يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-24-2008, 09:40 AM   رقم المشاركة : 1
إطلالة على التراث


 

.

*****

إطلالة على التراث



يشع النور ساطعاً من تصرف بعض الناس، الذين منّ الله عليهم بتوفيقه، وهداهم إلى الصراط السوي، والنهج القويم، لأن الله -سبحانه- اطلع على ما في قلوبهم من حسن النية، وصواب العمل، والله -سبحانه- لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو -سبحانه- يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، وحكمه حق، أما حكم الناس فيأتي من أخذهم المظهر، والمظهر قد يفتعل، ويُبيَّن منه خلاف ما يخفي صاحبه.
هنا قصة جميلة في كل خطوة خطتها هذه القصة، لأنها عن قناديل مضيئة في مجتمع حضاري مرموق، وهاهي القصة:
حدّث الزبير قال:
حدّثني عمي مصعب بن عبدالله قال:
جاء إبراهيم بن بريهة إلى غسان بن عبّاد (من رجال المأمون) يشكو إليه غلبة الدَّيْن، وضيق الحال، وسأله أن يرفع له رقعة إلى المأمون في إدرار أرزاقه، وقضاء دَيْنه.
فقال : وكم دَيْنك؟
قال : ثلاثون ومئة ألف.
قال : هات رقعتك.
فأخرجها من خُفِّه وذهب ليقوم.
فقال : مكانك.
ثم دعا بالغداء، ودعا بوكيله، فقال:
ادن مني.
فسارّه، وقال:
احمل الساعة إلى منزل بريهة مئة وثلاثين ألف درهم، فحملتْ قبل أن يتغدى، فلما انصرف وجدها في منزله، وركب غسان من الغد، فكلّم أمير المؤمنين في دَيْنه، وعرض رقعته.
فقال له المأمون : قد بلغني ما فعلت أمس، فوصلك الله بصلتك، فأنت -والله- ممن إذا تكلم نفع كلامه، وإذا سكت حسُن سكوته، ثم قال: نعم وكرامة، قد أمرنا بقضاء دينه، والزيادة في أرزاقه، وأدررنا عليه، فدعا له غسان، وانصرف، فلما ولى أتبعه بصره، فقال:
لا تزال الخلافة ذات بهجة ما حضر مجلسنا مثل هذا، ما اغتاب عندي أحداً قط، ولا اعترض في كلام، ولا سأل حاجة لنفسه، ولا جرّبنا عليه كذباً ولا خيانة، ولا سبقه لسانه بلفظة اعتذر منها.
ثم كان أول توقيع بعد هذا خرج ثلاثة آلاف درهم (كذا، ولعلها ثلاث مئة ألف) لغسان بن عباد التارك ما لا يعنيه.
يخرج المتدبر في هذه القصة بعدة أمور :
الأول : حسن اختيار المأمون للرجال حوله، فغسان هذا كما وصفه المأمون، يستحق أن يكون من رجال خليفة ناجح مثل المأمون، وخـُلق غسان هذا، وما تميز به، وما اتصف به أهّله أن يقيمه المأمون والياً على خراسان، في وقت من الأوقات.
الثاني : أن غساناً لا يعرف إذا كان المأمون سيؤتي بريهة سؤله أم لا، فسلك الطريق النبيل الذي يتأكد منه أن السائل يأخذ طلبه. قام غسان بإعطائه المبلغ المطلوب حالاً، وزيادة في إكرامه، وضمانه فرحه، دعاه إلى الغداء، ليصل المبلغ إلى بيته قبل أن يصله هو.
الثالثة : أن المأمون مطلع على أحوال رجاله، فقد جاءه خبر إعطاء غسان بريهة المبلغ، وانتظر من غسان أن يوصل إليه الشكوى، وقد فعل، فكان عند حسن ظن الخليفة.
الرابع : أن غسان بن عباد لم يكتف بإعطاء المبلغ المطلوب، ولكنه رفع الشكوى إلى المأمون، لئلا يأتي في ذهن المأمون أن غساناً قطع مجرى ماء الكرم عنه، وصده إلى جهته، وإنما فتح باباً للمأمون أن يكون أكرم من غسان وقد كان.
الخامس : أن المأمون كشف وهو يعدد الصفات الحميدة في غسان ما يحبه الملوك في جلسائهم، وهي صفات تكتب بماء الذهب؛ لأنها مفاتيح قلوب الملوك، ونعم المفاتيح.
وبعد ألم أقل إنها «إضاءة» إنها في الواقع «إضاءات».

د. عبد العزيز الخويطر

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 12-24-2008, 07:45 PM   رقم المشاركة : 2
7d6581ed2d


 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالرحيم بن قسقس مشاهدة المشاركة
إطلالة على التراث

يشع النور ساطعاً من تصرف بعض الناس، الذين منّ الله عليهم بتوفيقه، وهداهم إلى الصراط السوي، والنهج القويم، لأن الله -سبحانه- اطلع على ما في قلوبهم من حسن النية، وصواب العمل، والله -سبحانه- لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو -سبحانه- يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، وحكمه حق، أما حكم الناس فيأتي من أخذهم المظهر، والمظهر قد يفتعل، ويُبيَّن منه خلاف ما يخفي صاحبه.
هنا قصة جميلة في كل خطوة خطتها هذه القصة، لأنها عن قناديل مضيئة في مجتمع حضاري مرموق، وهاهي القصة:
حدّث الزبير قال:
حدّثني عمي مصعب بن عبدالله قال:
جاء إبراهيم بن بريهة إلى غسان بن عبّاد (من رجال المأمون) يشكو إليه غلبة الدَّيْن، وضيق الحال، وسأله أن يرفع له رقعة إلى المأمون في إدرار أرزاقه، وقضاء دَيْنه.
فقال : وكم دَيْنك؟
قال : ثلاثون ومئة ألف.
قال : هات رقعتك.
فأخرجها من خُفِّه وذهب ليقوم.
فقال : مكانك.
ثم دعا بالغداء، ودعا بوكيله، فقال:
ادن مني.
فسارّه، وقال:
احمل الساعة إلى منزل بريهة مئة وثلاثين ألف درهم، فحملتْ قبل أن يتغدى، فلما انصرف وجدها في منزله، وركب غسان من الغد، فكلّم أمير المؤمنين في دَيْنه، وعرض رقعته.
فقال له المأمون : قد بلغني ما فعلت أمس، فوصلك الله بصلتك، فأنت -والله- ممن إذا تكلم نفع كلامه، وإذا سكت حسُن سكوته، ثم قال: نعم وكرامة، قد أمرنا بقضاء دينه، والزيادة في أرزاقه، وأدررنا عليه، فدعا له غسان، وانصرف، فلما ولى أتبعه بصره، فقال:
لا تزال الخلافة ذات بهجة ما حضر مجلسنا مثل هذا، ما اغتاب عندي أحداً قط، ولا اعترض في كلام، ولا سأل حاجة لنفسه، ولا جرّبنا عليه كذباً ولا خيانة، ولا سبقه لسانه بلفظة اعتذر منها.
ثم كان أول توقيع بعد هذا خرج ثلاثة آلاف درهم (كذا، ولعلها ثلاث مئة ألف) لغسان بن عباد التارك ما لا يعنيه.
يخرج المتدبر في هذه القصة بعدة أمور :
الأول : حسن اختيار المأمون للرجال حوله، فغسان هذا كما وصفه المأمون، يستحق أن يكون من رجال خليفة ناجح مثل المأمون، وخـُلق غسان هذا، وما تميز به، وما اتصف به أهّله أن يقيمه المأمون والياً على خراسان، في وقت من الأوقات.
الثاني : أن غساناً لا يعرف إذا كان المأمون سيؤتي بريهة سؤله أم لا، فسلك الطريق النبيل الذي يتأكد منه أن السائل يأخذ طلبه. قام غسان بإعطائه المبلغ المطلوب حالاً، وزيادة في إكرامه، وضمانه فرحه، دعاه إلى الغداء، ليصل المبلغ إلى بيته قبل أن يصله هو.
الثالثة : أن المأمون مطلع على أحوال رجاله، فقد جاءه خبر إعطاء غسان بريهة المبلغ، وانتظر من غسان أن يوصل إليه الشكوى، وقد فعل، فكان عند حسن ظن الخليفة.
الرابع : أن غسان بن عباد لم يكتف بإعطاء المبلغ المطلوب، ولكنه رفع الشكوى إلى المأمون، لئلا يأتي في ذهن المأمون أن غساناً قطع مجرى ماء الكرم عنه، وصده إلى جهته، وإنما فتح باباً للمأمون أن يكون أكرم من غسان وقد كان.
الخامس : أن المأمون كشف وهو يعدد الصفات الحميدة في غسان ما يحبه الملوك في جلسائهم، وهي صفات تكتب بماء الذهب؛ لأنها مفاتيح قلوب الملوك، ونعم المفاتيح.
وبعد ألم أقل إنها «إضاءة» إنها في الواقع «إضاءات».

د. عبد العزيز الخويطر



أخي الكريم :


عبدالرحيم بن قسقس



أحسنت الاختيار والنقل ،
وعسى الله أن يحيط قيادتنا الرشيدة بأمثال غسان بن عباد.
أتمنى من رب العباد لفكرك وقلمك التألق الدائم المستمر
.



ولك أطيب مودة وسلام ، وأزكى معزَّة واحترام

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 12-25-2008, 06:22 PM   رقم المشاركة : 3

 

ما اغتاب عندي أحداً قط، ولا اعترض في كلام، ولا سأل حاجة لنفسه، ولا جرّبنا عليه كذباً ولا خيانة، ولا سبقه لسانه بلفظة اعتذر منها.



متى نصل إلى هذه المرحلة شكرا لك يا با توفيق احسنت الاختيار كثر الله من امثالك .

 

 
























التوقيع



سبحانك اللهم وبحمدك عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:06 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir