الحياء من الله
 
 فمن استخف بالأوامر و النواهي الشرعية دل ذلك على عدم إجلاله لربه و إعظامه و عدم حيائه منه جل و علا، 
 
و أدل دليل على ذهاب الحياء من الله عند بعض الناس أن تجده ضابطاً لسلوكه و أقواله و أفعاله عند من يحترمهم من البشر،
 
 ثم هو إذا خلا منهم و لم يطلع عليه إلا رب البشر وجدته يتصرف بلا قيود، 
 
و عن سعيد بن يزيد الأزدي- رضي الله عنه - أنه قال للنبي صلى الله عليه و سلم:
 
 (( أوصني قال: أوصيك أن تستحي من الله عز وجل كما تستحي من الرجل الصالح))
قال المناوي- رحمه الله - : "(أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي من الرجل الصالح من قومك) 
 
قال ابن جرير: هذا أبلغ موعظة و أبين دلالة بأوجز إيجاز، 
 
و أوضح بيان، إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح،
 
 و ذوي الهيئات و الفضل أن يراه وهو فاعله، 
 
و الله مطلع على جميع أفعال خلقه،
 
 فالعبد لإذا استحى من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه تجنب جميع المعاصي الظاهرة و الباطنة،
 
 فيالها من وصية ما أبلغها و موعظة ما أجمعها"
و لقد كان الرعيل الأول أشد الناس حياءً من الله تعالى حتى تعدى حياؤهم لشيء لابد لهم منه
 
 ففي صحيح البخاري سئل ابن عباس عن قول الله تعالى:
 
{ أَلا إِنَّهُمْ يثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}
 فقال:" أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء و أن يجامعوا نساءهم فيفضوا إلى السماء فنزل ذلك فيهم"
 
 و يفضوا إلى السماء أي ليس هناك ما يحجبهم من سقف و نحوه.
و كان أبو بكر الصديق يقول:"استحيوا من الله فإني أذهب إلى الغائط فأظل متقنعا بثوبي حياءً من ربي".
و كان أبو موسى إذا اغتسل في بيت مظلم لا يقيم صلبه حياء من الله عز وجل.