يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-10-2009, 01:46 AM   رقم المشاركة : 1

 

بسم الله الرحمن الرحيم


نظرية الموز .. والطريق من العقبة إلى ذي عين ( 1389هجرية- بالصور )


مقدمة :


إذا أردنا أن نعرف ماذا في ذي عين .. يجب أن عليتا أن نعرف مسألة الزواج والموز .. فهناك علاقة قوية يوما ما.. بين كل من ( ذي عين – الموز – الزواج )


ففي الثمانينات وبداية التسعينات الهجرية كانت مسألة الموز تشكل جانبا هاما من الناحية الاجتماعية

والاقتصادية .

وبالذات في حفلات الزواج حيث تتضح وجاهة صاحب الزواج وقيمته الاجتماعية أمام الجماهير

المحتشدة _ مدة ثلاثة أيام _ بقدر ما يقدم من كميات الموز المصحوبة بالتمر والسمن للضيوف .

في مناسبة عامة للكبار..غالبا ما يطرد منها الصغار. إلا إذا كان صاحب المناسبة لديه إمكانات

أفضل وقلب أطيب وسعة بال . يستطيع أن يتغاضي عن تواجدهم ... وإذا ما أتيحت لهم الفرصة

فستجدهم أشبه بالضواري على فرائسها .

لأن الفرصة لن تتكرر إلا بعد عام آخر ... أما النساء مع الأسف فالفرصة الوحيدة لهن هي مشاهدة قشر الموز .

نظرا لضيق ذات اليد ولاعتبارات اجتماعية متخلفة

** *** **

ولأهمية هذا الموضوع في نظر أربعة من شباب القرية آنذاك خططوا لمغامرة باختيارهم طواعية من أجل اكتشاف مناطق ومصادر الموز ... يدفعهم حب الاستطلاع .. وروح المغامرة .. ونشاط الشباب .. فوصلوا ذي عين . مشيا على الأقدام بعد جهد ومعاناة . وشاهدوا بأم أعينهم عناقيد الموز تتدلى من أغصانه .. لكن المسألة كانت مشاهدة فقط ولم تتجاوز هذا الخيار


وإليكم التفاصيل :

في جلسة خاصة بصيف عام 1389طرحت فكرة القيام برحلة من قريتنا إلى ذي عين مشيا على الأقدام .. والسبب الرئيس , ما كنا نسمعه عن القرية وعينها الجارية ومزارع الموز والبن والليمون والكاذي .. والرغبة في مشاهدة موقع مثل هذا. نسمع عنه الحكايات والأساطير . . كان الموضوع في نظرنا سهلا طالما أنه أسفل العقبة على اليسار قليلا .. .

المعلومات التي لدينا هي أن نفر قليل من أهالي قرية دار الجبل اشتهروا بقواهم البدنية العالية .. هم الوحيدون القادرون للوصول إليها عبر عقبتهم المجاورة لهم واشتهر منهم أسرة عالية المقام والمنزلة : - ( الحفاشي ) -بتجارة الموز إذ يقوم بتوريده عن طريق نظام المقايضة فيشترى كافة المحصول قبل قطافه ويمول المزارعين باحتياجاتهم المالية مقدما مقابل تصريف المحصول .. وهو بدوره يزود من لديه زواج باحتياجه.. والباقي لسوق السبت والخميس

وتوصلنا إلى أن الطريق إليها عبر عقبة وادي العلي أسهل .. وإذا لم يتبق إلا القسم التهامي فالموضوع بسيط طالما أن القرية على اليسار قليلا


لمحة عن جزء من الطريق ( العقبة ) :


طالما أن نصف المسافة ستكون مرورا بالعقبة رأيت من الأفضل اعطاؤها جانبا من الحديث

فالعقبة وطرقاتها توصلنا إلى معلومات تفصيلية عنها بكل دقة . لأن الأمهات – رحم الله الأموات منهن – كن يعرفن كل شبر من منحدراتها وصخورها وشعابها وأشجارها .. بل إن كل مكان فيها لها مسمى متعارف عليه مثل: المعاريض – الدرجة – دوبحه – المعرق – الزريقه - رهوة الحسن - حمب القوز - الشحير - العروق - بيت الكهله (خيمه مبنيه بالحجاره)


كما أن بها مناطق متعرجة وخطره يقوم الأهالي ببنائها وتسويتها بعد كل فتره .. وتعتبر العقبة مصدرا حيويا لأهالي وادي العلي للحصول على الحطب والحشائش .. وهذا الموقع بثابة المخزون الاستراتيجى تحت ملك وتصرف وادي العلي قل نظيره في المناطق المجاورة .. ويقوم الأهالي بتعيين ( حامي ) يحفظ النظام المتعارف عليه ويحميها لصالح أهل الوادي .. مقابل قيام كل أسرة بدفع مبلغ مالي قدره أربعة ريالات سنويا يسمى ( الشرط )

ويقوم الرعاة بالرعي في شعابها . كما يقمن النساء بالاحتطاب . والحصول على أنواع من الحشائش التي تقدم للماشية المنزلية ( البقرة – الثور – الحمارة ) باعتبارها عماد اقتصاد الأسرة على مدار العام

لكن الملفت للنظر هي البعد وصعوبة الوصول إليها. والصعود منها . ويقمن النساء بهذه الأشغال الشاقة وكأن العذاب قد كتب علين وهن أحياء . ولك أن تتخيل وتتساءل كيف تستطيع الواحدة منهن حمل مابين ( 50 __ 70 ) كيلوغرام من الحشائش والحطب على الرأس في عملية صعود شبه رأسي عبر منحدرات صخرية خطرة ولمسافة عدة كيلو مترات

والمرأة التي لا تستطيع أن ( تسرح ) العقبة تعتبر في النظرة العامة أقل منزلة من غيرها وغير ( دندونه ) وبالنسبة للفتيات فإن ( مسراح ) العقبة بمثابة برنامجا عمليا لاجتياز اختبار القدرات النهائي في معيار ( الدندنه )

مما يهون الأمر عليهن نزولهن على شكل مجموعات من كل قرية .. وبلا شك تلك اللقاءآت تضفي لهن نوعا من المسرة والتقاط الأخبار من كل القرى....يتحولن بعدها إلى وكالات أنباء وقنوات اخبارية متنقلة






إحتياجات الرحلة :

طالما أن الرحلة ستكون مشيا على الأقدام فقد إقتتصرنا على الاحتياجات التالية : ( جالون أبو طير للماء – حبل بطول عشرين مترا – كفكيرة شاي مع السكر – قدر مع قليل من الحميس - ملح - كبريت – رز – بصل – علبة صلصة – علبتين تونه – خبزه - شنطة صغيرة - مشعل إنارة.. وهو عبارة عن علبة مليئة بالرماد والقاز تتدلى بواسطة سلك ) ... بالإضافة إلى كماليات أخرى :

( ناظور – كمرة تصوير- خنجر- فاس ) وكل واحد منا متحزم ب ( سبته ) ولابس جزمة رياضية


مسير الرحلة :



مع اقتراب آذان الفجر كانت الانطلاقة فيما يشبه الليل وأعتقد أن الساعة كانت الرابعة فجرا . أضأنا مشعل الإنارة علما بأننا نستطيع السير في الليل الأظلم بدون إنارة من شدة الحماس .. ولمعرفتنا بكل شبر من القرية مرورا بالسقا ومن جوار ( غار الجعيرة ) وصولا إلى الحصن الواقع على مشارف العقبة .. تلك المرحلة بطول ستة كيلومترات تقريبا كانت بالنسبة لنا مسألة نزهة

ومن رأس العقبة كانت نقطة الصفر والبداية الفعلية لنزول المنحدرات الصخرية . عندها اتضح لنا بداية مسار الطريق وبدأت خيوط الضوء في الانتشار .. وجدنا أول معلم حسب الوصف : حصن آخر يقف شامخا في الربع الأول من الطريق .. من بناه ..؟ في هذا الموقع السحيق .. ومتى؟ .. ولماذا ..؟ الله أعلم .. ومن بعده ظهرت لنا ( المعاريض ) وهي طرق معترضة ومنحوته في جبال تقف بشكل رأسي .. لها مسميات خاصة أيضا .. ولم نكد نصل إلى تلك المنطقة التى تعتبر منتصف طريق العقبة ,,, إلا وقد ظهرت لنا علوم جديدة . فقد بدأت أرجلنا تنتفض وتتراقص وخاصة عندما نقف .. فالمشوار طويل مع منحدر . وأرضية الطريق مليئة بالحجارة والشوك وكل خطوة تحتاج إلى حذر و نظرة فاحصة للأرض

كما ظهرت لدينا مشكلة أخرى .. فلقد تجرحت أطراف أصابع أرجلنا جميعا من الأمام نتيجة لإحتكاكها بالجزم مع النزول السريع وانحدار الطريق .. فقمنا بقطع مقدمة الحذاء حتى يقل الإحتكاك .. وخاصة بعد ملاحظة انسلاخ الجلد ونزف الدم


لا أتذكر أين أفطرنا لكننا وصلنا المسيرة نزولا بصعوبة حتى اقتربنا من أسفل العقبة . عندها اختلف الجو . فالوقت صيفا والحرارة بدأت تشتد . وبدأت بوادر العطش.. والماء أوشك على النفاذ . والمصير إلى اليسار مجهول

لا حظنا ثاني معلم : ( المراويح ) وهي أشبه بالبيوت الصغيرة والقصيرة الأسقف . تستخدم من قبل رعاة وادي العلي للإقامة بصورة مؤقتة لرعي أغنامهم عندما يشتد عليهم الوقت في السراة

كما شاهدنا مناطق أشجار ( الطرف ) التى تستخدم بديلا عن القطن .. وبالقرب منها ومن المراويح وعلى غصن شجرة سمر قصيرة لا حظنا ( ثعبان ) ضخم يتدلى ويتمغط . ونحن من شدة التعب تركناه في حاله . وهو كذلك لم يعرنا أي انتباه . ولو كانت مشاهدته في القرية لكان لنا معه شأن آخر .. فلا يمكن أن يفوت هو وأمثالة من سطوة أبناء القرية . وسيكون مصيره السحل والتسحيب في المساريب .. وفتح بطنه المنتفخ لإخراج الحبانية منه . كما جرت العادة


أول إنسان :

مسيرتنا من بعد هذه النقطة كانت إلى المجهول . فالوصف أن نتجه إلى اليسار بعد وصول الجلة . ولم تكن هناك معالم واضحة لطريق محدد . وبالصدفة أحدنا استخدم المنظار وصاح قائلا : ( رجال .. رجال فوق حماره ) .. وفعلا كان على بعد غير يسر منا .. نقطة متحركة تفحصناها بالمنظار وكانت لرجل ( فوق حمار أو حماره بيضاء ) ويمسك بمظلة سوداء تقيه حرارة الشمس ويسير في اتجاه ذي عين

وصلنا ( الجلة ) بوادي تهامه المعروفة بأحجارها الدائرية الزرقاء تتخذ هذا الشكل من جراء السيول الجارفة على مدى ملايين السنين السابقة . وهنا بدأت لنا معاناة أخرى . إضافة إلى التعب والعطش . والإرهاق .. إذ أن جالون الماء أبو طير إنتهى تماما . والأصعب من هذا . أننا نشعر أننا نسير إلى المجهول . وقد نخطئ الطريق ولا نصل إلى صاحبة العين ... ولا يوجد أي شجرة نستضل تحتها والحرارة شديدة ... كما أننا لا نسطيع العودة والتفكير بالمبيت يذكرنا بالثعابين السوداء ( الصل الأسود ) الذي طلما حذرونا منه ومن تواجده بتهامه

لقد قدرت المسافة من أسفل العقبة حاليا مع الإسفلت إلى ما يقابل أسفل عقبة وادي العلي : بكيلو مترين – وبإمكانكم حساب بقية المسافة إلى الكوبري المقابل لذي عين أعتقد أنها المسافة الفعلية التى قطعناها في الحر اللافح وتقدر بخمسة عشر كيلومترا .. ولا يوجد أثر لأي بشر


التهامي الصغير

قطعنا تلك المسافة على غير هدى وفجأة قابلنا فتى صفيرا أسمرا . مقطع الثياب . وشبه عريان . يسوق ( حمارتين ) سوداوين قصيرتين .. ومع كل هذا السواد ظهرت لنا البشرى ... بادرته بالسؤال .. فين ذي عين ؟؟

لم نصدق أنفسنا عندما نطق بالعربي قائلا : هذي ذي عين .. وكانت على بعد أمتار فقط ..خلف الجبل .. ومن شدة فرحتنا . أعطيته باقي علبة التونه .. وأكاد أجزم أنه لأول وآخر مرة يشاهد مثلها إلى أن فتح طريق العقبة

وصلنا مصب ذي عين وبجوارها نفس البساتين الحالية للموز وأشجار نخل مثمرة .. لكن لا يوجد أثر لأي إنسان ولا صوت .. عدا بئر بجوار العين .. وعدد إثنتين من نسوة القرية ( سمروات جدا) يسقون القرب وعليهن ملابس سوداء شفافة . وثالثة تختلف عنهم في الشكل نحو الأفضل .. يسولفون ولم يعرن أي إنتباه لمن بجوارهن .. وأظنهم متعودين على مشاهدة الغرباء للإستراحة عند العين .. ولفت إنتباهنا واسماعنا مناداتهن لبعض بأسما غير مألوفة لدينا : ( يادراجة .. يادراجة _ جراده ..تعالي ) أسماء من البئية المحلية

وجدنا الرجل الذي شاهدناه بالناظور يستريح معنا في ظل الشجر المجاور للعين ولم تكن تظهر عليه ملامح تعب وأغلب الظن أنه قادم من عقبة الباحة للحصول على حملة موز .. ولا حظ علينا بوادر الإرهاق والتعب قائلا : ( تعبتم .. هاه )

لكن أغرب شئ أنه بمجرد اغتسالنا من العين .. وكلنا نؤكد هذا .انتهى التعب تماما وكأن شيئا لم يكن . وأعتقد أن السبب الرئيس هو انتقالنا من مناطق عاليه قليلة الأوكسجين إلى مناطق الأوكجين بها أعلى . وقد تكون امكانية النظافة الزائدة من العين الجارية أتاحت لمسام جلودنا التنفس بشكل أفضل على غير ما اعتادت عليه سابقا

وصولنا كان قبل العصر وبحساب بسيط يلا حظ أن مسيرتنا استمرت من الرابعة فجرا إلى الثالثة عصرا : ( أحد عشرة ساعة ) مشيا على الأقدام






ثلاثة من رفقاء الرحلة بجوار العين يشربون الشاي بعد الغداء والرابع يصور


استرحنا على ظهر المسجد .. ولاحظنا شخصا واحدا في شباك أحد المنازل المقابلة .. وعند المغرب حضر إلينا وصلى معنا المغرب .. شكله متدين قليلا .. إسمه ( ....... الشامي ) . وعرفت فيما بعد أنه يماني .. يقول إنه إمام المسجد .. لكننا لم نشاهد أي تهامي لا في المسجد ولا غيرة .. ولا آذان .. وأعتقد أنهم يصلون في مواقع انتقلت مساكنهم إليها.

من المشاهدات : مجموعة كبيرة من أكياس إسمنت متحجرة بجوار القرية قيل لنا – فيما بعد – إنها لشركة حضرت لمشروع خاص بحجر المرمر الموجود تحت القرية وبجوارها .. ولم يعد للشركة أي أثر حتى الآن

جلسنا ليلتنا على ظهر المسجد حيث المبيت بدون فراش ولا لباس .. واستأنسنا مبدئيا برجل حضر إلينا من دار الجبل .. له غرض خاص ... ( ما يعلم ليش جاء ) واسبشرنا خيرا بوجوده خاصة عندما قال لنا إنه مغادر إلى دار الجبل فجرا عن طريق عقبة دار الجبل وهي الأفضل والأقرب ... واستعد بمرافقتنا ... ( ياسلام ) .. وسمر معنا .. تواعدنا فجرا ونحن سعداء بهذا المنقذ .. إلا أنه خدعنا وغادر المكان قبلنا

إستقر الرأي فجرا على صعود عقبة دار الجبل في العودة .. واستدلينا على بداية الطريق .. ووجدنا بعض آثار الجبلي .. كان الصعود من بدايته شاقا والأصعب أنه نحو المجهول عبر جبال وعرة يلفها الضباب وطريق غير واضح المعالم .. وكلما صعدنا جبلا وظننا أننا على مشارف دار الجبل .. ظهر لنا جبل تلو آخر

ونحن من ( الخرعة ) والتعب لا سوالف ولا كلام



تهديد مسلح :

في ظل هذا السكوت فاجأنا وجود شخص متمترس ببندقية ( سوجن ) خلف صخرة .. بادرنا قائلا : مكانكم .. لا تتحركون .. لكن المفاجأة تبددت عندما إتضح أنه زميلي في المرحلة المتوسطة : .. ولهم قرية مجاورة وسط العبقبة اسمها ( الحنجور ) بها مزارع البن والليمون والكاذي .. وهو خارج من القرية يتسلى ويصيد ... سلمنا على بعض وفرحنا عندما صحح لنا مسار الطريق .. لكن : بدون أي إشارة الى مسألة تفضلوا .. ونحن بأمس الحاجة إلى شئ من الراحة .. وقد اخبرني فيما بعد أنه كان جاداً في تهديده . لو كان الأمر يتعلق بغيرنا . لأن الطريق يمر منه نساؤهم و بناتهم للرعي و الإحتطاب وللوصول إلى قرية ( الحنجور ) و لا يقبلون بوجود أغراب غيرهم .

أما مسألة الضيافة فقد قابلته بعد حين و أبديت رغبتي لزيارة قرية الحنجور حبا في اكتشاف مكان جديد وغريب لكنه فاجأني بقوله : لا لا ما يسير .. و أردف قائلاً : ( وجه الله لا تجون .. أرجوك ) بإصرار عجيب و تبين لي بعد ثلاثين عاما . مصادفةً مع أحد زملائي من دار الجبل .. أن في القرية ( سر خطير ) لا يمكن البوح به آن ذاك .. الآن . من الممكن الإشارة إليه بشئ من الاختصار والتمويه أثناء مشاركات التعليق لمن أراد .

بدأت الطريق من هذه النقطة بالرغم من صعوبتها أقل اهتماماً لأننا على الأقل عرفنا الاتجاه الصحيح .. و كنا نتوقع حسب وصفة أننا قريبين من الشفا إلا أن القرب كان بالنسبة له هو .. لأنه متعود على ذلك الطريق . و استغرق منا الوقت عدة ساعات إلى أعلى نقطة من العقبة بجوار دار الجبل .

بعد صعودنا من ذلك الموقف ومن بين ركام الضباب سمعنا صوتاً شجياً يغني بأعذب الألحان الجبلية .. يصدح من بين الجبال الشاهقة لكن مصدرة مجهول .. توقفنا لسماع مصدر الصوت البعيد .. هذه عادة الرعاة و الراعيات للتسلية مع : الوحدة والحرية والديمقراطية ..في الفضاء الواسع .

ملاحظة أخرى لفتت انتباهنا أثناء صعودنا : وهي أننا كنا نمشي بنشاط متساوٍ عدا أصغرنا فقد كان في المؤخرة وبيننا و بينه عدة أمتار ( امش يا سعيد .. امش ) و سعيد ما يرد من ( الضيقة ) و التعب .. لكنة فجأةً أصبح في المقدمة و نشيط و بيننا و بينة مسافة ... و عندما حل بنا آخر مدى من التعب طلبنا جالون الماء الذي كان مكلفاً بحملة و وجدناه فارغاً... عندها عرفنا السبب و ( التناسب الطردي ) بين النشاط و جالون الماء الفارغ . .


الوصول إلى أعلى نقطة :

أخيراً وصلنا مشارف قرية دار الجبل الساعة الثانية ظهراً تقربياً ( 10 ساعات ) صعوداً و كأننا وصلنا البيت و عند أقرب بئر أنزلنا الجالون بالحبل و حصلنا ماء البئر مختلطاً بالدود و اليرقات ( لكن ما يهم . .كله بروتين ) شدة العطش جعلتنا لا نبالي و استخدمنا الغترة لتصفيته و إرواء العطش .




استراحة اثنين من الأعضاء بجانب الغربة ( وادي السقا ) بعد عناء الرحلة


لقد كان من الصعب علينا الوصول إلى القرية و نطلب غداء ( و باقي في روسنا شوية جنان و نشاط ) فقرننا الوصول إلى وادي السقا – تحت الغربة – و مع صفاء المياه الجارية و تحت ظلها طبخنا ما تبقى من رز و ( حميس ) و مع تلك النسمات الباردة و الظلال الوارف و الوجبة انتهى كل تعب .

بعد عشرة أعوام تقريبا من تلك الرحلة افتتحت العقبة بطريق مسفلت و عم الخير كل تلك الأرجاء علينا وعلى غيرنا ولله الحمد .. و بفضل المولى عز و جل أنعم الله علي – وعلى الجميع -- بزيارة ذي عين .. مستقلا سيارة كابريس جديدة من الوكالة ..81 برفقة إبني فيصل ..و..وائل .. ( 3 و 4 ) سنوات و عائلتي وشريت لهما تيسا تهاميا صغيرا ... على أساس أنه ( غزال ) فيي نظرهما .. احتضنوه على المقعدة الخلفية ولاعبوه طوال مسافة الطريق إلى حان أجله المحتوم

وبلا شك زارها أيضاً رفقائي في الرحلة بسيارتهم .. وابنائهم وعوائلهم ... و هم أحسن مني حالاً و سترا

والحمد لله الذي له المنة والفضل والجلال

وسلامتكم



( بامكانكم التعرف على رفقاء الرحلة من الصور المرفقة )
.





 

 


التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرحيم بن قسقس ; 11-18-2022 الساعة 06:59 PM.

   

رد مع اقتباس
قديم 04-10-2009, 02:34 AM   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عضو مميز
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
ابوفارس is on a distinguished road


 

..


حياااااك .. الله ياابوفيصل

وهذه الرحله تندرج تحت ... ادب الرحلات

حبكه ... وترابط .... صيغت بسلاسه جميله

... استمتعت كثيرا بفراءتها .... وحسيت بمشاعر كم .. وكأني معكم

شكرا لك ... واكثر




..

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 04-10-2009, 02:44 AM   رقم المشاركة : 3

 



هذه الصورة لبداية المسيرة في أعلى العقبة

( آمل من الإدارة نقلها إلى الموضوع الأساسي تحت عنوان : مسيرة الرحلة )


حيث فات علي وقت التعديل والإضافة .... مع الشكر

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 04-10-2009, 02:57 AM   رقم المشاركة : 4

 

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوفارس مشاهدة المشاركة
..


حياااااك .. الله ياابوفيصل

وهذه الرحله تندرج تحت ... ادب الرحلات

حبكه ... وترابط .... صيغت بسلاسه جميله

... استمتعت كثيرا بفراءتها .... وحسيت بمشاعر كم .. وكأني معكم

شكرا لك ... واكثر




..

تسلم يابو فارس على (هالطله ) لموضوعي

لقد إزددت سعادة باعتبارك أول من يرد ويشارك بقلمه الرائع ..وشعوره الفياض بالود

سلمت ولا عدمناك

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 04-10-2009, 04:22 AM   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
عضو فعّال
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
بنت الوادي is on a distinguished road


 


«®°•.¸.•°°•.¸¸.•°°•.¸.•°®»


قصه ومغامره مثيره ومشوقه
معاناة المرأة الجنوبيه وكفاحها وبحثها عن الحياه وقيامها بالاشغال الشاقه والمؤبده وحرمانها من ابسط الحقوق سر قوتها وبقائها
عدم العوده قبل الغروب والنوم خارج البيت وعدم معرفة العائله بمصير الرحاله دليل على قساوة قلوب الاباء والامهات
مشكور بن ناصر على القصه
هل نستطيع طلب قصه أو موضوع جديد بهذا الجمال والاسلوب الجميل

«®°•.¸.•°°•.¸¸.•°°•.¸.•°®»

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 04-10-2009, 11:17 AM   رقم المشاركة : 6

 

.

*****

حيا الله أبو فيصل وحيا الله علومه

الوصول إلى قرية ذي عين من الصدر طويل والنزل عبر الممرات الصخرية فيه صعوبه خاصة بعد أن هجر أهل الوادي هذه الطرق والممرات وتيسر حصولهم على الحطب واعلاف ماشيتهم من مناطق اخرى

وأنا اتذكر أن العم علي الصائغ عليه رحمة الله يذهب إلى تهامه من جهة خفه وبني حده فهي الطريق الأسهل وقد وصف لي أحد الأصدقاء من آل بن بنه هيئة العم علي وطريقته ومقتنياته في النزول وكذلك حال عودته وكرمه رحمه الله وغفر له وتوزيعه للموز على من يجده من الأطفال في طريق عودته

وهو ما كنا نجده منه رحمه الله أثناء عودته من سوق الغشامرة ونحن نرعى الغنم في جبل القنا أو في الحصون

في موضوعك يا أبا فيصل لفت انتباهي التجهيزات اللازمة لإقتحام العقبة وممراتها المتعرجه والتفكير في توثيق الرحلة بالصور وتقدير الحاجة إلى (الدربيل) وإن كنت متأكد أن مشاهدة الطريق بالعين المجرده اصفى وابعد من امكانيات الدربيل

أما موضوع نفضة الرجل وتراقصها فحدث ولا حرج والمشكله أن الشخص يصبح عاجز عن الاستمرار في السير أو العودة بالإضافة إلى الخوف من حركة الصخور بفعل الهواء أو القرود أو رعاة الغنم في المرتفعات

من جمال القصة طريقة السرد وتقديم الصور وشكل الرحاله وهم يرتشفون الشاهي وتمردهم على لبس (العمامه والكوفيه المودعة بالشنطه) وتمسكهم بالمسابت وإدخال الدربيل والكيمره مع الحميس وكرم الضيافة ومشاهدة ازياء جديده وسماع اسماء ومفردات جديده والنوم في المسجد ومقابلة أحد زملاء الدراسه والعودة مساء اليوم الثاني

والأجمل تقديم أبو فيصل للقصه في قالب مميز يجبرك على قراءتها اكثر من مرة وكأنك تعيش تفاصيلها الدقيقه

لك مني أخي العزيز بن ناصر كل تحية وتقدير واحترام ودمت في حفظ الرحمن وتوفيقه

*****

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 04-10-2009, 04:01 PM   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
مشرف
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
مشرف العامة2 is on a distinguished road


 

مع التحيه لكاتب الوضوع ( بن ناصر )

تم اضافة الصور رقم ( 1 - 2 - 3 ) إلى الموضوع

 

 

   

رد مع اقتباس
قديم 04-10-2009, 05:33 PM   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبدالحميد بن حسن
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
عبدالحميد بن حسن is on a distinguished road


 

الحبيب الغالي بن ناصر :
لقد استمتعت كثيرا بما سطرته اناملك الكريمة ولم استغرب حسن الاسلوب وجماله وترابطه لانه صادر من رجل متمكن .
وما اود الاشارة إليه ما يأتي :

* الشجاعة التي يتمتع بها هؤلاء الرجال في اجسام اطفال ( رجولة مبكرة كان يتمتع بها اطفال ذلك الزمن اما الآن فالطفولة امتدت الى سن العشرين ) والمغامرة التي قاموا بها في رحلة شاقة وطريق مجهول دون اعتراض من الاهل ! .

* مبيت اعضاء الرحلة ( الرجااااال بما تعني هذه الكلمة ) على سقف مسجد رغم معرفتهم انهم معرضون لخطر شديد من الثعابين السامة وغيرها ( هل يستطيع اطفالنا القيام بذلك الآن رغم الامن والامان والامكانيات ) ؟ .

* انتشار الجهل والجوع وصعوبة المواصلات وخاصة في القسم التهامي من بلادنا وما نتمتع به اليوم من نعمة ورخاء نسأل الله أن يرزقنا شكر النعمة .

* ما هو سر قرية الحنجور يا ترى ؟

* اعجبني اصراركم على الطبخة ( رز بالحميس ) رغم اقترابكم من منازلكم .

اخي ابو فيصل كلماتي تتطامن ولا ترقى إلى مستوى ما اكنه لك من حب واحترام ولا تمكنني من التعبير بالصورة التي ارتضيها واكتفي بالدعاء لك بالصحة والعافية وطول العمر على رضا من الله وتقوى وتقبل خالص تحياتي وعظيم احترامي .

 

 
























التوقيع



سبحانك اللهم وبحمدك عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .

   

رد مع اقتباس
قديم 04-10-2009, 05:37 PM   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
عضو ذهبي
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
أحمد بن فيصل is on a distinguished road


 

حياك الله أستاذي الكريم ابن ناصر
استمتعت أيما استمتاع بهذا السرد الجميل
وللأمانة فإني طالما طالبت من يحكي قصص من الماضي
ألا يكتفي بسرد الوقائع كما هي بل عليه أن يصف الواقع المصاحب
كما عاشه باعتباره شاهد عيان وهذا ما ألمسه هنا في هذه القصة المثيرة
هناك بعض الأسئلة التي أثارتها طريقتك في السرد ابتداء من قرية
الحنجور، ورأي الأهل فيما فعلتوه وأخيراً هل ذقتم المــوز
باعتباره المحفز الأساس للرحلة وهل بالتالي
ذاق الأهل الموز الذي أردتم إيصاله لهم
تقبل تحياتي

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس
قديم 04-10-2009, 06:16 PM   رقم المشاركة : 10

 

أخي الفاضل والحبيب / بن ناصر
لست ادري من أين ابدأ بالرد على هذا الموضوع المثير ..

لكن ..

مغامرة بطولية ليست بالسهلة فيها من المعاناة ما الله به عليم
إذا ورطت يا فصيح لا تصيح
ربما كانت هذه العبارة هي ديدنكم خاصة بعد توسط الطريق

الطريق مجهول والمعرفة تكاد تكون معدومة إلا من وصف غير دقيق لمعالم الطريق ..
أضف إلى ذلك أن في ذلك الزمن البعيد كانت الوحوش تعيش بشكل كبير في تلك الجبال .
طبعاً ربما لم يكن في بالكم ذلك
مئونة لا تفي بالغرض لتكملة الرحلة
جالون ماء ربما ينتهي بعد مرور ساعة أو ساعتين من شدة العطش
حب الاستطلاع جعلكم تقدمون على تلك الرحلة . ربما لأن السبب هو
أن النساء في ذلك الزمن مثل ما تفضلت كنّ يتجهن إلى تلك المنحدرات أكثر من مرة في الأسبوع للاحتطاب أو لأخذ الحشيش أو رعي الأغنام

..
لاشك أنكم أدركتم معاناة الأمهات آنذاك ( رحم الله من مات منهن وأحسن خاتمة من بقي منهن ) .
اكتشفتم الكثير والكثير من الأشياء التي رأيتموها وسمعتموها

لفت انتباهي .. عدم تواجد رجال تلك القرى بالمسجد لتأدية الصلاة
أكيد هو ضعف الوازع الديني آنذاك ..
تصدّق وأنت توصف الرحلة فقد تصورت نفسي الرجل الخامس
..
تهديد مسّلح .. حقيقة وليست خيال فقد كان السطو المسلح عادة عندهم وكان بمثابة الحماية لأهل المنطقة من خبث المارة .. أو لنهب وسلب ما يمتلكه الغير ..
ولقد تذكرت قصة شاعر غامد ( عبدالله الزبير ) عندما هجم عليه سبعة من التهمان وهو نادر العقبة في يوم من الأيام .
عندما قال
خيلي يا جبتّي خيلي .. أي سبعة وأي بو علي
ربما تعرف تلك القصة
اشكر لك هذا السرد الجميل والرائع وما شاء الله عليك استطعت أن تحتفظ بالصور من ذلك الحين ..

مع الأسف لم تسعفني الذاكرة بالتعرف على رفاقك في تلك الرحلة

 

 
























التوقيع

مدّيت له قلبي وروّح وخلاه
الظاهر إنه ماعرف وش عطيته

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir