البيض فال عبدالحميد

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استجابة لما ورد في رد سعادة الدكتور سعيد عطيه أبو عالي حفظه الله على الأخ الفاضل والصديق الحميم عبد الحميد بن حسن (جبل الشعبة )
(وابدي لك البيضاء في الساحات ولو كان لها سوق لنشرتها لك من شرفه ) على ما تقوم به من طباعة وتصحيح واتصالات حتى تبلغ رسائلي لأبنائي أهل الساحات)
حيث قرر نشرالبيضاء لعبد الحميد وتجاوباً مع الموضوع رأيت أن من واجبي
المساهمة في نشر البيضاء نثراً للأخ عبد الحميد من عراق ساحات وادي العلي ومن على قمم جباله وبيوته بيضاء يسمع بها القاصي والداني وأتمنى من الأخوة الشعار أن ينشرون البيضاء له شعراً .
وقبل أن يتفاعل الأخوة الأعضاء مع هذا الموضوع وجب عليّ لزاماً أن ابدأ بالتعريف بالبيضاء ليتعرف الجيل الجديد على معاني ومغازي تلك العادات والتقاليد التي كانت متوارثة بين القبائل من خوف وقلق وضياع نتيجة انعدام الأمن وليشكروا الله على أن منّ عليهم بنعمة الأمن في العهد السعودي الزاهر الذي استطاع بفضل الله من تجميع شتات القبائل المتناحرة تحت راية التوحيد في ظل كيان واحد يسمى (الكيان السعودي)
مقدمة :
قبل الإسلام كان لإبائنا وأجدادنا عادات وتقاليد توارثوها من أسلافهم عبر العصورمثل
(البدوة ، البَرَكة ، البيضاء ،الزواج ،الختان،العيدين،الجَرَّة،الحلِّيَّة،الحُملة ،الدَّخِيل،الذِّمَّة ،الرَّاتِب،الِّرفدة،الرِّكزة ،السَّايرة،السِّياقة،العُزُوب، العَزِيْرُ،العلق، العُلُوم) أو العلاّمة )وقد راجت تلك العادات نتيجة لانعدام الأمن في تلك الحقبة من الزمن لكي يسود العدل ويقضى على الفساد
وهي عادات وتقاليد محلية لا تتفق بالضرورة مع الإسلام وإنما تقوم على أساس من الواقع الذي تعارف عليه الناس من عادات وتقاليد وقواعد وضعية يضعها عادة أفراد ظاهرون في المجتمع بالاشتراك مع المستنفذين من المشايخ والعرفاء متأثرين بأهوائهم ورغباتهم وميولهم ونزعاتهم الطبيعية ، وقد أقر الإسلام ما كان مفيداً صالحاً لا يتعارض مع تعاليمه وقيمه ونبذ وحرم ما كان يتعارض معه .

الْبَيْضَاءُ
هي عبارة عن قطعة من القماش الأبيض وقد تكون بالة كاملة من القماش تًرْفًع على أسطح المنازل وفوق الدكاكين بالأسواق في أكثر من مناسبة للإشادة بخلق أحادثة أو فعلة معينة
ولرفع البيضاء شروط خاصة متفق عليها مسبقاً في حلف خاص وهو عبارة عن ميثاق يًعمل به في اتفاقيات الأسواق والأحميات (جمع حمى ) وحدود الديار والنقا وإصلاح ذات البين سمي بـ (الستًّ اللوازم ) ، والقوانين الست اللوازم لعرّاف زهران وغامد وفرضاهم هي:-

الرَّحيم لازِمَةٌ
الْحِلْفُ لازِمَةٌ
السَّدِيْدُ لازِمَةٌ
الجَارُ لازِمَةٌ
الزَّادُ لازِمَةٌ
الضَّيْفُ لازِمَةٌ

وقد يقدّم لمن يستحق رفع البيضاء مبلغاً من المال [ ومن حق عبدالحميد المطالبة به ] إضافة إلى نشر روس من القماش على رؤوس الأشهاد اعترفاً بفضله وتقديراً لفعله ، فعادة ما ترفع البيضاء لشخص أو أشخاص نظير جهود بذلت لتحقيق مصلحة عامة كإحلال السِّلم مكان الحرب بين القبائل أو إحلال الحب مكان الكره بين الأفراد وتقام الولائم والأفراح والعِراض احتفاء بهذه المناسبة .

وسوف أستعرض نماذج لعدد من القصائد الماتعة لبعض من عمالقة الشعر في منطقة غامد وزهران تدور موضوعاتها حول رفع البيضاء ، في مناسبة الإصلاح بين القبائل
قصائد البيضاء
النموذج الأول للشاعرالكبير/عبد الله بن سعيد الزبير الغامدي رحمه الله
قال قصيدة حول هذا الموضوع في مناسبة (صلح) بين بلجرشي وبني ظبيان) أقيم حفل في بني ظبيان وألقى قصيدة بهذه المناسبة عمرها يزيد عن مائة عام
(قيل أنها عام 1318 هـ)
وقد خطب الزبير قبل الحفل خطبه بليغة وموجزه،ومما جاء فيها قوله:
اسمعوا يا لام،يا سماعة الكلام،إن البيضاء فال ............ الخ
ثم فال بلجرشي،من جبر الله يسقيه،إلى بيت الفقيه،ومن هجة البنان،إلى شفا غيلان، وفال بني ظبيان، من سعيده إلى البريده، ومن المشرق إلى المعرق، وفال غامد ،من رهوة البر ،إلى النقب الأغبر، وفال زهران، من سيحان إلى عيسان......الخ.
ثم قال القصيدة التالية :-
البدع
مرحبا وأهلين يالنمر الشجيع البارع الفراس
الله أكبر كم لحق رعيان حمر البل وما يوحلّه
قبل يعدي مات منها الناصفه يوم اتجه لها
ودليل القافله في ظن بالي ماسلم عبيد
مرحبا واعلامكم عندي وبا عطيكم علاميه
ماتعارفنا بقول القايلين إلانظر بعين
فإن ماقدّر يكون ويوم ناسبناك ناسبتانا
تاخذ الصايب وتعطي المقديه والغل ماتكماه
والبيوت كما المحاجي حن يشد الزمل والزماله
إنما الجودة تطوّل لحيتي ماطالت الشعران
والقرى ترحيبة بالضيف لابراً ولا مجدول
من لقي ضيفه لقي صفر المعابر حن تلوح أنظاره
وضعيف البخت ليت أ/ الفري سدّ الحسا بهم
ودنيّ الخال لاصاح المصيح تركب الحمّا له
لانكل ولا نذلّ وعزّنا بالله إلهنا
يبن عمي جيت للبيضا وقروتها ومكرمي
وانا وإن غنيت ماثيراني إمبارك كما حبيش
شرّف الله ناس عن نيسان والحج فضّله عا العمرة
ياغامد كلاً معه في حارته معمر ومصنعي
بين غامد مايجي إلا شور عاقل مايجي بالداعي
والمذاهب والعرب ماقام فيها إلا عريبها
الرد
شلت البيضاء وانا أقسم وهي محسوبه ألف رأس
كورجه في كورجه تغطى (بني عامر) رجال وحله
ورجال أولاد(بارك) كورجه في كورجه لها
ثم (للمسعود) نص الكورجه والنص بني عبيد
وأهل(دار السوق) فيها أربع لحام لهم من أربعين
وأربعين أبا عليها سوق سايل واعتمر سبتانا
وثلا ثين من اقصى البدو تدخل ساحة(المسعود)
و (المدان)أي قسمهم عشرين رأسآً و (الصقاع) كماها
و (القريعي) مقسمه منها ثلاثين أي يوزن ماله
كورجه قسمه ونص الكورجه قسمه مع شعران
وأهل دار(الحصن) وايذا شوركم ياجمعة الحضاره
هم مع بلجرشي ضيفان وأعطيهم حسابهم
والاهم منا وبي يعطون وزعتهم مع الحماله
فا لهم عشرين راس ولايجون هنا ولا هنا
ومية رأس ( لجلحي ) و( حالياً ) و (مكرمي)
و (البكيري) جاه خمسه واربعين وحي ذا القسامه
و (القرى) خمسه وستين أعطي (الحمران) مثلها
واما (الأبناء) قسمهم سبعين راس وحي هذا المده
وثلاثينآ ( لجبري) لميتهم وحيهم
وأهل (الشعبة) وبعد كماها مقسم (العطشاني
وثلاثينآ ( لغيلاني ) و (حزني) و ( مصنعي )
وبعد ميتين راس وفي مشورتها أربعة قريش
واحدآ عبدالعزيز ابن احمد أن الله يطول عمره
والثاني هو ذا استعد اربعمايه من مال بو هزاع
والثالث جماح فتال الحجج يسلم علي لنا
والرابع عبد الغني وبعد وراهم منجب الداعي له
في مساجدهم ميه وميه يكسون العري بهامعاني الكلمات:
1 ـ الكورجه: عشرون رأس من القماش
2 ـ شعران:جبل في تهامه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
النموذج الثاني للشاعر محمد بن غرم الله بن ثامرة من شعار زهران
أشهد ان البيض فال الله سبحانه عظيم الشان
ثم ملائكة السماء والسيدين وراشد ام جمعان
ثم فال الي نقوا بارواحهم في عرضة الضيفان
ثم فال ابني حسن وبني كنانه حلق الصوان
اسودي واحلاف دوقه وشدى واللي نزل بيضان
وآل بلخزمر وبالعامر ويوس التهم والسروان
والبشيري والقريشي والحريري وبني عدوان
وبني جندب لهم روس تنصب من على عيدان
والدوسي وفهمي وعلوي وبني منهب عمى الديان
ومفضل وطفيلي واسودي والمنصر الاسدان
كلهم زهران من غثران لا سيحان لا ناوان
ومن ام ارزاح لا المفتاح لا الضياح
وبني مالك وغامد والذي ابداها وذا استبدها
قبح الله لحية الي ما يقل يستاهلونها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
النموذج الثالث لنفس الشاعر محمد بن ثامرة في نفس الموضوع

يا سلام الله على سوق(ن) نحبه في وكادنا
دونه الله والرجال وُكل قرنا ينتصب يحمية
غير شب الناصري جوف القبس واجب وحق صاب
جرته غبرا وهو اغبر وان فعله ما بعد يسن
كل يوما وايلنا بسبايبه ريعاً ومدح وسبه
نتقاتل بيننا والمرت صوته جافياً وداس
ووصل في كل سده وبعد ينقل في الجدر
والعنايا بينجليها ومن له ديره يمنها
لجل ياخذه له من الشيمات ومن القاله مقسما
يالله انك تقصر الفتنه بجاه محمد النبي
ما بيوقع ما وقع لو كان نشوا جاهلاً واعمى را
غير حكم الله يجري يورد الغبات نهلها
الرد
والله يا زهران يا ما سار لارضانا وكادنا
كادنا ذبح المطاليق الذي الواحد يصبح ميه
وما يرضينا فخله يمن الاسواق والقصاب
واشهد ان البيض للميتى والاحيا من بني حسن
من وبر لا والصدر لا والبرر لسفل عمر في سبه
ومن الشقان لا صعبان للخرشان للوداس
ومن ارض الاسدة للجعدة للحوم لا جدر
بيض تغشا روسهم وجنوبهم ولهم ثياب منها
وتقللهم عن الأرض وتفيهم من السما
ثم تغشا دورهم وديارهم من كل جانبي
ثم لليوسي وللدوسي وتغشا سلمي وعمارا
ولغامد وبني مالك وللشاعيب واهلها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
النموذج الرابع : للشاعر غرم الله أحمد السياري الغامدي يرحمه الله من قرية السيار من بني كبير ومناسبتها أن خثعم أقتصت من أحد أفراد قبيلتهم لأنه غدر بشريك له في أغنام والمغدور به من قبيلة بالجرشي وقد تجمع الناس لرؤية حادثة القصاص ومنهم شاعرنا السياري فقال القصيدة التالية :

شلّت البيضاء لكم يالخثعمي من عندنا نشور
تبدأ من دمشق ومن بغداد ومن القدس ومن البصره
هم تبدأ العارض المنقاد وأرض كويت والدرعيه
وبنادر يام وبنادر عدن والهند والفرنج
هم تبدأ من جبال الطور ذا ما حد يقيس مداها
ومن الارض الذي نعرف وذي ما نعرف اسمها
ولها بوابير من فوق البحور تشيلها شيلاني
وتطوف به البنادر كل بوها والجزايري
وتطوف التهم والحزّ والشروق ورنية النخل
فال ذا حاضر وذا غايب وفال الشيب والوريع
الرد
أمروني غامد أبديها بني عمي صلاب الشور
في ذرا صبيان غامد يا حليل اللي قليل رشده
لبسنا بو زرفله ياجاهلٌ ينسى وبه نسا
وآنحن صبيان غامد من يعادينا نودّ رعيه
ما رمانا الا مخلاّت علينا نتقسّم داها
وكسينا بن مخاسر جوخنا ومعاصب الشيلاني
هم هبنا في صفا والعنق ورحاضه جزائري
وسحقنا بلادهم ظلّت هبا منثور تنبخل
والا فان الباشه حن جانا وهو مجنون وطّا جنه
يا قليل الرشد خف من مالك الاملاك الأكبري
وانت فوق اخوانك الصُلاّح تاهب مفجرٌ وريع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
النموذج الخامس للشاعر عبدالله بن صالح الزرقوي الغامدي (الزرقوي ) من قرية الزرقاء من قبيلة بني عبدالله يمتدح فيها عقلاء الأحلاف من زهران وينشر لهم البيضاء لأنهم حموا عقود سوقهم وأحضروا المفقود منه
شلت البيضاء ثلاثين الف راس وبفت كلها
بفت عال العال من ابو ثلاث أقمار ماهو باورة وسيوفي
يا بلاد الهند افيضي منك حوّاكه وقمّاشين
واعلم أمير العرب راشد يقسّمها وهي في الذّمة
كل راسٌ راس حتى اللي بعد في حضنه أو هندوله
ثوب وعقال ودسمال على رأسه ينشّري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
النموذج السادس نموذج من شعر الرجز أو النشيد لشاعر الحكمة و الكلمة المعبرة الصادقة
علي جـمـــاح الغامدي غفر الله له بعنوان [زعــنا وزاعـــوا]
يستعرض فيها أن من حضر لمقام معين تنشر له البيضاء
والذي مطلعه
يا لله يا الله يا فتاح الابواب
يا من على علمنا يحضر ولا غاب
نرجيك يا لله ومن يرجيك ما خاب
يا عــــــــــــــ ــــــــــــــا لي الشان
تاهب معونة على الدنيا وما فيها
ــــــــــــــــــــــــ
واوصيك لا قالوا الضيفان في الدار
شرف وقل مرحبا يا اعز خطار
وطبخة البن ترى مافيها الاعذار
لو كنت خرمان
فاصبر وخل المقهوي ذا يقهويها
ــــــــــــــــــــــــ
وان غبت والا يكن صادك بخالة
فمن حضر قل ترى ان البيض فاله
ترى عرب دارنا راس الرجاله
في الشرق بدوان
رزوا اطناب الهجر واعطوا قواديها

مع اعتذاري للقرّاء الأكارم عن ما ورد في القصائد والنصوص المصاحبة من لبس شرعي أو تعصب قبلي أو خطأ نحوي أو املائي أوكسر شعري فما أنا الا ناقل
وفقني الله واياكم لما يحبه ويرضاه