أنت تكتب تاريخك

البعض من الناس يتهم الآخرين أنهم أساؤوا إليه ، ولفّقوا له من التُهم الكثير ، 
وشوّهوا سيرته وتاريخه , ونسي هذا أو تناسى أنه هو من يكتب تاريخه بيده ؛ 
فكل ثانية أو دقيقة أو ساعة أو يوم أو شهر أو سنة تمُرّ على الإنسان يسطر فيها 
موقفاً أو عملاً أيّاً كان هذا العمل عظيماً أو حقيراً ، ثم تتراكم هذه الإعمال طيلة 
الأيام والسنين لتشكّل تاريخ هذا الشخص في النهاية .
إذاً فمِن البداية خُذ الحذر والحيطة .. 
واكتب تاريخك كما تريد أنت لا كما يريد الناس .. 
ولا تُسقط على الآخرين أخطاءك ، 
وتتهمهم أنهم هُم الذين دفعوك لهذا الأمر أو ذاك . 
لأن القاعدة تقول : أنا أتحكّم بعقلي إذاً أنا مسئول عن نتائج أعمالي . 
فما دام الأمر كذلك فاكتبْ تاريخك بمِداد من نور واعمِد إلى عظائم الأمور ، 
واجعل لك في كل أمر عظيم نصيباً , واهتم بالإنجازات البسيطة ، 
لأنها في النهاية تشكل عملاقاً رائعاً ؛ فالجبال من الحصى . 
وإيّاك وتوافه الأمور فإنها تجتمع حتى تكون جبلاً بركانياً ينهار على صاحبه 
فيهلكه في لحظة واحدة .
قد يقول قائل : كيف أكتب تاريخي بشكل مُشرّف 
وأنا قد بلغت الستين أو الخمسين أو أقل من ذلك أو أكثر ؟
 ومعه الحق في ذلك !!
 ولكن أقول له يمكن ذلك وبكل سهولة !! 
ابدأ من هذه اللحظة ، واعتبرها اللحظة الأولى في حياتك ، 
وتناسَ الماضي ، واشتغل بالحاضر والمستقبل ، 
واجعله صفحة بيضاء ناصعة مُرصّعة بالإنجازات .
وإيِّاك والنكوص إلى الوراء .. وإياك وكلام المُخذلين والبطالين 
الذين لا يجيدون إلاّ لغة الذم والتنقص والتثبيط . 
لا تنظر إليهم أبداً ، 
ولك في سِيَر العظماء عِبرة مثل أبو بكر وعمر وبقية الصحابة 
ماذا كانوا قبل الإسلام ؟
 وماذا صاروا بعد الإسلام ؟!
خُذ منهم العبرة والدروس ، وكن على ثقة أنه ما من إنسان إلاّ 
و في حياته إخفاقات وسقطات ، ولكن يظل الحُكم للأغلب ، 
والأعمال بخواتيمها .
بإمكانك أن تبدأ من الآن رحلة التغيير والسير نحو التميّز من خلال 
العمل الجاد ، ومن خلال محاسبة النفس ، ومن خلال الإقلاع عن 
كل عادة سلبية ، أياً كان نوعها ، واستبدالها بعادة إيجابية . 
وكن على ثقة أن التميّز يأتي من خلال الأعمال البسيطة المتميّزة 
كما أشرت سابقاً .
المهم أن تقرّر ماذا تريد أن تكون .. وتحدّد الهدف ، وألاّ تسمح لأحد 
أن يصدّك عمّا تريد , وإن حدثت لك بعض الإخفاقات فلا تجعلها عائقاً 
عن مواصلة السير نحو القمة التي ترجوها ، 
وتذكر أن ليس هناك فشل بل تجارب .
أتمنى أن أجدك وقد وصلت قمة المجد في الدنيا لتكون من 
أصحاب جنة الخلد في الآخرة بإذن الله .
وتذكر أنك أنت من يكتب تاريخك بنفسك ؛ فاكتبه بأي قلم شئت !! 
ودوّن فيه أي عمل شئت ، ولا تلومنّ أحداً أبداً  .
وأحسنْ الظن بالله ، وتفاءل بالخير تجده ، وكلٌ مُيسّر لما خُلق له .
والله أجلّ وأعلم ، وصلى الله على محمد وعلى آله والصحب أجمعين .
الدكتور / عبدالله الشمراني