.
*****
السبت 25/09/1431 هـ
أمريكية القرني وسعودية الهيئة !
محمد بن علي الهرفي
أخونا الشيخ عايض القرني كتب مقالا جميلا تحت عنوان: «أمريكا تنصر امرأة سعودية» في صحيفة الشرق الأوسط قبل بضعة أشهر وقد تمنى في مقاله لو أنه كان امرأة امريكية!!
وسبب أمنية الشيخ وجيه، فهو تحدث عن امرأة سعودية رافقت زوجها المبتعث إلى أمريكا لكن هذا الزوج كان يعاملها بشراسة وأمام أطفالها، ولما يئست من حسن معاملته لجأت إلى الشرطة وخلال دقائق وصلوا إلى منزلها، وبعد التحقيق والتأكد من صحة كلامها قادوا زوجها إلى المحكمة وفي الوقت نفسه قدموا لها ولأبنائها رعاية ممتازة، مادية ومعنوية، حتى حصلت على كل ما تريده وبأيسر طريق.
حسن معاملة السلطات الأمريكية لهذه المرأة السعودية هي التي جعلت الشيخ الفاضل يتمنى لو أنه كان أمريكية لكي يحصل على ذلك النوع من المعاملة الكريمة لو وقع له مكروه !!
أتفق مع الشيخ في كل ما ذكره، وقد عايشت قصة مشابهة لصديق عراقي يسكن في ولاية «سياتل» ومتزوج من أمريكية، هذا الصديق غضب مرة على زوجته فأخذته الحمية العراقية فصرخ بها: افعلي كذا وإلا قتلتك.. ومعروف أنه لم يكن يقصد القتل وإنما هي كلمة تهديد لا أكثر، لكن زوجته فهمتها على ظاهرها فاستدعت الشرطة فورا وأخبرتهم بما قال فجرى له من الأهوال ما الله به عليم!!
خلاصة القول: إن الأنظمة في أمريكا تنصر المرأة كما تنصر الرجل، وفيها إيجابيات كثيرة جدا، وهذه الإيجابيات هي التي تجعل أعدادا كثيرة ممن يذهبون إلى أمريكا يصابون بدوار الرأس عندما يقارنون ما يرونه في أمريكا وما يرونه في بلادهم.
ولكن هذه المعاملة الكريمة ليست كل شيء في تلك البلاد فهناك أشياء أخرى في غاية السوء خاصة لغير الأمريكان سواء أكانوا في أمريكا أم خارجها.
على أية حال أختنا السعودية تستحق تلك المعاملة الكريمة وزوجها يستحق
ــ أيضا ــ ما حصل له فليس من المروءة معاملة الزوجة بتلك الطريقة وإسلامنا يقول: «إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان».
وأما إذا حصل الشيخ على أمنيته فأصبح أمريكيا فلعله يتوسط لي لكي أحصل على «الكرت الأخضر»،
وهذا يكفي لأنني لا أملك الشجاعة لكي أتمنى أن أكون أمريكيا
كاملا !!.
تذكرت مقال الشيخ قبل يومين وفي الثلث الأخير من الليل !!، في هذا الوقت كنت وأسرتي في أكبر سوق تجاري في الرياض، في السوق وعلى كرسي فيه تجلس امرأة سعودية شبه مستلقية حاسرة الرأس والسيجارة في فمها !!، لاحظ أن التدخين ممنوع فضلا عن كشف الرأس وأشياء أخرى.
تقدم منها رجل الهيئة وبلطف شديد ــ أحسن من الأمريكان ــ فطلب منها أن تستتر.. وبصوت مرتفع جدا أسمعته كلاما في غاية السوء والبذاءة، كأن مراحيض الدنيا كلها كانت تنطلق من فمها وبدون أن تغير شيئا !!، انسحب الرجل بهدوء، ولست أدري بماذا كان يفكر، لكنني كنت أغلي من القهر.
اتصلت فورا بالشيخ الدكتور عبد المحسن القفاري أخبره عما سمعته، ثم اتصل بي بعد ذلك ــ بناء على توصية الدكتور ــ الأخ سامي الغيهب المسؤول عن مثل هذه القضايا ليحدثني عن بعض معاناتهم في أعمالهم خاصة مع النساء.. ثم قال في نهاية الحديث: ماذا يمكننا أن نفعل مع هذه المرأة ومثيلاتها ؟!، قلت له: لكنها تسقط هيبة جهازكم أمام الجميع، وهذه مسؤوليتكم أن تجدوا حلا لمثل هذه المواقف، فالمرأة ارتكبت مخالفات كثيرة لا يصح السكوت عنها.. وعد خيرا وانتهت المكالمة.
لو كانت هذه الحادثة في أمريكا، وأهانت المرأة رجال الشرطة مع ارتكاب عدة مخالفات أخرى كيف ستكون معاملتها ؟!.
الذين يعرفون أمريكا يعرفون الإجابة الصحيحة !!.
رجال الهيئة عاملوا المرأة السعودية معاملة كريمة لا يمكن مقارنتها بمثيلاتها في أمريكا لو تكرر الموقف نفسه !!.
هل ستتغير أمنية الشيخ بعد قراءته لهذه الحادثة أم أن أضواء الأمريكان أكثر
جاذبية ؟!.
محمد بن علي الهرفي "أكاديمي وكاتب"
*****