ليس لأنه أبي فقط - وهو أهلٌ بلا شك -
 وليس لرغبةٍ ملـحّةٍ في الشعر ، واستهلاك الكلام ...
ولكنها اللحظة الشعريةُ الصادقة غالباً ما تأسرنا دون مقاومة أو حتى مفاوضات !
 لذا كنتُ هنا ، وكان القصيدُ في حضرة (الأب) الغالي الأستاذ مسفر بن علي بن قسقس ...
 صعيدٌ .. هل يفوقُ على السماءِ ؟=وصوتٌ شاحبٌ ، فارضوا غنائي
تبعثرني المطامحُ كلَّ شطرٍ=وتلفحني الأماني في انكفائي 
وتزأر في سجونِ الوقتِ روحي=فأسمعُ رجعها مثلَ المُواءِ !
أبعثرُ في ركامِ الوقتِ عمري=وأجمعُ خيبتي من كل نائي 
وليس المرءُ يرقى كلَّ صعبٍ=إذا لم يرتشفْ مرَّ الإباءِ
إذا ما أقبلَ الدهرُ ابتهاجاً=يجدْني الدهرُ مثقوبَ الإناءِ
سلاماً يا أبي .. والليلُ يزهو=بكفّكَ أغنياتٍ من ضياءِ 
سلاماً .. أنتَ لا شعراً يُداني=مقامك أو كلاماً من غُثاءِ
سكبتَ الماءَ في صحراءِ شعري=وأيْنعْتَ المعاني في حُدائي 
وأكبرُ كلَّ يومٍ .. غيرَ أنّي=على كفّيكَ أصغرُ من هباءِ
منارةَ ظُلمتي ، ورداءَ ضعفي=ومعطفَ وحدتي ، وندى شتائي 
بذرتَ سنابلَ الإحسانِ دهراً=وعمرُك ماؤها .. يا خيرَ ماءِ 
وشيّدتَ المباني ، ليس صخراً=ولكنْ شامخاتٍ من عطاءِ
صقلتَ النشْءَ تهذيباً وعلماً=فجاءَ الجيلُ مصقولَ الرداءِ
وقوّمتَ اعوجاجَ العقلِ ردحاً=فأضحى العقلُ موفورَ النماءِ 
ولمْ تجزعْ .. أيجزعُ من توخّى=طريقَ محمدٍ والأنبياءِ ؟ 
سكونُك حكمةٌ ، ومداكَ رحبٌ=ونُطقكَ غايةُ القولِ السواءِ 
رصيدُ المفلسينَ حُطامُ مالٍ=وكنـزُكَ من شذى ألَفٍ وباءِ 
وتركض حين يحبو الناسُ ضَعفاً=وتمضي دونَ عجزٍ أو عناءِ  
كتبتُك ظامئاً ، وسكبتُ سطراً=فلم أبلغ حدودَ الارتواء 
وجئتُك معتمَ الأرجاءِ قفراً=فشعّ ضياءُ فجرِكَ في خُوائي 
سلاماً يا أبي .. ليس انتهاءً=ولستَ تكونُ في سطرِ ابتداءِ 
لمثلك تخفق الأشعارُ حبّاً=وتغدو قٌبلةً في الانتهاءِ 
 1/12/1430هـ