الاتحاد وعادل وأنا

منذ أن فتح عادل بن حسن بن سعد عينيه على الدنيا لم تكتحل عيناه بحديقة أو خضرة ولا أشجار ، رأى فقط عمائر شاهقات وشوارع وسيارات وصخبا وحديثا عن المباريات والفريق هذا غلب الفريق ذاك وهكذا دواليك .

سمع ورأى كل واحد يشجع فريقا وحماسا زائدا للكرة وللفريق هذا دون ذاك فظن المسكين أن هذه هي الحياة ، فعاش فترة بزوغ نجم الاتحاد وكثرة مشجعيه ، فاختاره فريقا وقال ( مع القوم يا شقرا ) وما درى أن الأيام دول ، حتى صُدم بخسارته أمام الأهلي .

بكى عادل بحرقة ولم تنفع معه المهدئات ، رثيت لحاله فهو ما زال في رياض الأطفال وكان من حق عادل هو وأترابه على المجتمع أن تنشأ لهم حدائق واسعة الأرجاء وارفة الظلال بها يلهون ويلعبون ولكنهم أغتالوا الطفولة عندما حذفوا من قواميسهم مثل تلك الخدمات .

كان من حق عادل هو وأضرابه على المجتمع أن يستمتعوا بطفولة بريئة بعيدة عن هذا الصخب واللجاج ، انتحى عادل دولابا للملابس وبقي ينزف دموعا غزارا !! لم يستطع أحد مواساته ، فالخطب لديه كبير وهزيمة فريقه أمر خطير ، هو أكبر من كل الكلمات وأبلغ من كل العبارات .

تقربت منه وقلت له أسمع مني يا عادل : لست وحدك من اغتالت طفولته عبث العابثين فأنا مثلك يا بني ، أخذ صغيري يصغي إلي باهتمام ، والشهقة تكاد تفك صدره ، فقلت له :

في يوم من الأيام كنت أحب الكرة مثلك ألعبها في المدرسة وفي جرين الدياس في القرية ، كرتنا نسميها ( كبابة ) مصنوعة من طمور مهترئة ، ألعبها بدون حذاء لأنه لا يوجد لدينا أحذية في ذلك الزمان ، وكثيرا ما نعود إلى البيت وقد انقلع أحد أظفار أرجلنا والدماء تسيل من أقدامنا بسبب الصخور التي نلعب عليها .

وفي المدرسة كان عندنا معلم رياضة يدربنا في طابور الصباح وفي أحد الأيام ضربني بعصا غليظة وقال أعدل الطابور يا تعبان !!

التويت من شدة الألم ، ضحك عادل وحمدت الله أن نفست عنه بعض همومه ، قال وبعدين ؟ قلت ضحك علي زملائي ، وأسريتها في نفسي وكرهت كرة القدم ومعلم الرياضة وعزمت على مغادرة المدرسة عندما تبدأ حصة الرياضة وقد فعلت ، كنت أتخفى في منعطفات القرية وأسترق النظر إلى زملائي وعندما أراهم يهمون بالدخول أعود إلى المدرسة .

ولكن اليوم الضرب ممنوع ، وإذا اعتدى عليك أحد فاخبر مدير المدرسة أو أخبر والدك ، أحذر يابني أن تفعل مثلي ففي ذلك الزمان لا يوجد سيارات ولا أولاد صائعون ضائعون مثلما هو اليوم واستمع إلي وأنا أحكي لك كيف كان مدرسنا يدربنا

صاح فينا سابقا يحسب علينا كمعلم
أستعد أسترح أستعد أسترح
جاء يعدو رافعا فينا عصاه
ثم أهوى بعصاه فوق جسم من عظام
أعدل الطابور يا تعبان واعقبها بصفعه
ضحكوا مني رفاقي واعقبت في الصدر تعبه
كنت تعبانا كئيبا كان حزني كالجبال
وأبي شيخ مريض وامنا كانت مريضه
وأبي كان إماما دون راتب
لا ضمانا مثل هذا اليوم لا جسما يصابر
مرت ايام وأيام وأشهر
لم نذق طعما للحمة
أكلنا قرص تبلله دموع وحقينه
صاح فينا ذاك ذا يدعى معلم
دب فينا الذعر لم نعرف أنحن نستعد أم نسترح
وانبرى فينا خطيبا ، أيها الأبقار صكوا وتبازوا
صك تباز *** صك تباز
فضحكنا من كلام قد تجاوزه الزمان
هب كالمجنون يجري ثم أمطرنا عصاه
موقعا ركلا وضربا ثم صفعا في الجباه
ثم صاح : أسمعوني أيها الأبقار وافهموا ما ذا أقول
عليَّ تدريبكم في كل شارقة **** وليس ذنبيَ إن لم تفهم البقر
صك تباز *** صك تباز
يقول نزار قباني : كان بودي أن أبكي ولكني ضحكت
وأنا أيضا ضحكت
فأتى كالموت نحوي وبكلتا قبضتيه اهوى بحقد فوق عظم ناتئ عارٍ من اللحم فأوهى معصميه
ومضى ينفض من ألم كلتا يديه
ورماني بنظرة غيض شزرا من مقلتيه
وتحسست من الآلام كتفي
شاكرا أن دافع عني ضد طغيان تجرعناه غيضا غصة في إثر غصه
وتمنيت لو ان العظم سكين وحربه
ربما تشفي غليلي وتفرج عني كربه
ولهذا قد كرهت الكرة بل كل الرياضه وهربت
وإذا جاءت في التلفاز قطبت جبيني وانصرفت
لا تلمني يا صديقي ( عادلٌ ) فأنا من قبل أن تبكي بكيت
وتجرعت من الآلام أنفاسا وألوانا رأيت
لا تلمني أيها العصفور عادل ، يا فدى دمعا جرى من مقلتيك
لم تساعفني حظوظي كي أعزيك ، لم أضيء ليلك الداجي بشمعه
فلقد جفت دموعي كان ودي أن اواسيك بدمعه

كتبت الموضوع بعجره وبجره فاستروا ما واجهتم
شاكرا صبركم على ثرثرتي

عبد الرزاق بن صالح الفقيه

 

 

سلمت اناملك يا ابا صالح ولا فض فوك .
ما اجمل كلماتك نثرا وشعرا وما اجمل اسلوبك المتضمن دروسا تغرفها من بحر تجاربك ، لا املك لك ايها الحبيب الا الدعاء بطول العمر والصحة والعافية ، لا عدمناك ايها الحبيب الغالي .
اما الابن الحبيب عادل بن حسن بن سعد حفظه الله واصلحه وبارك فيه فحبه يتضاعف يوما بعد يوم لخفة ظله ( ما شاء الله لا قوة الا بالله ) وشقاوته المحببة .
اجمل ما في الموضوع ان والده حفظه الله اهلاوي صميم وعادل اتحادي وما اخفيك يا ابا صالح ( دهن صدري في والده لانه يطلق صواريخ ارض ارض علينا معشر الاتحادية كلما هزم الاتحاد خاصة من الاهلي ) ولهذا جاء عادل ليصد عنا سطوات والده .
حفظ الله الاب والابن فهما امتداد لتوأم الروح اخي سعد بن حسن رحمه الله واسكنه فسيح الجنان .
شكرا لك يا ابا صالح وتقبل خالص تحياتي واحترامي .

 

 

بارك الله فيك ياأباصالح
ولاحرمنا الله من هذه الروائع التي تتحفنا
بها بين فينة وأخرى والتعصب داء ينبغي علينا
إجتثاثه ففي البيت الواحد تجد الإتحادي والأهلاوي
عموماً لك كل الود ولاعدمناك .

 

 

.


موضوع رائع رائع مسيو رفيق

لكن عندي اليك سؤال ماادري عندك اجابة له ام لا :

الكرة مربعة ولا مستطيلة؟

دمتم في خير

 

 

أستاذنا القدير والوالد الغالي / رفيق الدرب ..

ما أجمل كتاباتك الرائعة وأسلوبك الأخّاذ ،

ولفت انتباهي عدد المتواجدين في الموضوع ،



ومواضيعك حقًّا تستحقّ المتابعة ، وأحرفك تشدّ القارئ نثراً وشعراً ،

حفظ الله عادل وجعله ذخراً لوالديه ..

وأتمنّى لك التوفيق ودوام الصحّة والعافية ..

 

 

استاذي رفيق الدرب
تقول : شاكرا صبركم على ثرثرتي .
عفوا ... ما احلاها ثرثرة .. ان صح تسميتها ثرثرة جوازاأو في اللغه
فهي تستحق المتابعة .. فيها خبرة وتجربة ..
بل هي درر نثرتها فيها من الدروس والعبر لمن اراد ان يعتبر
استاذي ... الحديث عن الماضي ذو شجون
ولكننا ننصدم بقولهم : ذاك زمانكم وهذا زماننا
سدد وقارب ابا صالح حفظ الله عادل واقر به عيني والديه واجداده
وليت عادل ومن هو على شاكلته يتذكر ان اسمها ( لعبه )
مع اعتذاري وقبول تحياتي .

شكرا رفيق الدرب
طرح راقي .. رسائل معبرة .
لا عدمناك

 

 

ما شاء الله على الجميع : أبدأ بعادل الاتحادي حفظه الله .. ثم الموضوع وكاتبه ..حيث أسعدتني جدا بما كتبت يا أبا صالح بهذا المقال الذي طاف بنا على عدة جبهات .. الرياضية منها والحياة في أيام خلت بما فيها ( صك - تباز ) مرورا بواقعنا المعاصر ومعاناة الأبناء من البيئة الاجتماعية الغير مهيأة لما ينبغي للطفولة

أكتب لك وأنا حتى هذه اللحظة منذ عشرات السنين لازلت متأرجح التفكير هل أشجع الاتحاد أم الأهلي ؟ لهذا إذا فاز أحدهما أخرج وأنا غير مبال بما حصل .. بل استغرب من تلك الجموع المتطاحنة في الشوارع .. ومظاهر الحزن والفرح
وبالمناسبة :
مره واحد لبناني مدرس معنا - أيام كانت المدارس بها تشكيلة رائعة من عدة جنسيات وبالتالي تنوع الثقافات - سألني اللبناني مازحا : أنت أهلاوي والا زملكاوي ؟ قلت : غامدي .. انبسط من اجابتي وكان دائما يمد يده ويقبضها بشدة ويقول : غاااامدي .. ولهذا سأبقى أشجع الفريق الأخير .. فانتظروني حتى يتم تأسيس هذا النادي

 

 

إنني أترقب ما تطرح بشوق لأحاول المداخلة مجتهدا بما يثري 0 إلا أنني في هذه المرة أجدني عاجزا عن المداخلة لروعة الطرح وعجزي عن اثراه وقد ذكرتني ابن صديق الأب أهلاوي والابن اصغر من عادل اتحادي وكم كنت أشفق عليه من تعليقات أبيه للأسف وصديق أخر أهلاوي ولسانه 0 زفر 0 لا يوافق مظهره وهو محترم إلا عند لكوره وابنه اتحادي وكبير في سنه وخفيف ضل 0 ويوم مباراة الفريقين يخرجه من البيت ولا يحتمل جلوسه وتفاعله 0 هو مرض انتشر وللأسف حتى بين الجنس الناعم ويا لهول ما يتم تبادله بين الجنسين عبر وسايل التواصل 0 وهذا في تقديري من قمم الخطر القادم 0 احني هامتي احتراما لك يا جد عادل حفظه الله ووالديه وأحسن لي ولك ألخاتمه 0 و افهم عادل بأنه يكفيه شرفا أن الاتحاد فوق الرأس وفي داخل العين ثوابت لا تتغير إلا للأحسن تحياتي 00

 

 

يا أبا صالح موضوع عادل والكرة قطعة أدبية لا تحتاج لإشادة فنحن وأقصد بنحن أنا والجمع للأختفاء وليس للتفخيم أقول أنا أستمتع بقراءة كل ماتكتب أمّا عادل حفظه الله لست أدري من الذي جعله اتحادي ووالده وعمه أهلاويان يمكن سميه عادل عبد الحميد أثر فيه بالأسم والمشكلة أن عادل ما بدأ يشجع الأتحاد إلاّ في وقت نقطة ضعفه حفظ الله الأب الأهلاوي وفرح الأبن بما يرضيه ويجبر خاطره المكسور عما قريب .

علي بن حسن

 

 

نق وتخير الكره اللي تعجبك




اشوف ذي احلاها


الملعب والجمهور جاهز


مهارات ولا احلى


ملعب المباره الختاميه