عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-2010, 01:45 PM   رقم المشاركة : 1
مطالع القصائد في شعر الجنوب 3/1


 


في تراثنا الشعبي ثمة مثل يقول ( الصابه فى أول الطريق ) وهو مثل يضاهي ذلك الذي طالما سمعنا به( المكتوب يقرأ من عنوانه ) فهذان المثلان يمجدان البدايات ويرفعان من شأنهما، إنهما ينضمان إلى أمثلة عديدة أخرى تنصحك بالارتياب والتروي لأن الأشياء في بداياتها هي تمجيد آخر للثبات والجمود عند حدٍ معين طالما دعت إليه الثقافة الشعبية

فكيف التزم الشاعر الشعبي بهذه التعاليم؟.

وكمدخل لنعد قليلا إلى اهتمامات أسلافنا بمطالع القصائد في الشعر الفصيح

فقد اهتم الشعر العربي منذ عصره الجاهلي وحتى الآن كثيرا بمطلع القصيدة ، ذلك لأن المطلع هو في الحقيقة مفتاح القصيدة.. أو مدخلها الذي ندلف منه إلى رحابها وأجوائها ، وانطلاقاً من أهمية الشعر الذي يطلق روح الإنسان إلى النشاط الحي، ويشيع نغماً شجيا ، ويمزج ويصهر الملكات إحداهما بالأخرى (على حد قول الشاعر كولريدج )، وانطلاقاً من هذه الأهمية فإني بموضوعي هذا سأقف عند لحظة التجلي الأولى الأكثر توهجاً.
لحظة الإشراقة الأولى ، لحظة انبثاق القصيدة أو لحظة البرق الأولى وأهميتها في انطلاق النص الشعري .

وعندما نتجول في عالم الشعر الفصيح فسنجد أننا أمام زخم هائل من النصوص الشعرية التي تتخذ من الدمن والأطلال والصحراء والخيل والليل والسيل والمرآة والفروسية والحروب والكرم والشجاعة والزمان والمكان موضوعات تحتوي أشعارها
فامرؤ القيس بن حجر حين يقول:

قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ

فذلك، غالباً، لم يكن يعني حبيبةً بعينها، ولا امرأةً بذاتها، بمقدار ما كان يكرّس، مطلعَ قصيدته، تقليداً شعريّاً كان كرّسه قبله آخرون منهم امرؤ القيس بن حارثة
وطرفة بن العبد يقول :
لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

وتُعد قصيدة البوصيري الشهيرة " الكواكب الدرية في مدح خير البرية "، والمعروفة باسم " البردة " من عيون الشعر العربي، ومطلعها من أبرع مطالع القصائد العربية، يقول فيها:

أَمـِـن ْ تذكــّــر جيران ٍ بذي سلم مزجت َ دمعــًــا جرى من مقلـة بـدم ِ ؟

والمكان تبوأ المقدمة في القصائد، وقالت المطالع الطللية الكثير عن المكان ، وعن الذكريات وعن الماضي بحضوره القويّ ، وفي الحب والحرب والغزو ، أدهشنا العربي بما افتنَّ من أساليب التعبير عن هذا المكان .
المكان بما يعنيه بوجوده المادي والطبيعي، وبما يعنيه من أشواق ومشاعر وتمازج بين الإنسان والطبيعة ، فهذا عمر أبو ريشة يتحدث عن المكان فيقول :

إنها حجرتي لقد صدئ النسيان فيها وشاخ فيها السكوتُ

وكلاهما الشاعر المعاصر والشاعر العربيُّ القديم يهـيمان بالمكان :

" وقـَلَّ لنجدٍ عندنا أن يودعا

وتتنوع المطالع الشعرية للقصيدة الغنائية، وتتخذ أساليب شتى، ولأن القصيدة الغنائية مسموعة أجمل منها مقروءة، فالمطلع الشعري لها يعدُّ العتبة الأولى « العنوان » الذي ندخل منه إلى عالم النص الغنائي، وبذلك يعمل المطلــع على إغراء المتذوق «المستمع» ويحفزه على التماهي مع النص ، إذا ما كان مؤثرا قويا ويجعله يتعانق مع بقية الأبيات في القصيدة ويحاول فتح مغاليقها، فيكون بذلك عاملا في الاحتفاء بالنص الغنائي، وإن لم يكن كذلك فمنفرا يدفع بك إلى تجاهله وعدم الاستمرار فيه .ومحاكاة الشعراء التالين للقدامى في استهلال القصيدة بمطالع تقليدية يقوم على تناظر ذات الإيقاع والموسيقى التي لا تتعدى وظيفتها التقليدية التي تحاول جذب المستمع إليها بهذا المطلع الصوتي ، بعيدا عن الابتكار والتجديد ، ونجد في قصائدهم حنيناً إلى الماضي ، وسعياً للتمسك به لفظاً ومعناً وصوتاً وإيقاعاً ،
وهذا ما فعله الشعراء الرواد في قصائدنا الشعبية ذات البدع والرد ، قصائد قليلة الأبيات ، قصيرة النفس ، وقصيرة العمر ، وقليلة التأثر بالشعر العربي الفصيح الذي لم تأخذ من أوزانه ولا بحوره ولا طول ولا عمر قصائده المديد شئ . وأشعارنا الشعبية قد جاءت كمحاولات بدائية ، وفطرية لبعض العامة من الناس في أن تقول شــيئاً تعبر به عما تعانيه وما تجده وما تنفعل به من حزن أو فرح ومن رضا ومن ألم وغضب في حياتها اليومية ، ومع ذلك مازال الشعر الشعبي خبز يومي يرافق الناس ، ويرحل معهم عبر الزمان إلى كل مكان ، في السفر وفي الحل و الترحال ، يرافقهم في الحقول والوديان والشعاب وقمم الجبال ، في أعمال الزراعة ، والرعي والبناء ، ومع كل إيقاعات الحياة اليومية يتواجد ، في كل الساحات ، وفي كل المناسبات ، يحضر بقوة في ليال الفرح وفي ساعات الحزن ، عند اللقاء وفي لحظات الوداع ، في الغربة يصرخ مع صاحبه وكأنه بوابة يخرج منها الألم ثم ما يلبث أن يعود ومع كل هذه المساحة التي يحتلها في الفكر وفي الفؤاد والمشاعر بكل أنواعه وألوانه – عرضة ، مسحباني ، لعب ، طرق جبل ، مجالسي .. .. .. الخ ، فإنك ترى وتسمع ألحانه على وتيرة واحدة وبطريقة واحدة أيضاً لم يتغير فيها شئ يذكر ولم يتبدل منها سوى الكلمات فقصيدة تذهب وقصيدة تجئ وقصيدة تحفظ وأخرى تنسى دون أن تتبدل القوالب أو تتغير أو تتطور وظلت على حالها، نفس الطروق وذات الألحان ، هي نفسها كما عرفناها محفوظة مدونة في الذاكرة وترددها الألسن والحناجر بنفس واحد ، وطريقة واحده ، مذ عرفت وحتى وقتنا الراهن .

أما الشعر الفصيح فقد قيض الله له الخليل بن احمد فأسس بحوره وأرسى عروضه ووضع علمه وبسطه لكل الناس وكل علومنا بدءً من الطب والفلسفة والعلوم الدينية والتاريخية والجغرافية ....الخ نظمت ودونت وكتبت ورتبت وحفظت إلا شعرنا الشعبي وما يسبقه وما يلحق به وما يتفرع عنه ، فقد بقي على حاله يقاوم الزمن ويصارع السنين فتمحو منه ما تمحو وتبقي منه النزر اليسير دون توثيق ولا تطوير ولا جرح ولا تعديل .

ومطالع قصائد ديوان الجنوب لا تبرح بعيدا عن ذات المعطى ، ولا تترك مكانها إلتزاماً بذات الأنماط ، وتمسكاً بذات الأسـاليب .
إعادة وتكرار وإتباع لمن سبق وكما هي .
ظاهرة صوتية ثابتة لا تتغير ، كذلك المطالع تتكرر وتتركز في كثير من الأحيان وهي هي ذات الكلمات وتكاد تنحصر المطالع فيما يأتي :

ذكر الله ، السلام ، الترحيب ، الفخر ، أنواع القول ، التشبيب ، الصاحب ، الصيد ، الوصف ، الثمار ، الحلي والملابس ، البرق والقمر ، الذيب و السياره ، الزفر ، الأنين ، الأسى والموت

ولنستعرض الآن نماذج من تلك المطالع

أولاً : ذكر الله وحمده ودعاءه

باسم الله ، بديت باسـم الله ، أول القول ذكر الله ، ذكر ربي ، الحمد لله ، الله ، والله ، يارب ، الله اكبر ، حلفت ، طلبة الله ، ألا يالله إني اطلبك ، يالله اطلبك ، يالله طلبتوك ، يالله يا ذا خلق
باسم الله
بسم الله الرحمن سميت به في محضرتنا
باسم الله الرحمن بديت باسمه
بديت باسـم الله
بـديـت باسـم الله رفيع الجـلالي
بدية باسـم الله رباً رقيـبـا
نبتدي بأسـم ربي معطي الخلق من خير النعم
بديت وانا الزرقوي من راس قله
أول القول ذكر الله
أول القول ذكر الله ذا عالي البخت النصيحة
أول القول ذكر الله ذا عندنا مكسب وفود
أول القول ذكر الله وصلوا على سيـد البشـر
أول القـول ذكـر الله قـدام نبـدى والـسـلام
أول القول ذكر الله وبأقل علـى المحفـل سـلام
نحمد الله
نحمد الله مع الإسلام حجينا
نحمد الله التطور بان فيه الكذب والصح بـان
الحمد لله راع الظلم والبير حايل
يالله الحمد لك ماني في العالم الغربـي وزيـر
نحمد الله ما علينا من الدنيا بقوص

يالله

يا الله الطف بنا فإنـا مـن العالـم المستضعفيـن
ياالله ياذا فتح باب الرجـا بعـد يلحـج
يا الله يا ربنا المشكى عليك
يا الله الطف بقلبا بعد ما ذاق طعم الحب رجف
ياالله في نواً وله برقاً ورعدا

الله

الله من غربه معي في خبت نعمان
الله مـن علة بغاء قلب الهر يرى ينسب آبها
الله يخليك شار أبوك ياعبدالعزيز
الله يابو نصوباً هلّ من ديانته
الله لايسقي زماناً قصر اشناباً وطال اشناب

والله

والله لتشكي النّدم والبرد ياضامن
والله اني احب ذا بين الملا سيمتا
والله إنّي احبّ وارغب في تقاليد البلد
والله ما بغي لبشة ايدي ولي بشكول لمات
والله لولا الكسب ماهو بين زهران

يا رب

يارب هب في خاطري ساعات تسعى
يا رب يا مطلوب يا حاكم الحكّام
يارب تخلف على اللي قال هيا مشينا
يارب تغفر مية مليون والفا زلة لي
يارب تنجد لعمراً صابر على جروحه

ذكر ربي

ذكر الله عدّ حج البيت والطّايف
ذكر الذي في كتابه حط كافٌ و الف لام
ذكر الذي قبته بين المدينه والحروب
الأوله ذكر ربي قبل قول وقيل

الله اكبر

الله اكبر حي والا منت بحي وين انت يا صدام
الله أكبر على الدنيا عسى الله يكفي شرّها
الله اكبر يا كبر صبر قواد العمي
الله اكبر تبلعين المراره ياقلـوب

حلفت

حلفت ياخاطري ما يزمزم
حلفت لوكان جلس النحل متياع لي
حلفت صـادق ان ماللحكيـم الا الحكيـم
حلفت مفلت ذلولى من يدى وشترى دون
حلفت لاصدح بشعـرٍ يبـري العلّـه

طلبة الله

طلبـة الله تبـدّى يا سلامي لاهل وادي العـلي
طلبة الله تبدا قبل قيل وقال
طلبة الله تبـدى تفتح الباب من لـِّحاجته
طلبة الله سلامي وانتقي ما الرجال أخيرهـم
طلبة الله قبل توريد القصيد
ألا يالله إني اطلبك
الا يالله اني اطلبك يا عالي النضـر
يالله ان اطلبك عضنا فانت علام الغيوب
الا يالله اني طالب وجهك الغني

يالله اطلبك

يالله اطْلُبك لا تجعل عظامي في جهنّم تلاع
يالله اطلبك يامنشي النصوب الذي تحت لف
يا الله الطف بقلبا بعد ما ذاق طعم الحب رجف
يا الله أطلبك يا متكفل الحي والميات لوف

يالله طلبتوك

يا الله طلبتوك تجعل مرزقي حل من حل
ياللة طلبتوك سيل من وكون ترعدا
يالله طلبتوك لأرض البادية ود يسري
يالله طلبتوك يامنشي السحاب الثقال
يالله طلبتوك يوم أن المطاليب تنصاك

يالله ياذا خلق

ياالله ياذا خلق سيدي محمد وبو بكر الصديق
يالله ياذا خلق شوفي ومنشا نظر به
يالله ياذا خلق خلقه ورزقه وكفه وصله
يالله ياذا خلقت الكون ونشيت له منشاء نضيف
يالله ياللي نصر عبده محمد بابو بكر الصديق

ثانيا : الســـلام

يا سلام الله ، يا سلامي ، ســلام

يا سلام الله

ياسلام الله على لبس راسي والجنوب
ياسلام الله على من يشتري القالات والزعمات
ياسلام الله على سيفا تهيوس في الكفر هيـواس
ياسلام الله على الوادي الذي بالنور يزهري
يا سلام الله على سوقاً تنصا في منص اوطـان

ياسلامي

ياسلامي، ياشريك ما جحد حد ولا حدين
ياسلامي على زهران واي ما كما زهران احد
ياسلامي عدد ما يزهي الزّرع واغصانه بطل
ياسلامي على غامد سلاماً يصل في كل دار
يا سلامي على ســورٌ بني خالد
ياسلامي على اهل الجود واهل الجمايل والفروح

ســــــلام

سلام ياصورا حما زهران
سـلام قـدّام أسـوي لي صيـاح(ن) وشيغـاب
سلام يامن نحبه لاحضرنا وغبنا
سلام ما دام طلع النبت من فوق وادي
سـلام يا اهـل انقليزٌ في اللقا فض الاعظام

 

 
























التوقيع

   

رد مع اقتباس