يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ

اهداءات ساحات وادي العلي







العودة   ساحات وادي العلي > الساحات العامة > الساحة العامة

الساحة العامة مخصصة للنقاش الهادف والبناء والمواضيع العامه والمنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-19-2009, 10:20 AM   رقم المشاركة : 1
رسالة جداً رائعة عن قيادة المرأة للسيارة (الجزء2)


 


الحلقة الثالثة
كيف سيصبح المجتمع السعودي على المدى البعيد إذا قادت المرأة السيارة
(نتائج زيارة دولة عربية في شمال أفريقيا)
هدف هذه الحلقة (المرحلة الثانية من البحث الميداني) هو المقارنة بين حال المرأة في السعودية التي هي في مرحلة مبكرة من مراحل تطوير المرأة، مع دولة عربية في شمال أفريقيا والتي هي في مرحلة متأخرة من مراحل تطوير المرأة وخروجها. ويمكن بكل مهنية الاعتقاد أن هذا المسار سينتهي بالمجتمع السعودي والمرأة السعودية إلى نفس الوضع على المدى الطويل، إذا استمرينا بنفس الطريقة.
دعني أنظر اليوم إلى موضوع المرأة وحريتها تحديداً، فنجد في السعودية مثلاً من يقول بخروجها لتعمل وتختلط وتقود السيارة وتحتل المناصب، بينما الفريق الثاني يحاول مقاومة هذا التوجه.
وسوف أحاول هنا أن أنقل لكم رؤية للمستقبل - من واقع من سبقنا - لعل وعسى أن تفيد الفريقين في وضع تصور واضح لما سيحصل للمجتمع والمرأة السعودية بعد 10 سنوات مثلاً من الآن.
مقارنة مراحل التطور:
لقد لفتت قريبة لي نظري خلال زيارتنا هذه السنة لإحدى مناطق بلادنا بأنه يوجد في الأسواق هناك بعض الأمهات المتحجبات والمغطيات وجوههن، وبجانبهن بناتهن يلبسن العباءة بدون غطاء الوجه، وربما مع بعض شعر الرأس يتسلل من خلال الطرحة (غطاء الرأس)، وبطريقة مغرية وعيون مرسومة وزائغة تطلب الإعجاب.
وقالت قريبتي: إن هذا الأمر يحصل في عائلات كانت معروفة بالتدين، وكان الجميع فيها متحجباً قبل 5 أو 6 سنوات. أي: أن هناك تطور ما في الموضوع.
لفت نظري نفس هذا الأمر أثناء زيارتي لدولة عربية في شمال أفريقيا قبل فترة بسيطة، حيث شاهدت أمهات متحجبات، بينما بناتهن يمشين معهن وهن غير لابسات لملابس ساترة. أي: أن هناك يوجد تطور لديهم ولكنه تطور أكثر انطلاقا وحرية من بناتنا في إحدى مناطقنا. والتطور له مراحل كما لا يخفى.
خصائص المراحل المتأخرة من تطوير المرأة:
كيف سيصبح المجتمع السعودي بعد نحو 10 سنوات، مع تقديم الأدلة؟
يوجد في دولة شمال أفريقيا أناس صالحون يقومون الليل ويفعلون الخيرات. ولكن لفت نظري أيضًا الأمور التالية، حيث شاهدت على الطبيعة في داخل بيوتهم وشاهدت في وسائل إعلامهم وصحفهم الأمور التالية خلال زيارتي، مع تقديم الأدلة قدر الإمكان من خلال صحفهم:
1- خروج المرأة من بيت أهلها: أصبح من حق الفتاة حينما تبلغ سن الثامنة عشر أن تغادر منزل والدها حيث تريد، كما يحق لها أن تتغيب المدة التي تريد، وأن تدخل وتخرج كما تريد دون أن يحق لوالدها أن يسألها إلا بالحسنى. وفي حالة قيامه بأي تصرف يوضح رغبته في تأديبها، فهذه جريمة يعاقبه عليها القانون. هذا من حقوق المرأة وهو من التطور والانطلاق والحرية كما لا يخفى.
2- حمل المرأة غير المتزوجة: أصبحت المرأة غير المتزوجة والحامل بطريقة غير شرعية يحق لها أن تدخل المستشفى لكي تلد طفلها أو طفلتها. هذا من حقوق المرأة لديهم، وهو من التطور والانطلاق والحرية. انظر على سبيل المثال ما كتبته جريدة الاتحاد الاشتراكي في صدر صفحتها الأولى في (30- 4- 1429هـ، 5- 7- 2008م).
3- مساج وحمام باستخدام المرأة: أصبح الآن أمرًا طبيعيًّا أن يحصل السائح في الفنادق على جلسة مساج في غرفة مغلقة وهادئة الأنوار على يد فتاة تكون جميلة في أغلب الأحيان. كما لا يوجد مشكلة في أن يقوم بدخول الحمام وتدليكه على يد فتاة جميلة أخرى. والسبب أن الفتاة تحتاج إلى وظيفة لكي تُؤمِّن عيشتها، مهما كانت هذه الوظيفة. وهذا من حقوق المرأة لديهم، وهو من التطور والانطلاق والحرية.
4- حوادث بسبب الصديقات: تحصل حوادث مثل إمكانية قيام شاب بالتحرش بصديقة شاب آخر أمام صديقها، فيغضب الأخير، وتقوم معركة باستخدام كافة أنواع الأسلحة البيضاء، وتأتي الشرطة لفك الاشتباك وتحويل الشابين إلى مركز الشرطة على خلفية الاشتباك والأضرار التي سببها، دون الحديث عن مسألة وجود (صديقة) لدى أحدهما، فهذه من حقوق المرأة لديهم، وهو من التطور والانطلاق والحرية.
انظر على سبيل المثال ما نشرته جريدة الاتحاد الاشتراكي في 30-4-1429هـ (7-5-2008م) الصفحة 4 بعنوان: (المنافسة على فتاة كادت أن تؤدي إلى جريمة قتل)، وغني عن القول أن هذا نوع من الجرائم سيكون جديداً علينا.
5- تصوير أفلام الجنس: أصبحت البلد مفتوحة لقدوم المستثمرين في أفلام الجنس لتصويرها مع الفتيات اللواتي يحصلن على مبالغ جيدة لقاء قيامهن بالأدوار، وهو من الجهود التي تبذل لتوفير وظائف للمرأة الباحثة عن عمل. وقد كتبت جريدة الميعاد السياسي هناك في 25-4-2008م كلامًا عن خليجي حط رحاله ضيفًا عند (إحدى العاهرات المصنفات في عالم الدعارة الراقية) في سبيل تسهيل إنتاج فيلم جنسي، وإيجاد الكوادر القادرة على القيام بالعمل تمثيلاً وتصويرًا وإنتاجاً.
6- وصول الدعارة للجامعيات: وصلت الدعارة مع الأسف الشديد لطبقة من المفترض أن لا تصل إليها، وهي طبقة المتعلمات والجامعيات التي كان من المفترض أن يحميهن علمهن عن مثل هذه الأمور، ومن ذلك ما نشرته جريدة أخبار الحوادث في (25-4-2008م) في صدر صفحتها الأولى بعنوان (أخبار الحوادث تكشف خيوط دعارة الجامعيات) وأوردت تحقيقًا كاملاً على الصفحتين 4 و 5.
7- اغتصاب المعلمين لطالباتهم القاصرات: نتج عن هذا الجو الذي هو بوضوح يدفع أي رجل إلى الإثارة وجنون الجنس أن اندفع الرجال للبحث عن المتعة الحرام بأي وسيلة، خصوصا وأنهم لا يمتلكون المال اللازم لكي يدفعوا للعاهرات اللواتي يتوجهن للسائحين. فخرجت جرائم جنسية جديدة، مثل ما نشرته جريدة الميعاد السياسي في 25-4-2008م الصفحة 7 حول (إيقاف معلم اغتصب طفلة عمرها 10 سنوات).
8- انتشار المواخير وفلل وشقق الدعارة والجنس والشواذ: أصبح أمرًا طبيعيًّا لذلك انتشار شقق الدعارة والشواذ. ومن ذلك ما نشرته جريدة أخبار الحوادث في 25-4-2008م في صدر صفحتها الأولى عن (تفاصيل مداهمة ماخور للجلسات الجنسية: ضبط 48 شخص من بينهم طبيبة ولاعب دولي سابق ومهندس وأجانب وشواذ جنسياً ومراهقات داخل شقق بعمارة مخصصة للدعارة، وما نشرته أيضًا نفس الصحيفة في الصفحة 9 بعنوان (مداهمة فيلا خاصة بالدعارة واعتقال أشخاص وفتيات بـ...).
9- وصول الليالي الحمراء لبعض المسؤولين: تتحدث الصحافة هناك عن وصول النشاطات الجنسية غير المشروعة إلى المسؤولين، فالجو معبق بذلك، ولا يمكن لفئة أن تعزل نفسها عن المجتمع، ومن ذلك ما نشرته جريدة المشعل في 30 إبريل 2008م في صدر صفحتها الأولى بعنوان (الليالي الحمراء للجنرالات والوزراء وقادة الأحزاب)، ثم وضعت تفاصيل مزعجة على الصفحات 7 إلى 11. وأوحت الجريدة - مع جرائد أخرى- بأن الحكم الحالي يسعى إلى تنظيف مثل هذه الأمور، ولكن يوجد فساد ومقاومة غير طبيعية من المستفيدين من الأوضاع الحالية.
10- انتشار الاغتصاب: تتحدث الصحافة هناك عن انتشار الاغتصاب وعمليات الإجبار على الجنس، ومن ذلك ما نشرته جريدة الصباح في 5-5-2008م الصفحة 10 بعنوان (اعتقال متهمين باقتحام مؤسسة تعليمية واغتصاب قاصر)، وما نشرته جريدة الميعاد السياسي في 25-4-2008م الصفحة 8 حول (بائع متجول يغتصب طفلتين بالمدينة العتيقة بمدينة...).
11- انتشار ظاهرة ترميم العذرية: حيث أصبحت العلاقات الجنسية متاحة، و لمّا كان الرجل الشرقي لا زال يبحث عن الفتاة العذراء كدليل على شرفها، فقد انتشرت عيادات ترميم العذرية للفتيات الراغبات في الزواج. وأصبح الأمر ظاهرة اجتماعية لدرجة أن مجلة نجمة نشرت تحقيقًا كاملاً عن الموضوع في 12-5-2008م الصفحات 42-43 بعنوان (تزايد إقبال الفتيات على ترميم العذرية يهدد مؤسسة الزواج).
12- انتشار فوبيا أذية النساء في الشوارع: يعتقد الإنسان من خلال الحديث عن حرية المرأة أن الرجال سيحترمون النساء بما أنهم سيتعودون عليهن في كل مكان، ولكن هذا الأمر لا يبدو صحيحاً، ووصلت ظاهرة إيذاء المرأة بالكلام الجنسي الجارح في الشوارع إلى مرحلة متقدمة تؤذي المرأة، ومن ذلك ما نشرته مجلة سيتادين على غلافها في عددها الشهري إبريل 2008م بعنوان (فوبيا الشوارع.. سرقة، عنف، تحرش، النساء في حرب الشوارع).
وأوضحت المجلة في داخل العدد الصفحات 6 و64-68 بأن النساء هناك يعانين فعلاً من فوبيا الشوارع، وبأن الرجل يجرد المرأة في الشارع من إنسانيتها وآدميتها وحقها في التحرك بحرية وآمان، فهي غزالة وجميلة ورائعة إذا ابتسمت وتجاوبت، بينما هي ساقطة وذميمة إذا احتجت وقاومت.
13- استغلال بعض النساء نفوذهن للتحرش بالرجال: وكما يوجد رجال يتحرشون بالنساء، فإن خروج المرأة سيؤدي إلى زيادة الاحتكاك، فتعجب بعض النساء ببعض الرجال الوسيمين والجميلين، ومِن ثَمّ تشهد البلد هناك الآن ظاهرة تحرش المرأة بالرجل. ومن ذلك ما نشرته مجلة نجمة في 12-5-2008م الصفحات 30-31 عن نساء يستغللن نفوذهن وثرواتهن للتحرش بالرجال.
أدلة المعاناة:
لقد أوردت هنا بعض الأمثلة مما شاهدته في دولة عربية في شمال أفريقيا هي في وضع متقدم بالنسبة لحرية المرأة وعملها وقيادتها للسيارة، وقرأته في صحافتها ومجلاتها أثناء زيارة لمدة أسبوع فقط لتلك الدولة. وهم في مرحلة متقدمة من مراحل تطوير المرأة، بينما نحن لا نزال في مرحلة مبكرة.
قد يقول قائل: أعطني أدلة واضحة على أنهم يعانون من وجودهم في هذه المرحلة المتقدمة من عملية تطوير المرأة، أي أنهم يشتكون. أقول ما يلي:
1- ما أوردته آنفاً يوضح وجود معاناة لمن لديه عقل وحكمة ويرغب في رؤية الحقائق لا مقاومتها لغرض في نفسه.
2- ما أوردته آنفا يتنافى مع طبيعة المجتمع المسلم. ومشكلتنا ستكون أكبر، لأننا في جزيرة العرب حيث بيت الله ومسجد رسوله. ماذا سيقول عن الله تعالى والناس جميعًا لو جاءوا للحج والعمرة، ووجدونا في مرحلة متقدمة من تطوير المرأة، بعيدًا عن كل تعليمات الإسلام وثوابت الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه؟!
3- جلوسى مع العديد من المستورين والصالحين والمستقيمين في بيوتهم وحديثي عن هذه الأمور.. صدقوني أنهم يعانون. ويمكنكم أن تزوروهم وتسألوهم، خصوصا الذين أصيبوا بمصيبة خروج بناتهم ودخولهم في صداقات أو تعرضهم لجرائم اغتصاب وتحرش ومضايقات أو دخولهم في عالم الدعارة من باب السياحة الجنسية أو من باب أرباب العمل حينما يغلق عليها الباب مع رئيسها في العمل وتصبح بلا حماية حقيقية، الخ.
4- لكن أسوأ دليل هو الشعور بالذنب الموجود لدى العديد من أفراد المجتمع وإلقاء اللائمة على المرأة لخروجها بشكل سافر بعيدا عن تعليمات الإسلام. وقد كتب الكاتب عبدالغني أمسوحلي مقالاً يدافع فيه عن خروج المرأة بعنوان (لماذا نلقي اللوم دائماً على النساء؟) في مجلة نجمة في 12-5-2008م الصفحة 3، وهو موجه لمن يلوم المرأة على خروجها وعملها بالشكل السافر الذي رأيناه.
وحوى المقال أخطاءً لا يقع فيها إنسان يعيش في عالم عربي إسلامي، يحكمه الله من خلال كلمته الأخيرة لعباده (الإسلام)، وسوف أورد لكم مثالاً مما كتب، حيث قال: عندما بدأت الأرقام تتحدث عن ارتفاع العنوسة، بدأ الجميع يلوم المرأة ويتهمها بأنها السبب المباشر في ذلك، لأنها أصبحت تقيم علاقات مع الرجل خارج إطار الزواج، لكن لا أحد يلوم الرجل رغم أنه الطرف الثاني في هذه القضية.
هذه الجملة توضح الشعور الاجتماعي بالذنب والملامة على الطرف الآخر. وهو أمر عظيم. لكن اللافت للنظر بأننا نتكلم عن مجتمع مختلف تماماً عن المجتمع السعودي الذي نحيا فيه اليوم، مجتمع تقيم فيه المرأة علاقة كاملة مع الرجل خارج إطار الزواج أمام أنظار المجتمع، ويمكن أن يكتب ذلك كاتب في جريدة أو مجلة بدون أي حياء!!
تبسيط الثوابت:
رغم أنني أعلم أن بعضكم سيكره ما أكتب بسبب قلة خبرته في التطوير وتفاجؤنه بالنتائج المتوقّعة لمجتمع سعودي مختلف تمامًا عن مجتمع اليوم، إلا أنني أعتقد - من خلال خبرتي في التطوير - أننا إذا استمرينا نتكلم بهذه الطريقة المبسطة للأمور، فإن وضع المجتمع سيكون هكذا بعد 10 سنوات، وهي الآن في المرحلة الأولى من عملية التطور.

ويمكنكم أن تروا أن بعض الشواذ جنسياً بدؤوا في الظهور العلني لدينا خلال هذه المرحلة، وهم سيتطورون أيضاً. وما قيام أمارات إحدى مناطقنا بالطلب من جامعة محلية بدراسة الظاهرة إلا دليل على الشعور المتنامي بالقلق إزاءها.

إن عملية تطوير المرأة تنتقل من مرحلة إلى أخرى بضغوط ومواصفات غربية، ولها من يدعمها من أبناء جلدتنا. والحديث عن الثوابت بهذه الطريقة المبسطة هو ضحك على الذقون، لأن القائمين على عمليات التطوير في دول الخليج العربي لا يعرفون أصلا كيف يبنون الآليات المطلوبة لعملية التطور بشكل عام، وعملية تطوير المرأة بشكل خاص، ناهيك عن أنهم أصلا لا يتحكمون في كافة عناصر عملية التطوير، ولا يعرفون كيف يحورون الثوابت لكي تتناسب مع عصرهم.

إن هذا لا يعني أن لا نعمل على تطوير المرأة، ولكنها هذه نصيحة من القلب لكل عاقل وحكيم: أين نحن الآن؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟ وكيف يمكن لملكنا الهمام أن يحكم بلاده دون دين إذا انحرفت المسيرة في جزيرة العرب؟ فالفيلم السينمائي الخاص بتطوير المرأة يبدو أنه متكرر من بلد عربي إلى آخر، ولم يبق فيه إلا آخر معقل للإسلام على كوكب الأرض، حمانا الله من كل سوء، وسدد خطى قادتنا وأعضاء مجلس الشورى والوزراء وكافة المسؤولين لكي ينتبهوا إلى أين هم يقودون البلاد.
الحلقة الرابعة
كيف يمكن حل مشكلة قيادة المرأة للسيارة؟
لا أزال أقول: إنني لست ضد قيادة المرأة للسيارة. ولكنني - كاستشاري - ينبغي أن أخبركم بما أنتم قادمون عليه حتى لا تتفاجؤوا لاحقًا بالنتائج.
إذا كنا عقلاء، فإن نتائج الزيارات الميدانية توضح انحرافًا كبيرًا في مسيرتنا على المدى القصير وعلى المدى الطويل. وهذا يعني ببساطة اعتداءاً على ثوابت هذه البلاد التي أرساها الملك عبدالعزيز لكي يجمع قلوب مواطني هذه البلاد.
الآن نحن أمام أمرين:
1- إما أن يبرز لنا أحد وسائل للتعامل مع المشكلات التي نتجت عن الزيارات الميدانية، مما يلغِي تأثيراتها السلبية على المجتمع السعودي، ويسمح له بالمحافظة على ثوابته، وهو أمرٌ أشكُّ فيه من خلال تجاربي الاستشارية السابقة؛ لأنك تتكلم عن بشر يصعب السيطرة عليهم.
2- أو أن نجد حلا للمشكلة بطرق إبداعية، وهو الأجدى.
وأشير في هذا الصدد إلى أن موضوع قيادة المرأة للسيارة - مثله مثل الكثير من المواضيع الأخرى التي يتم طرحها في الدول النامية - لا تجد أنه يتم مناقشتها بطريقة عملية وموضوعية يمكن من خلالها الوصول إلى حلول عملية ومرضية.

وهكذا تجد الدول النامية نفسها واقفة عند محطات لسنوات طويلة تنتظر أن يقبل طرف من الأطراف بالأمر الواقع أكثر منه حلاً يمكن المجتمع من الانطلاق نحو آفاق أكبر. لذلك أود هنا أن أوجه العناية إلى بعض الأمور التي أرى من الضروري التنبه لها عند مناقشة الموضوع.
حل وليس مشكلة:
إن أول خطأ تم ارتكابه في موضوع (قيادة المرأة للسيارة) هو الاعتقاد بأنه مشكلة قائمة بذاتها لابد من مناقشتها. وأشير في هذا الصدد إلى أن حل سمو وزير الداخلية في أنه ينبغي أن يترك الأمر للأجيال القادمة لحل المشكلة هو حل للطرفين الذين وضعوا (قيادة المرأة للسيارة) كمشكلة، فالحقيقة العلمية هي أن قيادة المرأة للسيارة حل من ضمن حلول كثيرة.
تعريف المشكلة:
يمكن تعريف المشكلة بأنها (انتقال المرأة من مكان إلى آخر بطريقة عملية وميسرة واقتصادية وآمنة لها وللمجتمع وبطريقة مقبولة شرعاً).

لقد اتخذت الحكومة السعودية مجموعة من القرارات قبل فترة تدعو إلى التوسع في توظيف المرأة. وهذا مما سيجعل مشكلة (انتقال المرأة) ستتفاقم ما لم يتم إيجاد حلولاً لها.
الحلول:
يمكن لحكومة المملكة العربية السعودية أن تضع حلولاً كثيرة لهذه المشكلة، ومن هذه الحلول ما يلي (لا تنتقدوا القائمة. لاحظوا أنني أفكر بصوت عال وأعطي أمثلة، وجميعكم مدعوون لإضافة أي حلول ترونها):
1- إيجاد نظام نقل عام (مثلاً: باصات خاصة بالنساء أو أجزاء خاصة بالنساء في باصات النقل العام، وينبغي أن تكون الباصات أفضل مما هو موجود حالياً).
2- السيارة الخاصة مع سائق خاص.
3- سيارات الأجرة.
4- قيادة المرأة للسيارة.
5- قطارات راقية ونظيفة ومكيفة، سطحية أو تحت الأرض داخل المدن (تحل مشكلة الزحام داخل المدن والتي ستتفاقم مع الزمن وستمنع كلا الرجل والمرأة من القيادة مثل دبي).
6- قطارات معلقة داخل المدن.
7- قيام شركات خاصة بتوفير سيارات أو باصات راقية وصغيرة وسريعة خاصة بالسيدات.
8- قيام كل شركة ووزارة بتوفير سيارات أو باصات صغيرة وسريعة خاصة بالسيدات اللواتي يعملن لديها.
9- قطارات مبرمجة تعمل أتوماتيكياً بدون سائق.
10- عربات منفصلة تسير على خطوط حديدية أو معلقة، ويمكن برمجتها بطريقة ميسرة بحيث تفتح وتغلق عند مواقع معينة، وبحيث تسير كل واحدة منها في اتجاه منفصل تمامًا عن الآخر حسب ما هو مطلوب.
11- قيام الزوج بإيصال زوجته.
12- أي فكرة إبداعية يمكن أن تساعد في حل مشكلة انتقال المرأة بدون أن تفرقنا كمجتمع.
هذه قائمة، وهي مرشحة للازدياد حسب إبداعات المجتمع السعودي نفسه، وبحثه عن طرق لحل مشاكله!!

هل تعلم أن اليابان تعمل الآن على فصل باصات السيدات عن باصات الرجال في مواقع معينة في طوكيو، حيث تمت ملاحظة ازدياد حالات التحرش الجنسي في تلك المواقع. هل ترى كيف قاموا بحل المشكلة باتباع طريقة عملية يمكن وصفها بأنها (إسلامية)؟!
إنه التفكير العلمي الهادف إلى حل المشكلة، وليس الهادف إلى (تسجيل مواقف) و(الانتصار لمفاهيم معينة)، وكأننا في معركة مع الآخرين!!
تقويم الحلول:
يمكن بعد ذلك تقويم (الشائع: تقييم) كل الحلول من نواحي عديدة، دعني أعطي أمثلة:
(1) أن تكون عملية وميسرة.
(2) أن تكون اقتصادية.
(3) أن تكون آمنة لها وللمجتمع.
(4) أن تكون ضمن شرع الله حسب ما يفهمه العلماء المعتبرين في هذا الزمان.
(5) أن لا تؤدي إلى تزاحم من أي نوع.
يمكنك إضافة أي اعتبارات للنظر في مدى جاذبية كل طريقة، ثم نطور طريقة للتقويم والمفاضلة بين الطرق.
الأطراف المعتبرة:
من المهم جداً أن يتم وضع حسابات جميع الأطراف في الاعتبار حين حل المشكلة: الله تعالى، المرأة، المجتمع، الحكم. على سبيل المثال طلب الله منا وضعه في الاعتبار، حينما قال لنا: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} [الأنعام: 162-163].
لا يمكن لكم يا شعوب الجزيرة العربية أن تضيعوا ما حمَّلكم الله إياه من أمانة في وجود أعظم بيتين في الإسلام لديكم، وفي المحافظة على مظاهر الحياة الإسلامية، وحمل لواء الرسالة وتبليغها للشعوب الأخرى بالحسنى.
وكمثال آخر يوضح ما أعني: بأن يكون الحل آمنًا للمرأة وللمجتمع، فأقول - وبالله التوفيق: إن مجتمعنا يعج - ولله الحمد - بنساء فاضلات مستورات، ولكن يوجد لدينا أيضاً نسبة - وإن صغرت - من النساء قد يضللن الطريق إذا فتحت لهن الأبواب، أو لنقُلْ: إن حجم الخبث والفساد الأخلاقي سيزداد لدينا بحيث لا يمكن وصفنا بعد ذلك بأننا (مجتمع مسلم) لا سمح الله.
إن الحكم لدينا قائم على ركيزة حفاظه على (المجتمع المسلم). وهناك - لاشك - في العالم من يرغب أن يهدم بلادنا وحكمنا من الداخل عن طريق تفريغه من مفهوم (المجتمع المسلم).
مشاكل المرأة:
وبالنسبة للقيادات في بلادنا وللخاصة (بما في ذلك أعضاء مجلس الشورى): لقد سبق ووجهت العناية في مقالات سابقة من أنه لا ينبغي على (الخاصة) أن يعاملوا (العامة) كما يعاملوا أنفسهم؛ ففي مجتمعنا العام توجد بيوت ماشية (بالدف)، ولا تحتاج إلى أن نفتح عليها أبواب تؤدي إلى تفككها. ولعلي أذكر الحكومة أعزها الله ببعض الأمور:
(1) أننا عندما بنينا جسراً بحرياً مع دولة مجاورة، فقد أدى وجود الجسر إلى تفكك بعض الأسر في المنطقة الإدارية القريبة من الجسر، وذلك بسبب أنه أصبح عائلها يذهب إلى هناك من أجل المتعة الحرام أو الشراب. وعندما تتفكَّك الأسر تزداد حالات الجرائم والمخدرات بين أبنائها الحاليين أو في المستقبل عندما يكبرون، مما سيزيد الأعباء على الدولة - أعزها الله.
(2) أن أحد أهم ارتفاع نسبة الطلاق إلى 60 في المائة (وهي نسبة عالية جداً) في دولة عربية وإسلامية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة هو أن النساء أصبحن يشعرن بعدم الحاجة للرجل حسب ما ذكرت جريدة محلية هناك، وحسب ما نتج عن الدراسة في الحلقة الثانية. ولقد رأيت بعيني أموراً وحصلت لي مناقشات معهم لا يمكن ذكرها في جريدة سيارة. والعقلاء هناك يحذروننا من السير على نفس المنوال.
(3) أنه يوجد اليوم لدينا في السعودية نسبة الطلاق قد وصلت إلى نحو 35 في المائة. وهي نسبة سترتفع إذا ظللنا نفتح أبواباً ولا ندرس عواقبها على الأسرة.
(4) كما أن نسب الطلاق في مجتمعنا ستستمر في الارتفاع إذا استمرينا في تناسي مشاكل المرأة في الحصول على حياة كريمة تحت ظل أنظمة واضحة تحفظ حقوقها. ومعظم مشاكل المرأة سهلة لو تعاملنا معها بطريقة إبداعية. وهذه الحلول الإبداعية مع الأسف غير موجودة الآن!!

(5) أن نسبة مضايقة المرأة في الشارع قد ازدادت بسبب طبيعة الثقافة المنتشرة لدينا. ولا يحتاج المرء إلى كبير ذكاء ليكتشف ذلك بنفسه. امش في المراكز التجارية وتعجب من كثرة المضايقات التي تحصل للنساء من الشباب والرجال. وأشير هنا إلى أن بعض الفضائيات التي يملكها مستثمرون محليون تشجع على هذه الثقافة بطريقة غير مباشرة. فالمرأة مجرد مفاتن يمكن لنا الاستمتاع بها، هذه الثقافة تحتاج إلى تغيير بحيث لا يجرؤ أحد على مضايقتها في الشارع أو السوق أو في أي مكان آخر، تماماً كما كنا من قديم حينما كان الإنسان يخشى أن يضايق امرأة تمشي في الشارع.

(6) أن نسبة مضايقات الرجال للنساء في الدول الخليجية التي انفتحت عالية جداً، حسب ما أرى خلال أسفاري الكثيرة إلى هناك. والذين يتحدَّثون عن الخليج لا يعلمون الكثير عن ما يحصل هناك طوال السنة وليس خلال المواسم السياحية حيث يسافر أبناء الخليج إلى الخارج ولا يراهم أحد حين زيارة دولهم. كما أنه يوجد بالولايات المتحدة الأمريكية - التي تنادي بحقوق المرأة - أكثر من ستمائة ألف حالة اغتصاب للنساء سنوياً. وهذه فقط الحالات المعلنة. ولذلك فإن حكاية أن (الدول الأخرى تفعل كذا، فلماذا لانفعل؟!) لا تنفعنا، ويصدق فعلاً علينا حينها قول الرسول الكريم: (حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).

ولذلك فإن البحث عن حلول لمشكلة (انتقال المرأة من مكان إلى آخر بطريقة عملية وميسرة واقتصادية وآمنة لها وللمجتمع وبطريقة مقبولة شرعاً) هو أمر (إبداعي) ينبغي أن يقوم به العقلاء والمبدعون في بلادنا بما يتناسب مع أوضاعنا وديننا ومفاهيمنا، حتى لا نتفاجأ بأمور لم نحسب حسابها، ولاتَ ساعة الندم. فالتغيير الاجتماعي مطلوب دراسته، ولكن سيصعب العودة عنه متى ما تم فتح أبوابه.

 

 
























التوقيع

*·~-.¸¸,.-~*صقر الطرفين*·~-.¸¸,.-~*

   

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:28 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir