والدة الأب أو الأم) ، ينسب سكان المدينة التسمية لأم البشر حواء التي يقولون أنها دفنت في هذه المدينة التي نزلت إليها من الجنة ، بينما نزل جدنا آدم في الهند ، والتقيا عند جبل عرفات ودفنت هي في جدة ، وتوجد مقبرة تُعرف باسم "مقبرة أمنا حواء"
سور جدة وبواباتها القديمة
قام ببناء سور جدة "حسين الكردي" أحد أمراء المماليك في حملته عندما اتجه ليحصن البحر الأحمر من هجمات البرتغاليين ، فشرع بتحصينه وتزويده بالقلاع والأبراج والمدافع لصد السفن الحربية التي كانت تُغِير على المدينة ، قام حسين كردي ببناء السور وإحاطته من الخارج بخندق زيادة في تحصين المدينة من هجمات الأعداء ، وبمساعدة أهالي جدة تم بناء السور ، وكان له بابان ، أحدهما من جهة مكة المكرمة والآخر من جهة البحر ، ويذكر أن السور كان يشتمل على ستة أبراج ، محيط كل برج منها 16 ذراعاً ، ثم فتحت له ستة أبواب هي : باب مكة ، باب المدينة ، باب شريف ، باب جديد ، باب البنط ، باب المغاربة ، وأضيف إليها في بداية القرن الحالي باب جديد هو باب الصبة ، تم إزالة السور لدخوله في منطقة العمران عام 1947 م
حارات جدة
قسمت مدينة جدة داخل سورها إلى عدة أحياء ، أطلق عليها مواطنو المدينة القدامى مسمى "حارة" ، وقد اكتسبت تلك الأحياء أسماءها حسب موقعها الجغرافي داخل المدينة أو شهرتها بالأحداث التي مرت بها ، وهي :
حارة المظلوم
سميت هذه الحارة نسبة للسيد عبدالكريم البرزنجي الذي قتلته الحكومة العثمانية ظلما ، وتقع في الجزء الشمالي الشرقي من داخل السور شمال شارع العلوي ، وبها دار آل قابل ومسجد الشافعي وسوق الجامع.
حارة الشام
تقع في الجزء الشمالي من داخل السور في اتجاه بلاد الشام ، وفي هذه الحارة دار السُّرَّتي ودار الزاهد
حارة اليمن
تقع في الجزء الجنوبي من داخل السور جنوب شارع العلوي ، واكتسبت مسماها لاتجاهها نحو بلاد اليمن ، وبها دار آل نصيف ومنزل الشيخ محمد نصيف ودار (آل شعراوي ) ومنزل الشيخ ( جميل شعراوي ) ودار الجمجوم ودار آل عبدالصمد
حارة البحر
تقع في الجزء الجنوبي الغربي من مدينة جدة ، وهي مطلة على البحر ، وبها دار آل رضوان وآل مسعد
حارة الكرنتينة
تقع جنوب جدة ، كانت مواجهة للميناء البحري القديم قبل ردم المياه الضحلة أمامها لإنشاء ميناء جدة الإسلامي ومصفاة البترول ، وكان دخول الحجاج القادمين بحرا عن طريقها ، وتعتبر أقدم أحياء جدة خارج السور ، وتسكنها حاليا أغلبية وافدة من دول أفريقيا ، وهي بجوار مصفاة جدة الجنوبية للبترول
البناء
كانت مواد البناء الشائع استخدامها في بناء البيوت هي إما الطابوق الطيني أو الحجر مع الجص ، وكان الهيكل الإنشائي يعتمد على الجدران الساندة ، وتبنى السقوف بطريقة العقادة ، فكان يُمَد الحديد أو الخشب أو الحجر الذي يرتكز عليه السقف إلى الشارع أو الفناء ثم يكمل البناء فوقه بالخشب المزخرف ويسقف أيضا بالخشب لخفة وزنه حيث أن البروز لم يكن يستند على أعمدة ، فلا يتحمل الطابوق أو الحجر ، وكان من أشهر معلمي البناء بجدة قديماً الشيخ / جميل شعراوي بحارة اليمن
كان هناك أنواع متعددة من المشربيات بعضها مغلق والبعض الآخر مفتوح ، حيث أن المفتوحة كانت بمثابة شرفة تطل على الشارع أو الفناء ، وكانت النقوش الخشبية تترك مفتوحة لتسمح بدخول الهواء والضوء ، أما المغلقة فكانت تمثل امتدادا للغرف بالطابق الأول ، وكانت الزخارف تبطن بالزجاج الملون وتجعل فيها نوافذ تفتح عموديا
أشهر جوامع ومساجد جدة
مسجد الشافعي
يقع في حارة المظلوم في سوق الجامع ، وهو أقدم مساجدها ، وقيل أن منارته بنيت في القرن السابع الهجري الموافق الثالث عشر ميلادي ، وهو مسجد فريد في بنيان عمارته (مربع الأضلاع ووسطه مكشوف) للقيام بمهام التهوية ، وقد شهد المسجد أعمالا ترميمية لصيانته وتقام به الصلاة
مسجد عثمان بن عفان
ويطلق عليه مسجد الأبنوس (الذي ذكره ابن بطوطة وابن جبير في رحلتيهما) لوجود ساريتين من خشب الأبنوس به ، تم بناؤه خلال القرنين التاسع والعاشر الهجريين ، وله مئذنة ضخمة ، يقع في حارة المظلوم
مسجد الباشا
يقع في حارة الشام ، وقد بناه بكر باشا الذي ولي جدة عام 1735 م ، وكان لهذا المسجد مئذنة أعطت المدينة معلماً أثرياً معمارياً ، وقد بقيت على حالها حتى 1978 م عندما هُدِم المسجد وأقيم مكانه مسجد جديد
مسجد عكاش
يقع داخل شارع قابل غرباً أقيم عام 1200 هـ وقام بتحديد بنائه عكاش أباظة وتم رفع أرضية المسجد عن مستوى الشارع بحيث يصعد إليه بعد درجات وهو في حالة جيدة وتقام به صلوات حتى اليوم
مسجد المعمار
يقع في شارع العلوي غرباً بمحلة المظلوم ، وقد عمَّره مصطفى معمار باشا عام 1384 هـ ، وهو بحالة جيدة وتقام فيه الصلاة وله أوقاف خاصة به
جامع الحنفي
يقع في حارة الشام ، ويرجع تاريخ بنائه إلى عام 1320 هـ ، وهو أكبر مساجد جدة القديمة ، تمت صيانته عدة مرات
مسجد الجفالي
يقع في منطقة البلد مقابل فرع وزارة الخارجية وميدان البيعة
مسجد الرحمة
مسجد حديث ، يقع فوق سطح البحر على كورنيش جدة
مسجد الملك سعود
يقع في منطقة البلد ، تم بنائه في عهد الملك سعود ، ويتسع لخمسة آلاف مصل
جامع حسن عناني
ويقع على كورنيش جدة الأوسط عند تقاطع شارع الحمراء مع طريق الكورنيش
جامع الملك فهد
يقع بحي المحمدية قرب مطار الملك عبد العزيز ، ويعد أكبر وأفخم مساجد جدة ، يتسع لما قد يزيد عن 5000 مصل
مقبرة أمنا حواء
تقع في وسط المدينة ، ويعتقد أن " حواء " أم البشر توفيت ودُفِنت في المقبرة
الموقع الجغرافي
تقع مدينة جدة على الساحل الغربي من المملكة عند التقاء خط العرض 29.21 شمالا وخط الطول 39.7 شرقا عند منتصف الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر جنوب مدار السرطان ، ويحيطها من الشرق سهول تهامة وتمثل منخفضا لمرتفعات الحجاز ، ومن الغرب يوجد على مسافة الشاطئ سلاسل متوازية من الشعب المرجانية ، وتبلغ مساحتها الإجمالية 748 كيلومتراً مربعاً ، وتعد مدينة جدة عروس البحر الأحمر وأكبر المدن المطلة عليه ، وهي من أهم مدن المملكة ، وتعتبر البوابة التجارية لها وعاشت نهضة صناعية كبيرة وتطورا في جميع المجالات التجارية والخدمية ، الأمر الذي جعلها من أكثر المدن استقطابا للاستثمارات حتى صارت مركزاً مهماً للمال والأعمال ، كما اكتسبت جدة أهمية سياحية وباتت من أكثر المدن السعودية التي تحتضن مرافق ومنشآت سياحية متطورة كالفنادق والشقق المفروشة والمنتجعات والمطاعم التي تقدم ألواناً مختلفة من الأطعمة ، إضافة إلى المراكز الترفيهية والمتاحف الأثرية والتاريخية
أسواق جدة القديمة
سوق العلوي
يعتبر فاصلاً بين حارة المظلوم شمالاً وحارة اليمن جنوباً ، ويتميز بعرض العديد من السلع والبضائع كالملابس والبهارات والمستلزمات المنزلية وغيرها
سوق البدو
يقع على مقربة من بوابة مكة ، وتُعرض فيه البهارات والحبوب والأقمشة بأنواعها وكل ما يجذب سكان البادية
سوق قابل
شهد عبر الزمن تغيراً جذرياً في نوعية البضائع المعروضة فيه ، مثل الأقمشة والأحذية والذهب وجميع مستلزمات المناسبات من حلوى وبُن وساعات وأجهزة كهربائية ، وهو هدف حيوي لزوار جدة قديماً وحديثاً
سوق الندى
من أهم الأسواق القديمة بمدينة جدة ، يمتد بمحاذاة الجزء الغربي من سور المدينة حيث يلتقي شماله بشمال غرب المدينة ، ويتفرع منه عدة أسواق جانبية تزيد من أهميته وحيويته التجارية ، واشتهر شمال سوق الندي بكثرة إنتشار المكتبات وبيع السمك المقلي والمشويات وصناعة الأحذية والحقائب وإصلاح الساعات
أسواق قديمة أخرى
إضافة إلى الأسواق الرئيسة ، ظهرت في جدة القديمة بعض الأسواق والخانات المعروفة من أهمها : سوق السمك "البنقلة" وسوق الجزارين بالنورية ويقع في نهاية شارع قابل ، والسوق الكبير وتباع فيه الأقمشة ، وسوق الخاسكية ويقع خلف دار الشيخ محمد نصيف ، وسوق الحبابة ويقع في باب مكة ، وسوق الجامع نسبة إلى جامع الشافعي ، وسوق الحراج "المزاد العلني" وسوق العصر ويقعا في باب شريف ويقام عصر كل يوم ، وسوق البرادعية وكانت تصنع فيه برادع الحمير والبغال وسروج الخيل عند عمارة الشربتلي ، وسوق السبحية وكانت تصنع فيه وتباع المسابح بأنواعها ويقع في منطقة الخاسكية ، وسوق باب شريف وتباع فيه الأقمشة
مطار الملك عبد العزيز الدولي
يقع مطار الملك عبد العزيز الدولي على مساحة 105 كيلومتر مربع ، يضم المطار ثلاثة صالات للركاب ، الصالة الجنوبية والصالة الشمالية وصالة الحجاج
وحاليا يجري تطوير المطار بمساعدة شركة مجموعة مطارات باريس للهندسة (ADPI) حيث سيتم إنشاء مجمَّع لصالات السفر يضم الخطوط السعودية والأجنبية ، و 42 بوابة ، كما يتم إعادة تأهيل وتطوير جميع المدارج والممرات الرئيسة والفرعية في المطار ، وتحديث أنظمة الإنارة الأرضية والبنيـة التحتية لتقنية المعلومات ، وكذلك إنشاء برج للمراقبة مزود بأحدث الأنظمة الملاحية ، وإنشاء محطة للسكة الحديد ترتبط بمكة المكرمة والمدينة المنورة ، ويتوقع أن تكتمل هذه المرحلة عام 2011 م
ميناء جدة الإسلامي
يعد ميناء جدة الإسلامي أكبر ميناء بحري على البحر الأحمر ، ويتميز بموقعه الجغرافي فى وسط الخط الملاحي الدولي ما بين الشرق والغرب ، ويعتبر الميناء منفذاً إقتصادياً رئيساً حيث يقوم بمناولة 59% من حجم البضائع عبر الموانىء السعودية ، يعمل على مدار الساعة وطوال أيام العام
جدة مركز جذب سياحي
تحتضن مدينة جدة أكثر من 80 فندقاً موزعة على مختلف الدرجات الفندقية ، وتتمتع بمقومات سياحية متعددة ،
منها :
الكونيش الشمالي الذي يبلغ طوله حوالي 11.25 كم ، كما يبلغ طول الكورنيش الأوسط الذي يعد امتداداً للكورنيش الشمالي 2.5 كم ويتداخل مع ساحل البحر الأحمر في شكل انحناءات وتصميمات جمالية وجلسات تشكل منتزها للزوار والأهالي ، وتحاذي الكورنيش طرق رئيسة تتخللها بحيرات مائية مختلفة المساحات متناسقة التفاصيل الدقيقة التي تتمازج مع تصميم الكورنيش الصخري في صورته البديعة ، حيث وضعت الكسارات الصخرية للتخفيف من حدة الأمواج المتسابقة نحو الشاطئ وللتخفيف من عوامل التعرية البحرية التي تؤثر على الأرصفة على طوال الكورنيش
الكورنيش الجنوبي ويمتد على طول الساحل الجنوبي ، وتم ردم مناطق الشعاب الضحلة فيه إلى داخل البحر ليتشكل في صورة أرصفة صخرية في أشكال جمالية لجلسات الزوار والعائلات وملاعب الأطفال ، ويتجه هذا الجزء من الكورنيش إمتداداً إلى الجنوب ليلتقي مع الشواطئ الموازية لمنطقة البلد وشواطئ الميناء التي تبلغ حوالي 27 كم طوليا ، ويستقبل هذا الجزء من شاطئ جدة الزوار القادمين من شارع فلسطين مباشرة أو القادمين من شارع متفرع من شارع الأندلس ، كما أن هنالك العديد من الشوارع الفرعية التي تفضي للجزء الجنوبي من الكورنيش الذي تقع على شاطئه المراكز التجارية والفنادق والمطاعم التي تتنوع في تقديم الأصناف المختلفة من الأطعمة ، وهنالك مساحة واسعة لشاطئ رملي منحدر في الكورنيش تزينه الإضاءات الملونة لعربات الخيل والدبابات الأرضية ، حيث يتسابق مالكوها لتأجيرها لبعض الزوار الذين يجدون متعة في ركوب هذه العربات أو الدراجات النارية خلال رحلاتهم البحرية
شرم أبحر يبلغ طوله 17.5 كم تقريبا على شكل هلال حيث تتقابل جهتا الساحل لبعضهما البعض ، ويقع شرم أبحر في شمال جدة ، ويتميز بمياه عميقة بعكس الشاطئ الجنوبي لجدة ، ويمتد الشرم جنوباً حيث يلتقي بشمال الكورنيش الشمالي ، وتقع على ساحله المنتجعات السياحية الذي يستقطب العديد من المتنزهين