السؤال : فضيلة الشيخ ! هناك من يحاول أن يشكك في أمر البيعة لولاة أمرنا بأمور منها :
أن البيعة لا تكون إلا للإمام الأعظم .
أو بقوله : أنا لم أبايع .
أو بقوله : أن البيعة فقط للملِك وليس لإخوته .
فما قولك ؟
الجواب : لا شك أن هذا من جنس ما أشرنا إليه في أول سؤال سُئِلنا إياه ، وأنَّ هذا خاطئ ،
وإذا مات صاحبه فإنه يموت ميتة جاهلية ؛ لأنه سيموت وليس في رقبته بيعة لأحد .
والقواعد العامة في الشريعة الإسلامية أن الله يقول : فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ . سورة التغابن ، ( الآية : 16 ) .
فإذا لم يوجد خليفةٌ للمسلمين عمومًا ؛ فمن كان ولي أمر في منطقة ؛ فهو ولي أمرها ،
وإلا لو قلنا بهذا الرأي الضال ؛ لكان الناس الآن ليس لهم خليفة ، ولكان كل الناس يموتون ميتة جاهلية ، ومن يقول بهذا ؟!
الأمة الإسلامية تفرقت من عهد الصحابة ، تعلمون أن عبد الله بن الزبير في مكة ، وبنو أمية في الشام ،
وكذلك في اليمن أناس ، وفي مصر أناس ،
وما زال المسلمون يعتقدون أن البيعة لمن له السلطة في المكان الذي هو فيه ،
ويبايعونه ويدعونه بـ ( أمير المؤمنين ) ، ولا أحد ينكر ذلك .
فهذا شاق لعصا المسلمين من جهة عدم التزامه بالبيعة ،
ومن جهة أنه خالف إجماع المسلمين من عهد قديم ،
والرسول - عليه الصلاة والسلام - يقول : ( اسمعوا وأطيعوا ؛ وإن تأمر عليكم عبد حبشي ) . هذه واحدة .
الثانية : يقول : إنه لم يبايع .
وهذه في الحقيقة دعوة جاهل من أجهل عباد الله ، الصحابة - رضي الله عنهم - لما بايعوا أبا بكر ،
هل كل عجوز وكل شيخ وكل يافع جاء وبايع ، أم بايعه أهل الحل والعقد ؟
فإذا بايع أهل الحل والعقد أميرًا على البلاد ؛ فقد تمت البيعة ، وصار أميرًا تجب طاعته .
والثالث : أنهم ما بايعوا للملِك ، ما الذي أدراهم أنهم ما بايعوا للملك ، الناس بايعوا للملك ،
أنا حضرتُ البيعة لخالد - رحمة الله عليه - ، وللملك فهد وبايعنا ،
صحيح ما جاء كل صغير وكبير يبايعونه ، إنما بايع أهل الحل والعقد فقط .
ثم إنه إذا بويع الإنسان بالإمرة على بلد من البلاد ، ثم جعل له ولي عهد ؛ فهو ولي عهدٍ مِن بعدِه ،
إذا انتهت ولاية الأول صار هذا الثاني - بدون مبايعة - ولي أمر ، ولا يصلح الناس إلا هذا ،
لو قلنا : إن ولي العهد ليس له ولاية عهد حتى يبايَع من جديد ، صار فيه فوضى ؛
لكن مثل هذه الآراء يلقيها الشيطان في قلوب بعض الناس ؛ من أجل أن يفرق جماعة المسلمين ،
ويحصل التحريش الذي بيَّنه الرسول - عليه الصلاة والسلام - حيث قال :
( إن الشيطان قد أَيِسَ أن يُعْبَد في جزيرة العرب ؛ ولكن بالتحريش بينهم ) .
فبلِّغ هذا الأخ نصيحتي إياه ، أن يتقي الله عز وجل ،
وأن يعتقد أنه الآن في ظل أميرٍ ذي ولاية عليه ،
حتى لا يموت بعد ذلك ميتة جاهلية .
الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - فى اللقاء المفتوح