كفالة «ناكري الجميل» تبقي «الأوفياء» مدينين خلف القضبان!

صداقات حميمة تحولت إلى عداءات وشكاوى في مراكز الشرط والمحاكم
كفالة «ناكري الجميل» تبقي «الأوفياء» مدينين خلف القضبان!

(جريدة الرياض)

أصبح الرأي السائد عند الناس أن "أعز صديق" ستفقده بمجرد أن تكفله في شراء سيارة، أو اخذ قرض من بنك، أو ما شابه ذلك، والمؤسف أن كثيرا من المقترضين يتنكرون لمن كفلهم ووقف معهم من الأقارب والأصدقاء عند حاجتهم للقرض، كما يتنكرون لهم ويجعلونهم مطالبين بتسديد أقساط تلك القروض نيابة عن كفلائهم الذين تأخروا في سدادها وتجاهلوها بعد أن حصلوا على ما يريدون ..

وأكد عدد ممن التقت بهم "الرياض" أن الكفالة هذه الأيام أصبحت شراً وسببا للعداوة والبغضاء والقطيعة بين الأقارب والأصدقاء، لأن معظم الناس لم يعد لديها وفاء أو تقدير للمعروف.

إحراج وقطيعة

الأستاذ حامد عواد الفضيل موظف في الشؤون الصحية بجدة، يقول إن الكفالة أصبحت اليوم سببا للعداوة بين أعز الأصدقاء، فالشخص يجد نفسه محرجا عندما يقصده صديق أو زميل في العمل ليكفله من أجل شراء سيارة أو خلاف ذلك، ويستحي أن يرد طلب الزميل أو الصديق الذي قصده، ولكنه بعد أن تقع "الفأس في الرأس" يجد نفسه متورطا في سداد تلك الأقساط وتتحول علاقة الصداقة إلى عداوة ومشاكل، خصوصاً عندما يجد ذلك الصديق الذي كان يلتقي به كل يوم يتهرب منه ولايرد على اتصالاته وإذا ذهب إلى بيته يسأل عنه لايجده.

ضربتان في الرأس توجع

الأستاذ كمال محمود القوفي موظف في الخطوط السعودية، يقول: إن الكفالة في هذا الزمن أصبحت سببا لكثير من المشاكل، وقد عانيت من مشاكل كفالة الغرم والأداء مرتين، الأولى عندما كفلت أحد أصدقائي المقربين واضطررت أن أسدد بعض الأقساط المتأخرة عليه ومن يومها قررت ألا أكفل أي شخص مهما كانت الظروف، ومرت سنوات وأنا ملتزم بهذا القرار حتى جاءني أحد أقاربي يطلب مني أن اكفله لأخذ قرض يكمل من خلاله بناء بيته.. فقلت له إنني حرمت الكفالة منذ زمن بعد أن مررت بتجربة جعلتني أفقد الثقة في كل الناس.. ولكن القريب أحرجني عندما قال إنه لا يعرف أحدا غيري وليس له بعد الله سواي، وأنه سيلتزم بدفع الأقساط قبل موعدها، فلم أجد بدا من كفالته ولم تمض عدة شهور على كفالتي له حتى وجدت البنك يلاحقني ويطالبني بتسديد أقساط قريبي الذي كفلته، وفي كل مرة أتصل به وأقول له يا "أبو فلان" البنك أتصل ويقول إنك لم تسدد أقساطهم، وفي كل مرة يأتي بعذر ويذهب ويسدد قسط من الأقساط المتأخرة عليه، ولكنه بعد ذلك توقف عن السداد فوجدتني مطالبا بالتسديد ومن يومها أقسمت ألا أكفل أحدا وأنا لا أطلب من أحد كفالتي مهما كنت محتاجا لذلك، لأن الكفالة بسبب عدم وفاء الناس والتزامها سببا لوجع الرأس والمشاكل و"ضربتين في الرأس توجع"!.

ابعد عن الشر

الأستاذ جبران القحطاني مدرس في تعليم جدة، يقول إن الكفالة أصبحت في هذا الزمن شرا وسببا للعداوة، وهذا من خلال تجربة مررت بها وندمت عليها إلى يومنا هذا، فقد قصدني أحد الأصدقاء والزملاء في المدرسة وطلب مني أن أكفله في شراء سيارة، وخجلت أن أرده، وذهبت وكفلته، وبعد فترة وجدت الشركة تطالبي بسداد عدد من الأقساط المتأخرة، وعندما أخبرته بذلك، قال لي بكل "وقاحة" أنه لن يسدد شيء، ولكن أحد الزملاء في المدرسة تدخل وأوضح له أن هذا "عيب" فقام بسداد بعض الأقساط، ثم توقف، وفي نهاية العام الدراسي نقل إلى مدرسة أخرى، وتوقف عن السداد تماما، وكلما حاولت أن أتصل به يغلق التليفون في وجهي، فاضطررت إلى شكواه في الشرطة، ولم تنته هذه المشكلة إلا بعد أن تحولت صداقتنا إلى عداء، ودفعت من راتبي عدد من الأقساط عن ذلك الشخص الذي لم يحترم الصداقة ولا الزمالة، وكان مثالا سيئا حرمت من بعده أن أوافق على كفالة كائن من كان وتطبيق قاعدة (أبعد عن الشر وغني له).

أكفلني تخسرني

الأستاذ فهد السناني الموظف في تليفزيون جدة، قال إنه حرم منذ زمن بعيد أن يوافق على كفالة أي شخص أو يطلب من أي شخص أن يكفله، معللاً ذلك من أن الكفالات تحولت في هذا الوقت إلى سبب للمشاكل والعداوات بين الأصدقاء، بسبب عدم التزام الناس بمسؤلياتها، وأصبحت القاعدة السائدة عند أغلب الناس "اكفلني لتخسرني"، ولهذا كم من أصدقاء تحولت صداقتهم إلى عداء وكراهية بسبب هذه الكفالات، وهو أمر يحز في النفس أن يتحول فعل المعروف بين الناس والوقوف مع الأصدقاء وقت الضيق إلى ندم وخسارة وتنكر للجميل وقضايا وشكاوي في مراكز الشرط والمحاكم، والمفروض أن يكون الأمر عكس ذلك تماما وتكون مقابلة الجميل بالجميل والشكر من المكفولين ليدوم المعروف بين الناس ويبقى الوفاء سائدا ومحافظا عليه في مجتمعنا الذي كان ولايزال - إن شاء الله - محافظا على الأخلاق الإسلامية التي تأمر بالصدق والوفاء والأمانة.

حماية الكفلاء من المكفولين

الأستاذ أحمد الغامدي "موظف متقاعد"، قال: إن ظروف الحياة تجبر الإنسان أن يلجأ لأصدقائه للوقوف معه في تلك المواقف، ولكن السائد اليوم أن الصداقة الحقيقية و"أصدقاء وقت الضيق" لم يعد لهم وجود، وحتى لو فكرت أن تقف مع من تضنه صديقاً في هذا الزمن فإنه لن تجني من هذه الوقفة إلا المشاكل والنكران، وهذا يتطلب أن يكون هناك قانون صارم لحماية الكفلاء من المكفولين، وأن يكون اتخاذ القرار فيه سريعا وحاسما، فليس من المعقول أن يصبح الكفيل هو الملاحق والمطالب بتسديد ما أخذه المكفول، بينما المكفول بعيدا عن المساءلة وينام قرير العين، مؤكداً أن مثل ذلك قد يؤدي إلى مشاكل وردود فعل غير محمودة.

 

 

من واقع تجربة

إياك ثم إياك

أن تكفل أحد مالم تكن واثق فيه كنفسك


ابن الجنوب

طرح مميز كعادتك



تحياتي
...........

 

 

عبدالعزيز بن شويل

شكرا على مرورك ومشاركتك التي أثرت الموضوع

نعجز عن الشكر