الأدب نثره وشعره هو أرقي ما وصل إليه فكر الإنسان على مر العصور وهو يتقدم العلوم البحتة والتطبيقية في المرتبة لأن الإنسان يستطيع من خلاله أن يعبر عن مكنونات وخلجات نفسه بأساليب ممتعة وشيقة يتذوقها المتلقي وينتشي بها ومع تعدد فنون الأدب وتنوعها إلا إن الشاعر الجنوبي قد نبغ في الكثير منها وخاصة الشعرية ، ومما تميز به شعراء الجنوب لون أو طرق الجبل أو الجبلي ويشابهه في تهامة اللبيني ، وكان يشدوا بهذا اللون الرعاة والمزارعون والحداة كما تشدو به النساء عند الاحتطاب وعند الطحن على الرحى وعند العمل في المزارع ، وهو لحن غزلي ، ويختلف أداءه من منطقة لأخرى اختلاف نسبي .
وقد كان هذا اللون الجميل يتغنى به على رؤوس الجبال وتردد صداه الأودية الفسيحة حيث يستوقف المارة ويثير الشجون والأحاسيس المكبوتة ، ومما يتميز به هذا اللون النفس الطويل في اللحن عند الإلقاء مما يتيح للشاعر وللملقي تفريغ كم كبير من الانفعالات الوجدانية والنفسية ، وكان هذا اللون ينتشر بانتشار الناس في الأودية والمزارع وترديدهم له ، ولكن مع انعدام الرعي والزراعة في العقود الأخيرة قل وانحسر انتشار هذا اللون البديع وسأورد لكم نماذج لهذا اللون الجميل مكتفيا بإغراقكم في النصوص دون تعليق ولكم حرية الاستمتاع بالقصائد كيفما شئتم .
قال الشاعر محمد بن ثامره الزهراني رحمه الله :
اشكي على الله من بلا قطب شمالي
با يهون قامع الشر
واشكل الشدات وارمي
اسير من بين العصاتين اقتب احنا
كان موتي هيل مانه
خير من بعض العوازير
الموت وانا بوك يا ابراهيم سنَه
وفي الرد قال الثوابي :
فيما تقدم كنت قبل الجيش مالي
وان نقيت انقا مع الشر
وابسل الشدات وارمي
حن اقبل احمد باشه في قوب اقتبحنا
جرب الحد هيلمانه وعل رأسه عوى زير
ما سره المرتين والخيل المسنَه
يقول محمد بن ثامره
ياغفر صيد يرتعي في ناب هولا
كيف له في الخوف يامن
إذا شرب ما يشرب إلا نابع الما
ما معه في القفر وناس
له قائده ترقب كباره والسخالي
الرد من محمد الزهيري الغامدي
فـــاتني وانا به أولى
رحت شام وراح يأمن
وأقفيت وأقفا مأشتفى منا بعلما
دونه المرتين والناس
متى تجي منه المودة والسخا لي
وقال الزهيري أيضا
يازفرتي زفرة مريض ذايق السم
ليمو له م الد واء اجناس
زفرة مدا فيع لها في الشام رتبه
دولة طائل قناها
قلبي من الفتنه و م الهم سارغل غول
فرد عليه بن ثامره بقوله :
مقسم الأنكاح ربي ذا يقسم
ما هبا لي إلا دوج ناس
ومن أشترى خيل الشبانة شامرت به
واتطول من قناها
وانا حليلي م أشترت إلا بغل غول
وقال أحمد بن جبران الزهراني
قال أحمد أم جبران بعض الشيب فضاح
أن رض المخلوق وأن صاح
أن كان حاظى الشيب عقل ونعم الشيب
ما على نقالته عيب
وأن كان عقل ضايع فالشيب ضايع
وقال الشاعر معتوق الزبيدي :
الله من ونة(ن) ونيتها في هذي الايام
ارتج منها السماء والشرق طاحت به جباله
على عشيرا(ن) محله فاليمن وانا في الشام
حبه نزل فالكبد ما حلت الكرهه بداله
ياليتني ببصره واسمع هروجه مثل قدام
والا الهبايب تودي عند مظنوني رساله
وقال الثوابي ايضا :
هني عينك يا شهر لا عدت بادي
يا مخيل كل وادي
والشمس هن الله لها ان كانت ترى الهيل
من صلاة الصبح لليل
والريح هن الله لها تضوي بيوته
تسمع اهروجه وصوته
يا حسفي من ذا يعلمني بعلما
من علومك يابيض اللون
وانا محلي في اليمن والقلب شاما
الرد منه :
قتلتني قتل العساكر في الجهادي
قعدوا زاد الحدادي
في عالقه يوم التقانا الباشه من سيل
واقبل الطابور والخيل
وفي صباح العقبه ونت قلوته
في نهار جار موته
والدم في الاصدار كنه نابع الما
واشكل الترك ابيضلون
حدايله مالباحه لافوق البشاما
وقال شاعر :
البارحه يا حبيبي مادخل في عيني النوم
الا هموما على قلبي كما النار الوريه
حبك تعمق بقلبي بعد ماصبح شي مقسوم
انا اشهد انه ليا اصبح لي من اسباب المنيه
والله اني احسب في الساعات طول الليل واليوم
متى تعود ونحياها ليالينا الهنيه
وقال آخر :
يا سيدي اللي رماني بالمحبه من زمان القلب يهواك
سبحان من صورك يالزين يا راع القبالي
يا سيدي اللي كما مبدا القمر والرب سواك
يابو مقاما(ن) كما خف القنا والجسم حالي
وقال شاعر آخر:
سلام يا من سريت الليل افكر في معانيه
يوم اصبح الصبح ما وصفت مثله مودماني
ابو جعودا(ن) ينشرها وتاصل لا مثانيه
وابو جبينا(ن) كما البراق والحايز يماني
وابو خشيما(ن) كما سيفا(ن) مصقل فيد راعيه
والهرج ما كنه الا الذيب من بين الثماني
والعنق عنق الغزاله والوريد الرب مسويه
ولا تعدل كما لو كان خب الخيزراني
ابو نهودا(ن) كما التفاح والعيلم مسقيه
مغروس في عقلة(ن) بين العطر والزعفراني
وان جيت اوصف حبيبي ما عد احصي في تفانيه
واللي بدا من حبيبي كا ن فالهجره كفاني
وقال ابن طوير وسامح الله ابن طوير :
سقى الله علينا الثلاثاء اللي مضى او يوم الارباع
وغيرها ايامنا اللي ولعتنا بالفنوني
نهار قابلني اللي يشفي العله والاوجاع
يوم قلت له ضاميا من ريقه الصافي سقاني
اربع وعشرين ساعه في مزوح ولعب واشراع
واربع وعشرين ساعه جبت له زين اللحوني
جلست يومين انا واحبيبي نشري ونبتاع
وانسيته الهم وانساني تهاويل الزماني
ويقول الشاعر عطيه بن راضي المالكي :
زفرت زفره زفر منها جريد العود والحاه
وامست حزانا وقالت ويش اصابك يا عطيه
وقلت ما صابني غير الذي بالعين اريناه
الخد مثل الكتب والخشم مثل النافعيه
حمست قلبي كما اللي يحمسون البن بمقلاه
ولا افرح الا ليا جريت فيك المطرويه
وقال شاعر :
قلت الشهر غاب قال الناس شوف الشهر ما غاب
قلت الشهر غاب لكن العذر ما تعرفونه
وقالوا ان كان تقصد غير هذا الشهر كذاب
قلت العذر لي شهر غير اللي انتم تبصرونه
يا شهر يوم انت غايب عن بلدنا ويش الاسباب
ما ترحم اللي من اجلك يا شهر زادت حزونه
الليل يمضي وانا ارقب طلعتك واقف على الباب
والقلب لو ما يشاهد صورتك زادت جنونه
يا شهر خلك بعيدا عالعرب في راس مرقاب
يا شهر ما اظن مثلك عالخلايق يدرقونه
يا شهر ما ارضى فراقك لكن امر الله غلاب
يا شهر كم عاشقا بين العرب تبكي عيونه
يا شهر ظليت احسب طلعتك في قلبي احساب
واليوم يا شهر يا ليت الدهر ما يحسبونه
يا شهر من بعد ما طول غيابك عارضي شاب
والحظ ميت وقلبي بعدكم زادت شجونه
يا وجد روحي على من فارق احبابه والاصحاب
وارتاحوا اهل الهوى والناس من سده ودونه
يتبع .................
.
.